الخميس، 11 أغسطس 2011

"قانون العنف الأسري" خلال أسبوعين وحقوقيّون يتخوّفون من موقف الحكومة

قانون العنف الأسري
قانون العنف الأسري
تروي "سهى" بحزن وغضب أشكال العنف التي تعرّضت لها في بيت الزوجية، قبل أن تنتزع "بالدم" كما تقول، حُكما بتفريقها عن زوجها، وتبدأ من الصفر بناء مستقبل جديد لها ولأبنائها الثلاثة.
 تقول سهى (31 عاما): "تحمّلت الضرب المبرّح لأنّ أهلي يعتبرون الطلاق عيبا، ولم يوافقوا على عودتي إليهم مع الأطفال، ولم يكن ممكنا أن أترك أطفالي مع زوجي".
 ومع أنّ سهى لا تشكّل حالة منفصلة في المجتمع اللبناني، بل واحدة من حالات كثيرة، على ما يقول خبراء وحقوقيّون، إلّا أنّ مشروع قانون العنف الأسري لا يزال يجد صعوبة في إقراره في مجلس النوّاب، بسبب تحفّظات دينية واجتماعية.
 وسهى مسلمة، كانت متزوّجة من مسلم تختلف عنه في المذهب.
 وتقول: "حكمَت المحكمة الشرعيّة بالطلاق بسبب التقارير الطبّية التي أكّدت تعرّضي لضرب مبرّح".
 ومع أنّ سهى، تبدي احتراما كبيرا للقاضي الشرعي الذي "وقف معي وحكم لي بالطلاق سريعا، إلّا أنّها لا تخفي امتعاضها من اعتراض المرجعيّات الدينية الإسلامية، على مشروع القانون الذي يجرّم العنف الأسري. وتقول: إنّ "الشرطة تتلكّأ في إلزام زوجي السابق بالنفقة، وأشعر أنّني وحيدة وأتحمّل وحدي مسؤوليّة تربية أولادي".

ومشروع القانون الذي وضع بناء على اقتراح جمعيّات نسائيّة ومحامين وأطبّاء شرعيين، حظي بموافقة مجلس الوزراء في العام 2010. ويقدّر النائب سمير الجسر رئيس اللجنة النيابية المكلّفة دراسته، في تصريح لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، أن يتم "إقراره مع بعض التعديلات خلال أسبوعين".

وكان مشروع القانون واجه أخيرا ملاحظات من المرجعيّات الدينية، كان أبرزها الموقف الحادّ الصادر عن دار الفتوى التي وصفته بأنّه "يفكّك التركيبة الاجتماعية للأسرة"، ووصفت واضعيه بأنّهم يستندون الى "مبادىء الرأسمالية المتوحّشة"، في حين وصفه نائب الأمين العام لـ"حزب الله"، نعيم قاسم بأنه "يتدخّل بين الزوج وزوجته".

وينصّ المشروع على إجراءات لحماية المرأة ضحيّة العنف من زوجها أو أحد أفراد عائلتها، وعلى تدخّل الشرطة لحمايتها بناء على طلبها.

إلّا أنّ الشيخ همّام الشعّار، أحد الذين صاغوا بيان دار الفتوى، يعتبر أنّ المشروع يتضمّن "مخالفات دينية"، مثل "تجريم الضرب غير المبرّح، ويناقض مبدأ قوامة الرجل على الأسرة".

ويقول إنّ "الكثير من مواده موجودة في قانون العقوبات".

أمّا القاضي في المحكمة الشرعية السنّية عبد العزيز الشافعي فيقول للوكالة عينها: "هناك إرهاب فكري في معالجة الموضوع، يقوم على تصوير من يخالفه وكأنّه يؤيّد العنف ضدّ النساء".

وتقول المحامية غادة إبراهيم رئيسة جمعيّة "حقوقيّات"، إنّ مشروع القانون "يندرج في إطار القانون الجزائي، ولا علاقة له بقوانين الأحوال الشخصية. لهذا لم تجر مناقشته مع المرجعيات الدينية، مستغربة أن يكتسب النقاش حوله صبغة طائفية". وتضيف: "لا أقبل تصوير الإسلام على أنّه يحمي العنف ضدّ المرأة". وإذا كانت مشكلة القانون غير مطروحة لدى الطوائف المسيحية، إلّا أنّ العنف المنزلي عابر للطوائف ومنتشر في كلّ مكان.

وتروي منى، وهي شابّة مسيحيّة كانت متزوّجة من رجل يكبرها عشرين عاما، أنّه بدأ يضربها بعنف بعد مرور سنتين على زواجهما، وتقول: "المحيطون بي، وبينهم الكاهن، نصحوني بالصبر، وكانوا يقولون سيتغيّر، لكنّه لم يتغيّر".

وتضيف "في النهاية، هربت الى بيت أهلي الذين سئموا معاملته لي، ولم يعد يهمّهم ما يقوله الناس، فوافقوا على أن أبقى عندهم مع ابنتيّ الاثنتين".

وتقول المحامية إبراهيم: "إذا أخذنا في الاعتبار أنّ غالبية المعنّفات لا يلجأن الى القضاء، بسبب التقاليد الاجتماعية وعدم الثقة بنظام الحماية المعمول به، يمكننا أن نتخيّل الحجم الحقيقي للمشكلة". وتضيف أنّ "مشروع القانون جرى إقراره في عهد الحكومة السابقة التي كانت حكومة اتّحاد وطني، فلماذا يتعرّض الآن للعراقيل؟". متخوّفة من أن يكون المشروع أصبح "من نقاط التجاذب السياسي بعد تغيير الحكومة".

بدورها، تؤكّد فاتن أبو شقرا منسّقة حملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري أنّ الحملة ستستمرّ، ولا تستبعد تنظيم اعتصامات وتظاهرات، قائلة: "كلّنا أمل في أن يتخّذ نواب الأمّة القرار المناسب".

(أ ف ب)  الجمهورية - الخميس 11 آب 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق