أكدت لـ أنها لم تتعرض لضغوط مهنية.. ومهمتها توعية الغرب بخصوص المجتمع العربي
بعد 20 عاما من العمل في شبكة «سي إن إن» العالمية تنقلت خلالها الإعلامية اللبنانية، التي استطاعت أن تخرق جدار الإعلام العالمي، أوكتافيا نصر بين مهمات عدة وصولا إلى توليها منصب كبيرة محرري شؤون الشرق الأوسط، المرحلة التي يطيب لها وصفها بالـ«قصة الجميلة»، رغم القرار المجحف الذي اتخذ بحقها وأدى إلى فصلها عن عملها في يوليو (تموز) عام 2010 على خلفية رثائها العلامة الشيخ محمد حسين فضل الله على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» معربة عن احترامها له، رأي اعتبره المسؤولون في القناة أنه أفقدها مصداقيتها المهنية فيما تؤكد هي أن قرار الفصل جاء نتيجة ضغوط خارجية مصدرها اللوبي الصهيوني في أميركا، ها هي اليوم تنطلق من جديد حاملة لواء الثورة الإعلامية لمد جسور التواصل بين الثقافتين الشرقية والغربية من جهة وبين الإعلام التقليدي والإعلام الاجتماعي الحديث من جهة أخرى، وستكون مهمتها الأولى في لبنان مع المحطة اللبنانية للإرسال (LBCI) وبالتحديد مع فريق عمل قسم الأخبار حيث كانت بدايتها المهنية منذ 26 عاما.
«الشرق الأوسط» التقت نصر في بيروت فكان الحوار التالي:
* كيف دخلت أوكتافيا نصر مجال الإعلام وكيف وصلت إلى تولي منصب كبيرة شؤون محرري الشرق الأوسط؟
- بدايتي المهنية كانت مع انطلاقة المحطة اللبنانية للإرسال في عام 1984 حيث عملت كمساعدة مخرج وأنا لا أزال على مقاعد الجامعة أدرس في كلية الفنون في الجامعة اللبنانية الأميركية قسم المسرح. وبعد تخرجي توليت إدارة إنتاج نشرة الأخبار لأنتقل بعدها في عام 1988 إلى محطة الـ«CNN» كمتدربة حيث كانت لي فرصة إعداد تقارير إخبارية اتخذت بعدها قرار التركيز على هذا النوع من العمل الإعلامي ليكون لبنان ساحة العمل المفتوحة التي تنقلت بين مناطقه لتغطية الحرب الدائرة على أراضيه متخذة قرارا تجاوز كل الحواجز. خبرتي هذه التي جعلتني مراسلة حرب من دون أن أدري كانت الأساس الذي ساهم في انتقالي للعمل ضمن فريق شبكة الـ«CNN» في عام 1990 لتبدأ معها مسيرة إعلامية متنوعة وغنية بالخبرات والتجارب المهمة بدءا من العمل في قسم التحرير ثم كمراسلة ومقدمة لنشرة الأخبار وإدارة الإنتاج وصولا إلى تولي منصب «كبيرة محرري شؤون الشرق الأوسط» الذي لم يكن موجودا قبل ذلك في أي وسيلة إعلامية وأصبح فيما بعد منصبا أساسيا ضمن لائحة المتخصصين العاملين في وسائل إعلامية عدة ولا سيما منها الدولية، مع التأكيد على أن القيمين على الـ«CNN» لم يوجدوا الشخص إنما أوجدوا المركز لمن يملك القدرة والكفاءة على توليه.
* كيف تصفين تجربتك في الـ«CNN» وهل كنت تتوقعين أن يتم الاستغناء عنك بهذه السهولة؟
- أنا ابنة الـ«CNN» وتجربتي في هذه المحطة كانت مهمة كثيرا بالنسبة لي وأحب أن أصفها بـالـ«قصة الجميلة» وكنت على وعي تام أنه من الصعب أن أكون موظفة في أي مؤسسة أخرى بعد عملي فيها. لكن في الوقت عينه أنا إنسانة واقعية وخبرتي علمتني أن «كلنا في النتيجة أرقام» ولست ممن يفكر بـ«أن لا أحد بعدي»، بل على العكس من ذلك رأيت ماذا حصل مع غيري وكنت على دراية تامة كيف تتخذ قرارات كهذه. وهنا أؤكد أن إدارة محطة الـ«CNN» وقفت إلى جانبي لكن الحملة الخارجية ضدي لاتخاذ قرار فصلي كانت من اللوبي الصهيوني في أميركا. ومما لا شك فيه أن وقع قرار الاستغناء عني بعد إعلان حزني على رحيل العلامة محمد فضل الله على صفحة ««تويتر» كان صعبا بالنسبة إلي في ذلك الوقت، لكن في النهاية تقبلت الأمر كما هو وها أنا أكمل حياتي المهنية كما اخترت لها أن تكون، أسست شركتي الخاصة وبدأت العمل على كتابة كتاب عن تجربتي إضافة إلى مقالة أسبوعية تنشر كل يوم اثنين في جريدة النهار اللبنانية.
* هل أنت نادمة على ما قمت به وأدى إلى اتخاذ قرار فصلك بعدما اعتبر أحد المسؤولين أنه أفقدك موضوعيتك ومصداقيتك المهنية؟
- لم ولن تكون يوما مصداقيتي محددة بشهادة من الآخرين لا سيما كتلك المجموعة الجاهلة بمن هو فضل الله الذي اتخذ قرار فصلي بناء على رأيي به، وما قمت به هو لا يعبر إلا عن مصداقيتي، ولا أزال أؤكد أن رأيي بهذا الرجل المعتدل والمنفتح، لم يكن شخصيا بل كان مهنيا وهذا ما لم يفهمه الآخرون ومن اتخذ هذا القرار رغم كل التوضيحات التي أكدتها. ورأيي هذا مبني على احترامي لبعض المواقف التي يعلنها فضل الله وليس كلها، ولا سيما تلك المتعلقة بحرية المرأة وحقوقها إضافة إلى المواقف المهمة التي ينتقد فيها حزب الله وإيران والتي لم يجرؤ أي رجل دين شيعي على إعلانها، وكتلك التي أعلنها بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول). مع العلم أن هذا التقدير مبني أيضا على تجربة شخصية عندما وافق أن أجري معه مقابلة خلال الحرب اللبنانية حين كان المرشد الروحي لحزب الله وبثت على قناة الـ(LBCI) التي كانت في حينها معروفة الانتماء والتوجه وكنت المرأة الأولى التي حاورته بعدما اشترط أن يبث كلامه كما هو وكان له ما طلب.
* كيف تقيمين التغطية الإعلامية العربية للثورات في الدول العربية، وكيف يمكن أمام هذا الواقع لموضوعية الإعلام أن تطبق؟
- الإعلام العربي لا يزال يفتقد إلى النضوج وهو بحاجة إلى ثورة على غرار الثورات السياسية التي تحصل اليوم، وتغطية الإعلام العربي الضعيفة للثورات هي دليل على هذا الواقع لا سيما أن معظم الإعلام العربي موجه ولا يزال معظمه رسميا ينتظر النهضة الإعلامية. أما الإعلام الخاص فنراه إما مبالغا أو مترددا في التعامل مع أخبار الثورات بانتظار ما ستؤول إليه مجريات الثورة قبل أن يقرر كيفية تغطيته لها. لكن تبقى هناك مؤسسات إخبارية عربية كبيرة مثل قناتي «الجزيرة» و«العربية»، استطاعت أن تخطو خطوة متقدمة وإن كانت لا تخفى مرجعيتها على أحد إنما على الأقل تقوم بدورها الإعلامي بشكل أفضل.
أما بالنسبة إلى الموضوعية فهي بحد ذاتها كلمة «مطاطة» ترتبط بالرأي الشخصي لهذا الإنسان أو ذاك، لذا أفضل أن أعتمد عبارة الحيادية في الإعلام حيث على الصحافي أن لا يدلي برأيه الشخصي بل عليه أن يقوم بعمله بعيدا عن أهوائه وتوجهاته السياسية وأن يكون بمثابة شاهد على الأحداث مع التأكيد على عدم تجاهل الرأي والرأي الآخر، وهذا ما أحاول أن أركز عليه خلال تدريبي للصحافيين من خلال شركة «الاستشارات الإعلامية» التي أسستها وأتمنى أن يكون لي دور في هذه النهضة.
* هل واجهت ضغوطا أو مشكلات مهنية خلال عملك في الـ«CNN» في ظل السياسة الخارجية الأميركية المعروفة في تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط بشكل عام والدول العربية بشكل خاص؟
- لم أتعرض لأي ضغوط مهنية ودوري الأساسي كان سد الفراغ والنقص الموجود في عمل القناة مع قضايا الشرق الأوسط وتوعية الغرب على حقيقة المجتمع العربي وواقعه، وكانت حرب إسرائيل على لبنان في يوليو 2006 خير دليل على ذلك، إذ كان عملي حينها يرتكز على الإضاءة على ما يقدمه الإعلام العربي بشكل عام لأقوم فيما بعد بمهمة المحلل لما يجري من كل جوانبه، وهذا ما ينطبق على كل الأحداث العربية. ولا بد من الإشارة هنا إلى أنني في بداية عملي كنت العربية الوحيدة في الـ«CNN» لكن بعد ذلك توسعت الدائرة وكان لي دور في تدريب وتوظيف عدد كبير من الشباب العربي.
* ماذا عن شركتك «الجسور للاستشارات الإعلامية» وما هي مهمتها؟
- الهدف الأساسي من هذه الشركة التي انطلقت بها من أميركا هو بناء الجسور بين الثقافات والدخول إلى الشرق الأوسط والدول العربية بشكل خاص إضافة إلى جنوب شرق آسيا لتدريب الإعلاميين والمساعدة في تطوير الإعلام ونهضته من خلال خبرتي الطويلة التي اكتسبتها في هذا المجال، كذلك ومن ناحية أخرى، التركيز على الإعلام الاجتماعي الجديد وأهمية التزاوج بينه وبين الإعلام التقليدي الذي لا يمكننا الاستغناء عنه وعن قواعده الأساسية التي تبقى ثابتة وأساسية لمصداقية الإعلام.
* ما هي المهمة التي تقومين بها في المحطة اللبنانية للإرسال (LBCI) اليوم؟
- ما أستطيع قوله الآن هو أنني أعمل في الـ«LBCI» من خلال شركتي للمساهمة في تطوير نشرة الأخبار عبر تدريب العاملين والصحافيين في هذا القسم وقد بدأت بهذه المهمة باطلاعي على كل التفاصيل لتكون الخطوة الثانية تقديم خريطة عمل إلى المسؤولين سيحدد بموجبها الصورة النهائية التي ستكون عليها النشرة الإخبارية في ظل المنافسة التي تشهدها الساحة الإعلامية اللبنانية والعربية اليوم، مع اعتمادي على مبدأ أساسي وهو أن الحرفية في العمل تكمن في الحيادية والتميز وليس الدخول في منافسة أو التقليد كتلك مثلا التي تعتمدها المحطات اللبنانية في التركيز على مقدمة النشرة وتحديد موعدها بفارق دقائق معدودة لجذب الجمهور، من دون تجاهل أخبار الناس والمجتمع التي يجب أن تعطى الأولوية في الأخبار. كذلك ومن جهة أخرى بدأت العمل مع العاملين في قسم الأخبار على الإعلام الاجتماعي وأهم مواقع التواصل ««تويتر» و««فيس بوك» التي أصبح وجودها أساسيا ولا بد من اللحاق به بعدما شكل المصدر الأساسي لأخبار الثورات العربية وقبلها في الانتخابات الإيرانية الأخيرة.
* يلاحظ في الفترة الأخيرة تراجع في نسبة مشاهدة الـ«LBCI» ولا سيما مع دخول الـ«MTV» على خط المنافسة، فما الذي ينقصها برأيك لتتخطى هذه المنافسة؟
- مما لا شك فيه أن المحطة اللبنانية للإرسال كانت السباقة في لبنان والعالم العربي في تقديم أسلوب جديد في نشرة الأخبار المسائية وتمتلك أهم القدرات والكوادر الإعلامية إضافة طبعا إلى الاسم والمهنية في العمل، إنما فيما يتعلق بالأخبار، ما ينقصها فقط هو «اللحمة في طريقة تقديم كل مقومات النشرة الإخبارية» وتصحيح هذه الثغرة سيظهر هذا التميز وستكون كفيلة بجذب الجمهور من ألف النشرة إلى يائها.
* بعد خلاف إدارة الـ«LBCI» مع حزب القوات اللبنانية، أصبحت أخبارها أكثر حيادية، وهذا ما ستحاولين التركيز عليه كما سبق أن أشرت، لكن إلى أي حد تعتقدين أن الإعلام الحيادي يبقى له جمهوره اللبناني والعربي في ظل الاصطفاف الحاصل؟
- مهمة المؤسسة الإعلامية إعطاء الأخبار المهمة كاملة للمشاهد والقيام بدورها بحيادية كاملة وهنا يكمن دور الجمهور العربي واللبناني الذي نسمعه دائما يتذمر من هذا الاصطفاف، في تقدير هذا العمل ومتابعته هذه المؤسسة أو تلك، وهذا ما أتمنى الوصول إليه لنستطيع القول عندها إن النهضة الإعلامية العربية قد بدأت فعلا وأننا في طريقنا إلى التغيير.
* نقل في الفترة الأخيرة أنه جرت مفاوضات بينك وبين رئيس مجلس إدارة الـ«LBCI» بيار الضاهر لتولي إدارة قسم الأخبار والبرامج السياسية بدلا من المدير الحالي جورج غانم، الأمر الذي جعله يبلغ الضاهر أنه «إذا دخلت أوكتافيا نصر من باب المحطة سأخرج من الباب الآخر»، فما صحة هذا الخبر؟
- لا صحة لهذا الخبر على الإطلاق، مهمتي في الـ«LBCI» هي كما أعلنته الإدارة في بيانها الصحافي، استشارية تهدف إلى تطوير قسم الأخبار وتدريب العاملين في القسم والكوادر الجديدة. أما فيما يتعلق بمدير الأخبار الحالي جورج غانم فتربطني به صداقة ونحن على تواصل مستمر، كما مع معظم الإعلاميين في المحطة ولا سيما منهم الذين بدأنا العمل معا مع انطلاقة الـ«LBCI» في عام 1984.
الإعلامية اللبنانية أوكتافيا نصر («الشرق الأوسط») |
«الشرق الأوسط» التقت نصر في بيروت فكان الحوار التالي:
* كيف دخلت أوكتافيا نصر مجال الإعلام وكيف وصلت إلى تولي منصب كبيرة شؤون محرري الشرق الأوسط؟
- بدايتي المهنية كانت مع انطلاقة المحطة اللبنانية للإرسال في عام 1984 حيث عملت كمساعدة مخرج وأنا لا أزال على مقاعد الجامعة أدرس في كلية الفنون في الجامعة اللبنانية الأميركية قسم المسرح. وبعد تخرجي توليت إدارة إنتاج نشرة الأخبار لأنتقل بعدها في عام 1988 إلى محطة الـ«CNN» كمتدربة حيث كانت لي فرصة إعداد تقارير إخبارية اتخذت بعدها قرار التركيز على هذا النوع من العمل الإعلامي ليكون لبنان ساحة العمل المفتوحة التي تنقلت بين مناطقه لتغطية الحرب الدائرة على أراضيه متخذة قرارا تجاوز كل الحواجز. خبرتي هذه التي جعلتني مراسلة حرب من دون أن أدري كانت الأساس الذي ساهم في انتقالي للعمل ضمن فريق شبكة الـ«CNN» في عام 1990 لتبدأ معها مسيرة إعلامية متنوعة وغنية بالخبرات والتجارب المهمة بدءا من العمل في قسم التحرير ثم كمراسلة ومقدمة لنشرة الأخبار وإدارة الإنتاج وصولا إلى تولي منصب «كبيرة محرري شؤون الشرق الأوسط» الذي لم يكن موجودا قبل ذلك في أي وسيلة إعلامية وأصبح فيما بعد منصبا أساسيا ضمن لائحة المتخصصين العاملين في وسائل إعلامية عدة ولا سيما منها الدولية، مع التأكيد على أن القيمين على الـ«CNN» لم يوجدوا الشخص إنما أوجدوا المركز لمن يملك القدرة والكفاءة على توليه.
* كيف تصفين تجربتك في الـ«CNN» وهل كنت تتوقعين أن يتم الاستغناء عنك بهذه السهولة؟
- أنا ابنة الـ«CNN» وتجربتي في هذه المحطة كانت مهمة كثيرا بالنسبة لي وأحب أن أصفها بـالـ«قصة الجميلة» وكنت على وعي تام أنه من الصعب أن أكون موظفة في أي مؤسسة أخرى بعد عملي فيها. لكن في الوقت عينه أنا إنسانة واقعية وخبرتي علمتني أن «كلنا في النتيجة أرقام» ولست ممن يفكر بـ«أن لا أحد بعدي»، بل على العكس من ذلك رأيت ماذا حصل مع غيري وكنت على دراية تامة كيف تتخذ قرارات كهذه. وهنا أؤكد أن إدارة محطة الـ«CNN» وقفت إلى جانبي لكن الحملة الخارجية ضدي لاتخاذ قرار فصلي كانت من اللوبي الصهيوني في أميركا. ومما لا شك فيه أن وقع قرار الاستغناء عني بعد إعلان حزني على رحيل العلامة محمد فضل الله على صفحة ««تويتر» كان صعبا بالنسبة إلي في ذلك الوقت، لكن في النهاية تقبلت الأمر كما هو وها أنا أكمل حياتي المهنية كما اخترت لها أن تكون، أسست شركتي الخاصة وبدأت العمل على كتابة كتاب عن تجربتي إضافة إلى مقالة أسبوعية تنشر كل يوم اثنين في جريدة النهار اللبنانية.
* هل أنت نادمة على ما قمت به وأدى إلى اتخاذ قرار فصلك بعدما اعتبر أحد المسؤولين أنه أفقدك موضوعيتك ومصداقيتك المهنية؟
- لم ولن تكون يوما مصداقيتي محددة بشهادة من الآخرين لا سيما كتلك المجموعة الجاهلة بمن هو فضل الله الذي اتخذ قرار فصلي بناء على رأيي به، وما قمت به هو لا يعبر إلا عن مصداقيتي، ولا أزال أؤكد أن رأيي بهذا الرجل المعتدل والمنفتح، لم يكن شخصيا بل كان مهنيا وهذا ما لم يفهمه الآخرون ومن اتخذ هذا القرار رغم كل التوضيحات التي أكدتها. ورأيي هذا مبني على احترامي لبعض المواقف التي يعلنها فضل الله وليس كلها، ولا سيما تلك المتعلقة بحرية المرأة وحقوقها إضافة إلى المواقف المهمة التي ينتقد فيها حزب الله وإيران والتي لم يجرؤ أي رجل دين شيعي على إعلانها، وكتلك التي أعلنها بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول). مع العلم أن هذا التقدير مبني أيضا على تجربة شخصية عندما وافق أن أجري معه مقابلة خلال الحرب اللبنانية حين كان المرشد الروحي لحزب الله وبثت على قناة الـ(LBCI) التي كانت في حينها معروفة الانتماء والتوجه وكنت المرأة الأولى التي حاورته بعدما اشترط أن يبث كلامه كما هو وكان له ما طلب.
* كيف تقيمين التغطية الإعلامية العربية للثورات في الدول العربية، وكيف يمكن أمام هذا الواقع لموضوعية الإعلام أن تطبق؟
- الإعلام العربي لا يزال يفتقد إلى النضوج وهو بحاجة إلى ثورة على غرار الثورات السياسية التي تحصل اليوم، وتغطية الإعلام العربي الضعيفة للثورات هي دليل على هذا الواقع لا سيما أن معظم الإعلام العربي موجه ولا يزال معظمه رسميا ينتظر النهضة الإعلامية. أما الإعلام الخاص فنراه إما مبالغا أو مترددا في التعامل مع أخبار الثورات بانتظار ما ستؤول إليه مجريات الثورة قبل أن يقرر كيفية تغطيته لها. لكن تبقى هناك مؤسسات إخبارية عربية كبيرة مثل قناتي «الجزيرة» و«العربية»، استطاعت أن تخطو خطوة متقدمة وإن كانت لا تخفى مرجعيتها على أحد إنما على الأقل تقوم بدورها الإعلامي بشكل أفضل.
أما بالنسبة إلى الموضوعية فهي بحد ذاتها كلمة «مطاطة» ترتبط بالرأي الشخصي لهذا الإنسان أو ذاك، لذا أفضل أن أعتمد عبارة الحيادية في الإعلام حيث على الصحافي أن لا يدلي برأيه الشخصي بل عليه أن يقوم بعمله بعيدا عن أهوائه وتوجهاته السياسية وأن يكون بمثابة شاهد على الأحداث مع التأكيد على عدم تجاهل الرأي والرأي الآخر، وهذا ما أحاول أن أركز عليه خلال تدريبي للصحافيين من خلال شركة «الاستشارات الإعلامية» التي أسستها وأتمنى أن يكون لي دور في هذه النهضة.
* هل واجهت ضغوطا أو مشكلات مهنية خلال عملك في الـ«CNN» في ظل السياسة الخارجية الأميركية المعروفة في تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط بشكل عام والدول العربية بشكل خاص؟
- لم أتعرض لأي ضغوط مهنية ودوري الأساسي كان سد الفراغ والنقص الموجود في عمل القناة مع قضايا الشرق الأوسط وتوعية الغرب على حقيقة المجتمع العربي وواقعه، وكانت حرب إسرائيل على لبنان في يوليو 2006 خير دليل على ذلك، إذ كان عملي حينها يرتكز على الإضاءة على ما يقدمه الإعلام العربي بشكل عام لأقوم فيما بعد بمهمة المحلل لما يجري من كل جوانبه، وهذا ما ينطبق على كل الأحداث العربية. ولا بد من الإشارة هنا إلى أنني في بداية عملي كنت العربية الوحيدة في الـ«CNN» لكن بعد ذلك توسعت الدائرة وكان لي دور في تدريب وتوظيف عدد كبير من الشباب العربي.
* ماذا عن شركتك «الجسور للاستشارات الإعلامية» وما هي مهمتها؟
- الهدف الأساسي من هذه الشركة التي انطلقت بها من أميركا هو بناء الجسور بين الثقافات والدخول إلى الشرق الأوسط والدول العربية بشكل خاص إضافة إلى جنوب شرق آسيا لتدريب الإعلاميين والمساعدة في تطوير الإعلام ونهضته من خلال خبرتي الطويلة التي اكتسبتها في هذا المجال، كذلك ومن ناحية أخرى، التركيز على الإعلام الاجتماعي الجديد وأهمية التزاوج بينه وبين الإعلام التقليدي الذي لا يمكننا الاستغناء عنه وعن قواعده الأساسية التي تبقى ثابتة وأساسية لمصداقية الإعلام.
* ما هي المهمة التي تقومين بها في المحطة اللبنانية للإرسال (LBCI) اليوم؟
- ما أستطيع قوله الآن هو أنني أعمل في الـ«LBCI» من خلال شركتي للمساهمة في تطوير نشرة الأخبار عبر تدريب العاملين والصحافيين في هذا القسم وقد بدأت بهذه المهمة باطلاعي على كل التفاصيل لتكون الخطوة الثانية تقديم خريطة عمل إلى المسؤولين سيحدد بموجبها الصورة النهائية التي ستكون عليها النشرة الإخبارية في ظل المنافسة التي تشهدها الساحة الإعلامية اللبنانية والعربية اليوم، مع اعتمادي على مبدأ أساسي وهو أن الحرفية في العمل تكمن في الحيادية والتميز وليس الدخول في منافسة أو التقليد كتلك مثلا التي تعتمدها المحطات اللبنانية في التركيز على مقدمة النشرة وتحديد موعدها بفارق دقائق معدودة لجذب الجمهور، من دون تجاهل أخبار الناس والمجتمع التي يجب أن تعطى الأولوية في الأخبار. كذلك ومن جهة أخرى بدأت العمل مع العاملين في قسم الأخبار على الإعلام الاجتماعي وأهم مواقع التواصل ««تويتر» و««فيس بوك» التي أصبح وجودها أساسيا ولا بد من اللحاق به بعدما شكل المصدر الأساسي لأخبار الثورات العربية وقبلها في الانتخابات الإيرانية الأخيرة.
* يلاحظ في الفترة الأخيرة تراجع في نسبة مشاهدة الـ«LBCI» ولا سيما مع دخول الـ«MTV» على خط المنافسة، فما الذي ينقصها برأيك لتتخطى هذه المنافسة؟
- مما لا شك فيه أن المحطة اللبنانية للإرسال كانت السباقة في لبنان والعالم العربي في تقديم أسلوب جديد في نشرة الأخبار المسائية وتمتلك أهم القدرات والكوادر الإعلامية إضافة طبعا إلى الاسم والمهنية في العمل، إنما فيما يتعلق بالأخبار، ما ينقصها فقط هو «اللحمة في طريقة تقديم كل مقومات النشرة الإخبارية» وتصحيح هذه الثغرة سيظهر هذا التميز وستكون كفيلة بجذب الجمهور من ألف النشرة إلى يائها.
* بعد خلاف إدارة الـ«LBCI» مع حزب القوات اللبنانية، أصبحت أخبارها أكثر حيادية، وهذا ما ستحاولين التركيز عليه كما سبق أن أشرت، لكن إلى أي حد تعتقدين أن الإعلام الحيادي يبقى له جمهوره اللبناني والعربي في ظل الاصطفاف الحاصل؟
- مهمة المؤسسة الإعلامية إعطاء الأخبار المهمة كاملة للمشاهد والقيام بدورها بحيادية كاملة وهنا يكمن دور الجمهور العربي واللبناني الذي نسمعه دائما يتذمر من هذا الاصطفاف، في تقدير هذا العمل ومتابعته هذه المؤسسة أو تلك، وهذا ما أتمنى الوصول إليه لنستطيع القول عندها إن النهضة الإعلامية العربية قد بدأت فعلا وأننا في طريقنا إلى التغيير.
* نقل في الفترة الأخيرة أنه جرت مفاوضات بينك وبين رئيس مجلس إدارة الـ«LBCI» بيار الضاهر لتولي إدارة قسم الأخبار والبرامج السياسية بدلا من المدير الحالي جورج غانم، الأمر الذي جعله يبلغ الضاهر أنه «إذا دخلت أوكتافيا نصر من باب المحطة سأخرج من الباب الآخر»، فما صحة هذا الخبر؟
- لا صحة لهذا الخبر على الإطلاق، مهمتي في الـ«LBCI» هي كما أعلنته الإدارة في بيانها الصحافي، استشارية تهدف إلى تطوير قسم الأخبار وتدريب العاملين في القسم والكوادر الجديدة. أما فيما يتعلق بمدير الأخبار الحالي جورج غانم فتربطني به صداقة ونحن على تواصل مستمر، كما مع معظم الإعلاميين في المحطة ولا سيما منهم الذين بدأنا العمل معا مع انطلاقة الـ«LBCI» في عام 1984.
بيروت: كارولين عاكوم - الشرق الأوسط 12 يونيو 2011
0 تعليقات::
إرسال تعليق