تلجأ المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى استخدام الجنود الدروز الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، لأجل القيام بالعمليات الصعبة نظرًا لأنهم عربيو اللسان والسحنة، ويقدرون على الاندماج في المجتمع الفلسطيني بسهولة، ويستطيعون تنفيذ ما يظنون أنه في صالح الدولة التي يقدمون إليها الولاء. والسؤال المطروح: هل يمكن تحميل بعض الأشخاص مسؤولية إلزام الدروز بالخدمة الإجبارية، أم علينا أن نعود إلى ما قبل ذلك؟ إلى ما قبل قيام إسرائيل؟ حين كان العرب الدروز عرضة لسياسات ومخططات مدروسة هدفت بشكل مباشر إلى عزلهم عن انتمائهم العربي والإسلامي وتغيير هويتهم العربية والقومية، ووضعهم بمواجهة شعبهم الفلسطيني، وإيهامهم بأنهم مواطنون في دولة تحتضنهم وترعاهم.
الطائفة الدرزية في إسرائيل والتي سمّاها الكاتب سلمان ناطور الطائفة المخطوفة، تعيش في وهم وجهل كبيرين، ولأجل توضيح مقدار النجاح الإسرائيلي بفصل الدروز عن انتمائهم العربي والإسلامي يمكن مقارنة الدروز في إسرائيل بالدروز في سوريا ولبنان والجولان المحتل. والدروز لأجل المعلومة طائفة واحدة لم تنقسم منذ ألف عام ... هي عمر الدين التوحيدي، ومن المفروض أن الأسس والتعاليم الدرزية هي واحدة في كل مكان، فلماذا يصبح دروز إسرائيل طائفة مختلفة؟
خطة الفصل عن المجتمع العربي
بدأت الخطة الإسرائيلية أولا بعملية تجريد المجتمع الدرزي من كل عناصر موارد استقلاليته خاصة عبر مصادرة الأراضي الزراعية وسلبها بالقوة، فبقي 4 آلاف دونم من أصل 18 ألف دونم، أي صودر 14 ألف دونم من الأراضي التي كانت تشكل مورد الرزق الأساسي للدروز، وذلك لربطهم كليًا باقتصاد المؤسسة الإسرائيلية وخاصة الأمن... عبر التجنيد الإجباري. ودأبت إسرائيل منذ اليوم الأول إلى محاولة خلق قومية مستقلة للدروز ومواكبة ذلك بحملة ترويج لطمس هويتهم، فقامت بداية باستبدال كلمة عربي بكلمة درزي على بطاقة الهوية الصادرة عن وزارة الداخلية، ثم قامت في العام 1961 بفصل المحاكم الدرزية عن سائر المحاكم الشرعية الإسلامية، وقامت بفصل تعليم العرب الدروز عن تعليم باقي أبناء الشرائح العربية وإصدار مناهج تربوية موجهة لهم دون غيرهم. وأدت عدة عوامل إلى أن تستفرد السلطات بالدروز وتلزمهم بضرورة خدمة الشبان في الجيش الإسرائيلي، منها: العزلة الجغرافية، الانطواء الديني، البعد عن مركز المدينة، غياب الوعي السياسي وغياب النخب الوطنية.
أكاذيب رخيصة
قامت السلطات بتكثيف الدراسات الصهيونية المزورة التي تسعى لإظهار تقارب مزعوم بين المذهب الدرزي وبين اليهودية، ويحاول عضو الكنيست الإسرائيلي أيوب القرا الحريص كل الحرص على أمن دولة إسرائيل، في مقابلة في الفيلم الوثائقي "رصاصة في بيت النار" من إخراج حيان الجعبه، تبرير خدمة الدروز لدولة إسرائيل بالعلاقة التاريخية القديمة بين الدروز واليهود، فهو يرى أن العلاقة التاريخية هذه تمتد عميقا في التاريخ، حين قام النبي شعيب بتزويج ابنته للنبي موسى حسب الرواية التوراتية. وفي مقابلة من ذات الفيلم يدحض الكاتب محمد نفاع هذه الادعاءات ويقول أنها أكاذيب رخيصة، وينفي أيه صلة نسب بين النبيين شعيب وموسى، وذلك لأن أنبياء الدروز معصومون عن الزواج، وبالتالي لا يمكن أن توجد ابنة للنبي شعيب حتى يزوجها لموسى.
وفي مثال آخر منعت السلطات الإسرائيلية الدروز من الاحتفال بعيد الفطر وافتعلت مناسبة بديلة لا أساس ديني لها في المذهب التوحيدي الدرزي كزيارة النبي شعيب لتكون عيد ديني للدروز، والهدف بالطبع محاولة فصل الدروز عن انتمائهم الإسلامي والعربي. ويتضح أن رجال الدين الدروز أصحاب القرار قد تهادنوا على طول الطريق مع المؤسسة الإسرائيلية وقبلوا بأن يتزوج النبي شعيب، وقبلوا بإلغاء أهم الأعياد الدينية لدى الدروز، فكانوا بذلك ومن موقعهم المؤثر السبب في وقوع الطائفة الدرزية في الأسر الإسرائيلي. ولا بد من الإقرار بحنكة رجالات التخطيط الإسرائيليين الذين عرفوا أن رجال الدين الدروز هم الحلقة الأضعف في المجتمع الدرزي، والأكثر تأثيرًا في ذات الوقت. فحصلت إسرائيل على مرادها منذ البداية وذلك عندما قام الشيخ أمين طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية عام 1948 مع 16 نفرًا من مخاتير ووجهاء الطائفة الدرزية بتسليم الطائفة إلى الحاكم الإسرائيلي، وتقديم الطاعة لهذا الحاكم.
ويردد بعض الدروز في إسرائيل عبارة "مع الحيط الواقف" تعبيرًا عن التزامهم مع القوي لأجل أن يحميهم من شر الأكثرية العربية باعتبارهم أقلية مغلوب على أمرها، في ذات الوقت يتغنى الدروز بأمجاد سلطان الأطرش قائد الثورية السورية الكبرى في سوريا ضد الاحتلال الفرنسي عام 1925، وكمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان ونصير العروبة والفلسطينيين، هؤلاء لم يكونوا مع الحيط الواقف فسلطان الأطرش قاوم المحتل الفرنسي حتى الرمق الأخير، وكمال جنبلاط وقف في وجه الإسرائيليين وأعوانهم في لبنان. ومن السخرية الشديدة أن يتغنى الدروز بقادة من هذا الطراز وهم الذين ينكرون أصلهم العربي، ويشدون على أيدي إسرائيل في قمعها لكل من هو عربي وفلسطيني، فهل الدروز حقًا مع الحيط الواقف؟
من الضروري لفت الانتباه لإلى عدد غير قليل من أبناء الطائفة الذين لم يتعاونا مع المشروع الصهيوني ورفضوه بقوة حتى دخول السجن بسبب رفضهم للتجند في الجيش الإسرائيلي. فهل يكفي هذا أم أن ذكره يجيء فقط لمصلحة تحسين صورة الدروز؟ للإجابة على هذا السؤال أقول أن الموضوع لا يخص أفراد أو مجموعات من الطائفة الدرزية قامت بكل ما تستطيع لكي تثبت انتمائها العربي، وأن تعيد الطائفة الدرزية إلى الدفيئة العربية. الواقع الذي يعيشه الدروز هو واقع مركب وحساس، وهو ما هدفت السلطات إليه عبر استهداف الطائفة الدرزية ليتم استدراجها من واقعها العربي إلى محاولة جعلها قومية قائمة بحد ذاتها، فبمعزل عن كل الشرفاء وأصحاب المبادئ من الطائفة الدرزية وبمعزل عن المقارنة مع باقي الطوائف العربية التي وقعت هي أيضًا في الشرك الإسرائيلي بطريقة أكثر خطورة، كون عملية التعاون لم تكن بشكل رسمي ومفضوح؛ بمعزل عن كل هذا وحين يتم الحديث عن ورطة الطائفة الدرزية فإن المقصود بهذا هو تقديم الدروز باعتبارهم المثال الأكثر وضوحًا في مأزق وقضية العرب الفلسطينيين، فالورطة أكبر من الوقوف لشكر هذه الأقلية من الشرفاء، مع كل التقدير والأهمية لفعلتهم وموقفهم.
القومية المفبركة
يعود أصل الدروز إلى الجزيرة العربية وهم عرب أقحاح، هاجروا إلى منطقة بلاد الشام بعد الفتح الإسلامي لسوريا الكبيرة، ويقول المؤرخون أن أصول الدروز الذين سكنوا بلاد الشام يعود إلى قبائل مسيحية دخلت الدين التوحيدي قبل أكثر من ألف سنة. التاريخ العربي للدروز يحتم على الطائفة الدرزية في إسرائيل أن تعمل على تثبيت هويتها العربية. ولأجل هذا لا بد من الرجوع من طريق القومية الدرزية المفبركة، ولا بد من إعلان الالتزام بمصير العرب الفلسطينيين في فلسطين التاريخية.
ولا بد من المجاهرة بوجود الدروز في مكانين؛ الأول: الدين الذي يحتم السرية والتكتم، والثاني الانتماء القومي مقابل الطائفي، وفي كلتا الحالتين يجد الدروز أنفسهم في موقع دفاع عن أنفسهم، لذلك لا بد من وجود مرجع ديني كبير يقدم الأجوبة كما هي حال دروز لبنان وسوريا، لتخرج الطائفة الدرزية من مأزقها، ولتستطيع أن تمارس وجودها وتستعيد انتمائها العربي، لأن الوقوف في ظل الحائط لا يفيد أحد بشيء. هل علينا الحديث عن وجه العملة الحسن كلما تحدثنا عن الواقع المأساوي والمركب للطائفة العربية الدرزية، من ناحية أخرى لا يجوز أن تكون الطائفة الدرزية في صراع على سمعتها مقابل الطوائف العربية الأخرى انطلاقًا من قاعدة الصراع الداخلي، بل المطلوب أن يكون الصراع مقابل المؤسسة الصهيونية الإسرائيلية.
يمكن تسمية ما يحل بالطائفة الدرزية خصوصًا والمجتمع العربي عمومًا بمذبحة جماعية، أداة القتل فيها هي الأكاذيب الصهيونية التي تمسح الذاكرة الأصلية لتضع مكانها رواية مختلقة، وقد راح ضحية هذه المذبحة الفكرية الكثيرون، والذين بقوا أحياء هم أولئك الذين لم تصيبهم رصاصة الفكر الصهيوني... فهل هناك فرق كبير بين القتل الحقيقي والقتل الفكري؟ ففي الحالتين لا يقوم المقتول بأي فعل تجاه القاتل، والأخطر هو القتل الفكري بالتأكيد، الذي يسمح للقاتل باستخدام المقتول فكريًا لأجل قتل المزيد من أبناء جلدته، قتلا حقيقيًا. فهل الدروز حقًا في قفص الاتهام؟
سليم أبو جبل 05/08/17
الطائفة الدرزية في إسرائيل والتي سمّاها الكاتب سلمان ناطور الطائفة المخطوفة، تعيش في وهم وجهل كبيرين، ولأجل توضيح مقدار النجاح الإسرائيلي بفصل الدروز عن انتمائهم العربي والإسلامي يمكن مقارنة الدروز في إسرائيل بالدروز في سوريا ولبنان والجولان المحتل. والدروز لأجل المعلومة طائفة واحدة لم تنقسم منذ ألف عام ... هي عمر الدين التوحيدي، ومن المفروض أن الأسس والتعاليم الدرزية هي واحدة في كل مكان، فلماذا يصبح دروز إسرائيل طائفة مختلفة؟
خطة الفصل عن المجتمع العربي
بدأت الخطة الإسرائيلية أولا بعملية تجريد المجتمع الدرزي من كل عناصر موارد استقلاليته خاصة عبر مصادرة الأراضي الزراعية وسلبها بالقوة، فبقي 4 آلاف دونم من أصل 18 ألف دونم، أي صودر 14 ألف دونم من الأراضي التي كانت تشكل مورد الرزق الأساسي للدروز، وذلك لربطهم كليًا باقتصاد المؤسسة الإسرائيلية وخاصة الأمن... عبر التجنيد الإجباري. ودأبت إسرائيل منذ اليوم الأول إلى محاولة خلق قومية مستقلة للدروز ومواكبة ذلك بحملة ترويج لطمس هويتهم، فقامت بداية باستبدال كلمة عربي بكلمة درزي على بطاقة الهوية الصادرة عن وزارة الداخلية، ثم قامت في العام 1961 بفصل المحاكم الدرزية عن سائر المحاكم الشرعية الإسلامية، وقامت بفصل تعليم العرب الدروز عن تعليم باقي أبناء الشرائح العربية وإصدار مناهج تربوية موجهة لهم دون غيرهم. وأدت عدة عوامل إلى أن تستفرد السلطات بالدروز وتلزمهم بضرورة خدمة الشبان في الجيش الإسرائيلي، منها: العزلة الجغرافية، الانطواء الديني، البعد عن مركز المدينة، غياب الوعي السياسي وغياب النخب الوطنية.
أكاذيب رخيصة
قامت السلطات بتكثيف الدراسات الصهيونية المزورة التي تسعى لإظهار تقارب مزعوم بين المذهب الدرزي وبين اليهودية، ويحاول عضو الكنيست الإسرائيلي أيوب القرا الحريص كل الحرص على أمن دولة إسرائيل، في مقابلة في الفيلم الوثائقي "رصاصة في بيت النار" من إخراج حيان الجعبه، تبرير خدمة الدروز لدولة إسرائيل بالعلاقة التاريخية القديمة بين الدروز واليهود، فهو يرى أن العلاقة التاريخية هذه تمتد عميقا في التاريخ، حين قام النبي شعيب بتزويج ابنته للنبي موسى حسب الرواية التوراتية. وفي مقابلة من ذات الفيلم يدحض الكاتب محمد نفاع هذه الادعاءات ويقول أنها أكاذيب رخيصة، وينفي أيه صلة نسب بين النبيين شعيب وموسى، وذلك لأن أنبياء الدروز معصومون عن الزواج، وبالتالي لا يمكن أن توجد ابنة للنبي شعيب حتى يزوجها لموسى.
وفي مثال آخر منعت السلطات الإسرائيلية الدروز من الاحتفال بعيد الفطر وافتعلت مناسبة بديلة لا أساس ديني لها في المذهب التوحيدي الدرزي كزيارة النبي شعيب لتكون عيد ديني للدروز، والهدف بالطبع محاولة فصل الدروز عن انتمائهم الإسلامي والعربي. ويتضح أن رجال الدين الدروز أصحاب القرار قد تهادنوا على طول الطريق مع المؤسسة الإسرائيلية وقبلوا بأن يتزوج النبي شعيب، وقبلوا بإلغاء أهم الأعياد الدينية لدى الدروز، فكانوا بذلك ومن موقعهم المؤثر السبب في وقوع الطائفة الدرزية في الأسر الإسرائيلي. ولا بد من الإقرار بحنكة رجالات التخطيط الإسرائيليين الذين عرفوا أن رجال الدين الدروز هم الحلقة الأضعف في المجتمع الدرزي، والأكثر تأثيرًا في ذات الوقت. فحصلت إسرائيل على مرادها منذ البداية وذلك عندما قام الشيخ أمين طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية عام 1948 مع 16 نفرًا من مخاتير ووجهاء الطائفة الدرزية بتسليم الطائفة إلى الحاكم الإسرائيلي، وتقديم الطاعة لهذا الحاكم.
ويردد بعض الدروز في إسرائيل عبارة "مع الحيط الواقف" تعبيرًا عن التزامهم مع القوي لأجل أن يحميهم من شر الأكثرية العربية باعتبارهم أقلية مغلوب على أمرها، في ذات الوقت يتغنى الدروز بأمجاد سلطان الأطرش قائد الثورية السورية الكبرى في سوريا ضد الاحتلال الفرنسي عام 1925، وكمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان ونصير العروبة والفلسطينيين، هؤلاء لم يكونوا مع الحيط الواقف فسلطان الأطرش قاوم المحتل الفرنسي حتى الرمق الأخير، وكمال جنبلاط وقف في وجه الإسرائيليين وأعوانهم في لبنان. ومن السخرية الشديدة أن يتغنى الدروز بقادة من هذا الطراز وهم الذين ينكرون أصلهم العربي، ويشدون على أيدي إسرائيل في قمعها لكل من هو عربي وفلسطيني، فهل الدروز حقًا مع الحيط الواقف؟
من الضروري لفت الانتباه لإلى عدد غير قليل من أبناء الطائفة الذين لم يتعاونا مع المشروع الصهيوني ورفضوه بقوة حتى دخول السجن بسبب رفضهم للتجند في الجيش الإسرائيلي. فهل يكفي هذا أم أن ذكره يجيء فقط لمصلحة تحسين صورة الدروز؟ للإجابة على هذا السؤال أقول أن الموضوع لا يخص أفراد أو مجموعات من الطائفة الدرزية قامت بكل ما تستطيع لكي تثبت انتمائها العربي، وأن تعيد الطائفة الدرزية إلى الدفيئة العربية. الواقع الذي يعيشه الدروز هو واقع مركب وحساس، وهو ما هدفت السلطات إليه عبر استهداف الطائفة الدرزية ليتم استدراجها من واقعها العربي إلى محاولة جعلها قومية قائمة بحد ذاتها، فبمعزل عن كل الشرفاء وأصحاب المبادئ من الطائفة الدرزية وبمعزل عن المقارنة مع باقي الطوائف العربية التي وقعت هي أيضًا في الشرك الإسرائيلي بطريقة أكثر خطورة، كون عملية التعاون لم تكن بشكل رسمي ومفضوح؛ بمعزل عن كل هذا وحين يتم الحديث عن ورطة الطائفة الدرزية فإن المقصود بهذا هو تقديم الدروز باعتبارهم المثال الأكثر وضوحًا في مأزق وقضية العرب الفلسطينيين، فالورطة أكبر من الوقوف لشكر هذه الأقلية من الشرفاء، مع كل التقدير والأهمية لفعلتهم وموقفهم.
القومية المفبركة
يعود أصل الدروز إلى الجزيرة العربية وهم عرب أقحاح، هاجروا إلى منطقة بلاد الشام بعد الفتح الإسلامي لسوريا الكبيرة، ويقول المؤرخون أن أصول الدروز الذين سكنوا بلاد الشام يعود إلى قبائل مسيحية دخلت الدين التوحيدي قبل أكثر من ألف سنة. التاريخ العربي للدروز يحتم على الطائفة الدرزية في إسرائيل أن تعمل على تثبيت هويتها العربية. ولأجل هذا لا بد من الرجوع من طريق القومية الدرزية المفبركة، ولا بد من إعلان الالتزام بمصير العرب الفلسطينيين في فلسطين التاريخية.
ولا بد من المجاهرة بوجود الدروز في مكانين؛ الأول: الدين الذي يحتم السرية والتكتم، والثاني الانتماء القومي مقابل الطائفي، وفي كلتا الحالتين يجد الدروز أنفسهم في موقع دفاع عن أنفسهم، لذلك لا بد من وجود مرجع ديني كبير يقدم الأجوبة كما هي حال دروز لبنان وسوريا، لتخرج الطائفة الدرزية من مأزقها، ولتستطيع أن تمارس وجودها وتستعيد انتمائها العربي، لأن الوقوف في ظل الحائط لا يفيد أحد بشيء. هل علينا الحديث عن وجه العملة الحسن كلما تحدثنا عن الواقع المأساوي والمركب للطائفة العربية الدرزية، من ناحية أخرى لا يجوز أن تكون الطائفة الدرزية في صراع على سمعتها مقابل الطوائف العربية الأخرى انطلاقًا من قاعدة الصراع الداخلي، بل المطلوب أن يكون الصراع مقابل المؤسسة الصهيونية الإسرائيلية.
يمكن تسمية ما يحل بالطائفة الدرزية خصوصًا والمجتمع العربي عمومًا بمذبحة جماعية، أداة القتل فيها هي الأكاذيب الصهيونية التي تمسح الذاكرة الأصلية لتضع مكانها رواية مختلقة، وقد راح ضحية هذه المذبحة الفكرية الكثيرون، والذين بقوا أحياء هم أولئك الذين لم تصيبهم رصاصة الفكر الصهيوني... فهل هناك فرق كبير بين القتل الحقيقي والقتل الفكري؟ ففي الحالتين لا يقوم المقتول بأي فعل تجاه القاتل، والأخطر هو القتل الفكري بالتأكيد، الذي يسمح للقاتل باستخدام المقتول فكريًا لأجل قتل المزيد من أبناء جلدته، قتلا حقيقيًا. فهل الدروز حقًا في قفص الاتهام؟
سليم أبو جبل 05/08/17
0 تعليقات::
إرسال تعليق