إن محافظة الدروز على أنسابهم زهاء عشرة قرون وعدم امتزاجهم بغيرهم قد جعل من أشهر صفاتهم: الإباء والشمم وعزة النفس والشجاعة والحمية والشهامة ومحاربة الاستبداد أياً كان مصدره, أشداء في مواقع الدفاع أبطال في الهجوم.
جاء في (ذخائر لبنان): إن شدة اعتقادهم بالقضاء والقدر مع انقيادهم لرؤوسهم وطاعتهم لكبرائهم مهد لهم في الغالب سبيل الفوز واشتهروا بانتصارهم على من يفوقهم عدداً, ومما يذكر لهم انهم في حروبهم لا يتعرضون أصلاً لما يمس الآداب, وما سمع إنهم سطوا على العرض ولا قتلوا النساء ولا الأطفال وربما احتمى نساء أعدائهم بيوتهم بعد قتل بعولتهم, ورائين منهم غاية الرفق والإنسانية.
لأن الدروز شديدوا التمسك بالناموس الأدبي فلا يسطون على أعراض غيرهم لأنهم كما يقول الكاتب الإنكليزي (نمري): يحافظون على طهارة الأسرة وقدسية البيت فلا يزوجون بناتهم إلى الأجانب مهما كان الدافع , وهذا ما يجعل الدرزي نقي طاهر لأنهم يحملون بالعظمة والسيطرة وذلك بسب شعورهم بالأفضلية على سائر الشعوب ونتج عن ذلك حب الاعتزاز والكبرياء والشراسة المتناهية في حالة الانتصار , ويمكن القول بأنهم أفتك أقلية موجودة على وجه الكرة الأرضية وإيمانهم بخلقهم من جديد يخلق من الدرزي رجل حرب لا فرق عنده أقتل أم لم يقتل ما دامت الحياة مضمونة في كلتا الحالتين والشخص الذي يتاح له أن يكون صديقاً لهم يشعر بأن هذه الصداقة ستكون أبدية خالصة ولا يمكن أن يعبر عنها بكلمات تكتب أو جمل تصاغ بل إنها إحساساً جسمانية بحتاً.
يقول أحمد الشدياق: "لم يعرف عن الدروز أنهم عاهدوا بشيء ثم نكثوا به من دون أن يحسوا من المعاهد غدراً".
ذكر الدكتور مصطفى غالب: "نستنتج من أقوال حدود دعاة الموحدين التي وردت في أكثر رسائلهم المذهبية, بان الدين لديهم نور وهدى ينير ظلمات النفوس كما تنير الشمس قي رابعة النهار للعالم , وإن ميزان كل إنسان عمله, فالدين ينهي عن المسكرات وعن الميسر والتدخين على أنواعه حتى السعوط, عدم الشراهة في كل شيء تجنب البهرجة والخلاعة عند النساء والاعتدال في الملبس والتقشف أقرب إلى التقوى"والامتناع عن النميمة لأنها من ضروب الكذب," ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم".
وفضائل العقال فيهم بادية لأنهم مأمورون باجتناب الكذب والقتل والفسق والزنا والسرقة والكبرياء والرياء والغش والغضب والحقد والنميمة والفساد والخبث والحسد والغيبة وجميع الشهوات والمحرمات والشبهات والتجافي عن الهزل وجميع المضحكات والامتناع عن الحلف بالله.
يقول بطرس البستاني:"انهم يمارسون ضبط النفس والنعمة وصدق اللسان ويتجنبون السفه والبذاءة ويرفضون المال الحرام ". وهم على جانب من التسامح حتى مع من يخالفهم بمعتقدهم ومعظهم عاداتهم عربية إسلامية وفيهم من الإسلام شيء كثير من جوهره كما يقول محمد كرد علي , وقد رأينا لعهدنا أبناء هذا المذهب كلما تعلموا قربوا من الأصول الإسلامية .
والأمير شكيب أرسلان قال: "الدروز فرقة من الفرق الإسلامية يقيمون جميع شعائر المسلمين و يتواصفون بمرافقة الإسلام والمسلمين في السراء والضراء ويقولون أن من خرج عن ذلك منهم فليس بمسلم, ولهذا أصبح من الصعب على المسلم الذي فهم الإسلام كما فهمه السلف الصالح والذي سمع حديث (فهلا شققت قلبه عن قلبه) أن يخرج الدروز من الإسلام, وفي الشرع المحمدي قاعدة: نحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر.
وقد قال الله تعالى: * ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا *.
وهؤلاء لا يلقون السلام فقط بل يلقون السلام ويقولون إنهم مسلمون, ويحفظون القرآن, ويلقن ملقنهم الميت "إذا جاء منكر ونكير وسألاك ما دينكم ومن نبيك وما كتابك وما قبلتك فقل لهما الإسلام ديني ومحمد نبيي والقرآن كتابي والكعبة قبلتي والمسلمون إخوتي" ,"وليس من شعائر الإسلام شيء واجب إلا ويوجب إقامته الدروز".
وإذا أنه مع كل هذه المظاهر تحتوي عقيدتهم الباطنية التي تعرفها طبقة العقال على ما يصادم أركان عقيدة السنة والجماعة ولا يتفق معها في شيء فالجواب قد وجد في الإسلام أئمة كبار يترضى عنهم عند ذكرهم ولهم قباب تزار تعلق فيها القناديل وكانوا يقولون بوحدة الوجود فهل وحدة الوجود فهل وحدة الوجود مما يطابق السنة؟ كلا. فهل أخرج المسلمون هؤلاء الأئمة من الإسلام؟ وأما تجسد الإله فليس من عقيدة الدروز كما يتهمهم بعضهم, والتجسد شيء والتراثي شيء آخر, وأما تأويل آي القرآن الكريم بحسب زعمهم فكم من فرقة في الإسلام انفردت بتأويل للآيات الكريمة..
وجاء في ذخائر لبنان: إن مذهب الدروز طريقة احتوت على بعض آراء فلسفية وأصول حكمية امتزجت بعقائد إسلامية وشعائرهم في الزواج والصلاة على الجنائز والختان ان كشعائر المسلمين. وهم يكرهون عبادة الأصنام كراهية شديدة ويؤمنون باليوم الآخر وإن الله متصرف في ملكه يفعل ما يشاء ويحكم كما يريد , ويبحثون على العدل والإنسان ومساعدة ذوي القربى والمساكين ويحرضون على نبيل المعارف وحسن السلوك والألفة لأن الإيمان عندهم لا يكون إيماناً صحيحاً إلا حين يرتبط بالعمل الصالح والخير للمجتمع.
وطلب العلم فريضة دينية للذكور والإناث, وهم ينقسمون إلى طبقتين: عقال وجهال فالجهال من جهلوا أسرار الدين, والعقال "ويقال لهم أجاويد"من عرفوها, وهؤلاء من الورع والتقوى والمعرفة في الدين درجات أرفعها: المتنزهون الذين يثابرون على العبادة والورع ومنهم من لم يتزوج ومنهم من يتزوج زواج نظري أي للقيام بالشؤون المنزلية فقط , ومنهم من لم يأكل لحماً ولا فاكهة مدة حياته ومنهم من هو صائم كل يوم , ومال الوقف لا يأكله تقي ديان , والبطنة مكروهة عندهم (وللنساء العقل في الدين كالرجال) وليس لجاهل أن ينتظم في سلك العقال إلا بعد التماسه ذلك مراراً من عقال قريته, وليس لهم أن يجيزوا له تلاوة الرسائل الدينية إلا بعد أن يمروا بأعينهم زكاء سريرته وكلما صلحت أحواله كانت طبقته في العقل أعلى وكلما تجافى عن أمور الدنيا وأشيائها ازدادت الثقة به, وعليه التحلي بالعفاف والطهارة والعقل الجميل والكرم والعلم وخوف الله وطاعته وتسبيحه وتقديسه ومن مأثور أحاديثهم: إن الدين قول باللسان وتصديق بالجنان والعمل بالأركان وهو لخير البشرية وزرع المحبة بين عباد الله.
وقد كتب بشارة الخوري يقول: "إن الطائفة الدرزية التي اشتهرت بالمروءة والبسالة والعفة يجب أن يكون لها المقام الأول الذي تستحقه فضائلها, إن الطائفة التي سبقت أشد الأمم تمدناً ففرض دينها العلم على أبنائها ذكوراً وإنائاً, وأمر بإبطال الاسترقاق وتساوي المرأة والرجل في الحقوق يجب أن يكون لها مقاماً في الطوائف السورية, لا سيما وأنها لا تعرف سوى سورياً وطناً ولا تعبد غيره وطناً... فالدروز حصوراً حبهم بلبنان وسوريا عشقوا الحرية ولم يبيتوا على ضيم.
وأثناء الثورة السورية نشرت جريدة (الوور كرز ويلي) الصادرة في لندن مقالاً قالت فيه السلطان الأطرش الدرزي هو زعيم القوم الجبليين الشجعان الذين يعتبرون رأس أو طليعة الجيش السوري المحارب ضد الاستعمار والدروز مستوطنون للبلاد الجبلية وهم قوم حربيون لا يهابون الموت ولا يخافون شيئاً على الإطلاق ويتمتعون بأشد القوى الجسمانية ولغتهم هي العربية, ورجالهم جميعاً حين يبلغون الخامسة عشر من العمر يتدربون على حمل السلاح واستعماله , ولهم معتقدات دينية خصيصة بهم نشأت في محيط دائرة بلادهم واستحكمت في عقولهم , وهم من أهل التسامح في تلقاء جميع الأديان والمعتقدات الأخرى وفضلاً عن هذا لم يحدث قط ان حاولوا نشر دينهم أو دعوة الناس اعتناقه, وإنما يصرخون بأنهم يرون في جميع الأديان فضائل معينة وإن كانوا متمسكين شديد التمسك بدينهم.
ومن مقوماتهم قوتهم كما يقول أندريا: الوحدة التي تشد الدروز بعضهم إلى بعض فتجمع الألفة بينهم من أكبر شيخ حتى أصغر فلاح فشجاعة الدرزي خارقة مذهلة وإيمانه بالتقمص والعودة إلى الحياة مرة ثانية بعد الموت بوضع أفضل إذا مات دفاعاً عن الوطن يجعلانه يحتقر الموت . خاصة وإنهم يؤمنون بالأجل المحتوم لإيمانهم بالآية الكريمة * فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون*.
وفي الكتاب الذهبي قال منير الريس: والدروز يؤمنون بأن الشهيد في معارك البطولة حي عملاً بقول الآية الكريمة * ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون *.
ومن العيب ان تذرف على من نال مرتبة الشهادة الدموع , انهم يكتمون أحزانهم في قلوبهم ويبدون في المصائب غير هلعين ولا وجلين فهم عرب أقحاح يحافظون على المآثر الكريمة ومن مآثرهم العربية الكرم والشجاعة والإباء وحماية الجار , وهم لا يخضعون لزعمائهم خضوعاً أعمى فالزعيم المحترم لا بد له أن يكون مبرزاً على أقرانه بالكرم والشجاعة والمروءة, وهم مؤونهم ويشترون بأثمانها البنادق والعتاد الحربي ليجاهدوا في سبيل الله وأولاده وأمه وأباه وأهله ويخرج لقتال العدو القوي, فيموت شهيداً ويغمض عينه وهو يهتف باسم وطنه وحرية أمته العربية ووحدتها.
ويقول المؤرخ الفرنسي (بيجه ده سان بيير): الدروز قوم طيبوا السريرة نيرو الفكر ذوو مشاعر محببة ولهم قامات كبيرة وهم يتمتعون بقوة غريبة وخفة فائقة صبورون نشيطون مستقيمون أمناء إنسانيون يتمسكون بمثلهم لا يخالفون وعداً ولا يغدرون ويقابلون إخلاص الناس لهم بإخلاص مماثل وهم شجعان بواسل ماهرون في استعمال الأسلحة, وهم أصحاب بشاشة وانس وأخلاقا رضية واستقبالاً مهذباً وديعاً, وهناك شعور متأصل أيضاً في قلب هذا الشعب الغيور على مبادئه وشهرته, والعدو اللدود للغدر المتمسك بالشرف حتى الموت.
وقال المؤرخ (بورون): إن روح الدرزي المفرط في العبادة والتصوف مضافة إلى قوة عضلاته تؤلف منه في ساحة الهيجاء مقاوماً عظيماً, وإن غطرسته وحب التظاهر بقوته تمكنانه من على اقتحام أردأ الأمور, وإن تعجرفه لا يقاس بغيره, وإنه لأجل الهيجاء بالرغم من حبه للدراهم يضحي بثروته وبكل ما يملكه من متاع الدنيا غير آسف عليهما.
ويصفهم أحد الشعراء الانكليز بأنهم: شجعان أشداء أباه ذوادون عن الحرية وهذه المنازل الملتفعة بالعواطف , ومنازلهم انهم وحدهم , بينما كل من حولهم يركع ضارعاً خائفاً للسيف العثماني يعلمون راية الطغاة ذات الهلال الشاحب أن تخاف الغضبات الوطنية من اسنة رماح الجبل.
ويقول محمد كرد علي:"يخاف جيرانهم بأنهم يلقنون أولادهم الشجاعة والفروسية فيأتون شجعاناً أقوياء محافظون على العادات والتقاليد السامية والأخلاق العربية من إباء ووفاء وحسن عشرة وكرم وحسن وفادة ولكن الهزات التي تعرضوا لها من تقلبات عهود الاستعمار والأساليب التعسفية التي عقبته ونكران الجهاد على أصحابه قد أصابت خصائص الشجاعة عند الكثيرين بالانتكاس , وخفف من بأسهم وكونهم للدعة والسكينة كالسيف إذا طال بقاءه في غمده ركبه هذا الصدا.
وقد قال أحد الأميركيين: إننا لا نسمع عن الدروز شيئاً حتى تكون الثورات والحروب في هذه البلاد فنسمع حينئذ عن شجاعتهم وعن كرمهم وما يشبه الأساطير , وحينما يسيرون للقتال يرددون الأناشيد الحماسية التي تهون عليهم الموت.
16/10/2009, SwaidaNet
جاء في (ذخائر لبنان): إن شدة اعتقادهم بالقضاء والقدر مع انقيادهم لرؤوسهم وطاعتهم لكبرائهم مهد لهم في الغالب سبيل الفوز واشتهروا بانتصارهم على من يفوقهم عدداً, ومما يذكر لهم انهم في حروبهم لا يتعرضون أصلاً لما يمس الآداب, وما سمع إنهم سطوا على العرض ولا قتلوا النساء ولا الأطفال وربما احتمى نساء أعدائهم بيوتهم بعد قتل بعولتهم, ورائين منهم غاية الرفق والإنسانية.
لأن الدروز شديدوا التمسك بالناموس الأدبي فلا يسطون على أعراض غيرهم لأنهم كما يقول الكاتب الإنكليزي (نمري): يحافظون على طهارة الأسرة وقدسية البيت فلا يزوجون بناتهم إلى الأجانب مهما كان الدافع , وهذا ما يجعل الدرزي نقي طاهر لأنهم يحملون بالعظمة والسيطرة وذلك بسب شعورهم بالأفضلية على سائر الشعوب ونتج عن ذلك حب الاعتزاز والكبرياء والشراسة المتناهية في حالة الانتصار , ويمكن القول بأنهم أفتك أقلية موجودة على وجه الكرة الأرضية وإيمانهم بخلقهم من جديد يخلق من الدرزي رجل حرب لا فرق عنده أقتل أم لم يقتل ما دامت الحياة مضمونة في كلتا الحالتين والشخص الذي يتاح له أن يكون صديقاً لهم يشعر بأن هذه الصداقة ستكون أبدية خالصة ولا يمكن أن يعبر عنها بكلمات تكتب أو جمل تصاغ بل إنها إحساساً جسمانية بحتاً.
يقول أحمد الشدياق: "لم يعرف عن الدروز أنهم عاهدوا بشيء ثم نكثوا به من دون أن يحسوا من المعاهد غدراً".
ذكر الدكتور مصطفى غالب: "نستنتج من أقوال حدود دعاة الموحدين التي وردت في أكثر رسائلهم المذهبية, بان الدين لديهم نور وهدى ينير ظلمات النفوس كما تنير الشمس قي رابعة النهار للعالم , وإن ميزان كل إنسان عمله, فالدين ينهي عن المسكرات وعن الميسر والتدخين على أنواعه حتى السعوط, عدم الشراهة في كل شيء تجنب البهرجة والخلاعة عند النساء والاعتدال في الملبس والتقشف أقرب إلى التقوى"والامتناع عن النميمة لأنها من ضروب الكذب," ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم".
وفضائل العقال فيهم بادية لأنهم مأمورون باجتناب الكذب والقتل والفسق والزنا والسرقة والكبرياء والرياء والغش والغضب والحقد والنميمة والفساد والخبث والحسد والغيبة وجميع الشهوات والمحرمات والشبهات والتجافي عن الهزل وجميع المضحكات والامتناع عن الحلف بالله.
يقول بطرس البستاني:"انهم يمارسون ضبط النفس والنعمة وصدق اللسان ويتجنبون السفه والبذاءة ويرفضون المال الحرام ". وهم على جانب من التسامح حتى مع من يخالفهم بمعتقدهم ومعظهم عاداتهم عربية إسلامية وفيهم من الإسلام شيء كثير من جوهره كما يقول محمد كرد علي , وقد رأينا لعهدنا أبناء هذا المذهب كلما تعلموا قربوا من الأصول الإسلامية .
والأمير شكيب أرسلان قال: "الدروز فرقة من الفرق الإسلامية يقيمون جميع شعائر المسلمين و يتواصفون بمرافقة الإسلام والمسلمين في السراء والضراء ويقولون أن من خرج عن ذلك منهم فليس بمسلم, ولهذا أصبح من الصعب على المسلم الذي فهم الإسلام كما فهمه السلف الصالح والذي سمع حديث (فهلا شققت قلبه عن قلبه) أن يخرج الدروز من الإسلام, وفي الشرع المحمدي قاعدة: نحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر.
وقد قال الله تعالى: * ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا *.
وهؤلاء لا يلقون السلام فقط بل يلقون السلام ويقولون إنهم مسلمون, ويحفظون القرآن, ويلقن ملقنهم الميت "إذا جاء منكر ونكير وسألاك ما دينكم ومن نبيك وما كتابك وما قبلتك فقل لهما الإسلام ديني ومحمد نبيي والقرآن كتابي والكعبة قبلتي والمسلمون إخوتي" ,"وليس من شعائر الإسلام شيء واجب إلا ويوجب إقامته الدروز".
وإذا أنه مع كل هذه المظاهر تحتوي عقيدتهم الباطنية التي تعرفها طبقة العقال على ما يصادم أركان عقيدة السنة والجماعة ولا يتفق معها في شيء فالجواب قد وجد في الإسلام أئمة كبار يترضى عنهم عند ذكرهم ولهم قباب تزار تعلق فيها القناديل وكانوا يقولون بوحدة الوجود فهل وحدة الوجود فهل وحدة الوجود مما يطابق السنة؟ كلا. فهل أخرج المسلمون هؤلاء الأئمة من الإسلام؟ وأما تجسد الإله فليس من عقيدة الدروز كما يتهمهم بعضهم, والتجسد شيء والتراثي شيء آخر, وأما تأويل آي القرآن الكريم بحسب زعمهم فكم من فرقة في الإسلام انفردت بتأويل للآيات الكريمة..
وجاء في ذخائر لبنان: إن مذهب الدروز طريقة احتوت على بعض آراء فلسفية وأصول حكمية امتزجت بعقائد إسلامية وشعائرهم في الزواج والصلاة على الجنائز والختان ان كشعائر المسلمين. وهم يكرهون عبادة الأصنام كراهية شديدة ويؤمنون باليوم الآخر وإن الله متصرف في ملكه يفعل ما يشاء ويحكم كما يريد , ويبحثون على العدل والإنسان ومساعدة ذوي القربى والمساكين ويحرضون على نبيل المعارف وحسن السلوك والألفة لأن الإيمان عندهم لا يكون إيماناً صحيحاً إلا حين يرتبط بالعمل الصالح والخير للمجتمع.
وطلب العلم فريضة دينية للذكور والإناث, وهم ينقسمون إلى طبقتين: عقال وجهال فالجهال من جهلوا أسرار الدين, والعقال "ويقال لهم أجاويد"من عرفوها, وهؤلاء من الورع والتقوى والمعرفة في الدين درجات أرفعها: المتنزهون الذين يثابرون على العبادة والورع ومنهم من لم يتزوج ومنهم من يتزوج زواج نظري أي للقيام بالشؤون المنزلية فقط , ومنهم من لم يأكل لحماً ولا فاكهة مدة حياته ومنهم من هو صائم كل يوم , ومال الوقف لا يأكله تقي ديان , والبطنة مكروهة عندهم (وللنساء العقل في الدين كالرجال) وليس لجاهل أن ينتظم في سلك العقال إلا بعد التماسه ذلك مراراً من عقال قريته, وليس لهم أن يجيزوا له تلاوة الرسائل الدينية إلا بعد أن يمروا بأعينهم زكاء سريرته وكلما صلحت أحواله كانت طبقته في العقل أعلى وكلما تجافى عن أمور الدنيا وأشيائها ازدادت الثقة به, وعليه التحلي بالعفاف والطهارة والعقل الجميل والكرم والعلم وخوف الله وطاعته وتسبيحه وتقديسه ومن مأثور أحاديثهم: إن الدين قول باللسان وتصديق بالجنان والعمل بالأركان وهو لخير البشرية وزرع المحبة بين عباد الله.
وقد كتب بشارة الخوري يقول: "إن الطائفة الدرزية التي اشتهرت بالمروءة والبسالة والعفة يجب أن يكون لها المقام الأول الذي تستحقه فضائلها, إن الطائفة التي سبقت أشد الأمم تمدناً ففرض دينها العلم على أبنائها ذكوراً وإنائاً, وأمر بإبطال الاسترقاق وتساوي المرأة والرجل في الحقوق يجب أن يكون لها مقاماً في الطوائف السورية, لا سيما وأنها لا تعرف سوى سورياً وطناً ولا تعبد غيره وطناً... فالدروز حصوراً حبهم بلبنان وسوريا عشقوا الحرية ولم يبيتوا على ضيم.
وأثناء الثورة السورية نشرت جريدة (الوور كرز ويلي) الصادرة في لندن مقالاً قالت فيه السلطان الأطرش الدرزي هو زعيم القوم الجبليين الشجعان الذين يعتبرون رأس أو طليعة الجيش السوري المحارب ضد الاستعمار والدروز مستوطنون للبلاد الجبلية وهم قوم حربيون لا يهابون الموت ولا يخافون شيئاً على الإطلاق ويتمتعون بأشد القوى الجسمانية ولغتهم هي العربية, ورجالهم جميعاً حين يبلغون الخامسة عشر من العمر يتدربون على حمل السلاح واستعماله , ولهم معتقدات دينية خصيصة بهم نشأت في محيط دائرة بلادهم واستحكمت في عقولهم , وهم من أهل التسامح في تلقاء جميع الأديان والمعتقدات الأخرى وفضلاً عن هذا لم يحدث قط ان حاولوا نشر دينهم أو دعوة الناس اعتناقه, وإنما يصرخون بأنهم يرون في جميع الأديان فضائل معينة وإن كانوا متمسكين شديد التمسك بدينهم.
ومن مقوماتهم قوتهم كما يقول أندريا: الوحدة التي تشد الدروز بعضهم إلى بعض فتجمع الألفة بينهم من أكبر شيخ حتى أصغر فلاح فشجاعة الدرزي خارقة مذهلة وإيمانه بالتقمص والعودة إلى الحياة مرة ثانية بعد الموت بوضع أفضل إذا مات دفاعاً عن الوطن يجعلانه يحتقر الموت . خاصة وإنهم يؤمنون بالأجل المحتوم لإيمانهم بالآية الكريمة * فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون*.
وفي الكتاب الذهبي قال منير الريس: والدروز يؤمنون بأن الشهيد في معارك البطولة حي عملاً بقول الآية الكريمة * ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون *.
ومن العيب ان تذرف على من نال مرتبة الشهادة الدموع , انهم يكتمون أحزانهم في قلوبهم ويبدون في المصائب غير هلعين ولا وجلين فهم عرب أقحاح يحافظون على المآثر الكريمة ومن مآثرهم العربية الكرم والشجاعة والإباء وحماية الجار , وهم لا يخضعون لزعمائهم خضوعاً أعمى فالزعيم المحترم لا بد له أن يكون مبرزاً على أقرانه بالكرم والشجاعة والمروءة, وهم مؤونهم ويشترون بأثمانها البنادق والعتاد الحربي ليجاهدوا في سبيل الله وأولاده وأمه وأباه وأهله ويخرج لقتال العدو القوي, فيموت شهيداً ويغمض عينه وهو يهتف باسم وطنه وحرية أمته العربية ووحدتها.
ويقول المؤرخ الفرنسي (بيجه ده سان بيير): الدروز قوم طيبوا السريرة نيرو الفكر ذوو مشاعر محببة ولهم قامات كبيرة وهم يتمتعون بقوة غريبة وخفة فائقة صبورون نشيطون مستقيمون أمناء إنسانيون يتمسكون بمثلهم لا يخالفون وعداً ولا يغدرون ويقابلون إخلاص الناس لهم بإخلاص مماثل وهم شجعان بواسل ماهرون في استعمال الأسلحة, وهم أصحاب بشاشة وانس وأخلاقا رضية واستقبالاً مهذباً وديعاً, وهناك شعور متأصل أيضاً في قلب هذا الشعب الغيور على مبادئه وشهرته, والعدو اللدود للغدر المتمسك بالشرف حتى الموت.
وقال المؤرخ (بورون): إن روح الدرزي المفرط في العبادة والتصوف مضافة إلى قوة عضلاته تؤلف منه في ساحة الهيجاء مقاوماً عظيماً, وإن غطرسته وحب التظاهر بقوته تمكنانه من على اقتحام أردأ الأمور, وإن تعجرفه لا يقاس بغيره, وإنه لأجل الهيجاء بالرغم من حبه للدراهم يضحي بثروته وبكل ما يملكه من متاع الدنيا غير آسف عليهما.
ويصفهم أحد الشعراء الانكليز بأنهم: شجعان أشداء أباه ذوادون عن الحرية وهذه المنازل الملتفعة بالعواطف , ومنازلهم انهم وحدهم , بينما كل من حولهم يركع ضارعاً خائفاً للسيف العثماني يعلمون راية الطغاة ذات الهلال الشاحب أن تخاف الغضبات الوطنية من اسنة رماح الجبل.
ويقول محمد كرد علي:"يخاف جيرانهم بأنهم يلقنون أولادهم الشجاعة والفروسية فيأتون شجعاناً أقوياء محافظون على العادات والتقاليد السامية والأخلاق العربية من إباء ووفاء وحسن عشرة وكرم وحسن وفادة ولكن الهزات التي تعرضوا لها من تقلبات عهود الاستعمار والأساليب التعسفية التي عقبته ونكران الجهاد على أصحابه قد أصابت خصائص الشجاعة عند الكثيرين بالانتكاس , وخفف من بأسهم وكونهم للدعة والسكينة كالسيف إذا طال بقاءه في غمده ركبه هذا الصدا.
وقد قال أحد الأميركيين: إننا لا نسمع عن الدروز شيئاً حتى تكون الثورات والحروب في هذه البلاد فنسمع حينئذ عن شجاعتهم وعن كرمهم وما يشبه الأساطير , وحينما يسيرون للقتال يرددون الأناشيد الحماسية التي تهون عليهم الموت.
16/10/2009, SwaidaNet
0 تعليقات::
إرسال تعليق