الأربعاء، 18 مايو 2011

مذكرات بوش: الرئيس الأميركي طلب إعداد خطة لضرب إيران.. ومستشاروه انقسموا

مذكرات بوش: الرئيس الأميركي طلب إعداد خطة لضرب إيران.. ومستشاروه انقسموا

قال: فقدت الثقة بشرودر عندما غير موقفه من حرب العراق.. والمستشار الألماني يرد: لم يقل الحقيقة


كشف جورج دبليو بوش، الرئيس الأميركي السابق، في مذكراته التي صدرت أمس في كتاب حمل عنوان «قرارات حاسمة» عن أنه كان قد أمر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بإعداد خطة لضرب إيران، كما كشف عن أنه فقد الثقة في المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر على خلفية انقلابه ضد بوش في حرب العراق، وأنه لم يستطع استعادة علاقات طيبة معه مرة أخرى.
وقال بوش في المذكرات التي تقع في 497 صفحة: إنه كان يخطط للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، ويوضح لقد «طلبت من وزارة الدفاع دراسة ما يمكن أن يكون ضروريا لتوجيه ضربة عسكرية»، تهدف إلى «إيقاف العد التنازلي لإنتاج القنبلة (النووية)، ولو مؤقتا». غير أن مستشاري الرئيس السابق حاججوا بأن تدمير المشروع النووي «الذي يعتز به النظام الإيراني» قد يمد يد العون للمعارضة الإيرانية، غير أن مستشارين آخرين عبروا عن خشيتهم من أن خطوة كهذه، أي توجيه ضربة عسكرية، قد تزكي المشاعر الوطنية لدى الإيرانيين ضد الولايات المتحدة.

وكان هناك خياران آخران أمام إدارة بوش لدراستهما، الأول خوض مفاوضات مباشرة مع النظام الإيراني، الأمر الذي استبعده بوش، قائلا إن الحوار مع طاغية نادرا ما يكون نافعا للديمقراطيات، أما الخيار الثاني فكان الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية، بالتزامن مع الحوار مع إيران، وهو الخيار الذي لجأ إليه.


وقال بوش في مذكراته: إن «الخيار العسكري (ضد إيران) كان مطروحا دائما على الطاولة، لكنه كان خياري الأخير»، وأضاف أنه ناقش جميع الخيارات مع حليفه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي كان قد كشف في مذكرات نشرها في وقت سابق من العام الحالي أنه كان يميل إلى الخيار العسكري. ويقول بوش «كان هناك أمر واحد ثابت، وهو أن الولايات المتحدة لن تسمح أبدا لإيران بتهديد العالم بقنبلة نووية». وفي حوار نشرته صحيفة «التايمز» البريطانية أمس، أشار بوش إلى قضية الإيرانية سكينة محمدي أشتياني، المحكوم عليها بالرجم حتى الموت بتهمة الزنى وقتل زوجها، قائلا: إن «حكومة غير منبثقة عن إرادة الشعب، من الصعب محاسبتها على سجلها في خروقات حقوق الإنسان.. من الممكن أن تكون إيران أفضل لو كان هناك نموذج إيراني للديمقراطية.. هم (السلطات) يتصرفون وكأنهم نظموا انتخابات، لكنهم حفنة من رجال الدين يقررون من يديرها (الحكومة)»، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي جرت العام الماضي وفاز فيها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، إلا أن المعارضة قالت إنه تم تزويرها.

وفي سياق آخر، كتب الرئيس الأميركي السابق حول علاقته بالمستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر، وكيف فقد الثقة فيه، على خلفية انقلابه ضده في مسألة حرب العراق، وأنه لم يستطع استعادة علاقات طيبة معه مرة أخرى.

وناقش بوش في المذكرات، العلاقة الصعبة التي كانت تربطه بشرودر، حيث يقول بوش: إن المستشار الألماني السابق أكد له بشكل خاص أنه يساند سياسته في العراق، إلا أنه غير موقفه حتى يعاد انتخابه في عام 2004. وقاد شرودر ورئيسا فرنسا وروسيا، آنذاك، جاك شيراك وفلاديمير بوتين، المعارضة الدولية لجهود الولايات المتحدة الدبلوماسية الرامية إلى حشد التأييد لغزو العراق.

وقال بوش، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية: «باعتباري رجلا يقدر الدبلوماسية الشخصية، فإنني أعلق أهمية كبيرة على الثقة.. ولكن عندما تنتهك هذه الثقة، يصبح من الصعب استعادة العلاقة البناءة مجددا». غير أن شرودر أعتبر أن الرئيس الأمريكي السابق «لم يقل الحقيقة»، مؤكدا، في بيان، بشأن إتهامه بالنفاق في القضية العراقية «كما حصل في اللقاءات التالية مع الرئيس الأمريكي، قلت بوضوح أن ألمانيا ستكون وفية إلى جانب الولايات المتحدة إذا ما تبين أن العراق كما سابقا أفغانستان شكل ملاذا ونقطة انطلاق لمقاتلين من القاعدة». وتأثرت العلاقات الأميركية - الألمانية بشكل كبير بسبب حرب العراق. وصار الوضع أكثر قسوة عندما شبهت مسؤولة ألمانية بوش بأدولف هتلر، وهي الرواية التي تداولتها وسائل الإعلام الألمانية في سبتمبر 2002.

ويقول بوش عن التصريح الذي نسب إلى وزيرة العدل الألمانية، آنذاك: «شعرت بالصدمة والغضب، وكان من الصعب تصور إهانة أبلغ من أن يقارنك مسؤول ألماني بهتلر». واستقالت وزيرة العدل الألمانية هيرتا دويبلر جميلين لاحقا، إلا أنها أنكرت الإدلاء بهذه التصريحات خلال اجتماع مع ممثلي الاتحادات العمالية، ووصف شرودر استقالتها بالملائمة.

واشنطن - لندن: «الشرق الأوسط» الأربعاء 10 نوفمبر 2010


بوش رأى في حرب صيف 2006 "فرصة لتوجيه ضربة كبيرة لحزب الله"

Image
الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في مكتبه بمدينة دالاس يوقع كتابه "نقاط القرار" الذي نزل إلى الأسواق أمس. (أ ب)

أكد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في مذكراته بعنوان "نقاط القرار" الكثير مما كتب عن قراراته المتعلقة بلبنان وسوريا وفلسطين وإيران خلال رئاسته، مثل قوله إن جذور القرار 1559 تعود إلى اقتراح للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك لمساعدة لبنان والضغط على سوريا لسحب قواتها من لبنان، واقتناعه بأن الأدلة الناتجة من التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري "تظهر أن هناك مؤامرة سورية" وراء الاغتيال. كما أن بوش لا يخفي أنه رأى في حرب صيف 2006 بين إسرائيل و"حزب الله"، "فرصة لإسرائيل كي توجه ضربة كبيرة إلى حزب الله والذين يرعونه في إيران وسوريا"، لأنه مقتنع بأن الحزب مسؤول عن تفجير مقر مشاة البحرية الأميركية "المارينز" في لبنان عام 1983 وتفجير برج الخبر في السعودية وهو مركز إقامة جنود أميركيين عام 1996، إلى هجمات أخرى.
ويشير إلى أنه أصيب بالخيبة نتيجة الأداء العسكري السيئ لإسرائيل ولأن إسرائيل ضيعت هذه الفرصة، ولان رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت "أخطأ" عندما أعلن أن سوريا لن تكون هدفا للضربات الإسرائيلية.
ويضيف أنه فكر جديا في قصف منشأة في سوريا قالت الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية إنها نووية بعدما طلب منه ذلك أولمرت، وإنه عدل عن ذلك لأن أجهزة الاستخبارات الأميركية لم تعط صورة متكاملة عن البرنامج النووي السوري. وبعدما قصفت إسرائيل عام 2007 المنشأة ودمرتها، يؤكد بوش في مذكراته أن أولمرت "لم يطلب ضوءاً أخضر، وأنا لم أعطه مثل هذا الضوء".
ويصف بوش، وأحيانا تفصيلاً، المناقشات والخلافات في التوجهات والآراء بين مساعديه الكبار في هذه المسائل، إذ يؤكد المواقف المتشددة لنائبه ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد.
ويذكر أن جذور القرار 1559 تعود إلى اجتماع عقده مع شيراك في باريس في بداية حزيران 2004، عندما قال له شيراك إن هناك دولتين ديموقراطيتين في الشرق الأوسط "واحدة قوية، إسرائيل والأخرى هشة، لبنان". ويوضح أن شيراك اقترح التعاون "لمنع سوريا من السيطرة على لبنان، فوافقت فوراً". إن الفرصة حانت عندما قرر الرئيس السابق إميل لحود "وهو ألعوبة في يد سوريا" تمديد ولايته، الأمر الذي أدى إلى رعاية أميركا وفرنسا للقرار 1559 في مجلس الأمن. وبعد أن يشير إلى أن سوريا تعاملت مع القرار بتحد ستة أشهر، بدأ الوضع بالتغير بعد اغتيال الرئيس الحريري. وبعد أسابيع من الضغوط الفرنسية والأميركية على سوريا وبعد تظاهر نحو مليون لبناني في 14 آذار 2005، "تلقى السوريون الرسالة" وبدأوا بالانسحاب من لبنان. وفي رأي بوش أن "ثورة الأرز" كانت من أبرز نجاحات "أجندة الحرية" التي أعلنها في خطاب تنصيبه الثاني حين دعا إلى دعم الإصلاح والديموقراطية في العالم العربي.
ويعرب عن خيبته لأن الإسرائيليين خلال حرب 2006 شنوا هجمات لا قيمة عسكرية كبيرة لها، مثل قصفهم أهدافاً في شمال لبنان، وكيف غطت شبكات التلفزيون في المنطقة صور الدمار. ويقول أن أولمرت اخطأ عندما أعلن أن إسرائيل لن تهاجم سوريا، ذلك أن "أبعاد خطر الرد العسكري أفلت سوريا من الفخ وشجعها على مواصلة دعمها لحزب الله".
ويلفت إلى أن مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى التي أيدت الهجوم الإسرائيلي أول الأمر بدأت في الأسبوع الثاني تدعو إلى وقف النار، وهو موقف متباين مع مواقف بوش الذي يقول "أردت أن اكسب الوقت لإسرائيل لإضعاف قوات حزب الله، وأردت أيضا أن ابعث برسالة إلى إيران وسوريا، بأننا لن نسمح لهما باستخدام التنظيمات الإرهابية جيوشاً تعمل نيابة عنهما لمهاجمة الديموقراطيات بحصانة". لكنه يضيف أن "إسرائيل، ويا للأسف، زادت الأمور سوءا" عندما قصفت بناية سكنية في قانا وقتلت 28 مدنيا، أكثر من نصفهم أطفال. ووصف بوش رئيس الوزراء اللبناني آنذاك فؤاد السنيورة بأنه كان "غاضبا" والقادة العرب دانوا بشدة أعمال القتل "التي غطتها شبكات التلفزيون في الشرق الأوسط على مدار الساعة".
وعقد بوش بعد قصف قانا جلسة لمجلس الأمن القومي لمناقشة استراتيجية أميركا، و"الخلافات داخل الفريق كانت حامية، وقال ديك تشيني: علينا أن نترك الإسرائيليين ينهون حزب الله. وردت عليه كوندي (كوندوليزا رايس) : إذا فعلت ذلك فإن أميركا ستصير ميتة في الشرق الأوسط ". وقد أوصت رايس بالسعي إلى الحصول على قرار من مجلس الأمن يدعو إلى وقف النار ونشر قوات دولية . ويلاحظ بوش بان خياري تشيني ورايس ليسا مثاليين". وفي المدى القريب أردت أن أرى حزب الله ومؤيديه يتعرضون لأضرار كبيرة، وفي المدى البعيد كانت استراتيجيتنا هي عزل إيران وسوريا بطريقة تقلص نفوذهما وتشجع التغيير من الداخل".
ويعتبر أن حرب إسرائيل على "حزب الله" كانت لحظة محورية" في الصراع العقائدي" في المنطقة، ويقول في مقطع يدعو إلى الاستغراب "وخرجت الديموقراطية الفتية في لبنان أقوى مما كانت لأنها اجتازت الامتحان. أما النتائج بالنسبة إلى إسرائيل فإنها كانت مختلطة، فقد أضعفت حملتها العسكرية حزب الله وساعدت على تأمين حدودها. وفي الوقت عينه فإن الأداء الإسرائيلي العسكري المتضعضع كلفها صدقيتها الدولية". وينهي بوش الفصل المتعلق بهذه الحرب بما يعتبره "اعتذارا" من الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله إذ قال للبنانيين إنه لو كان يعلم بحجم الرد الإسرائيلي العسكري لما كان قام بعملية خطف الجنود الإسرائيليين.
ويروي أنه بعد مؤتمر أنابوليس في 2007، أجريت مفاوضات مباشرة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإيهود أولمرت أدت إلى اقتراح سري من أولمرت لعباس يقضي بإعادة معظم الأراضي في الضفة الغربية وغزة، وإنشاء نفق بين الضفة والقطاع والسماح "لعدد محدود" من اللاجئين بالعودة إلى إسرائيل، واعتبار القدس عاصمة مشتركة للدولتين، ووضع الأماكن المقدسة في عهدة لجنة غير سياسية من الشخصيات. وقد نوقشت ترجمة هذا العرض إلى اتفاق علني، بما في ذلك قيام أولمرت بزيارة واشنطن "وإعطائي العرض وديعة"، على أن يقبل عباس العرض باعتباره يخدم مصالح الفلسطينيين. لكنه ختم بأن التحقيقات القضائية في إسرائيل بالتهم الموجهة إلى أولمرت بالتلاعب بالأموال عندما كان رئيسا لبلدية القدس، أدت في النهاية إلى استقالته.

واشنطن - من هشام ملحم - النهار 10 نوفمبر 2010



اتهامات لبوش بسرقة مقاطع من كتب ومقالات في مذكراته

ناشر الكتاب يرفض الاتهامات ويقول إن التشابه يعكس الدقة


وجهت اتهامات للرئيس الأميركي جورج بوش بأن كتاب مذكراته الذي طرح في الأسواق قبل أيام، يحوي مقاطع منقولة من كتب ومقالات صحافية. وأبرز موقع «هافينغتون بوست» على موقعه الإلكتروني، مقاطع من كتاب بوش هي نفسها مكتوبة في كتب أخرى، من بينها لقاء بين الرئيس الأفغاني حميد كرزاي وزعيم من الطاجيك. وذكر الموقع نقاط التشابه في الكتابة بين ما جاء في كتاب بوش، وما كتبه الصحافي أحمد رشيد عن حفل تنصيب كرزاي، وهو حفل لم يشارك فيه بوش. وكتب بوش في مذكراته التي حملت عنوان «نقاط القرار»: «فيما مشى كرزاي على الطريق الإسفلتي وحده، سأل زعيم طاجيكي بكل عجب أين كل رجاله. فرد كرزاي: لماذا، يا جنرال، أنت رجالي. كلهم أنتم. الأفغان رجالي». وفي القصة التي كتبها رشيد عن اللقاء، والتي نشرت في عدد من مراجعات الكتب في نيويورك، كتب: «فيما صافح الرجلان بعضهما على الطريق الإسفلتي، بدا الزعيم الطاجيكي متعجبا. وسأل: أين هم رجالك؟ فاستدار كرزاي ليواجهه وقال بطريقته الجذابة بالحديث: لماذا يا جنرال؟ أنت رجالي، كلكم أفغان، وكلكم رجالي». وعرض الصحافي في «هافينغتون بوست» ريان غريم، لعدد آخر من الأمثلة قارن فيها بين روايات ذكرها بوش في كتابه، وروايات أخرى نشرت في كتب أخرى أو صحف. وكتب غريم: «هدف كتابة المذكرات هي أنها رواية الكاتب للأحداث كما يتذكرها. كتاب بوش هو مجموعة لروايات أشخاص آخرين للأحداث، ما يطرح علامات استفهام حول ما يذكره عن ذلك الوقت».

وبعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، أطلع المسؤولون العسكريون بوش على المعركة في أفغانستان، وكتب بوش في مذكراته عن ذلك: «الخيار الثاني كان أن ندمج ضربات صواريخ كروز (طائرات من دون طيار) بهجوم بطائرات حربية (يحركها أشخاص)... الخيار الثالث والأكثر عدوانية، كان استعمال طائرات الكروز والطائرات الحربية وجزمات على الأرض». أما ودوورد فقد ذكر في كتابه نصا شبيها، وقال: «الخيار الثاني جمع بين ضربات صواريخ كروز وهجمات بطائرات حربية... الخيار الثالث والأكثر صلابة كان ضربات صواريخ كروز، ومقاتلات وما صار واضعو الخطط يسمونه جزمات على الأرض». ورفض «كراون»، ناشر كتاب بوش، الاتهامات. وقال إن التشابه يعكس دقة المذكرات. وكتبت صحيفة الـ«تيليغراف» البريطانية أمس، أن المعلقين الجمهوريين رفضوا هذا النقد، وقالوا إنه لا يمكن اتهام بوش بممارسة السرقة الأدبية لأنه يروي الأحداث بكلماته، حتى ولو كانت الأحداث نفسها منشورة في أماكن أخرى. وقالت دانا لوش، وهي ناشطة في حزب الشاي ومحررة موقع «الصحافة الكبيرة»، إن بوش كان فقط يكرر أحداثا تمت روايتها من قبل أشخاص مثل بوب ودوورد، من كبار الصحافيين الأميركيين، وكان قابل بوش لكتاب كان يحضره حول حروب بوش.

لندن: «الشرق الأوسط» 15 نوفمبر 2010



سنة العراق وشيعته.. ورؤية بوش!

في مذكرات (قرارات حاسمة) يعترف الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، بأنه لم يتنبأ بعواقب قرار حل البعث، حيث يقول «رحب الشيعة والأكراد في العراق - اللذان يشكلان الغالبية بين السكان - بالتخلص من صدام. لكن الأوامر كان لها أثر نفسي لم أتنبأ به، حيث اعتبرها الكثير من السنة مؤشرا على أنه لم يعد لهم مكان في مستقبل العراق. وانطوى هذا الموقف على خطورة، خاصة فيما يتعلق بالجيش، حيث جرى إخطار آلاف الجنود بأنه لم يعد مرغوبا فيهم. وبدلا من الانضمام للمؤسسة العسكرية الجديدة، انضم الكثيرون منهم للمتمردين».
ويقول «كان يتعين عليّ الإصرار على مزيد من المناقشة لأوامر جيري (بول بريمر)، خاصة بالنسبة للرسالة التي سيحملها قرار حل الجيش، وكيف ستؤثر سياسة حل حزب البعث على الكثير من السنة». مضيفا: «وبمرور الوقت اتضح أن برنامج حل حزب البعث، الذي أشرف عليه أحمد جلبي، الذي قضى فترة طويلة بالمنفى، ترك تداعيات أعمق مما حسبنا، بما في ذلك تأثيره على أعضاء الحزب من المستويات الوسطى مثل المدرسين».
ثم يضيف، وهنا مربط الفرس، «كانت قرارات صعبة، وكان من شأن أي بديل لها خلق مجموعة أخرى من المشكلات. لو كان الشيعة قد خلصوا إلى أننا غير جادين في إنهاء حقبة الحزب البعثي، ربما كانوا سينقلبون ضد التحالف ويرفضون هدف بناء عراق موحد ديمقراطي، ويدخلون في تحالف مع إيران».
والسؤال الآن بعد كل هذه السنوات: هل ابتعد بعض ساسة العراق، وتحديدا الأحزاب الشيعية عن إيران؟ الإجابة: لا! أول من أمس صرح مسؤول إيراني لصحيفتنا بأن طهران لا تشعر بالرضا عن الاتفاق السياسي بالعراق، لأن الحكومة التوافقية التي سيرأسها نوري المالكي «من غير المتوقع أن تعمل بالطريقة نفسها التي كانت تعمل بها الحكومة السابقة.. ربما سيكون أمامها عقبات.. ربما تجبر على التسامح مع البعثيين». هذا التصريح الإيراني، ناهيك عن أفعال طهران، تظهر أن الأميركيين كانوا ضحية خدعة من حلفاء إيران من المعارضة العراقية، كما كان الأميركيون ضحية سطحية بوش نفسه، وانسياق إدارته خلف المشاعر التي تشكلت بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية. فمن يقرأ مذكرات بوش سيلاحظ أنه بات لا يرى العالم إلا من زاوية 11 سبتمبر فقط، حيث توقفت الساعة بالنسبة له هناك، خصوصا أن بوش كان رئيس عزلة قبل الأحداث الإرهابية، وليس ذا نزعة خارجية، وهذا ما استغله حلفاء إيران من المعارضة العراقية، مع حماقة واضحة من نظام صدام حسين.
وإلى اليوم، يبدو أن الأميركيين لا يستوعبون خطورة إيران وحلفائها في العراق، وعن ذلك يقول لي شخصية عراقية وطنية كبيرة، تعليقا على مفهوم الأكثرية والأقلية، بأن الأميركيين لم يتنبهوا إلى أن «السنة، وإن كانوا أقلية، فإنهم يتصرفون بعقلية الأكثرية، بينما الشيعة، وإن كانوا أكثرية، فإنهم يتصرفون بعقلية الأقلية.. السنة يريدون عروبة العراق واستقلاليته، بينما بعض القيادات الشيعية تريد التبعية لإيران». وهذا بيت القصيد!


طارق الحميد- الشرق الأوسط - 24 نوفمبر 2010 

0 تعليقات::

إرسال تعليق