الثلاثاء، 17 مايو 2011

العرق مثنى ومثلث ولكن في كفرمشكي... مربّع

الكركة التي تستعمل لصناعة العرق. (س. م.)
من المعروف أن بلدة كفرمشكي في منطقة راشيا حاملة درع تصنيع العرق البلدي المستخرج من افخر أنواع العنب الذي تتميز به هذه البلدة، لاهتمام أهلها الخاص بالشأن الزراعي، وخبرتهم الطويلة في هذا المجال. أما في راشيا الفخار في حاصبيا فيعمد البعض كل سنة إلى تأمين مؤونتهم من هذه السلعة، إلى جانب دعم وضعهم المادي في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد مع بعض الفوارق لجهة الإمكان والواقع والاهتمام.

الحصول على عرق باب أول. (أرشيف "النهار")
للوقوف على هذه الطريقة البدائية التي يتم بها تحويل العنب عرقاً قصدنا رئيس بلدية كفرمشكي سليم رشيد يوسف، حيث يحلو له أن يجري هذه العملية الممتعة لاستخراج العرق من عناقيد العنب، خاصة المثنى منه والمثلث، فقال: "بعدما ينضج العنب تماماً يتم قطفه وجمع المحصول من مختلف أصناف العنب البلدي، وبعد ذلك يتم عصره بواسطة آلات معدة لهذه الغاية. ثم يوضع العصير في أوعية من البلاستيك أو الستانلس لمدة 20 يوماً على الأقل، ومن ثم يوضع العصير في كركة من النحاس أو الستانلس لتقطيره بواسطة الموقد والنار، حيث يتحوّل بداية إلى سبيرتو، وبعد أن يستريح لفترات مختلفة ومتفاوتة، "وفق ما يحلو لصاحب العلاقة".

بعد "الاستراحة" تبدأ عملية تقطير السبيرتو فتضاف كمية من مادة اليانسون وبمعايير محددة طبعاً. وبعد انتهاء العملية نحصل على مادة العرق العادي، وإذا أردنا الحصول على عرق أفضل نعيد تقطير العرق على النار، كما في المرة الأولى، فنحصل على العرق المثنى وهو أفضل وأجود من العرق العادي الذي استخرجناه في المرحلة الأولى. أما إذا أردنا الحصول على عرق باب أول فعلينا إعادة تقطير العرق المثنى لنحصل على العرق المثلث، والمعروف لبنانياً بأنه أجود أنواع العرق على الإطلاق، ويضيف الريس "غير المدمن على شرب العرق" إنما يصنّعه كهواية ورثها عمن سبقوه، أن "غالون" العرق الذي يوازي ثلاث عبوات عادية يزيد سعره عن الـ 50 ألف ليرة، وكلما طال الزمن طاب، تماماً كما النبيذ، أما النصيحة في هذا المجال فجاءت من السيد المسيح "قليل من الخمر يفرّح قلب الإنسان"...

عرق كفرمشكي

وفي كفرمشكي التقت "النهار" أحد أعرق مصنّعي العرق البلدي طوني أيوب، الذي شرح لنا كيف تتم هذه الصناعة وإلى من يعود تاريخها في البلدة فقال: "أن ذلك يعود إلى القرن التاسع عشر، وكان الناس يهتمون أكثر من اليوم لأنه لم يكن هناك عرق مصنع تجارياً. كان في البلدة ستة كركات، واستمرت الحال على هذا المنوال حتى الخمسينات من القرن الماضي حين بدأنا بتطوير آلية التصنيع ليترفع العدد إلى 12 كركة، والتي لا زالت تعمل جميعها حتى اليوم بسبب مضاعفة زراعة كروم العنب في الحقول المحيطة بالبلدة إلى درجة عالية وكبيرة، حتى أصبح عنب كفرمشكي موصوفاً ومميزاً في الوطن والمغتربات، خاصة في البرازيل وكندا حيث يوجد أبناء من البلدة، والذين بدأوا بالهجمة باكرا إلى تلك الديار، مذكراً بأن 12 مواطناً من كفرمشكي قضوا على ظهر الباخرة تايتانيك في العام 1912 ونجت سيدة توفيت منذ سنوات قليلة".

يتم التصنيع بالطرق المعروفة، فيحوّل عصير العنب سبيرتو بعد غليه على النار، ومن ثم يستريح في أوعية خاصة لأكثر من 20 يوما وبعدها يتم استخراج العرق منه بأنواعه الثلاثة كما هو معروف. ويضيف أيوب: "في كفرمشكي هناك عرق مربع، وهو أكثر جودة من المثلث وأغلى ثمنا، ولا يوجد منه في الأسواق، أما نحن فنستخرجه للمرة الرابعة "مونة للبيت"، وقدم لنا مثلا عن كمية العرق التي تستخرج من 10 طن عنب فقال: تصل إلى 500 ليتر، وكل 3 ليترات (ألفية) يصل سعرها إلى 50 دولارا ومعظمها يشحن إلى المغتربات".

ويكشف أيوب عن أنهم يفضلون أن يبيعوا محاصيلهم من العنب من دون تحويلها سبيرتو لأنها تعطي وفراً أكثر، "أما ما يكسد من العنب وكي لا نخسره يتم تحويله سبيرتو وبالتالي عرقاً".

سعيد معلاوي – النهار - الأحد 15 أيار 2011 - السنة 78 - العدد 24389

0 تعليقات::

إرسال تعليق