الأربعاء، 10 أغسطس 2011

يساريو المسيحيين: الأغلبية في المنازل... والبقية بين الأجنحة المتكسّرة.. «حزب الأرثوذكس».. صار مضطهـداً بين أبنائه

يساريو المسيحيين: الأغلبية في المنازل... والبقية بين الأجنحة المتكسّرة (1)
«حزب الأرثوذكس».. صار مضطهـداً بين أبنائه

اجتماع منظمة الشيوعي في الشوير في العشرينيات
عام 1974، في الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، «فلشت» القيادة نشاطاتها الاحتفالية على رقعة مناطق نفوذها كافة، بما فيها الأشرفية. وقتذاك، تواجه الخصمان «اليساري» و«اليميني»، في عقر دار حزب «الكتائب»، تارة ديموقراطياً، وطوراً عنفياً. خشي الكتائبيون تمدد «الحمر» طالبياً، تنظيمياً واجتماعياً. وقتذاك، دوّن الحزب الشيوعي في سجلات التنسيب الحزبية، من أبناء الأشرفية، ما يوازي ضعفي الحضور الكتائبي في الجناح الشرقي للعاصمة.
لتلك المنطقة رمزيتها في الوجدان اليساري، تعاكس الصورة «اليمينية» التي طغت فيما بعد، عليها. في نهاية الأربعينات، كانت الأشرفية الخزّان البشري للحزب الشيوعي، و«منبت» أبرز رجالاته. كثيرة هي الأسماء التي تثبت القول بالفعل، وتضفي على المشهد لوناً أحمر، غير مألوف بالنسبة لبعض المسيحيين.
في المنطقة ذاتها، وبعد أكثر من سبعين سنة، لا تزال الهيكلية الحزبية قائمة، ولكنها أشبه بـ«هيكل عظمي» يفقد، يوماً بعد يوم، أجزاءه. مركز الجاذبية معطّل، والأعضاء إلى مزيد من التفكّك. والنتيجة، الأغلبية التنظيمية من الشيوعيين عموماً، ومسيحييهم خصوصاً، ينكفئون عن العمل الحزبي، في منازلهم.
قبل الحرب اللبنانية، كان لمفهوم «اليسار» حتى في الأوساط غير المسيّسة، مدلولات خاصة، هو صاحب الأفكار التغييرية، الثورية، الأممية، النضالية... بتقدير بعض أهله «المعترضين»، هو اليوم فاقد للهوية، بغياب القضية الجامعة، على المستويين الوطني والاقتصادي - الاجتماعي، فيما انتهى «المركز»(الأممي) الجاذب الى غير رجعة.
منذ انطلاقته لبنانياً، لم يستهدف الحزب الشيوعي منطقة دون الأخرى، أو طائفة دون الأخرى، وإنما خاطب شرائح طبقية واجتماعية محددة تتقاسمها كلّ البيئات. لكن الانفتاح الثقافي الموروث تاريخياً عن أجيال الاستعمار، ساهم في تقديم الوسط المسيحي «خميرة» في الاندفاعة الجماهيرية الشيوعية. لتلك المعادلة حيثياتها المرتبطة بالتواصل التاريخي بين المسيحيين عموماً، والأرثوذكس خصوصاً، والغرب عموماً، وروسيا القيصرية خصوصاً. معظم الأمناء العامين الذين تولوا قيادة الحزب كانوا مسيحيين، يوسف إبراهيم يزبك (1924- 1925)، فرج الله الحلو (1954- 1959)، نقولا الشاوي (1964- 1979)، (1979- 1983 رئيساً)، جورج حاوي (1979- 1993). القيادة المسيحية كانت مفتاح العبور إلى الساحات الأخرى.

بين الأرثوذكس وروسيا القيصرية

العلاقة الأيديولوجية والسياسية تاريخياً مع روسيا السوفياتية كدولة أرثوذكسية عظمى، مع أرمينيا السوفياتية، ومع الحزب الشيوعي الفرنسي (لا سيما تحت الانتداب الفرنسي)، عامل عزّز من مكانة الحزب الشيوعي لدى المسيحيين، لا سيما الأرثوذكس، الأرمن والأقليات، وسمحت بانتشاره بين صفوفهم، وباستقطاب بعض النخب المثقّفة من الموارنة والكاثوليك. لكن بين الأرثوذكس واليسار علاقة عضوية تاريخية، لدرجة وصف الحزب الشيوعي بـ«حزب الأرثوذكس»، ويقال مثلاً إنه في ثلاثينيات القرن الماضي، كان كاهن بلدة بتغرين يقيم الصلاة على نيّة ستالين، فيما بعض الأهالي كانوا يرسمون المنجل والمطرقة في حدائقهم، ارتباطاً بروسيا الأرثوذكسية!
وإذ شكّل الجمهور الشيعي الخزان الأساسي للحزب الشيوعي في عصره الذهبي (الستينيات والسبعينيات)، كما اليوم، لارتباط أجندته العقائدية والاجتماعية - الاقتصادية باهتمامات هذه البيئة وهمومها، فإن الجمهور المسيحي كان الرافد الثاني حجماً في تزخيم حضوره الشعبي.
في جردة تاريخية للبصمة المسيحية على الرقعة اليسارية عموماً، والشيوعية خصوصاً، لا بدّ من الوقوف لدى محطات رمزية لها دلالاتها، وتركت أثرها على نمو هذه الحركة وازدهارها لبنانياً. في عام 1924، كان اللقاء الأول للمؤسسين للحزب الشيوعي في بلدة الحدث، قلب المتن الجنوبي. معظم الحاضرين كانوا من أبناء الطوائف المسيحية، فؤاد الشمالي، يوسف إبراهيم يزبك، خيرالله خيرالله وغيرهم.
صلتا رحم اثنتان شدّتا الوسط المسيحي إلى الأفكار الشيوعية، التواصل الطبقي - العمالي، لا سيما أن معامل «الريجي» كانت تتمركّز في منطقة بكفيا وضواحيها، والتواصل الثقافي الذي منح جبل لبنان ميزة انفتاحية مع تنشّقه هواء الثورات التي قامت في العالم. في أول احتفال علني للحزب في الأول من أيار، الذي جرت وقائعه عام 1924 في سينما «كريستال» في ساحة البرج، كان اللون المسيحي لعمّال «الريجي» طاغياً على الجمهور.
ثلاثينيات القرن الماضي، شهدت استشهاد فرج الله الحلو أميناً عاماً، بعدما كانت أولى منظمات الحزب تولد في انطلياس، التي ستتلّون لاحقاً بالأحمر، على يد قبلان مكرزل، سليم بوكرم وغيرهم، وهي التي ستقّدم ، في 12 نيسان 1936، أول شهيديْن شيوعييْن، نمر الرموز وحبيب دياب، خلال تظاهرة مطلبية للسائقين.
خلال معركة الاستقلال، كان الحزب في صفوف المناضلين، لا بل شارك أرتين مادويان وفرج الله الحلو وجورج حنا في اجتماعات «سكرتيريا» المؤتمر الوطني للتحرّك النضالي لاستعادة القادة المعتقلين، بموازاة حركة انتشار واسعة كان الشيوعيون قد سجّلوها في البيئة المسيحية.
بين العامي 1948 و1955 صارت «الماركسية» تهمة تلحق القمع والاعتقال بمن ألصقت به، وذلك بفعل الصراع المحتدم بين الاتجاه الناصري والتوجه الشمعوني، الملازم لتحريض طائفي مركّز على الوسط المسيحي، كان على حساب الموجة اليسارية في تلك البقعة.

أولى محطات الافتراق

في تلك الأيام زرعت أولى بذور التباعد بين الأفكار الشيوعية والمنطق المسيحي، في الوقت الذي بدت فيه البيئات الأخرى، المسلمة تحديداً، أكثر قابلية للتفاعل مع الخطاب اليساري، في خياره العربي والمقاوم الذي تجلّى في مهمة «الحرس الشعبي» التي ارتضاها لنفسه في تلك الفترة، وفرضت طابعاً علنياً لحركته، لا سيما في نهابة الستينيات، وإن لم يستحصل على العلم والخبر إلا في ايام كمال جنبلاط وزيراً للداخلية عام 1970.
تأثيرات أحداث الـ1958 لم تقطع حبل الودّ بين المنطق الشيوعي في شقّه الاجتماعي، والشارع المسيحي، ولم يشعر الأول بخصومة الثاني في معارك المستأجرين، إفلاسات المصارف، وغيرها من القضايا الاجتماعية - المعيشية.
بعد نكسة الـ68، تراكمت الملفات التباعدية بين الفريقين، وزادت تعقيدات العلاقة. صراع «الحلف» و«النهج» أرخى مناخاً طائفياً، على حساب الفكر اليساري العلماني، واستخدمت القضية الفلسطينية كمتراس لبث مناخ تحريضي طائفي.
عشية الحرب، صارت البيئة المسيحية غير ملائمة للأفكار الشيوعية، فتباطأت حالات الانتساب، لتتوقف كلياً خلال المعارك بين أبناء الوطن الواحد. الكثير من الشيوعيين المسيحيين هرّبوا من مناطقهم، لا سيما تلك المكشوفة عسكرياً، بعضهم الآخر «اعتزل» النشاط الحزبي العلني، والبعض الآخر انضم إلى صفوف الخصوم ليلعب دور «جيمس بوند». في سن الفيل، الدكوانة، انطلياس، المتن الأعلى، البترون، الكورة وغيرها من المناطق، «صمد» الحزب إلى حين دخول القوات السورية. لم «تسقط» مواقعهم إلا بفعل تغيير موازين القوى، وإنكفاء «الحركة الوطنية».
بعد عشرين سنة من «الاضطهاد»، يعود الشيوعي محمياً بدرع «الطائف» ولكنه عاجز عن سدّ الفجوة الزمنية، مفتقداً للجسم الفتي في تنظيمه، إن بفعل العمر، أو الهجرة، أو غياب الحماسة. هنا يحمّله بعض اليساريين، مسؤولية تاريخية، لتفويت فرصة ذهبية، بسبب فشل القيادة في ملء الفراغ الذي أحدثه تراجع التنظيمات المسيحية الأخرى، وفي استثمار نقمة الشارع على قادتهم، نتيجة عدم إقدامها على اتخاذ مبادرات جدّية تعيد «النفوذ الأحمر» إلى قلب جبل لبنان المسيحي.
...وما النتائج التي حققها الحزب الشيوعي بالأمس خلال الانتخابات البلدية، في واحد من «أقدم معاقله»، المتن الشمالي، إلا دليل إضافي على تراجع حضوره، على الرغم من المبررات التي تقدمها القيادة، والمتصلّة بضيق الوقت و«سلق» الاستحقاق، بشكل لم يسمح للقوى «غير السلطوية» بتجهيز نفسها لخوض المعارك.

كلير شكر - السفير 19/6/2010

يساريو المسيحيين: الأغلبية في المنازل... والبقية بين الأجنحة المتكسّرة ـ2
شيوعيون يبحثون عن جاذبية مفتقدة.. ولا يذوبون

المؤتمر الثالث: في عز حضور اليسار
مع انتهاء العشرية الأولى على ولادة «وثيقة الوفاق الوطني»، تقلّص الوجود اليساري، والشيوعي استطراداً، في المناطق المسيحية، بشكل فاقع، لا سيما على مستوى القواعد، في مشهد لم يكن مختلفا عن الساحات الأخرى. ولكن ماذا حلّ بالشيوعيين؟ وأين هم؟.
يقول بعض الشيوعيين أن عديد الحزب في العام 1975 بلغ 19 ألف عضو، وتراجع في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى أرقام تتجاذبها الأجنحة اليسارية، تنتشر على مساحة الوطن، أصيبت الشريحة الأكبر منهم بالإحباط، بفعل سلسلة النكسات التي لحقت بهم، والذي أجلس البعض منهم في منازلهم، ليكونوا شيوعيين بالفكر، أما الممارسة فتقتصر على بعض المحطات الموضعية، صندوق انتخابي أو تظاهرة مطلبية أو موقف سياسي عابر أو محطات حنين متفرقة.
التمدّد الشيوعي على الرقعة المسيحية إلى انحسار، علماً بأن المناخ المسيحي يبدو اليوم وبحسب القيادة الحالية، «غير عدائي»، كما كان أثناء الحرب الأهلية وبعدها، تجاه الأفكار «الماركسية» و«الشيوعية». إذ أن تعددية الحزب الشيوعي تساهم في التخفيف من وطأة الضغط على أصحاب الفكر اليساري في تلك البقعة.
هنا، يتوقف أكثر من شيوعي عند حالة تقاطع تمثلها طروحات العماد ميشال عون مع اليسار، شريحة كبيرة من مسيحيي «ماركس» أيّدوا اللوائح «البرتقالية» في أكثر من استحقاق انتخابي، دون أن يتحول ذلك الى انخراط في المنظومة العونية تنظيمياً. إلا أن لا شك فيه أن البيئة الحاضنة للحزب الشيوعي، صارت موقع التقاء مع «التيار الحر». تعترف القيادة الشيوعية بهذا الواقع، لتزيد أن أفكار العماد عون ساهمت في إزالة بعض السوداوية عن الصورة اليسارية التي تكونت بفعل الحرب في الوسط المسيحي، ولتؤكد أن حالة الاشتباك هذه، تقف عند هذا الحدّ.
في حسابات القيادة، فإن مقارنة الوضع الراهن مع العصر الذهبي (1965- 1973)، تظهر التراجع الدرامي، لتعترف أن الانتسابات إلى صفوف الحزب من أبناء الطوائف المسيحية خجولة جداً، إلا أنها لم تنقطع أبداً. وذلك لأسباب عدة، معظمها برأي القيادة، خارج عن السيطرة وغير ذاتي. تبدأ بالأزمة التي تضرب الوطن، ولا تنتهي بالضخ الطائفي الدائم المخاطب للغرائز، والذي زاد من تقلّص مساحة المنطق التي يتكّل عليها الحزب الشيوعي للوصول إلى الجمهور. كما أن أسلوب التعاطي الرسمي يزيد أحيانا من عوامل الإقصاء والتضييق بدل الجذب والانفتاح، أضف إلى عوامل العمر، الهجرة، والابتعاد التنظيمي.
كان لأحداث السنوات الخمس الأخيرة تأثير مباشر على الحالة التنظيمية الشيوعية، أصابتها بالصميم، نتيجة الاصطفاف السياسي الذي لم يوفّر الحزب العابر للطوائف والمناطق، من تداعياته، وقد سبقت تلك المحطة السوداوية، انشقاق القيادي الياس عطالله ومجموعته من «اليسار الديموقراطي» (نحو 100 كادر مسيحي من أصل 300)، لتتوسّع حالة التشقق مع «حركة الانقاذ الشوعي» التي اصطفت أيضا إلى جانب قوى 14 آذار، فيما بدت القيادة الرسمية أقرب ما تكون إلى قوى المعارضة، إضافة إلى «شبيبة جورج حاوي» برئاسة رافي مادويان الذي انتقل من صفوف حركة التجدد الديموقراطي الى المعارضة وربما يسار المعارضة دفعة واحدة.
في اعتقاد شيوعيين من خارج التركيبة المركزية، أن الأزمة ليست في صفوف القواعد الشعبية اليسارية ولا في غلبة المناخ الطائفي فقط، وتهميشه لعمل اليساريين، وإنما الاشكالية تكمن في ضعف القيادة الشيوعية وسوء الإدارة، كما ضبابية الخطاب، وغياب الدينامية في المناطق المسيحية، إذا لم نقل انعدام الحضور وطغيان النزعة الانطوائية، وعدم التمكّن من نسج تحالفات سياسية. في حين يذهب البعض الآخر إلى حدّ القول هي أزمة الحزب الشيوعي أولاً، وأزمة البديل اليساري ثانياً.
ولكن رغم الانهيارات والصدمات، من سقوط «الحركة الوطنية» إلى الانقسام الطائفي والمذهبي، وسيطرة الفكر الأصولي في العالم، لم تشهد الساحة اليسارية حالة تحوّل من اليسار إلى اليمين، «باستثناء «اليسار الديموقراطي» الذي لم يبق من يساريته الا اسمه فيما كان في محطات عدة أقرب الى واشنطن من دمشق وأقرب الى معراب من الرابية وأقرب الى قريطم من حارة حريك... باستثناء ذلك وبعض الحالات الفردية. ومنها حالة الحركة اليسارية اللبنانية التي كانت «تعبيرا درزيا أو جنبلاطيا»، في لحظة الاشتباك السياسي الحاد، فان المناخ اليساري لم يشهد حالات نافرة بل ظل ثابتا بالمعنى السياسي.
المتن الذي حافظ على بعض «اللمسات الحمراء» في لوحته الموزاييكية، وأعطى خلال انتخابات 1996 أكثر من خمسة آلاف لرافي مادويان، لم يشذ عن قاعدة الانكفاء التنظيمي للشيوعيين، بعدما توجّه قسم منهم باتجاه التوظيفات العامة، حيث كان ميشال المرّ عرّاب هذه الحركة، رغم الحساسية التي كان يكّنها للقيادة، إلا أنه نجح في التغلغل في صفوف العائلات المتعاطفة مع اليسار. وقد ساعد المرّ أكثر من 30 خريجاً من جامعات أوروبا الشرقية في الانخراط في السلك الإداري. يذكر هنا أنه من أصل 34 ألف خريج من الجامعات «الاشتراكية»، 440 منهم من المتن. هذه المنطقة صارت اليوم موضع تجاذب بين التنظيمات اليسارية الرسمية و«الرديفة»، إذ في حين تؤكد «حركة الانقاذ» أن جمهورها المتني يفوق حجم جمهور القيادة الشرعية، تقدّر أوساط رسمية أن حجم اليسار المتني بكلّ تفريعاته، لا يتخطى الـ3000 صوت فقط. أما بالنسبة لـ«اليسار الديموقراطي» فيرتكز جمهوره في منطقة الشمال عموماً وبعض الضاحية والجنوب.
وفي تقدير بعض اليساريين أن مجموع الأصوات اليسارية المسيحية في لبنان أو المؤيدة لليسار، يقارب أكثر من خمسة عشر ألف صوت، وإن لم يظهر ذلك من خلال دراسة دورة انتخابية واحدة بسبب تراجع الترشيحات اليسارية في الدوائر المسيحية، أو بسبب إحجام الناخبين اليساريين عن المشاركة الاقتراعية لأسباب حزبية أو لغياب الحماسة. وإذا اقترع عام 2009 نحو 500 ألف مسيحي، فإن قوة اليسار الانتخابية تقارب ما نسبته 3% في الوسط المسيحي.

كلير شكر - السفير 22 حزيران

0 تعليقات::

إرسال تعليق