الثلاثاء، 26 يوليو 2011

من تحذيرات كمال جنبلاط: «الأرض لم يعد أمامها سوى ثلاثين عاماً من الوجود»

بمناسبة ذكرى ميلاد كمال جنبلاط أتطرق إلى الحدس البيئي الذي كان يتمتع به «المعلّم» والتنبؤات المرتكزة على حقائق علمية ثابتة... وأتمنى على القارئ الكريم ألا يتفاجأ بالعنوان الرئيسي لهذه المقالة... لأنه وبعد كل المحرمات والتعديات التي يقوم بها الإنسان بحق الطبيعة وبحق التوازن البيئي بات حكماً علينا أن نضع أمام ناظرينا الأسئلة التالية ببعدها البيئي ونجتهد حتى نصل إلى الأجوبة المقنعة التي تشكل القاعدة الصلبة لخلق وعي بيئي يشكل درعاً واقية أمام التعديات المستقبلية حفاظاً على هذا الكوكب...

وهذه الأسئلة على سبيل المثال لا الحصر: هل نعرف خصائص الهواء الذي نتنفسه؟ ما هو تلوث الهواء وما هي مصادره؟ ما هي الآثار الصحية لملوثات الهواء؟ ما هي الأمطار الحمضية وآثارها وكيف تتكون؟ ماذا يمكن أن يحدث إذا تآكلت طبقة الأوزون؟ ما هو الاحتباس الحراري؟ ما هي الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري؟ ماذا سيحدث إذا ارتفعت درجة الحرارة على سطح هذا الكوكب؟ ماذا يعني بروتوكول مونتريال وبروتوكول كيوتو؟ ماذا يعني التلوث الإشعاعي وما هي آثاره؟ ما هو اليورانيوم المستنفد؟ وما تعني جريمة الأميركيين في استعماله في العراق والإسرائيليين في لبنان؟ ماذا يعني تلوث المياه؟ ما هي الآثار الصحية لتلوث المياه؟ ماذا يعني التلوث البحري؟ كيف يحدث تلوث البيئة البحرية بالنفط؟ ماذا يعني التصحر؟ ماذا يعني تدهور الأراضي الزراعية؟ ما هي الآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تدهور التربة؟ ما هي فائدة الغابات؟ ما هي الآثار البيئية والاقتصادية المترتبة على إزالة الغابات؟ ماذا يعني التنوع البيولوجي؟ ماذا تعني المحميات الطبيعية؟ ماذا تعني النفايات الصلبة؟ ماذا تعني المبيدات الكيميائية؟ وما هي آثارها البيئية؟
أكتفي بهذا القدر من الأسئلة لأثير حشرية القارئ وحدسه وخوفه من انهيار واختفاء هذا الكوكب!
لقد جاء في كتاب أدب الحياة لكمال جنبلاط صفحة 150: «إن الجنس البشري قد يكون في حالة اضطراب وخطر أكثر مما نستطيع أن نتصور ذلك. ويمكن أن لا يدرك الإنسان هذا الخطر ألا بعد أن يكون قد تجاوز به نقطة اللا رجوع، أي حيث لا يعود يفيد أي تدبير؟!» ويقول «المعلم» في الصفحة 151: «نحن في الحقيقة نلعب بأنفسنا وبالبشرية لعبة الروليت الروسية. فإننا نستمر في وضع كيماويات جديدة في البيئة المحيطة، من دون أن نختبر النتيجة التي يمكن أن تسفر عنها. فإذا إحدى هذه المواد الكيميائية أحدثت تسمماً شاملا للجراثيم الصانعة النيتروجين، فإن الإنسان لا يعود يستطيع أن يتنشق الهواء في شهيقة وزفيرة». أي بكلمة، تعود الأرض إلى الظروف التي كانت عليها قبل ولادة هذا اللون من الحيوان ذي الرئة والألبان الذي يتوج سلالته الإنسان».
ويحدد كمال جنبلاط مصادر التلوث، سابقا عصره بعدة عقود وكأنه يعيش أيامنا الحالية:
ـ دخان المصانع والمعامل والغازات المنبعثة من مداخنها في الهواء، الدخان والغازات المنبعثة من السيارات، السوائل المعدنية والنفايات الناجمة عن عمل المصانع، الأدوية الزراعية والمبــيدات الكيمــيائية وفصل الصيد وتهشيمه (حسب تعبيره) للطبيعة، النفايات الذرية، النفايات الصلبة، ويأتي على مثل مرعب صفحة 159: سنة 1971 رمى الأميركيون في الولايات المتحدة خمسين ملياراً من الأواني ذات الصفائح، وثلاثين ملياراً من الأواني الزجاجية وأربعة ملايين طن من البلاستـيك وأكثر من مليون جهاز تلفزيون، وتسعة ملايين سيارة يتركونها في كل مكان، ويتحدث عن التلوث البصري والسمعي بطريقة مسهبة وتحليلية!
وصولا إلى الجملة التي شكلت عنوان هذه المقالة وهي في الصفحة 150 قائلا: «يجمع فريق كبير من العلماء الذين اجتمعوا في الولايات المتحدة انه إذا استمر هذا التصاعد في تلويث الأجواء والأنهار والبحيرات والبحار، فإن الأرض، كحاملة للطاقة الحية وكذلك الإنسان لم يعد أمامها سوى ثلاثين سنة من الوجود، وإن كوكبنا بأسره مهدد، على الأقل إلى فترة طويلة، بأن يتحول إلى كوكب ميت..!».
وأخيراً ألا يتقاطع هذا التخوف الذي أبداه المعلم قبل عدة عقود مع ما جرى في الكون كله من خوف على هذا الكوكب وأن يجتمع مئة وتسعون دولة ولأول مرة في التاريخ لمعالجة الاحتباس الحراري وطرق المعالجة حفاظاً على كوكبنا وذلك من خلال مؤتمر كانكون؟
أردت من خلال تسليط الضوء على الحدس البيئي الذي كان يملكه «المعلّم» أن يرتوي شعبنا بشكل عام بهذا الوعي البيئي المتقدم السابق لعصره! ويبقى السؤال المصيري: هل سيبقى أم يزول هذا العالم حسب تنبؤ كمال جنبلاط؟؟

محمود الأحمدية - السفير 25/1/2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق