الاثنين، 4 يوليو 2011

دراسة لكلية الصحة في الجامعة الأميركية رصدت محتوى الترسبات والتربة .. مياه الليطاني الملوثة تؤثر على الإنسان وتساعد في انتشار الأمراض السرطانية

رصد للمرة الأولى وجود معادن ثقيلة في مياه الليطاني مصدرها المواد المخصبة والمبيدات المستخدمة في الزراعة ومياه الصرف الصناعي مثل الـCadmium Manganese Barium إلى مواد أخرى. وإلى نسب تركيز الأملاح والمعادن الثقيلة في التربة، رصد للمرة الأولى أيضا وجود Cadmium، زرنيخ، ونحاس ونيكل، كروم وزئبق وManganese في التربة. علما أن تراكم هذه المواد في جسم الإنسان له تأثير على الجهازين العصبي والهضمي والقلب والكلى، وتعتبر من العناصر المساعدة في انتشار الأمراض السرطانية، فضلا عن أثرها على الثروة الحيوانية.
هذا أخطر ما ورد في دراسة أعدتها دائرة البيئة الصحية في كلية الصحة في الجامعة الأميركية في بيروت، في إطار مشروع دعم مصلحة الليطاني لتطوير خطة متكاملة لإدارة الحوض تموله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
رئيسة الدائرة الدكتورة مي الجردي عرضت مضمون الدراسة في ندوة "حول مياه الليطاني: واقع وحلول"، نظمتها السبت الماضي "حركة وعي" في قاعة محاضرات غرفة زحلة والبقاع، وتركزت على تقييم وضع الحوض الأعلى لليطاني بين الـ2010 و2011 مقارنة بنتائج دراسات أجريت منذ 20 عاما.

نتائج مؤلمة

وفي النتائج، مقارنة بعام 2005 أظهرت تمدد نقاط التلوث من المنطقة الوسطية إلى الحوض الأعلى حول منطقة زحلة (كثافة سكنية). علما أن نقاط المياه الأكثر تلوثا هي: حزين، رياق الفرزل، أبلح، المرج، تعنايل، عميق، ديرزنون وجب جنين. ونجمت مصادر التلوث عن استخدام الحفر الصحية غير الضابطة التي ترشح المواد الكيميائية والميكروبيولوجية وعن تلوث الينابيع والآبار وتصريف المياه المبتذلة في الأنهر. وفيما أحصيت على الورق 25 محطة في كل المناطق، فإن العاملة منها فعليا لا يتعدى الثلاث.
في مقابل النقص الحاد في مياه النهر ووجود تحويلات غير شرعية لمياهه والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية وانعدام الرقابة على شبكات التوزيع، أظهرت الدراسة ارتفاعا في مستويات التلوث الجرثومي الناجمة عن مياه الصرف الصحي المنزلي، وارتفاع مستوى المواد العضوية في مقابل خفض الأوكسجين إلى أدنى من ميللغرامين/ الليتر (تحتاج الأسماك إلى 5 ميللغرامات للعيش) بما يهدد البيئة الإيكولوجية ويفضي تاليا إلى مياه سوداء ذات رائحة كريهة بسبب أكسدة المواد العضوية في غياب الأوكسجين. ومقارنة بدراسات مصلحة الليطاني في 2005، زاد الطلب على الأوكسجين من المواد العضوية 11 مرة، مما يشير إلى أن نسبة التلوث زادت كثيرا.
استخدام هذه المياه الملوثة جرثوميا في الري يعني توزيع الجراثيم في كامل الحقل، وبسبب بوجود نسب بيكاربونات عالية في المياه، تظهر نقاطا بيضاء على أوراق الخضر. كذلك، فإن الري من هذه المياه التي تحوي أيضا نسبا عالية من الأملاح وإضافة المزارعين للمخصبات والمبيدات لزراعاتهم، عوامل تساهم في تدهور التربة وانخفاض قدرتها على تسريب المياه وتراجع المحاصيل الزراعية، فتختنق جذور النباتات وتتصلب بذارها.
ولا يقتصر ارتفاع نسبة التلوث على نهر الليطاني بل امتد إلى بحيرة القرعون. فبعدما أظهرت الدراسات بين 1995 و2005 أن مياه المنطقة الوسطية الممتدة من مصب النهر إلى نحو 3،6 كيلومترات تعتبر جيدة والأسلم لضخ المياه من البحيرة، أظهرت دراسة 2010-2011 أن النوعية الجيدة للمياه اختفت نتيجة عدم تشغيل محطات المعالجة المنشأة وقيد الإنشاء على البحيرة، وتاليا باتت المجارير التي ربطت بالمحطات تصب في النهر بما أدى إلى تغيير نوعية البحيرة. وأظهرت النتائج المخبرية تركيزا للمعادن في ترسبات البحيرة بنسب عالية. علما أن تشغيل هذه المحطات من شأنه أيضا تخفيف نسب الفوسفات والنيترات التي تزيد نسبة الطحالب في البحيرة.
يذكر أنه في خلال 6 أشهر من السنة يكاد لا يصل نهر الليطاني إلى البحيرة، فيختفي ليعود ويظهر بدءا من صغبين تغذيه الينابيع في المنطقة. وتاليا، فان المياه التي تختزن في البحيرة ناتجة في معظمها عن تجميع الأمطار وجريانها. لكن ما يحصل شتاء أن محتوى النهر ينتهي في البحيرة، وتشكل الأمطار عاملا تخفيفيا في تركز التلوث. لكن في الوقت عينه، فان درجة الحموضة في تكوين مياه الأمطار تذيب المعادن الثقيلة وتنقلها، والدليل على انتشارها العثور على نسب غير مقبولة منها في عينات من الينابيع والآبار.

حلول

أما في شق الحلول التي اقترحتها الدراسة، فقد حفظها البقاعيون عن "ظهر قلب"، وما ينقصها ليس التمويل بل "العزم والإرادة على تطبيقها" وفق الجردي. لهذا، شكلت الندوة صدمة إيجابية لدى المجتمع المدني تدفعه إلى التحرك لإنقاذ حوض الليطاني.
يذكر أن فريق العمل جمع عينات لمياه النهر وترسباته وللتربة والآبار والينابيع في الحوض وقناة الري لمشروع 900، ومصادر الصرف الصحي المنزلي والصناعي، من نقاط حددت على أسس علمية وغطت الحوض من النقطة الأولى التي يمكن رؤية الليطاني فيها في السعيّدة إلى كامل بحيرة القرعون. وأخضعت العينات (أكثر من 165 عينة) إلى تحليل مخبري فيزيائي وميكروبيولوجي. وأجرى الفريق مسحا للقرى والمدن في الحوض التي يفوق عددها الـ 60، وجمع المعطيات عن السكان ومصادر مياه الشفة ونوعيتها، وطرق تصريف المياه المبتذلة على أنواعها والنفايات الصلبة. وقارن أخيرا نتائج التحاليل المخبرية بالمعطيات الميدانية لمصادر التلوث.

زحلة – دانييل خياط – النهار 4 تموز 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق