الثلاثاء، 7 يونيو 2011

هيلين توماس: بوش أسوأ رئيس وأوباما ضمير بدون شجاعة

لبنانية عايشت 10 رؤساء وأرقت البيت الأبيض بأسئلتها وإلحاحها الصحافي

هيلين توماس لـ«السفير»: بوش أسوأ رئيس وأوباما ضمير بدون شجاعة


صورة
أوباما يفاجئ هيلين توماس بكعكة خلال الاحتفال بعيد ميلاده الـ47، والذي يصادف الاحتفال بعيد ميلادها الـ89، في البيت الأبيض في 4 آب الماضي (عن الإنترنت)

فيها تواضع قوي وبرودة بسيطة وعروبة حرة تحملها من شوارع طرابلس. تريد من المستقبل أن يحفظ عنها أسئلتها الصعبة التي طاردت الرؤساء. تخجل من المديح وتراه تأبيناً مبكراً، الحوار معها سهل ممتنع بأجوبة مباشرة تختصر المطوّلات ورسائل تروي تجاربها مع واشنطن.

57 عاماً في مهنة المتاعب عملت فيها الصحافية الأميركية من أصل لبناني هيلين توماس مع عشرة رؤساء أميركيين من جون كينيدي إلى باراك أوباما. كانت أول امرأة تحتل مقعداً في نادي الصحافة القومية بعدما فتح بابه أمام النساء في الستينيات وبعدها أول امرأة رئيسة لجمعية مراسلي البيت الأبيض العام 1975. غطت اغتيال كينيدي وسقوط ريتشارد نيكسون وخيانات بيل كلينتون الذي قال عنها يوماً «الرؤساء يأتون ويرحلون، لكن هيلين هنا منذ 40 عاماً».
صدر لهيلين توماس مؤخراً كتاب جديد تحت عنوان «اسمع سيدي الرئيس: كل شيء أردت دائماً أن يفعله ويعمله رئيسك»، بالتعاون مع الصحافي كريغ كراوفورد، حيث يسترجع الكتاب روايات ودروساً و«نهفات» عن البيت الأبيض، وما تتطلبه الرئاسة من مهارات شخصية وسياسية. تقول توماس في حديث مع «السفير» حول الدافع وراء كتابها «لدينا رئيس جديد وتغيير تاريخي في الرئاسة لناحية وجود أول رئيس اسود، هذا كتاب ممتع في محاولة لإعطاء نصيحة إلى الرئيس نعتقد أنها عادلة ومتوازنة».
لا تتردد عند سؤالها عن رأيها بالرئيس الحالي باراك أوباما «ضمير حي لكن لا شجاعة»، وتستطرد «يجب أن يكون لدينا برنامج تأمين حكومي، يجب علينا أن نخرج من أفغانستان... ما كان علينا الذهاب إلى العراق، علينا أن نخرج من هناك أيضا، ليس لدينا حق أن نكون في بلدهم».
تعلق على الصراع الدائر بين الليبراليين والمحافظين بالقول «الديموقراطيون في السلطة، يفترض من الديموقراطيين أن يكونوا ليبراليين، الكثير منهم للأسف نسي ذلك، لأنهم يأخذون أموال الحملات الانتخابية من شركات التأمين».
معها الحديث يتحول دائماً إلى الشرق الأوسط لشغفها بهذه المنطقة ولرغبة مهنية باستدراجها. تقول عن سياسة إدارة أوباما في الشرق الأوسط «اعتقد أنها فظيعة، إنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. كان مفترض منهم أولا تجميد الاستيطان والآن يساومون مع إسرائيل قليلاً هنا وقليلا هناك، يؤجلون لعام فيما يسمحون ببناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية، يطردون العرب خارج بيوتهم لقرن من الزمن. هذا خطأ، سيكون دائماً خطأ، سيكون من الخطأ بالنسبة إلى الإسرائيليين أن يحصل ذلك».
تروي توماس أن والدها جاء من مدينة طرابلس إلى كنتاكي في العام 1890، لينضم إلى أخويه في هذه الولاية الجنوبية، قبل أن يعود إلى طرابلس العام 1903 ليتزوج والدتها التي كانت أيضا من المدينة ليعودا معاً ويستقرا في «ضيعة صغيرة» في كنتاكي تدعى وينشستر حيث ولدت توماس في 4 آب 1920. انتقلت العائلة بعدها إلى مدينة ديترويت العام 1924 لمواكبة الازدهار الاقتصادي الناتج عن بروز صناعة السيارات في ولاية ميتشيغان، حيث كان لوالدها محل بقالة وعمل قليلاً في العقارات ليساعد عائلة من تسعة أولاد على تجاوز فترة «الركود الكبير» في الثلاثينيات.
عن أثر أصلها العربي على نظرتها إلى السياسة الأميركية، تقول توماس «بدون شك جميعنا يتأثر بمن نحن، بالطبع أتحدّر من خلفية عربية ومن المؤكد لديّ تعاطف عظيم مع ما يحصل للعرب، الأرض تؤخذ منهم والمياه تؤخذ منهم، منازلهم دمّرها غرباء من كل أنحاء العالم». وتضيف «العرب لم يتماسكوا معاً بشكل كاف، لديهم الكثير من الدكتاتوريات، وإذا اهتموا ببعضهم البعض، لما استسلموا».
وتذكر توماس أنها شعرت بالتمييز المزدوج في مهنتها لكونها امرأة وكونها من أصل عربي، لكنها تؤكد «أشعر أنني أميركية، وإذا تحداني احدهم، حقي أنني ولدت هنا واني اتبع الدستور والمهنة التي أرغب بها».
قالت عن بوش يوماً «إنني أغطي أسوأ رئيس في التاريخ الأميركي» خلال حديث خاص مع صحافي قام بنشره في كانون الثاني 2003. بعدها بشهرين، لم يوجه بوش الكلام لتوماس لأول مرة منذ أربعين عاماً لتطرح كالعادة سؤالها الأول، فكتبت رسالة اعتذار إلى بوش لكنه لم يتجاوز الأمر إلا بعد ثلاث سنوات في مؤتمر صحافي في آذار 2006 دخل تاريخ المهنة.
حينها أشاد بوش مازحاً بأداء هيلين في حفل عشاء قامت فيه بتأدية أغنية ساخرة عن طموحات هيلاري كلينتون الرئاسية قبل أن يطلب منها أن تطرح سؤالها، فردّت «ستتأسف على هذا الأمر»، أردف قائلاً «حسناً إذاً، دعيني أسحبه». فتابعت وسألت « لماذا فعلاً قمنا بغزو العراق؟ كل سبب حول الحرب على العراق أعطي علناً على الأقل، قد تبين أنه ليس صحيحاً» قبل أن تقول أن بوش أراد غزو العراق «من اللحظة التي دخل فيها إلى البيت الأبيض». فردّ بوش «الافتراض أنني أردت الحرب هو مخطئ تماماً هيلين، مع كل احترامي».
تؤكد هيلين لـ«السفير» أنها لا تندم «قطعاً على الإطلاق» أنها وصفت بوش بأنه «أسوأ رئيس في التاريخ الأميركي»، وترى انه فشل «في كل المجالات، من السياسة الخارجية حيث قام بغزو بلد لم يفعل شيئاً له وأحرجنا (بفضيحة) التعذيب، ما كان يوما لنا هذه السمعة من قبل، ربما فعلنا مثل هذا الأمر من قبل لكن ليس شيئاً كهذا». وتتابع «حرمنا من حقوقنا المدنية ولام كل شيء على أحداث 11 أيلول، وضع الناس في السجون بدون تهم ومحاكمات وأحكام لسنوات. انه طغيان إنساني ووحشية».
قوة هيلين أنها تتجرأ على النقد الذاتي وترى أن الإعلام الأميركي دخل في موت سريري بعد أحداث 11 أيلول ولم يخرج منها إلا العام 2006، وبالتالي لم يطرح تساؤلات عن قضايا أساسية تتعلق بالحريات المدنية وقرار غزو العراق.
وتوجّه هنا رسالة إلى زملائها في الصحافة اللبنانية والعربية قائلة «ابحثوا عن الحقيقة، أحيانا قد يكون ثمنها باهظاً لكنها تستحق العناء». وتتابع «العالم العربي يستحق الحقيقة والناس ستتفاعل مع هذا الأمر، عليهم بالتأكيد السعي إلى ديموقراطية حقيقية لكن عليهم أيضا أن لا يتسامحوا مع المياه والأرض التي تؤخذ منهم».
مع كينيدي كان الحب الأول والتفاعل الأول بين البيت الأبيض والإعلام الأميركي، مع رئيس كان لديه كاريزما استثنائية عرف استثمارها. كانت هيلين تنتظر لساعات في الشتاء، بدون هاتف خلوي حينها ولا بث تلفزيوني حي، أمام منزل كينيدي بعد انتخابه حيث تعرفت هناك على كل أعضاء إدارته، حتى كينيدي دعاها يوماً إلى المنزل لشدة القلق عليها من البرد القارص في الخارج، وكانت بداية هيلين توماس. المتحدث الرئاسي في عهد كلينتون جورج ستيفانوبولوس أغلق أبواب البيت الأبيض أمام الصحافيين وذكر في كتابه لاحقاً انه اتخذ هذا القرار بسبب إصرار توماس على طرح الأسئلة الصعبة فجر كل يوم.
قدمت استقالتها من وكالة «يو بي آي» للأنباء في العام 2000 بعد 57 عاماً من العمل مع الوكالة، بعدما اشترتها شركة يملكها قس كوري محافظ، بحيث اعتبرت أن هذا التغير في الملكية «جسر بعيد» بالنسبة لها، قبل أن تنضم إلى أسرة صحيفة «هيرست» حيث لديها عمودها الخاص. في حرب تموز 2006 على لبنان، تحدت المتحدث باسم البيت الأبيض الراحل توني سنو بالقول «الولايات المتحدة ليست مغلوبة على أمرها لهذا الحد. كان من الممكن لها أن توقف القصف على لبنان. لدينا هذا القدر من السيطرة مع الإسرائيليين. لقد ذهبنا إلى العقاب الجماعي ضد كل من لبنان وفلسطين، وهذا هو الاعتقاد السائد عن الولايات المتحدة».
هي لا تساوم على شيء، لا استقلاليتها ولا سعيها إلى الحقيقة والعدالة، ترتدي دائما بذلتها السوداء وتطلي أظافرها بالأحمر مع خواتم حول أصابعها وأساور حول ذراعيها، كان زملاؤها يلقبونها بـ«البوذا الجالس» لصفائها في الجلوس عند طرح الأسئلة، كان لها تقليد بدأ مع كينيدي بحيث وقعت بصوتها نهاية كل مؤتمر صحافي رئاسي بالقول «شكراً سيدي الرئيس».
حين سألتها كيف تريد أن تذكر يوماً، ضحكت طويلاً وأخذت وقتها في التفكير لتقول «أود أن اذكر كشخص طرح الأسئلة المهمة وبحث عن الحقيقة».

جو معكرون واشنطن:assafir 19/11/2009

‏هيلين توماس... امرأة شهدت على العصر فقالت كلمتها واستقالت‏


هيلين توماس

على اليهود أن ينصرفوا من فلسطين وأن يعودوا إلى بيوتهم في ألمانيا وفي بولندا".... لا ليس عربياً ضاق ذرعاً من إسرائيل من قال هذه الجملة التي تحمل الكثير من الدلالات بل من امرأة أبت أن تكون عادية وعملت لمدة 57 عاماً في مهنة المتاعب مهنة الصحافة وفي قلب البيت الأبيض الأميركي .....

الصحافية الأميركية من أصل لبناني هيلين توماس والتي عملت مع عشرة رؤساء أميركيين من جون كينيدي إلى باراك أوباما. كانت أول امرأة تحتل مقعداً في نادي الصحافة القومية بعدما فتح بابه أمام النساء في الستينيات، وبعدها أول امرأة رئيسة لجمعية مراسلي البيت الأبيض العام 1975. غطت اغتيال كينيدي وسقوط ريتشارد نيكسون وفضائح بيل كلينتون الذي قال عنها يوماً الرؤساء يأتون ويرحلون، لكن هيلين هنا منذ أعوام كثيرة .

هيلين توماس تقد م استقالتها...

وها هي المراسلة الأقدم في البيت الأبيض تقدم استقالتها اليوم من مؤسسة صحف هيرست، في أعقاب دعوتها للصهاينة بمغادرة فلسطين والعودة من حيث أتوا.

وأثارت المراسلة الأقدم في البيت الأبيض عاصفة في الولايات المتحدة، بعد أن صرحت بأنه "على "اليهود" أن ينصرفوا من فلسطين والعودة إلى بيوتهم في ألمانيا وبولندا".

وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية قد نقلت يوم السبت الواقعة، مشيرة إلى أن توماس، التي تحتفل بعيد ميلادها الـ 90، وتعتبر جزءاً لا يتجزأ من البيت الأبيض منذ العام 1961، صرحت بذلك لأحد المواقع الإلكترونية، على هامش احتفال أجراه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في إطار ما يسمى بـ"شهر التراث اليهودي". كما هاجمت توماس إسرائيل بشدة، وذلك على خلفية المجزرة التي ارتكبتها ضد أسطول الحرية.

وخلال الاحتفال سئلت توماس عن رأيها "بإسرائيل"، فأجابت مباشرة: "ليخرجوا من فلسطين إلى الجحيم". وعن الشعب الفلسطيني أجابت: "هؤلاء تحت الاحتلال وهذا وطنهم.. فلسطين ليست ألمانيا ولا بولندا". ولدى سؤالها "إلى أين سيذهب اليهود؟"، أجابت "ليعودوا إلى وطنهم إلى بولندا وألمانيا، إلى الولايات المتحدة، إلى أي مكان آخر".

وعلم أنه بعد نشر تصريحاتها هذه ارتفعت المطالبات باستقالتها. وكان على رأس المطالبين آري فليشر، وهو يهودي وناطق بلسان البيت الأبيض خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.

كما علم أنها وصفت الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في هجومها على أسطول الحرية في مطلع الأسبوع الحالي بـ"المجزرة"، وذلك رداً على سؤال وجه إليها في البيت الأبيض.

هيلين توماس .... تقول كلمتها وتمضي:

هيلين توماس تقول كلمتها وتمضي لم تتأخر يوماً عن البوح بمكنوناتها ولم تخف يوماً حبها وتعاطفها مع العرب, لا تتردد عند سؤالها عن رأيها بالرئيس الحالي باراك "أوباما ضمير حي لكن لا شجاعة".

كما تؤكد هيلين في مقابلة لها مع صحيفة السفير اللبنانية أنها لا تندم قطعاً على الإطلاق أنها وصفت بوش بأنه "أسوأ رئيس في التاريخ الأميركي"، وترى أنه فشل "في كل المجالات، من السياسة الخارجية حيث قام بغزو بلد لم يفعل شيئاً له وأحرجنا (بفضيحة) التعذيب، ما كان يوماً لنا هذه السمعة من قبل، ربما فعلنا مثل هذا الأمر من قبل لكن ليس شيئاً كهذا".

قوة هيلين أنها تتجرأ على النقد الذاتي وترى أن الإعلام الأميركي دخل في موت سريري بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر ولم يخرج منها إلا العام 2006، وبالتالي لم يطرح تساؤلات عن قضايا أساسية تتعلق بالحريات المدنية وقرار غزو العراق.

قد وجّهت توماس سالفاً رسالة إلى زملائها في الصحافة اللبنانية والعربية قائلة "ابحثوا عن الحقيقة، أحيانا قد يكون ثمنها باهظاً لكنها تستحق العناء". وأضافت "العالم العربي يستحق الحقيقة والناس ستتفاعل مع هذا الأمر، عليهم بالتأكيد السعي إلى ديموقراطية حقيقية لكن عليهم أيضا أن لا يتسامحوا مع المياه والأرض التي تؤخذ منهم".

هيلين توماس... من مدينة طرابلس إلى كنتاكي:

والد هيلين توماس جاء من مدينة طرابلس إلى كنتاكي في العام 1890، لينضم إلى أخويه في هذه الولاية الجنوبية، قبل أن يعود إلى طرابلس العام 1903 ليتزوج والدتها التي كانت أيضا من المدينة ليعودا معاً ويستقرا في "ضيعة صغيرة" في كنتاكي تدعى وينشستر حيث ولدت توماس في 4 آب 1920. انتقلت العائلة بعدها إلى مدينة ديترويت العام 1924 لمواكبة الازدهار الاقتصادي الناتج عن بروز صناعة السيارات في ولاية ميتشيغان، حيث كان لوالدها محل بقالة وعمل قليلاً في العقارات ليساعد عائلة من تسعة أولاد على تجاوز فترة الركود الكبير في الثلاثينيات.

عن أثر أصلها العربي على نظرتها إلى السياسة الأميركية، تقول توماس "بدون شك جميعنا يتأثر بمن نحن، بالطبع أتحدّر من خلفية عربية ومن المؤكد لديّ تعاطف عظيم مع ما يحصل للعرب، الأرض تؤخذ منهم والمياه تؤخذ منهم، منازلهم دمّرها غرباء من كل أنحاء العالم. وتضيف "العرب لم يتماسكوا معاً بشكل كاف، لديهم الكثير من الدكتاتوريات، وإذا اهتموا ببعضهم البعض، لما استسلموا".

وتذكر توماس أنها شعرت بالتمييز المزدوج في مهنتها لكونها امرأة وكونها من أصل عربي، لكنها تؤكد "اشعر أنني أميركية، وإذا تحداني احدهم، حقي أنني ولدت هنا وإني أتبع الدستور والمهنة التي أرغب بها".

من خبر الأمريكيين وشم رائحة كل مؤامرة حاكها أصحاب الفكر الاستعماري في البيت الأبيض والتي تتغنى بجنسيتها الأمريكية وأصلها العربي .. اختصرت هيلين الكلام, وتفوقت على الكثيرين من أهل الكلام وأمراء المصطلحات الرنان, وقالت للإسرائيليين اخرجوا من فلسطين هذه ليست أرضكم عودوا إلى دياركم الأصلية, وسيبقى الفلسطينيون فلسطينيين..

هيلين أثبت أن لا مجال للديموقراطية وتعدد الآراء في بلاد العم سام عند الحديث عن إسرائيل.. لم تشفع لها خبرتها الطويلة ولا سنها المتقدم في مهنة المتاعب في مواجهة الضغوط والهجوم المركز عليها فاستقالت.. انه نموذج جديد من الازدواجية في تطبيق الديموقراطية.. نموذج يرى في تعداد الآراء معياراً لتحديد ديموقراطية الدول تارة، وأنها تستحق شجباً واعتذاراً تارة أخرى.



قناة المنار - وائل كركي 08/06/2010

«السفير» التقتها ما بين تكريمين 

هيلين توماس ليست نادمة: أوباما.. كن شجاعاً وانطق بالحقيقة


صورة
توماس إلى جانب المنحوتة البرونزية («السفير»)

عادت الصحافية الشقية إلى قبيلتها العربية. جلست مُنهكة تستمع إلى مديحها، لا تخلع عنها ابتسامتها التي تملأ حضورها، تحاور مريديها من دون كلل وتأخذ الصور مع قوافل محبيها. هذه التسعينية الجريئة التي لا تترك ميادين المعركة مهما كان ثمن حريتها. إنها العميدة السابقة للصحافيين في البيت الأبيض هيلين توماس.
تحيط بها حاشيتها من النساء، صديقات لا يتركنها، بالنسبة لهن هي ترمز لكل شيء جميل ومثالي. يتبرّعن بالحديث عنها حين تحاول «السفير» الغوص في ظاهرة هيلين توماس التي لم تحب الأضواء يوماً. تقول إحداهن، عملت معها في البيت الأبيض لسنوات طويلة، «هيلين بالنسبة لي هي عائلتي»، وتصفها أخرى بأنها «حنونة، وتركز على عملها ولديها حياتها الخاصة. بناء صداقة معها مسار طويل».
هي تشعر بالظلم على نفسها كما تتأثر بالظلم الذي يقع على الآخرين. ربما لا يعرف كثر هذا الأمر عنها، لكن هيلين توماس بكت على مدى ثلاثة أسابيع بعد قرار فصلها عن وظيفتها وإبعادها عن البيت الأبيض بالطريقة التي حصلت فيها. تقول صديقتها عنها «إنها قوية وعنيدة، لكن لديها قلب بعد كل شيء».
حاول الأصدقاء تدريجياً إخراجها من عزلتها، لتعود إلى حياتها الطبيعية، وروتينها الخاص ومطعمها المفضل الذي لا تفارقه، «ماما عايشة» في حي «أدامز مورغان» في واشنطن، عائشة هذه المرأة المقدسية من جبل الزيتون التي صنعت حلمها الأميركي في الستينيات من القرن الماضي.
تحدثت توماس لـ«السفير» عن حياتها بعد التقاعد الذي فُرض عليها. وتقول «إنها لا تزال في معاركها القديمة ذاتها، سواء أكانت تعمل أم لا تعمل. الظلم هو الظلم»، مشيرة إلى أن القضايا التي تناضل من اجلها تُختصر بالديموقراطية والعدالة.
تسألها عن شعورها حيال ما حدث خلال أزمتها العلنية الأخيرة، فيأتي جوابها سريعاً «اشعر جيداً دائماً حين أتحدث بالحقيقة، واعتقد أنني تحدثت بالحقيقة». تجزم بالقول «لست نادمة أبداً» مضيفة «عليك أن تقف لما تعتقد به في هذه الحياة». وتدعو في هذا السياق الرئيس الأميركي باراك أوباما «إلى التحلي ببعض الشجاعة».
وعن رسالتها إلى أوباما، ترد توماس «بعد ما فعله بي، أقول له سوف تفعل جيداً إذا تكلمت بالحقيقة حول الشرق الأوسط».
تغيّرت حياة هيلين حين اعترضها الحاخام ديفيد نيسينوف في 7 حزيران الماضي وهي تغادر البيت الأبيض من الحديقة الشمالية ليسألها أمام الكاميرا «أي تعليقات عن إسرائيل؟»، فكان جوابها «قل لهم أن يخرجوا من فلسطين. تذكّر هؤلاء الناس تحت الاحتلال وهذه أرضهم. على الإسرائيليين الذهاب إلى أوطانهم في بولندا وألمانيا وأميركا وغيرها من الأمكنة». وقالت، بعد هذه التصريحات والعاصفة التي ولّدتها، «لا يمكنك انتقاد إسرائيل في هذا البلد والنجاة بهذا الأمر».
تقول توماس لـ«السفير» إنها ستستمر في مهنتها التي ما أحبت غيرها، وهي تعمل على كتاب جديد وتريد مواصلة نضالها. وتلمح إحدى صديقاتها إلى أنها تبحث عن عمود جديد لها لتكتب أفكارها عن السياسة الأميركية المحلية والشرق الأوسط.
بعد خمسة أشهر من تقاعدها القسري، كرّمتها اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز خلال حفل في فندق «ماريوت واردمان بارك» في واشنطن. يقول المرشح الرئاسي الأميركي الأسبق والناشط الحقوقي رالف نادر لـ«السفير» إن لدى توماس «جينات لبنانية جيدة» وإنها «تحدّت رئيساً بعد الآخر، سواء كان جمهورياً أم ديموقراطياً». وتطرق إلى «الكمين» الذي نُصب لها وهي تنتظر سيارة الأجرة في يوم حار أمام البيت الأبيض، متحدثاً عن «التعصب الأعمى الذي يتبع حين يقول أي شخص أي شيء ناقد للسياسة الإسرائيلية في فلسطين المحتلة».
تحدثت توماس في كلمتها عن «أوقات مضطربة» تمر بها الولايات المتحدة مع الركود الاقتصادي و«حربين وحشيتين غير ضروريتين واتجاه نحو فكر محافظ طائش». وذكرت أنها تأملت كثيراً في كلمة الشجاعة لتدرك أنه «حتى في هذا البلد يتطلب شجاعة أن تدع ضميرك يكون دليلك وأن تتحدث ضد الظلم».
وتدخل بعدها مباشرة على خط الصفقة الأميركية الإسرائيلية لتجميد الاستيطان لفترة ثلاثة أشهر، معتبرة انه «لا يمكن الرشوة بالأموال والأسلحة ووعد بفيتو آخر في الأمم المتحدة». وتابعت «يجب أن تفهم الولايات المتحدة انه لا يمكن تطويع القانون والالتزام به لـ90 يوماً فقط. هذا كالمرأة الحامل قليلاً. القانون هو القانون، وبموجب القانون الدولي انه غير شرعي ضم الأراضي المحتلة بالقوة العسكرية». وختمت كلمتها بالقول «أصلي لكي يعود بلدي إلى المثل العليا والأخلاقيات التي جعلته عظيماً جداً».
ركز رالف نادر والسيناتور الأسبق جيمس أبو رزق كلمتهما للدفاع عن هيلين توماس بوجه الحملات عليها، لا سيما من مدير منظمة مناهضة التشهير اليهودية الأميركية أبراهام فوكسمان الذي اصدر بياناً أدان فيه تكريم توماس. واعتبر نادر انه لو كان هناك 10 صحافيين مثلها في البيت الأبيض لما كان غزو العراق في العام 2003. أما الدكتور كلوفيس مقصود فقدم مرافعة حماسية حول عدم قدرة الإدارة الأميركية في التأثير على إسرائيل، وغياب صوت هيلين في انتقاد هذه الإدارة وطالت شظاياه حتى مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان الذي «لا يزال يستمتع بأداء دور نائب الملك في لبنان».
بانتظار هيلين تكريم آخر قريباً حين تستقر منحوتتها البرونزية في المتحف القومي العربي الأميركي في ديربورن في ولاية ميتشغان. تقول النحاتة سوزان مسلهيني، التي عملت مع هيلين في البيت الأبيض حين كانت مصورة لمجلة «نيوزويك»، «بالنسبة لي هي بطلتي». وتروي لـ«السفير» كيف جلست هيلين أمامها في الأستديو كل يوم أحد خلال الصيف لتنهي هذا المشروع الذي سينتقل رسمياً إلى المتحف في 2 كانون الأول المقبل، وحملة التبرعات جارية لتحقيق هذا الأمر.
وحين سألت «السفير» هيلين عن هذه المنحوتة، توّرد وجهها وكبرت عيونها مع ابتسامتها «أحبّها!». لكنها تنحني وتقترب بعد لحظات، وهي كعادتها تُمسك بيد محاورها، لتقول بدمعة لم تحاول إخفاءها «منذ الأربعينيات وأنا أقول ميتشغان هي بيتي، ليس هناك أي مكان آخر أريد أن تكون فيه هذه المنحوتة».


جو معكرون - واشنطن : السفير 25/11/2010 

0 تعليقات::

إرسال تعليق