الثلاثاء، 10 مايو 2011

The Grand Design - Stephen Hawking and Leonard Mlodinow

التصميم العظيم لا يحتاج إلى الآلهة 

صورة

لقد أثار كتاب ستيفين هوكينغ الجدل قبل أن يصدر. فما إن نشرت صحيفة التايمز البريطانية مقتطفات من الكتاب، حتى ثار الجدل الذي لم ينتهي بين الدين والعلم. الكتاب هو (The Grand Design) أو التصميم العظيم أو المشروع العظيم وقد قام بتأليفه ستيفين هوكينغ مشاركة مع الفيزيائي الأميركي لينارد ملوديناو . 

وقد كتبا مقالا نشر في (The Wall Street Journal.) يمكن اعتباره مقدمة للأفكار المشروحة في الكتاب. الفكرة التي حركت المياه كانت صراحته في أن الكون الذي نشأ بشكل عفوي، لا يحتج إلى عقل مدبر. والإشارة إلى أن العلم الحديث يمكنه تفسير نشأة المجرات والنجوم والكواكب من غير الحاجة إلى افتراض وجود قوى خالقة سيّرت الخلق. وطرح مرة أخرى فكرة تعدد الأكوان بشكل يجعل من الممكن أن تكون لكل كون خواصه وقوانينه الطبيعية التي تجعل منه مستقرا. 


هذا هو المقال الذي أثار جدلاً لم ينته

لماذا لم يخلق الله الكون؟
هناك تفسير علمي سليم حول خلق عالمنا – ولا يحتاج هذا التفسير لافتراض وجود الآلهة.

صورة

يحدث الكسوف أو الخسوف على حسب ميثولوجيا الفياكنغ حين يتمكن ذئبان (سكول يلاحق الشمس و هاتي يلاحق القمر) من اللحاق بالشمس أو القمر. وفي حالة حدوث الكسوف أو الخسوف يبدأ الناس بإحداث الأصوات والقرع لإخافة الذئاب حتى يهربوا. وبعد مرور الأيام، لا بد أن الناس عرفوا أن كلا من الكسوف والخسوف ينتهي بغض النظر عن أي صلاة أو طقوس يقومون بها أو قرع على الأواني.

إن “الجهل بالطبيعة ” ترك الناس في العهود القديمة يتكهنون بأفكار خرافية في محاولة منهم لتفسير العالم من حولهم. وفي النهاية لجأ الناس إلى الفلسفة (يعني إلى محاولة فهم الأسباب) مع بعض الحدس لفك شيفرة الكون. اليوم، نحن نعتمد على الأسباب، والرياضيات والاختبارات التجريبية. أي بمعنى آخر، نعتمد على العلم الحديث.

لقد قال ألبرت آينشتاين “إن أكثر شيء لا يمكن فهمه في هذا الكون أنه يمكن فهمه”. كان يعني بقوله هذا، أن هذا الكون يختلف عن أحداثنا اليومية التي هي خليط من الأشياء كلٌ له اتجاهه. كل شيء في هذا الكون يسير تبعاً لقوانين… من غير أي استثناء.

وأما نيوتن فكان يعتقد بأن مجموعتنا الشمسية الغريبة “لم تنشأ من الفوضى بإتباع قوانين الطبيعة”، بل كان يعتقد بأن نظام الكون “خلقه الله من البداية، وحفظه إلى هذا اليوم على نفس النمط والقوانين”. إن الاكتشافات الحديثة والتعديلات لكثير من قوانين الطبيعة قد تقود البعض إلى التفكير بأن هذا التصميم العظيم لا بد أن يكون من صنع المصمم العظيم. إلا أن التطورات في علم الفلك تفسر كيف أن هذا الكون مصمم للإنسان، من غير الحاجة إلى افتراض وجود قوى خالقة.

هناك الكثير من الأحداث غير المرجحة التي تزامنت لتنشأ الأرض وأدت إلى أن يكون هذا الكوكب ملائما للإنسان، وسيكون فعلا من المدهش أن تكون مجموعتنا الشمسية هي الوحيدة في هذا الكون. لكننا اليوم نعرف المئات من المجموعات الشمسية، ومن الأغلب أن هناك عدد هائل أكثر منها بين مليارات النجوم في مجرتنا. وهناك أنواعا متعددة من الكواكب، وربما يكون بعضها مهيئا للعيش عليها، وإذا كان ذلك، فربما تظن المخلوقات التي تعيش عليها حين تراقب الكون بأن كل القوانين مطوعة لتلائم معيشتها على هذه الكواكب.

يمكننا أن نطرح هذه الفكرة كمبدأ علمي: إن حقيقة وجودنا تقيد خواص البيئة التي يمكن أن نعيش فيها. مثلا، إذا كنا لا نعرف المسافة بين الأرض والشمس، فإن حقيقة وجود مخلوقات مثلنا تجعلنا نقيد هذه المسافة لكي تلائم وجودنا. نحتاج إلى الماء السائل للحياة، وإذا كانت الأرض أقرب إلى الشمس، فسيغلي الماء ويتبخر، وإذا كانت الأرض أبعد فسيتجمد الماء. هذا المبدأ يعرف بمبدأ الإنثروبيا “الضعيف” .

إن مبدأ الأنثروبيا الضعيف ليس مثيرا للجدل، ولكن هناك شكلا أقوى منه تجعل علماء الفيزياء تنظر له بدونية. يقول مبدأ الأنثروبيا القوي بأن حقيقة وجودنا تفرض قيودا ليس على البيئة فحسب، بل على إمكانية شكل ومضمون قوانين الطبيعة نفسها.

وقد نشأت هذه الفكرة لأن الخصائص الفريدة لنظامنا الشمسي ليست هي الوحيدة التي تساعد على نشأة وتطور الإنسان، بل مجمل خصائص الكون وقوانينه. وكلها تبدو مصممة خصيصا لتدعم حياتنا ولا تترك مجالا واسعا للتعديلات. وهذه أصعب للشرح.

إن رواية نشأة الكون البدائي من الهيدروجين والهيليوم وقليلا من الليثيوم، إلى كون تعيش فيه على الأقل حياة مقعدة مثلنا، لهي رواية من عدة فصول. على قوى الطبيعة أن تمكن العناصر الثقيلة مثل الكربون من أن يتكون من عناصر بدائية ويبقى مستقرا لمليارات السنين. وهذه العناصر الثقيلة نشأت في أفران نسميها “نجوم”. وهذا يعني أن على هذه القوى أن تمكن نشأة النجوم والمجرات. وهذه النجوم والمجرات تطورت من بذرات عدم التجانس (tiny inhomogeneities) في بدايات الكون.

ولا يعتبر كل هذا كافيا، فعلى القوانين الديناميكية للنجوم أن تكون على نمط يمكن بعض النجوم من أن تنقجر لتنشر العناصر الثقيلة في أرجاء الكون. بالإضافة إلى أن هذه القوانين يجب أن تمكّن من أن تتكثف بقايا هذه العناصر لتشكل جيلا جديدا من النجوم، وهذه النجوم تكون محاطة بكواكب تدخل في تركيبتها بعض هذه العناصر الثقيلة.

ومن خلال دراسة نماذج الأكوان التي ننتجها حين نغير نظريات الفيزياء بطريقة معينة، يمكننا دراسة مدى تأثير التغييرات بطريقة منهجية. ومن هذه الدراسة والتحليل، تعرفنا على أن أي تغير وإن كان طفيفا بمعدل 0.5% في قوام القوة النووية أو 4% في القوة الكهربائية سيدمر تقريبا كل الكربون والأكسجين في كل نجم، وبالتالي استحالة الحياة كما نعرفها الآن. بالإضافة إلى ذلك فإن أي تعديل في العوامل الفيزيائية الثابتة وإن كان بمقدر صغير، سيغير من نمط الكون، وفي كثير من الحالات سيكون الكون غير مستقر لتنشأ عليه أي نوع من أنواع الحياة. مثلا، لو كان البروتون أثقل بمعدل 0.2% مما هو عليه، لتحلل وأصبح نيترون مما سيخل باستقرار الذرة.

وإذا افترض البعض بأن بضعة مئات ملايين السنين من الدوران المستقر للكواكب لتنشأ عليها الحياة، فإن عدد أبعاد الكون أيضا مهمة لتنشأتنا وبقائنا. وهذا يرجع إلى قوانين الجاذبية والتي تشير إلى أن المدارات المستقرة تحتاج إلى الأبعاد الثلاثة. ولو كان هناك أي خلل في أي من الأبعاد الثلاثة (بسبب الجذب أو التنافر بين الكواكب)، فإن استقرار مدار الكوكب سينتهي تاركا الكوكب إما لينجذب ليصطدم بالشمس (النجم) أو منفلتا بعيدًا عنها.

إن ظهور هذه التراكيب المعقدة لتدعم هذا النمط من الحياة يبدو هشاً للغاية وقوانين الطبيعة تبدو مصممة خصيصاً. ماذا يمكننا أن نستنتج من كل هذه الصدف؟
إن الحظ في دقة أنماط وطبيعة قوانين الفيزياء يختلف عن الحظ في الذي نجده في العوامل البيئية وهذا يدعونا إلى التساؤل: لماذا كان الكون على ما هو عليه؟
إن الكثير من الناس تتمنى أن نرى هذه الصدف على أنها دليل لوجود المصمم والخالق؟ إن فكرة تصميم الكون ليلائم ظهور الإنسان تظهر في الميثلوجيا والتاريخ منذ آلاف السنين. وفي الحضارة الغربية، يتحدث العهد القديم عن تصميم محظوظ للكون (providential design)، بينما تأثرت المسيحية التقليدية بأرسطو الذي كان يعتقد بأن العالم هو” الطبيعة المبدعة التي تسير وفق تصميم متعمد”.

لكن هذا ليس جواب العلم الحديث. لقد أظهرت الدراسات في علم الفلك، أن قوانين الجاذبية والكوانتم تمكن الكون بأن يظهر عفوياً من لا شيء. وهذا الخلق العفوي هو السبب في وجود شيء بدلا من لا شيء؛ والسبب في وجود الكون ووجودنا. ليست هناك أي ضرورة لاستدعاء مصمم ليبدأ أو يسيّر نظام الكون بلمسته السحرية.

إن الكون الذي ننتمي إليه يبدو واحدا من أكوان مختلفة، وكل من هذه الأكوان له قوانينه الخاصة. إن الأكوان المتعددة ليست فكرة ابتكرت كرد على التصميم الخاص، بل هي نتيجة للعديد من النظريات في علم الفلك الحديث. وإذا كانت بالفعل صحيحة، فإنها تقلل من مبدأ الإنثروبيا القوي إلى مبدأ الأنثروبيا الضعيف مساوياَ بين التصميم الخاص لقوانين الفيزياء وبين عوامل الطبيعة. وهذا يعني أن وجودنا في الكون (الكون الذي نراقبه بأجمعه) هو واحد من عدة أكوان.

ولكل كون، تاريخ مختلف وحالة مختلفة. والقليل من هذه الأكوان يمكن أن تكون مهيأة لظهور مخلوقات مثلنا عليها. ومع ضآلتنا وصغرنا مقارنة مع الكون الشاسع، إلا أن هذا يعني أننا فعلا سادة الخلق.

المصدر: The Wall Street Journal.

أسعد الوصيبعي 11 سبتمبر 2010

0 تعليقات::

إرسال تعليق