الأحد، 15 مايو 2011

ما مصير "القاعدة" بعد موت زعيمها بن لادن؟

Free Image Hosting at www.ImageShack.us
صورة لاعتداءات 11 أيلول 2001 خاصة بقسم شرطة مدينة نيويورك.

Free Image Hosting at www.ImageShack.us
أسامة بن لادن.

Free Image Hosting at www.ImageShack.us
تدريبات للقاعدة.

مما لا شك فيه أن اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن، بعد مرور أقل من عشرة أعوام على الهجمات الإرهابية التي نفذها ضد الولايات المتحدة، لا يشكل  الحدث الأهم في تاريخ الأميركيين وحدهم وإنما في تاريخ العالم أجمع.

منذ أواسط التسعينات تأرجحت صورة بن لادن ما بين حدين متناقضين: فكان في نظر البعض يجسد الشر عند البشر،  وفي نظر البعض الآخر كان رمزاً للمجاهد البطل الذي يكاد يصل إلى رتبة القداسة. لكن الأمر الأكيد أن بن لادن وتنظيمه مسؤولان عن مقتل آلاف الناس في مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الجنسيات والديانات.
 واليوم بعد موت بن لادن، يطرح أكثر من سؤال:  ما هو مصير تنظيم القاعدة بعد مقتل زعيمها ومؤسسها والمخطط الأكبر لعملياتها؟ وإلى أي حدّ سيساعد اغتياله الحرب على إرهاب القاعدة والإسلام السلفي الأصولي؟ وهل سيتسبب مقتل زعيم القاعدة بدورة جديدة من العنف والعمليات الانتقامية؟ باختصار هل صار العالم أكثر أمناً من دون بن لادن؟


التبدلات الأخيرة

شهدت القاعدة تغييرات جمة منذ تأسيسها العام 1988، حين استندت إلى خلية ضيقة من الأتباع الذين بايعوا بن لادن أميراً عليهم، وعلى دائرة أوسع من المناصرين من تنظيمات جهادية  كان أيمن الظواهري أحد أبرز قادتها . وشكل الإعلان في1998 عن قيام الجبهة الإسلامية للجهاد العالمي نقطة تحول في تاريخ القاعدة وبداية لمسيرة التعاون المشترك بين  بن لادن، الآتي إلى جبهة الجهاد من عالم الأعمال وبين الظواهري حامل الفكر السلفي الجهادي الأصولي. تبنت القاعدة النظرية السلفية الجهادية التي تدعو إلى تطبيق الشريعة  وإحياء الخلافة الإسلامية، وأعلنت الحرب على الغرب "الصليبي" الذي لا يفهم إلا لغة العنف"، فوفقاً للظواهري" الغرب بقيادة الولايات المتحدة لا أخلاق له، واللغة الوحيدة التي يعرفها هي لغة القوة".
 ونفذت القاعدة عدداً كبيراً من الهجمات لكن كبرى عملياتها كانت الهجمات التي شنتها  في الحادي عشر من أيلول 2001، والتي شكلت نقطة تحول كبيرة في مسيرة القاعدة واعتبرت بمثابة انتصار كبير لخطها الجهادي ضد الدول الغربية.
 في أعقاب هجمات 11 أيلول، أقدمت  القاعدة، نتيجة للملاحقات التي تعرضت لها والتضييق على زعامتها، على إدخال  تغييرات مهمة في هيكليتها. فتخلت عن بنيتها الهرمية وانتهجت أسلوب اللا مركزية في تنظيمها، فأعطت  فروعها وزعماء هذه الفروع قدراً من الاستقلالية في الحركة واتخاذ القرارت. يقول عبد الباري عطوان في كتابه "The Secret History  Of Al  Qu'Aida"  أن القاعدة تحولت  "شبكة فضفاضة من الأنصار الذين يملكون حق التحرك  الحر والمستقل عن قيادة التنظيم. فقد كانت العقيدة الجهادية للقاعدة معروضة على الإنترنت، مما يسمح لأي مجموعة أو خلية مستقلة بالعمل ضمن هذا الإطار، ولم تعد هناك حاجة إلى الصلة بالنواة المقربة من القيادة من أجل التحرك، لكن هذا لا يعني تراجع مكانة أو أهمية زعامة القاعدة". وهكذا تحولت القاعدة، وفق عطوان، إلى "الميليشيا التي تدير عملياتها من طريق الشبكة العنكبوتية للإنترنت".
انعكست اللامركزية في تحرك القاعدة عبر تنشيط بن لادن لتنظيم القاعدة في الخليج العربي المتركز في شمال شرق اليمن، والذي هدفه زعزعة الاستقرار في السعودية. أما المظهر الثاني لهذه اللا مركزية فتمثل في ظهور تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بعد إعلان  أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم التوحيد والجهاد انضمامه إلى بن لادن. وقد عمل الزرقاوي على ضم عدد من المجموعات الجهادية السلفية في الجزائر والمغرب إلى القاعدة، وأعلن عن نشوء القاعدة في المغرب العربي. كما انضم إلى القاعدة تنظيم "الشباب" الصومالي، بالإضافة إلى مجموعات مستقلة صغيرة أخرى  في اليمن وفي المغرب والى  مقاتلين من السنة موجودين في أنحاء العالم وينشطون من وقت إلى آخر. وعلى الرغم من ضآلة هذه المجموعات لكنها أثبتت قدرتها على القيام بعمليات جريئة، مثل المجموعة التي يتزعمها ناصر الوحيشي و أنور العولقي التي كانت وراء غير عملية جريئة في الولايات المتحدة (إطلاق نضال حسن النار على جنود في قاعدة عسكرية، ومحاولة عمر فاروق عبد المطلب تفجير طائرة أميركية بزجاجات حبر). هكذا تحولت القاعدة مظلة تشمل عدداً كبيراً من  المجموعات المستقلة، التي قد تكون محدودة العدد، غير أنها  تتمتع بحرية العمل ضد الأعداء "المحليين"، أما مهاجمة أعداء "خارجيين" فأمر يتطلب تنسيقاً مع القيادة المركزية، كما أن أي هجوم غير تقليدي (مثل هجوم بأسلحة غير تقليدية) يتطلب موافقة القيادة المركزية.

الجهاد – نت

 شكلت الانترنت وسيلة أساسية في عمل القاعدة بمختلف أجنحتها، مما يمكن تسميتة"بالجهاد- نت". والمفارقة أن القاعدة التي تريد أن تعيد التاريخ إلى الوراء وتدعو إلى الخلافة كما كانت أيام النبي، هي من أكثر التنظيمات استخداماً لوسائل الاتصال الحديثة وللتكنولوجيا المتطورة، فالمجاهدون في كهوف تورا بورا كانوا مزوّدين الكمبيوترات النقالة، والمعروف عن بن لادن ولعه  بالتكنولوجيا المتطورة، على الرغم من اضطراره في السنوات الأخيرة  إلى وقف استخدامه للهواتف النقالة والستلايت خوفاً من اكتشاف مخبئه. وشكلت الانترنت وسيلة لتعبئة المتطوعين وللاتصال بين المجموعات الجهادية وللحصول على المساعدات والاتصال بالإعلام، وتحفل الشبكة بمئات المواقع الالكترونية الإسلامية التي لها صلة في شكل أو آخر بالقاعدة.

أكثر أمناً؟  

هل أصبح العالم أكثر أمناً بعد مقتل بن لادن؟ تتفاوت الإجابات عن هذا السؤال، ففي حين يرى البعض أن اللامركزية في القاعدة واستقلالية المجموعات الإرهابية التي تعمل تحت مظلة القاعدة تحدان من احتمال تأثير موت بن لادن مستقبلاً على نشاط القاعدة؛ يرى فريق آخر أن دور بن لادن كان مركزياً وموته وجّه ضربة قاسية للتنظيم الذي بات بحاجة إلى إعادة تنظيم صفوفه من جديد.
يشير غير مراقب وخبير في القاعدة إلى تراجع نفوذ القاعدة في الأعوام الماضية في العالم العربي، وأكبر دليل إلى ذلك عدم وجودها في الشعارت المرفوعة في حركة الاحتجاجات العربية الأخيرة، فما فشلت القاعدة في تغييره بالقوة نجحت التحركات الشعبية في تحقيقه سلماً. لكن موت بن لادن لا يعني نهاية القاعدة، ففي رأي جان كريستوف روفين سفير فرنسا السابق في السنغال وغامبيا إن موت بن لادن سيؤدي إلى مزيد من التشدد في عمل المجموعات الجهادية المغربية، وسيزداد نشاط المجموعات الحرة  التي  ستطبق نظريتها الجهادية الخاصة. أما في رأي أستاذ العلوم السياسية جان لوي فيلو فموت بن لادن هو نهاية القاعدة كما عرفناها حتى اليوم وفي شكلها الحالي، وبداية لمرحلة جديدة، ويرى أن قدرة التنظيم على التأقلم كبيرة جداً، و خطرها ما زال كبيراً. أما أوليفيه روي صاحب كتاب "هزيمة الإسلام السياسي" و"عولمة الإسلام" فرأى أن لا علاقة لبن لادن بالإسلام السياسي الذي يمثله النظام في إيران والإخوان المسلمون، وأن القاعدة فشلت في تحقيق أهدافها، فلم تنجح في الإطاحة بأي حاكم مستبد عربي. وعلى الإسلاميين اليوم أن يختاروا ما بين نموذج أردوغان ونموذج طالبان.
ثمة إجماع على أن موت بن لادن لا يعني نهاية القاعدة ولن يضع حداً لعملياتها. ففي رأي الجميع أن القاعدة ستثأر لمقتل زعيمها، وفي حين يرى البعض أن هذا لن يحدث فوراً  فالتنظيم بحاجة إلى وقت لترتيب أوضاعه واختيار زعيم جديد؛ يرى البعض الآخر أن العمليات الأخيرة للتنظيم، التي تميزت بالتسرع وعدم الإتقان، ربما تدل إلى أن أنصاره سيسارعون إلى القيام بعمل متهور.
الأمر الأكيد أن عنف القاعدة لن يتوقف في الوقت القريب، والعالم لن يصبح أكثر أمناً بعد بن لادن، لكنه قد يشهد حروباً أقل. فقد أثبتت عملية الاغتيال الناجحة التي نفذها الأميركيون في أبوت أباد أن محاربة القاعدة لا تتطلب تدخلاً عسكرياً وقصفاً وحروباً، وإنما يمكن خوضها بعمليات جراحية محدودة ناجحة وقليلة التكلفة البشرية. وربما هذه هي النقطة الوحيدة المضيئة في الصراع الدامي الدائر منذ سنوات بين دول العالم الكبرى وبين إرهاب القاعدة.

أهم المحطات في حياة بن لادن

1957: ولادته في الرياض في عائلة غنية، والده محمد بن لادن من أصل يمني تزوج 11 امرأة و لديه منهن 54 ولداً، بن لادن الولد الوحيد لأمه السورية من اللاذقية، عليا غانم.
1974:  زواجه للمرة الأولى من ابنة خاله نجوى غانم، التي رُزق منها 11 ولداً.
1976: تابع دراسة الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبد العزيز في جدة. مشاركته في أعمال العائلة حتى العام 1973 حين بدأت صلاته بالمجموعات الإسلامية، وتعرفه إلى محمد قطب(شقيق سيد قطب) وعبد الله عزام الذي تحول مرشده الروحي.
1979: بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان التحق بن لادن بالمجاهدين، واستقر في بيشاور، حيث التقى قادة المجموعات الإسلامية الأفغانية، وبدأ التعاون معهم.
1984: تأسيس بن لادن "بيت الأنصار"في بيشاور، ومركز لاستقبال المتطوعين من المجاهدين ضد السوفيات.
1986: تأسيس عدد من معسكرات التدريب العسكرية التابعة له في أفغانستان.
1988: فتح مكتب لتسجيل أسماء القتلى من المجاهدين من أجل إبلاغ عائلاتهم. كان اسم المكتب "القاعدة"، ومن هنا جاء اسم التنظيم لاحقاً.
1989: عودته إلى السعودية، بعد قتاله في أفغانستان واستقباله كبطل للقضية الإسلامية.
1990: السعودية تفرض عليه الإقامة الجبرية بعدما بدأت خطبه تثير قلقها.
1992:بعد الغزو العراقي للكويت انتقل بن لادن إلى السودان بسبب انتقاده موقف الملك السعودي لأنه ترك الجيش الأميركي "يلوث أرض الإسلام".
1994: حرمانه الجنسية السعودية بعد إصداره فتاوى ضد العائلة المالكة السعودية.
1996: السودان تطلب منه ترك أراضيها، فيغادرها متكبداً خسائر مالية ضخمة نتيجة عدم دفع السودانيين تكلفة المشاريع الضخمة التي نفذتها شركته. الانتقال إلى أفغانستان نهائياً.
1998: إعلانه مع أيمن الظواهري قيام الجبهة الإسلامية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين. ولقد ضمت الجبهة تحت مظلتها: منظمة الجهاد الإسلامي المصرية بقيادة الظواهري،الجماعة الإسلامية المصرية بقيادة رفعت طه، ومجموعات أخرى في كشمير وباكستان.
2000: الزواج الخامس لبن لادن من فتاة يمنية في السابعة عشرة من عمرها أمل صالح بمهر قدره 5000 دولار. وكانت زوجاته يعشن في مكان واحد، ويلقين المعاملة عينها من بن لادن الذي رزق 11 صبياً و13 فتاة.
أيلول 2001: الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة ، التي وضعت جائزة قيمتها 50 مليون دولار لمن يساعد في القبض عليه.
2001: الجيش الأميركي يقصف المغاور في تورا بورا بالقرب من الحدود الباكستانية، من دون العثور على اثر لبن لادن.
2004: بن لادن يعترف في شريط مسجل بمسؤوليته عن هجمات الحادي عشر من أيلول.
2009: مقتل ابنه الأكبر سعد في غارة جوية أميركية في باكستان.
2011: موت بن لادن في أبوت أباد.


أهم شخصيات "القاعدة" المطلوبة والملاحقة دولياً

-أيمن الظواهري، الشخصية الثانية في القاعدة بعد بن لادن والمرشح لوراثته، مصري الأصل، هناك جائزة ب25 مليون دولار للقبض عليه.
- سيف العدل، مصري متهم بالتورط في تفجير السفارت الأميركية العام 1988 في أفريقيا. هناك جائزة بخمسة ملايين دولار للقبض عليه.
- أدام يحي غدام، أميركي الجنسية جائزة مليون دولار للقبض عليه
-أنور العولقي، من قادة القاعدة في اليمن من أصل يمني، يحمل الجنسية الأميركية. من أهم المرشحين لخلافة بن لادن بعد الظواهري، موجود على لائحة السي آي إي للمرشحين للقتل.

(نقلاً عن مجلة التايم)

أهم الهجمات التي قام بها "القاعدة" خارج أفغانستان والعراق
1993: انفجار قنبلة في مركز التجارة العالمي(6 قتلى)- كمين للقوات الأميركية في مقاديشو(18قتيلاً)-1994: هجوم في مشهد إيران (27 قتيلاً) – 1995: تفجير شاحنة في الرياض (7قتلى)- 1998: تفجير السفارة الأميركية في تنزانيا و كينيا(301قتيل) - 2000: الهجوم على المدمرة الأميركية كول في عدن (17 قتيلاً) – 2001: الهجمات على الأهداف في الولايات المتحدة (3000 قتيل تقريباً) – 2002: هجوم على كنيس في جربا تونس (12 قتيلاً)، هجوم على فندق في كراتشي (10 قتلى)، تفجير القنصلية الأميركية في كراتشي (11 قتيلاً)، تفجير ملهى ليلي في بالي إندونيسيا(202 قتيلان)، تفجير فندق في مومباسا كينيا (15 قتيلاً)- 2003: تفجيرات في مجمع سكني في الرياض (35 قتيلاً)، تفجيرات في كازابلانكا في المغرب (45 قتيلاً)، تفجير في فندق في جاكرتا(16 قتيلاً)، انفجار سيارة مفخخة في جاكرتا (16 قتيلاً)، تفجير كنيس في اسطنبول (57 قتيلاً)- 2004: تفجير سفينة في الفيليبين (116 قتيلاً)، تفجير القطارات في مدريد(191 قتيلاً)، تفجير مجمع للأجانب في خبر في السعودية (22 قتيلاً)، الهجوم على القنصلية الأميركية في جدة (5 قتلى)- 2005: تفجيرات قطار الأنفاق في لندن (56 قتيلاً)، تفجير منتجع في شرم الشيخ (88 قتيلاً)، تفجير فندق في عمان الأردن (63 قتيلاً) – 2007: انفجار سيارة مفخخة في الجزائر العاصمة (33 قتيلاً)- 2008: الهجوم على السفارة الدانمركية في إسلام أباد(6 قتلى).

(نقلاً عن الإيكونوميست)

رندة حيدر (randa.haidar@annahar.com.lb)  النهار 15 أيار 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق