الأحد، 15 مايو 2011

اقتصاد بيروت ولبنان

تحتل بيروت موقع القلب في الاقتصاد اللبناني، والأسباب معروفة. فالوزارات الأساسية، مثل المال، والاقتصاد والاتصالات والداخلية الخ، هي في بيروت. وهذه الوزارات، إلى عدد إضافي، لها تعامل يومي مع اللبنانيين.
وبيروت هي موقع المرفأ الرئيسي في البلاد والمطار الوحيد الذي يشغل بصفة دائمة، وهي المركز المالي والمصرفي والتجاري.
وبيروت تحتوي على المراكز الرئيسية للجامعات ما عدا الجامعة اللبنانية التي تضم العدد الأكبر من الطلاب الجامعيين، وعلى رغم أن أكثر أبنية الجامعة اللبنانية تقوم في الحدث يمكن اعتبار هذا الموقع ضمن ضواحي بيروت.
إضافة إلى الجامعات ذات الأهمية الكبرى، تقوم المستشفيات الرئيسية في لبنان ويعمل الأطباء الاختصاصيون في بيروت، كما أن منشآت تخزين المحروقات، سواء منها البنزين أو المازوت أو الغاز السائل، هي في بيروت، علماً بأن هنالك خزانات في حرم مصفاة طرابلس ومصفاة الزهراني تمد خزانات بيروت بالمنتجات.

باختصار، ما يزيد على 70 في المئة من حجم الاقتصاد اللبناني هو في بيروت ولا نجد مواقع رئيسية للإنتاج خارج بيروت إلا في الصناعات الثقيلة كالاسمنت ومعامل إنتاج الكهرباء والأسمدة والأسلاك المعدنية خارج بيروت. كما أن الإنتاج الزراعي هو في أكثره خارج بيروت، لكن قطاعي الزراعة والصناعة معاً لا يشكلان سوى 30 في المئة من الدخل القومي.
لقد شهدت بيروت أوقات طفرة اقتصادية ومالية من أواسط الستينات حتى 1974، ومن ثم من 1993 حتى 1998. ومن بعد، رأينا زخم تزايد حجم الناتج القومي يرتفع بوتيرة معقولة ومن ثم متسارعة منذ 2007 حتى 2009، وانخفض معدل ارتفاع الدخل عام 2010. وسجل هذه السنة تراجعاً في معدل النمو، وقدر خبراء صندوق النقد الدولي النمو في 2011 بما يساوي 2,5 في المئة وهذا الرقم يعني أن فرص العمل لن تتوسع، وان فائض ميزان المدفوعات سينخفض، وان السنة المقبلة ستكون سنة أزمة حقيقية إذا لم تتعدل ظروف تنشيط الاقتصاد وتسييره بصورة جذرية.
إذا عرضنا أسباب التحفز والانجاز في فترات الطفرة، نجد أن المكونات الأساسية تمثلت في استقطاب الكفايات، والمعارف، والموارد من اللبنانيين والعرب وتفاعل هؤلاء بعضهم مع البعض في مناخ من حرية التواصل والتعبير والملكية والمبادرة تحت سقف الاستقرار الأمني إلى حد مقبول.
وخلال فترة التسعينات، وفي 2007 و2009 ظهرت بيروت كأنها الملاذ لرأس المال الذي أهدر بعضه في الخارج، وتسربت إلى المؤسسات الناجحة وسائل العمل الحديثة واستعمال أدوات الاتصال والتحليل الرقمي وتوسع قدرات الشباب اللبناني في هذه المجالات، كما حققت المصارف اللبنانية قفزات نوعية وكمية لم تتوقع حصولها غالبية المنظرين. وبرزت أهمية قطاع الخدمات في التعليم، والمشورة المالية، والتسليفات المركبة، وتنظيم المؤسسات، والخدمات القانونية ذات الطابع الدولي.
اليوم تعطلت منذ مدة فاعلية الحكومة في إدارة الشأن العام، والقطاع العام الذي يشمل الحكومة والمؤسسات التابعة لها كمؤسسة كهرباء لبنان، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وشركة طيران الشرق الأوسط، وقطاع الاتصالات، هو في حال شلل أو تراجع ملموس، كما يعرف كل مراقب للتطورات في المجالات المشار إليها.
إن المؤسسة الحكومية الوحيدة التي لا تزال تعمل بحيوية وانتظام هي مصرف لبنان. وقد ساهم المصرف المركزي في دفع معدلات النمو، كما ساهم عن سبيل استقرار سعر الليرة واستقرار النظام المصرفي في استقطاب الودائع وتحقيق فوائض على حساب ميزان المدفوعات.
لقد وسع المصرف المركزي دوره في الدورة الاقتصادية على شكل يبدو كأنه يناقض النظرة الكلاسيكية الجامدة لدور المصارف المركزية. لكن هذا التوسع، إضافة إلى ضبط الأوضاع المصرفية، كان الركيزة الأساسية لنجاح لبنان في تخطي آثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي أهدرت مليارات الدولارات في خسائر واجه اللبنانيون قسطاً منها بالنسبة إلى ودائعهم في الخارج، وخصوصاً في سويسرا، وتالياً أقبلوا على تحويل أموالهم إلى لبنان بكثافة. فاستقبلنا عام 2009 ما يزيد على 23 مليار دولار حققت لنا فائضاً على ميزان المدفوعات تجاوز ثمانية مليارات دولار، وهذا الفائض يشكل الذخر الذي يسمح بتمويل حاجاتنا لهذه السنة وليس بالضرورة لسنة 2012 إذا لم نرفع مستويات الأداء والقرار.
ولا شك في أن مصرف لبنان بات يتمتع بطاقات قيادية مهمة في الكثير من مناصبه، لكن ضابط الإيقاع والهندسة المالية كان الحاكم، وتالياً فإن تأخير موضوع التمديد للحاكم أمر يقع في خانة تراجع دور المؤسسات العامة، ولا يجوز أن نعرض المؤسسة الوحيدة الفاعلة والمنقذة للتساؤل.

بقلم مروان اسكندر  - النهار الجمعة 13 أيار 2011 - السنة 78 - العدد 24387

1 تعليقات::

alshahed يقول...

THANK YOU..

you are welcome.. waiting your next visit..

إرسال تعليق