الأربعاء، 18 مايو 2011

المرأة الفلسطينية في السياسة المحلية في إسرائيل

تتميز معظم المجتمعات في العصر الحديث بتهميش دور المرأة في السياسة ويعود هذا التهميش في رأي معظم الباحثين في مجال العلوم الاجتماعية إلى تعريف السياسة كمجال ذكوري. يناقش هذا المقال قضية تهميش المرأة الفلسطينية مواطنة دولة إسرائيل في السياسة المحلية في إسرائيل ويحلل المعوقات، الصعوبات والمشاكل التي تواجهها هؤلاء النساء في طريقهن إلى العمل السياسي.

الأقلية القومية العربية الفلسطينية (لاحقاُ الأقلية القومية العربية \ الفلسطينية التي بقيت في إسرائيل بعد قيام الدولة هي جزء من المجتمع العربي البطرياركي المحافظ. وفي هذا المجتمع تؤثر العادات والتقاليد والدين تأثيراً بارزاً على أفرادها ويتم تقسيم العمل بين المرأة والرجل داخل الأسرة وخارجها على أساس الجنس بشكل واضح حيث يتم بحسبه تحديد وقصر دور المرأة على المجال الخاص وتلقى كل محاولة للمرأة في هذا المجتمع لاختراق المجال الخاص المتمثل بالبيت والعائلة إلى مجالات أخرى جديدة، بالذات المعتبرة ذكورية، بالمعارضة الشديدة. كما وتعاني هذه الأقلية من تهميش سياسي وتمييز رسمي متواصل وعلى الرغم من التطورات والتغيرات التي رافقته في جميع المجالات وعلى الرغم من كون المرأة فيه اخترقت جدار المنزل، في طريقها إلى العمل المأجور والتعليم العالي، إلا أن مشاركتها السياسية بقيت مهمشة على جميع الأصعدة. فمنذ قيام الدولة نجحت 12 امرأة فلسطينية في الوصول إلى الحكم المحلي كعضوات وامرأة واحدة فقط في تولى منصب رئاسة سلطة محلية وذلك في أوائل السبعينات وأخرى منصب نائبة في البرلمان الإسرائيلي في أواخر التسعينات . هذا ورغم التمثيل السياسي البطيء والشحيح للمرأة الفلسطينية في البلاد، تحظى فكرة مشاركتها السياسية وتوليها لمناصب سياسية مختلفة تأييداً واسعاً من قبل قطاعات مختلفة من قبل الأقلية الفلسطينية.
هنا اطرح فرضيتين أساسيتين، تكملان بعضهما البعض، لفهم هذا الواقع: الأولى ترى أن قلة النساء الفلسطينيات في السياسة في إسرائيل تتعلق بالظروف التاريخية لتكون الأقلية الفلسطينية داخل الدولة بشكل عام بعد حرب 1948 وخلق أقلية قومية فلسطينية مهمشة غير منخرطة في السياسة الرسمية وغير الرسمية وأجهزة الدولة بشكل عام. المرأة الفلسطينية، كجزء من هذه الأقلية، ترتبط موضوعياً بوضعها السياسي وبالتالي انخراطها وتطورها السياسيين مرتبطين بعلاقة الأقلية الأغلبية في دولة "اليهود" تعريفاً وممارسة: رجال هذه الأقلية مهمشين في السياسة القطرية مما يؤدي إلى التركز في السياسة المحلية التي ترعى العناصر التقليدية والرجعية التي تدفع المرأة إلى الهامش السياسي والى تنكر الأحزاب ذات الفكر الداعم للمشاركة السياسية لها بهدف البقاء السياسي في ساحة مكتظة وتنافس كبير. السياسات الحكومية المتوالية ترعى هذا الواقع وتحاول الاستفادة منه مما يقويه على حساب المرأة السياسية وطموحها المشروع. الفرضية الثانية ترى في التقاليد والعادات والتفسيرات الدينية المنتشرة لدى هذا الأقلية السبب في تهميش المرأة سياسياً واجتماعياً وعرقلتها من المشاركة السياسية وبالذات من توليها المناصب السياسية ومشاركتها لعملية صنع القرار وهذا عن طريق رفض دعمهن الفعلي في الوصول إلى تلك المناصب أو في عدم دعم إدراجهن في مواقع مضمونة في قوائم الأحزاب المختلفة. تحاول القوى السياسية المختلفة استغلال الواقع التراكمي التقليدي للمجتمع العربي لتحييد المرأة من الطريق السياسي التنافسي واستغلالها لمصالحها السياسية في حين تعجز القوى الداعمة من تطبيق نظرياتها المؤيدة للمرأة أو تتوانى عنها من منطلقات ضيقة.

بعد اتفاقات أوسلو تعرضت الهوية الفلسطينية في إسرائيل إلى أزمة جديدة. فمن ناحية حصل تسارع في عملية "الأسرلة" للأقلية الفلسطينية الأمر الذي حث بهم على المطالبة بالمساواة المدنية داخل الدولة ومن ناحية أخرى تعمقت مشاعر الاضطهاد المدنية والقومية نتيجة الاغتراب والإهمال المستمر من قبل الدولة بعد هذه الاتفاقات كذلك نتيجة لاستمرار الصراع مع الفلسطينيين على الرغم من عقد هذه الاتفاقات. خلال هذه السنوات ظهرت في الخارطة السياسية أحزاب وحركات عربية جديدة، وبرزت ظاهرة جديدة في المشهد السياسي العربي تمثلت بانضمام أعداد واسعة من النساء إلى هذه الأحزاب والحركات والى أحزاب قائمة من قبل لكن رغم المشاركة الواسعة للنساء حظيت فئة قليلة جداً منهن لمناصب فعالة ولتمثيل يذكر. معظم هؤلاء النساء لم ينجحن في الوصول إلى مواقع اتخاذ القرار أو تولي مناصب قيادية في القوائم الانتخابية في السياسة المحلية للكنيست. شكل وجود هؤلاء النساء "ورقة تين" للأحزاب العربية وجاء انتخاب المرأة العربية الأولى للكنيست بالذات من قبل حزب صهيوني بعد خمسين عاماً بمثابة فضح لهذا الواقع المرير وللفجوة بين التأييد الكلامي للمشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية ولحقيقة تمثيلها.

تعرضت الأقلية الفلسطينية إلى انقلابات اجتماعية وسياسية عنيفة خلال فترة قصيرة نسبياً حيث عانت وتعاني من صعوبات تنبع من كونها أقلية قومية تناضل من اجل بقائها وهويتها داخل دولة تعرف نفسها بأنها "دولة اليهود" وترفض الاعتراف بها كأقلية قومية، هذا وتتعرض هذه الأقلية بشكل يومي إلى مجموعة من التشوهات الناتجة عن التفاعل بين أقلية فلسطينية وأغلبية يهودية. يؤدي الوضع المعقد لهذه الأقلية إلى تعقيد وضع المرأة الفلسطينية، والتي هي جزء لا يتجزأ منها، أكثر وأكثر.

أساليب البحث التي اعتمدتها لفحص الفرضيتين تتمثل في مقابلات للعمق مع ثلاثة قطاعات:
1. مع نساء فلسطينيات ممثلات وفعالات في السياسية المحلية 2. نواب عرب في الكنيست خلال الدورتين 14 و15 (1996 و1999). 3. مع مرجعيات دينية ورجال دين بارزين من الطوائف الرئيسية الثلاث: الإسلامية، المسيحية والدرزية.
كما ويعتمد البحث العملي على استطلاع للرأي قمت به في الوسط العربي هو الأول من نوعه حول هذا الموضوع. اجري الفحص على 300 رجل وامرأة فوق الثامنة عشر في جميع أنحاء البلاد (لا يشمل القدس) آخذاً بعين الاعتبار الانتماء الديني، الجغرافي، المستوى الثقافي والاقتصادي-الاجتماعي وهو يفحص آراء هذا الوسط من قضية الاهتمام والمشاركة العامة والسياسية للمرأة الفلسطينية. يهدف دمج الأساليب في الفحص الميداني إلى تعميق النقاش وتأكيد الاستخلاصات المختلفة المنبثقة عن البحث.
المرأة الفلسطينية في الحكم المحلي
تحدثت الأدبيات المختلفة عن كون السياسة المحلية مجال مريح وطبيعي للمشاركة السياسية للنساء (Hollis,1987 ) وعلى أن التمثيل النسائي في الحكم المحلي سبق تمثيلهن في السياسة القطرية. برز هذا الأمر في بريطانيا في الستينات من القرن التاسع عشر بالذات في المناطق القروية في ظل غياب حكم محلي مركزي ومشترك واعتماده على جمعيات ومكاتب تقدم الخدمات الأساسية للسكان بالذات في مجال الصحة والتعليم. بدأت النساء في دخول هذه الجمعيات من منطلق الرغبة في المساعدة ومن هنا كان عملهن الجماهيري بمثابة تطوع لخدمة المجتمع وتحسين ظروفه وهكذا عندما تم تأسيس الحكم المحلي استيعبت النساء به وتمثلن بصورة طبيعية بسبب مشاركتهن الطويلة في الجمعيات.
هذا التاريخ يبرز أن المرأة لم تملك أهداف سياسية في عملها المحلي وإنما تطوعية اجتماعية حيث أن معظمهن كن متدينات ونبع عملهن الجماهيري من الرغبة في العطاء والمساعدة ومن إحساس عميق بالمسؤولية تجاه مجتمعهن.
وتعلمنا الأدبيات المختلفة على أن المرأة التي تدخل المجال السياسي المحلي أو القطري تبقي على اهتماماتها في الأمور الاجتماعية كالصحة والتعليم والرفاه حيث تعالج المرأة هذه الأمور بشكل يومي في حياتها الخاصة كونها أم مربية وزوجه. من هنا يتوقع الباحثين أن يتم استيعاب النساء بصورة كبيرة ومريحة نسبياً قي الحكم المحلي في الأماكن المختلفة.

يثبت واقع المرأة الفلسطينية في السياسة المحلية في إسرائيل أن الفرضيات والأدبيات المختلفة المذكورة لا تتلاءم مع واقعها المهمش وتؤكد المعطيات التي جمعتها في الفحص الميداني أن المرأة الفلسطينية مهمشة في السياسة المحلية (والقطرية) وأن معوقات أساسية لا تجعل استيعابها المستقبلي أمراً سهلاً . المعطيات الآتية تستعرض مسيرة خمسين عاماً من التمثيل السياسي للمرأة الفلسطينية في السياسة المحلية كما ويتتبع مسيرة إخفاق بعض السياسيات في الوصول إلى هذا المنصب:
انتخبت السيدة فيوليت خوري ( متزوجة أم لثلاثة، عاملة اجتماعية انتخبت في سن 46) من كفر ياسيف عام1969 عضوة في المجلس المحلي وعام 1972 كأول امرأة فلسطينية ترأس المجلس المحلي من قبل قائمة مستقلة. هذه التجربة التي استمرت عامين لم تتكرر حتى يومنا هذا. استمر انتخاب خوري بعدها كعضوة في المجلس حتى 1981 حيث تم انتخابها كنائبة للرئيس حتى وفاتها عام 1987. سميرة خوري ( أرملة أم لثلاثة، عاملة اجتماعية انتخبت في سن 40) من الناصرة رُشحت من قبل الحزب الشيوعي بشكل مستمر وتمكنت من دخول بلدية الناصرة عام 1973 لكن التجربة لم تستمر بسبب تفكك المجلس. عام 1983-1993 دخلت مجلس كفر ياسيف المحامية ناهدة شحادة من قبل الحزب الشيوعي الإسرائيلي وشغلت دورتين (عزباء ، انتخبت في سن 25).
عام 1988 انتخبت في بلدية الناصرة سامية حكيم ( متزوجة أم لثلاثة، انتخبت في سن 45) ولا تزال حكيم تشغل عضوية البلدية من قبل الحزب الشيوعي ثلاث دورات متتالية حتى يومنا هذا وتعتبر من ابرز النساء الفلسطينيات في الحكم المحلي في إسرائيل.
عام 1992-1993 دخلت فاتنة حنا مجلس الرامة بعد استقالة عضو في قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ( متزوجة أم لاثنين، عاملة اجتماعية انتخبت في سن 42).
عام 1993 تنافست المربية جهاد جبارين(متزوجة ، دخلت في سن 40) من أم الفحم في قائمة مستقلة لكنها لم تنجح عام 1994 بعد وفاة رئيس القائمة دخلت المجلس حتى1998 لكنها لم تعاود التجربة.
عام 1998 نجحت سهام الفاهوم ( متزوجة أم لأربعة، عاملة اجتماعية انتخبت في سن 47) من الناصرة من دخول بلدية الناصرة من قبل قائمة "الناصرة موحدة" المقربة من الحركة الإسلامية ولا زالت حتى اليوم بالإضافة إلى تعيينها نائبة للرئيس.
عام 1998 دخلت المربية عطاف جبارين بلدية أم الفحم في اتفاق تناوب لمدة عامين بلدية أم الفحم من قبل الحركة الإسلامية ثم 6 أشهر خلال عام 2001.
عام 1999 دخلت المرأة الدرزية الأولى ملكة قرا ( متزوجة أم لأربعة، دخلت في سن 47)إلى مجلس دالية الكرمل بحسب اتفاق تناوب في قائمة عائلية لمدة تسعة أشهر.
عام 1999 دخلت وفاء أبو الهيجاء (عزباء في حينها، سن 28) من قبل قائمة عائلية في قرية كوكب أبو الهيجاء (قرية في الجليل) بعد انسحاب المرشح الأول من القائمة ولا تزال حتى اليوم.
في أواخر عام 2000 دخلت الممرضة سامية عراف ( متزوجة أم لثلاثة، دخلت في سن 41) إلى مجلس محلي معليا (قرية في الجليل الغربي)عن الجبهة للسلام والمساواة بحسب اتفاق تناوب ولا تزال حتى اليوم. 2003 دخلت مجلس معليا المحلي المحامية سلمى واكيم (متزوجة أم لأربعة، دخلت في سن 58) من قبل قائمة مستقلة حتى اليوم.
يبين عرض معطيات النساء الفلسطينيات في الحكم المحلي على أن:
* عشر نساء هن من الجليل اثنتين من المثلث ولا توجد أي امرأة من النقب.
* 5 من 12 انتخبن من قبل الحزب الشيوعي الإسرائيلي أو الجبهة 4 منهن مسيحيات الأمر الذي يتوافق مع تاريخ القيادة في الحزب حتى أواخر السبعينات والتي كانت بمعظمها قيادة مسيحية وعلى أن أوائل النساء الفلسطينيات اللاتي اندمجن في السياسية كن مقربات من هذا الحزب. اثنتين من النساء من الحركة الإسلامية والباقي من قوائم حمائلية أو مستقلة.
*حتى عام 1998 خمس نساء دخلن المجالس المحلية وسبع نساء بعد هذا التاريخ. من النظرة الأولى قد يبدو ذلك تغيراً جوهرياً لكن الحقيقة أن النساء تدخلن اليوم بسبب اتفاقيات التناوب ولفترات قصيرة وان الأحزاب والقوائم المختلفة لا تجازف في وضع المرأة على رأس القائمة بحجة أن جمهور المصوتين لن يتحمسوا لمثل هذه الخطوة التي قد تفقدهم أصواتاً ودعماً.
• يتضح أن بروفيل المرأة الفلسطينية السياسية هو امرأة متعلمة حاصلة على الأقل على شهادة جامعية (9 نساء حصلن على لقب أول في العلوم الاجتماعية على الأغلب، برز بينها العمل الاجتماعي والتربية)، وهي التي تجر من وراءها عمل جماهيري طويل عادة في المنظمات النسائية والعمل الجماهيري، هي أيضا امرأة متزوجة في أوائل الأربعينات (42) ولها عائلة متوسط الأولاد فيها 3 وقد ازدهرت مسيرتها السياسية فقط بعد أن أسست حياتها الاقتصادية والاجتماعية والعملية حيث اختارت عندها مجال التنافس السياسي بعد أن كانت على الأغلب فعالة على نطاق جماهيري أو حزبي.

وفي عدة مقابلات صحفية (الصنارة 21\7\1998) مع نساء ترشحن للعضوية في الانتخابات البلدية الأخيرة 1998 لكنهن لم يفزن (ابتسام محاميد من الفريديس، نعمة غزاوي من قلنسوة، سوسن مصري من جديدة وسامية ناصر من مجد الكروم) أشارت 3 من هؤلاء النساء إلى عنصر العائلية \ الحمائلية كإلى المعوق الأبرز في السياسة العربية المحلية في وجه المرأة ذات الطموح السياسي والذي يمنعها من تولي المناصب القيادية ومن ممارسة مشاركتها السياسية بشكل عادي وطبيعي فالانتخابات المحلية في الوسط العربي حمائلية بالأساس وذكورية تلعب المصالح الفردية بها دوراً هاماً بسبب كون السلطة المحلية مشغلاً رئيسياً للعشرات. رغم ذلك أكدت هؤلاء النساء أنهن سيعاودن تكرار التجربة في المستقبل على أمل أن تغييرات، ولو بطيئة، في المفاهيم والظروف الموضوعية التي قد تساعدهن في النجاح في المرة القادمة. قلة من النساء رأت في الحمائلية ايجابيات وسلبيات حيث للحمولة اكبر الأثر في دعم المرأة سياسياً ومعنوياً إذا نجحت عائلة هذه المرأة\ عائلة زوجها في استمالة دعمها. هذا وكان عدد من الباحثين في السياسة وعلم الاجتماع (إيلي ريخس، اسعد غانم، عزيز حيدر) قد بينوا في تحليلاتهم لنتائج الانتخابات المحلية عام 1998 ازدياد قوة الحمولة وتضعضع الأحزاب في السياسة المحلية وتوقعوا ازدياد هذه القوة في الانتخابات المقبلة وتغليب المصالح الفئوية على المصلحة العامة.
*أشارت معظم النساء على أن هنالك قطاعات محافظة لا زالت ترفض المشاركة السياسية للمرأة العربية على الأكثر من منطلقات انتهازية ضيقة متخلفة حيث أن الرجل العربي بشكل عام غير ناضج لفسح المجال للمرأة العربية بالمنافسة والنجاح في هذه المنافسة ولو أنه قد يبدي نظرياً مثل هذا القبول. الأحزاب العربية من جهة أخرى، ورغم دعمها ودعم القيادات السياسية عامة لموضوع المشاركة والتمثيل السياسي للمرأة، إلا أنها في الواقع لا تختلف عملياً عند التطبيق وتنحني أمام الحمائلية والحسابات الفئوية الضيقة مما يؤدي إلى دحر المرأة من مواقع صنع القرار والتمثيل السياسي الرفيع.
* أكدت معظم النساء إلى أنهن لاقين كل التشجيع بعد نجاحهن من سائر الأعضاء في المجالس المحلية لكنهن أكدن على أن التشجيع والاحترام يكتسب بالعمل الدؤوب في المجلس ومع الناس.

استخلاصات أساسية من المقابلات للعمق مع النساء السياسيات\ممثلي الجمهور ورجال الدين
• بيّن التحليل لمقابلات العمق مع النساء السياسيات الفلسطينيات أن لعامل التربية الاجتماعية الأثر البارز في التطور السياسي لهن. هذه التربية تبدأ في الصغر وترافق المرأة في مسيرتها الطويلة حتى بعد انخراطها في العمل السياسي. تلف هذه التربية القيود حول المرأة وترسم لها الخطوط التي عليها إتباعها في حياتها الشخصية والعملية وتحصره، ولو فكرياً ونفسياً ، في إطار محدد هو إطار العائلة والبيت كما و تحدد لها مسار حياتها العملية وطموحاتها وتضع في وجهها العراقيل في حين اختارت المرأة طريقاً آخر غير ما حددته لها هذه التربية والمجتمع. بيّن التحليل أن نضال المرأة السياسية لم يبدأ عند بداية مسيرتها السياسية وإنما هو نضال مستمر بدأ منذ الطفولة وتمحور حول الرغبة في الاستقلالية في القرار والتصرف، الحفاظ على الهوية الذاتية وحق الاختيار في الحركة والتعليم.

* بيّن التحليل أهمية الثقافة والتعليم العالي لدى تلك النساء في تفتح وعيهن القومي والنسوي\النسائي. معظم النساء الفعالات البارزات اليوم هن نساء انخرطن في الحياة السياسة في الجامعات حيث أكدن أهمية تأثير الكامبوس الجامعي على وعيهن السياسي - القومي أولاً ومن ثم النسائي. تتفق هذه النتيجة مع النظريات المطروحة حول أهمية التعليم العالي للمرأة وأهمية احتكاكها في عالم أكاديمي منفعل اجتماعياً وسياسياً في بلورة وعيها السياسي والنسوي.

* نجحت النساء السياسيات في شق طريقهن السياسي رغم جميع الصعوبات والعراقيل التي وضعها المجتمع وقيمه الرافضة لهذه المشاركة والاهم لتمثيلها في مواقع سياسية ورغم هذا النجاح اختارت معظم هؤلاء النساء التصرف بتوازن بين حياتهن الاجتماعية وطموحهن السياسي فصرحن في كثير من الأحيان أن حياتهن الأسرية وأولادهن يأتون في المرتبة الأولى وقبل كل شيء واختارت هؤلاء عدم التصدي مباشرة للزوج والعائلة والمجتمع وذلك من اجل البقاء سياسياً في مجتمع لا يتحمس لهذه المشاركة الفعالة ولا يأخذها كممارسة مفهومة ضمناً للنساء. قليل من النساء الفعالات التي أجريت معهن مقابلات للعمق اضطررن إلى مواجهة العائلة، الزوج والمجتمع ودفعن ثمناً لهذه المواجهة شخصياً واجتماعياً لكن هؤلاء أعربن عن تقبلهن لهذه النتيجة لأنهن مقتنعات في صدق طريقهن وواعيات للمجتمع الذي يعشن به وبالتالي للثمن الذي تضطر المرأة في مسيرة عطائها السياسي أن تقدمه.

* كان لإصرار هؤلاء النساء على مواصلة الطريق السياسي الذي اخترنه أهمية قصوى في تغيير نظرة وموقف العائلة والزوج والمجتمع من مسألة المشاركة السياسة للمرأة في السياسة حيث فرضن واقعاً ومهدن الطريق لنساء أخريات خاصة من الأجيال الأصغر سناً. رغم ذلك بقيت التربية الاجتماعية غير متحمسة لهذا التغيير حيث لعبت المرأة نفسها دور الرقيب على المرأة بداً من الأم والأخت ونساء العائلة اللاتي رأين بهذه المشاركة تقصيراً لواجب المرأة ودورها المثالي الذي تحدد لها منذ الولادة في بناء أسرة وتكريس كل الطاقات لها ورافقت هذه التربية النساء في مسيرتهن السياسية خارج الأسرة في الأحزاب والمجتمع الكبير حيث حوربت النساء أحيانا من نفس المنطلقات الاجتماعية ومن جمهور المصوتين من النساء اللاتي، وإن أيّدن نظرياً أن للمرأة كل الحق في المشاركة والتمثيل السياسي، رفضن دعم المرأة عملياً في عمليات التصويت انطلاقاً من عدة أسباب منها الاقتناع أن السياسة هو مجال ذكوري لا يلائم طبيعة المرأة وان المرأة العربية لا يجب أن تزج نفسها في مجال تنافسي "قذر" لا يليق بالقيم الاجتماعية السائدة حتى ولو ملكت المؤهلات والقدرة على دخول هذا المضمار.

* كان للانتماء الطبقي، الاجتماعي-الاقتصادي للنساء الفعالات أهمية في رسم الطريق السياسي للنساء السياسيات فعلى العكس من فترة الانتداب البريطاني حيث لعبت نساء الطبقة العليا الدور الأساسي في التنظيم السياسي النسائي، انتمت المرأة السياسية بعد إقامة دولة إسرائيل إلى الطبقة الوسطى العاملة وأحيانا إلى الطبقة الفقيرة. رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية لهؤلاء النساء إلا أن معظمهن نال شهادة جامعية في وقت كان التعليم الجامعي للعرب في إسرائيل في بدايته. تحسنت الظروف الاجتماعية لهذه النساء فقط بعد انخراطهن في العمل والحياة المهنية بالذات نتيجة للشهادة الجامعية والقلة بسبب زواجهن من رجال ميسوري الحال. أشارت بعض النساء إلى الانتماء الجغرافي والديني كعامل ذا تأثير على المسيرة السياسية للمرأة حيث قلن أن المدينة أسهل من القرية(في السياسة القطرية) والديانة المسيحية تعطي مساحة حرية اكبر للمرأة من الديانة الإسلامية والدرزية وان العمل السياسي للمرأة في منطقة الجليل أسهل للمرأة من منطقة المثلث والنقب ورغم ذلك أكدت هؤلاء النساء أن هذه العوامل لها تأثير في البداية فقط حيث أن نقطة انطلاق المرأة قد تتغير بتغير هذه العوامل لكن النتيجة في النهاية تتقرر بمدى مثابرة المرأة على مواصلة طريقها السياسي الذي اختارته.

*نشأت معظم هذه النساء في بيوت غير سياسية وبيوت ابتعدت عن السياسة ومنعت حتى الحديث في السياسة خوفاً من البطش في العقود الثلاثة الأولى لقيام الدولة رغم ذلك أعلنت عدة نساء نشأن في بيوت غير سياسية أنهن حظين بتربية وطنية غير مباشرة في بيوت تحدثت عن النكبة والحرب والاقتلاع والتشرد وأنهن تأثرن من أحداث عاصفة كموت عبد الناصر ومجزرة صبرا وشتيلا ومن مصادر مقربة للعائلة كالأصدقاء خاصة من فعاليات الحزب الشيوعي وصحيفته وفعالياته المختلفة الأمر الذي أدى إلى تخرج العديد من النساء من صفوق هذا الحزب فيما بعد كفعّالات وممثلات جمهور. مثير للاهتمام أن 9 من بين هؤلاء النساء تزوجن من رجل سياسي\فعال وقد أشارت إحداهن إلى أن ترشيحا كان يخلق حساسية لدى زوجها لعدم ترشيحه إلى أن اعتاد تقبل الأمر.

* تفتح الوعي لقضية المرأة لدى لمعظم النساء في الأحزاب العربية الوطنية في نهاية الفترة الجامعية حيث تركزن في سنين الجامعة في النضال الوطني والقومي وبعد أن خاب أملهن في الأحزاب التي انتمين إليها في أن ترفع راية تغيير مكانة المرأة العربية وقد ازداد الوعي تدريجياً بعد انخراطهن في العمل. بعض النساء تركزن في المنظمات النسائية وأهملن العمل السياسي وبعضهن دمج بين المسألتين مع التشديد على أن المرأة العربية عليها أن تناضل في قضية المرأة حيث أن الأحزاب العربية وان دعمت نظرياً المرأة إلا أنها لا تضع هذه المسألة كأولوية ولا تتعامل معها كقضية اجتماعية من الدرجة الأولى لا تخص المرأة وحدها وإنما المجتمع بكامله.
* بينه هامة برزت من خلال لقاءات العمق مع النساء هي فضح عدة نساء سياسيات لأمور داخلية داخل الأحزاب العربية والصهيونية على السواء وهي تدعي أن القيادة الذكورية في هذه الأحزاب ترفض المرأة "القوية" التي تتنافس وتبرز استقلالية وعناداً سياسياً وبالتالي تحبط هذه القيادة تقدم امرأة من هذا النوع وتمنع بشكل خفي نجاحها في الوصول إلى مراكز صنع القرار بينما نفس الأحزاب بدفع المرأة التي لا يوجد لديها الروح التنافسية وذات الطموح والقدرة السياسية المحدودة إلى مواقع متقدمة سياسياً.

* تدمج جميع النساء السياسيات البارزات بين عملهن السياسي في الأحزاب والحركات المختلفة وبين عملهن الجماهيري في منظمات نسائية واجتماعية قد تكون تابعة للأحزاب وقد تكون منفصلة عنها. تتعامل هذه النساء بشكل عام مع العمل النسوي\النسائي والجماهيري بأنه عمل سياسي كامل ويرين مفهوم السياسة من منطلق اشمل هو في أساسه "التغيير الاجتماعي" الذي يؤثر ويغير المجتمع تدريجياً ولكن ثورياً وحقيقياً وترفضن سياسة اتخاذ القرارات الفوقية التي لا تؤدي تغيير حقيقي في المفاهيم والأفكار وبالتالي تكون عملية التغيير الاجتماعي، أن حصلت، مشوهة وبلا جذور.

*رأى قسم من النساء السياسيات أن المنصب ليس غاية ولا وسيلة لهن وأكدن أنهن لا يتلهفن للوصول إلى أي منصب منتخب في الكنيست وأنهن يفضلن العمل في الحقل بدون منصب رسمي وأنهن يرين بهذا العمل الحقيقي. رغم ذلك كانت قلة من النساء اللاتي أعربن عن خوفهن من المنافسة وعدم ثقتهن بأنهن قادرات على خوض التجربة التنافسية في الأحزاب ومنهن من أعربن على أنهن يرفضن التنافس في الأحزاب لأنهن يدركن الصعوبات والنظرة السلبية التي تتعرض لها المرأة ذات الطموح السياسي حين تتنافس المواقع "الذكورية" البارزة فتحظى بالتجريح والإهانة أكثر مما تحظى بالدعم والتشجيع.

*احد الاستخلاصات الهامة التي برزت في المقابلات للعمق مع النساء السياسيات هو التناقض المثير لعديد من تلك النساء اللاتي أكدن أكثر من مرة أن المرأة العربية التي تنوي البقاء في العمل السياسي والنجاح به عليها أن تتصالح مع المجتمع والتقاليد وان المرأة التي تفكر في تحدي المجتمع لن تستطيع الحصول على دعمه في مسيرتها السياسية. هؤلاء شددن على أهمية اللباس المحتشم، طريقة الحديث واحترام تقاليد كل مجتمع في اللقاءات والاجتماعات الحزبية وأكدن أنهن كسبن الكثير من الاحترام والتأييد في المجتمعات المحافظة بسبب احترام تقاليده وعاداته.

*يتشدد رجال الدين في الديانات الإسلامية والدرزية على قضية الاختلاط بين الجنسين وانعكاساته السلبية ومن هنا يبرز عدم التحمس للمشاركة السياسية للمرأة من منطلق الخوف من تبعات هذا الاختلاط وتكريس المرأة الفعالة للوقت خارج المنزل وقضائها ساعات متأخرة خارج المنزل في رفقة الرجال. ورغم ذلك أكد رجال الدين من الديانة الإسلامية (والتي هي ديانة 76% من الفلسطينيين في الداخل) أنه شرعياً ودينياً تستطيع المرأة المسلمة المشاركة في جميع المجالات السياسية ودرجات التمثيل السياسي ماعدا منصب "خليفة الأمة"، بما معناه جميع المناصب حيث أن منصب خليفة المسلمين غير موجود في أيامنا وقد أشار النواب العرب من الحركة الإسلامية إلى المشاركة الواسعة للمرأة المسلمة في الحركة.
* أشار النواب العرب إلى عدة أسباب لواقع تهميش المرأة العربية في السياسة وأكدوا على أن قصر دورها على المجال الخاص يأتي من منطلقات دينية وثقافية حيث أن القيم السائدة التي تراكمت عشرات السنين لها الدور الأكبر في تحديد دور المرأة وحصرها على الحياة الخاصة. كما وأكدوا على أن الأحزاب العربية لا تستطيع استيعاب نساء في أماكن مضمونة بسبب التنافس الكبير على عدد محدد من المقاعد. تطرق النواب إلى تسلط الحمائلية على الانتخابات المحلية كسبب آخر لواقع تهميشهن وعلى أن المرأة نفسها مسؤولة عن وضعها لقلة النساء اللاتي يتمتعن بالمواهب والقدرة السياسية أو لرفض قسم من النساء المؤهلات الدخول في مثل هذا المجال.

*أكد النواب من الطائفة الدرزية على أن الوضع في الوسط الدرزي أصعب من باقي الأوساط بسبب التشديد الديني على المرأة وحساسية قضية الاختلاط بين الجنسين هذا وكانت امرأة درزية فعالة واحدة فقط قد وصلت إلى منصب عضوة في مجلس محلي وقد أشارت في مقابلة للعمق معها إلى هذه المسألة لكنها أكدت أنها ستنوي دخول المجال ثانية وان المرأة الدرزية تستطيع دخول هذا المجال والحصول على الموافقة الاجتماعية والدينية إذا تصرفت بحسب القواعد والأصول التي يفرضها المجتمع والدين.
كان لرفض المرجعية الدرزية الحديث عن المشاركة السياسية للمرأة الدرزية في إسرائيل إشارة إلى حساسية هذا الموضوع حيث أنه تطرق إلى هذه المشاركة في دول كلبنان وسوريا حيث شاركت المرأة الدرزية وتفوقت في مجالات ذكورية كالقضاء والسياسة والقتال كما وأسهب في المشاركة للمرأة الدرزية في إسرائيل في مجالات العمل والتعليم المختلفة ويبدو أن المجال السياسي لا زال بمثابة "طابو".وقد أكد النواب من الطائفة الدرزية على قدرة وأهمية المشاركة السياسية للمرأة العربية بشكل عام والدرزية بشكل خاص وأشاروا إلى خوف قياديي الطائفة من التغيير الحاصل لدى الشباب الدروز في ظل تعرضهم لمجتمع مختلف وعلى أن كون المرأة صمام الأسرة والمجتمع يؤدي إلى التخوف من أي تغيير في وظيفتها الأساسية والذي قد يزعزع أركان هذه الطائفة التي تعي أنها أقلية وتود الحفاظ على هويتها الخاصة وتميزها. وقد أكد احدهم على أن تطرفاً دينياً يمنع المرأة الدرزية من المشاركة السياسية وأنه لا يوجد أي مانع ديني في الديانة الدرزية لهذه المشاركة.
* رأى بعض النواب أن مسألة تهميش المرأة في السياسة هي مسألة عالمية وان المرأة في كل مكان تعاني من تهميش بدرجات مختلفة خاصة في السياسة وان الأمر غير مقتصر على المرأة في المجتمع العربي. ورأى آخرون أنه بينما العالم يتطور إلى الأمام في مجال فتح المجال أمام المرأة لمجالات عديدة اعتبرت في السابق معقل الرجال فإن الوضع في العالم العربي ووضع المرأة العربية لا زال متأخراً ومكبلاً بالعادات والتقاليد والمفاهيم المتخلفة التي عفا عليها الزمن.
رجال الدين المسيحيين رأوا، بالمقابل، أن المعوق الحقيقي في وجه المرأة ليس الدين وإنما كون المجتمع العربي مجتمعاً ذكورياً وبالتالي أن التراكمات الثقافية والحضارية تحد من تطور المرأة في هذه المجال.

*لخص النواب العرب الأسباب التي تعرقل مشاركة المرأة في السياسة والتي تكمن في كون المجتمع العربي مجتمعاً ذكورياً بطرياركياً شوفينياً حمائلياً متخلفاً تحكمه العادات والتقاليد منذ مئات السنين. أشار النواب من الطائفة الدرزية والوسط البدوي إلى أن وضع المرأة الدرزية والبدوية هو أصعب من المرأة العربية في سائر القطاعات وأنه رغم التحولات الكبيرة على مكانة المرأة في هذه القطاعات إلا أنهن لا زلن يعانين من تحديات وصعوبات اكبر.
استخلاصات أساسية من استطلاع رأي حول الموضوع.
وفي استطلاع الرأي حول أسباب قلة النساء العربيات في السياسة في إسرائيل رأى حوالي 60% أن السبب هو مبنى المجتمع العربي وحوالي 20% أن السبب هو المرأة نفسها التي لا تعمل بشكل كاف أو لا تهتم أصلاً في المشاركة السياسية والتمثيل السياسي وحوالي 7% رأوا أن الأسباب دينية ونسبة مماثلة لعدم دعم كاف من قبل الأحزاب وجميع الأسباب المذكورة سابقاً. لم ير الذين أجابوا على الاستطلاع أن عامل الزمن هو سبب هام في عدم دخول واستمرار المرأة في المجال السياسي وأقل من 1% رأوا أن الزمن هو عامل يحد من المشاركة السياسية للمرأة بعكس بعض الطروحات النظرية التي أشارت إلى أن الزمن عاملاً يحد من المشاركة السياسية للمرأة بسبب مسؤوليتها تجاه الأسرة وتربية الأولاد والعمل خارج المنزل. هذا ويتوافق هذا مع إجابات النساء السياسيات اللاتي اجبن أن المرأة التي تود الانخراط في المجال السياسي تستطيع القيام بعمل التوازن المطلوب والحصول على دعم الزوج والعائلة ومساعدتها في تحمل المسؤوليات الأسرية.

وبشكل عام بيّن استطلاع الرأي أن النساء وأولئك الذين عرّفوا أنفسهم كعلمانيين، ذوو الثقافة الأكاديمية، سكان الجليل والمنتمين للديانة المسيحية والمتزوجون مع أولاد هم الفئات الأكثر دعماً لقضية المشاركة السياسية للمرأة العربية في السياسة بصورها المختلفة في البلاد. بين الاستطلاع وجود فوارق كبيرة بين الاهتمام والمشاركة السياسية بين الرجل والمرأة العربية فالرجل يهتم أكثر في السياسة، يستمع أكثر إلى نشرات الأخبار ويتحدث أكثر في السياسة مع أصدقائه ومعارفه ، وهو يشارك أكثر من المرأة في جميع المجالات كالمظاهرات والانتماء إلى أحزاب سياسية وله علاقات أكثر مع ممثلي الجمهور. كما وابرز استطلاع الرأي أن نسبة عالية من النساء العربيات يصوتن في الانتخابات وفقاً لإرادتهن الخالصة وليس بضغوطات من العائلة الأمر الذي لا يلائم اعتقادات سابقة حول تصويت المرأة "كقطيع" بحسب إرادة زوجها والعائلة.

خلاصة

يتزايد الاهتمام بقضية المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية في السياسة الرسمية في إسرائيل ويتعاظم هذا الاهتمام مع قرب كل دورة انتخابية محلية أو قطرية.
هذا ويصبح فهم واقع المرأة الفلسطينية السياسية المحاصرة بين كم العادات والتقاليد في مجتمع محافظ تعصف به تغييرات شتى وبين كونها جزءاً من أقلية قومية داخل دولة اليهود هاماً وحيوياً لفهم واقع الأقلية الفلسطينية المأزوم بشكل أعمق وأشمل.

يتضح أن التهميش السياسي للعرب داخل إسرائيل وتركز العرب في السياسة المحلية في ظل السيطرة الحمائلية التقليدية وصعوبة دخول الكنيست هي أسبابا أساسية لعدم إيفاء الأحزاب العربية وعودها وتنفيذ برامجها السياسية الداعمة للتمثل السياسي للمرأة. الانتهازية من جهة أخرى تطبع هذه الأحزاب حيث أن الكثير منها بدأ بدمج المرأة في أسفل السلم ولأسباب إعلامية ولكنها لم ترتقِ إلى حد إعطاء الفرصة للعديد من النساء السياسيات الفعالات سنين طويلة في صفوفها للوصول لمواقع اتخاذ القرار.

التمثيل السياسي للمرأة الفلسطينية لا يزال يعاني من صعوبات شائكة وخلال مسيرة أكثر من خمسين عاماً لم تجد المرأة الفعالة سياسياً مكانها ولم تصل إلى مواقع اتخاذ القرار إلا فيما ندر. مع ازدياد نسبة التعليم العالي والمشاركة السياسية للمرأة وتفتح وعيها النسائي\النسوي أرى أن تجاهل طاقاتها قد يؤدي إلى إحباط لدى هذه المرأة التي لا تجد لها المكان الذي تستحقه وفي ظل الوضع السياسي المتأزم بين الدولة والفلسطينيين في المناطق المحتلة، علاقة الأقلية بالأغلبية اليهودية في الدولة وتسارع الدولة نحو الفاشية والعنصرية أرى أن المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية بالمستوى الذي تستحقه لا زالت بعيدة وأنها لن تتحقق على المدى المنظور وفي جميع الحالات ورغم عدم وجود إشارات إلى أن التغيير قادم في الدورة القريبة إلا أنه على المدى البعيد أتوقع تغييرات هامة في هذا المجال.

في نهاية شهر أكتوبر القريب 2003 تنتخب الجماهير في إسرائيل ممثليها للحكم المحلي. متابعة سريعة للصحف المحلية العربية وبعض من العبرية تبين اهتماماً بالتمثيل النسائي للمرأة الفلسطينية في الحكم المحلي في إسرائيل. متابعة أخرى تبين على أن غالبية النساء، أن لم يكن جميعهن، ممن برزن في المنافسة في الانتخابات المحلية السابقة عام 1998 غير موجودات اليوم على الساحة ولا تنوين الترشح ثانية. بالمقابل أسماء جديدة برزت في طمرة والناصرة ودبورية لنساء قررن المنافسة في قوائم العضوية والرئاسة. فرز الأصوات في الانتخابات القريبة سيحسم التمثيل النسائي في هذه الدورة ويظل السؤال عالقاً هل سيكون تغيراً حقيقياً في هذه المسألة أم أن الأسماء ستختفي كما اختفت سابقاتها وان المرأة ستظل على الهامش هذه المرة أيضا؟

مراجع:

أبو عقصة داود سهير، المرأة الفلسطينية في السياسة في إسرائيل، أطروحة دكتوراه، الجامعة العبرية، القدس.
- بشارة عزمي، الخطاب السياسي المبتور (بالعربية).
- شيفاح فايس، السياسيون في إسرائيل، 1973 (بالعبرية).
- الحكم المحلي في إسرائيل، 1972 (بالعبرية).

بقلم: د. سهير أبو عقصة داود - دكتوراه في العلوم السياسية - 08 ديسمبر 2009

0 تعليقات::

إرسال تعليق