الأربعاء، 18 مايو 2011

عن الشرف والبكارة والختان

المرأة لا شيء سوى أنّها ولدت «بختم ربها» أي «غشاء البكارة»، وواجبها الأول والأخير هو صونه لغاية زواجها «فيغلق باب الشر». هذا بعض ما حَمله المخرج المصري سعد الهنداوي في شريطه الوثائقي «ملف خاص» الذي عُرض ضمن «مهرجان دبي» الأخير. يتمحور الشريط حول مفهوم العذرية والشرف في المجتمع المصري، وهو يمتد ليطال حالةً عربيةً بامتياز مصابة بفوبيا الجنس وكل ما يدور في فلكه. يمضي الفيلم من البداية في تأكيد يأتي على لسان راويته بأنّها في طريقها لاجتياز خطوط حمراء. تبدأ من مفهوم رجل الشارع للعلاقة الجنسية، وكيف أنّ الشاب المصري يقبل أن يحب ويقيم علاقة قبل الزواج، لكن ما أن تسلّم الفتاة نفسها له، حتى يمتنع عن تزوّجها. هذه الازدواجية ستتكرّر في أكثر من لقاء. كذلك فإنّ تحديد مفهوم الشرف عند المرأة سيدفع بالفيلم إلى السؤال عن معنى شرف الرجل، لتتوضّح الصورة بأنّ للرجل الحرية في فعل ما يشاء ما دام لا يملك غشاء بكارة.
يقارب هنداوي موضوعه من مختلف الجوانب الاجتماعية والنفسية والدينية، ويفتح الباب على مصراعيه أمام تحاليل ومقابلات يستكمل من خلالها كل يمكن أن يكون دافعاً أو مؤسساً لفكر ذكوري مهيمن على المجتمع، وحالة الهلع التي يقارب فيها المصري الجنس بوصفه موضوعاً محرماً الكلام فيه مع النساء، فالمطلوب «إخفاء المعلومات عنهن لتولد شخصية مقموعة»، وصولاً إلى الاغتصاب الذي يجري التعامل معه بالعقلية نفسها وبقابلية فطرية لإدانة المرأة أولاً، ومقاربتها بوصفها موضوعاً جنسياً فقط لا غير. إذ إنّ المجتمع المصري، كما يستعرض المختصون والمحللون النفسيون والحقوقيون الذين يتناوبون على تحليل الظواهر، يحمِّل المرأة مسؤولية اغتصابها واعتبار نوع الثياب التي ترتديها مثلاً، سبباً لتعرّضها للاغتصاب، في نفي لواقع أنّ «الاغتصاب فعل عنف وليس جنساً» وأنه لا يستثني المحجّبات والمنقبات، إضافة إلى كونه فعل اغتصاب للمجتمع بأسره.
يعرج الفيلم على ختان المرأة. إذ إنّ نسبة المختونات في مصر ترواح بين 68 إلى 98 في المئة كما يظهر الفيلم، موضحاً عبثيته التي تتجاهل حقيقة أنّ الشهوة موجودة في العقل، وأن هذا الفعل لا يؤدي إلا إلى حرمان المرأة اللذة والعلاقة الطبيعية.
في إحدى القصص، تروي اختصاصيّة نسائية، كيف أنّ رجلاً فضَّل أن تموت ابنته التي تحمل غشاء بكارة مسدوداً، على أن تخضع لعمليّة تهدف إلى إخراج الدم والسوائل المتجمعة في رحمها، فالأفضل كما أجابها: «أن تموت بشرفها».
فيلم هنداوي جريء وهام بموضوعه، ومتسلّح بالسرد والتحليل الذي يتناوب عليه المشاركون فيه من دون انقطاع إلا مع فقرات رقص تعبيري... وهو يمثّل ملفاً خاصاً يطال الجميع. 

الأخبار ** عدد الأثنين ٢٩ كانون الأول ٢٠٠٨

0 تعليقات::

إرسال تعليق