الأربعاء، 27 أبريل 2011

تشييع ناصر في حداثا ومطالب بتسريع التحقيق ومعالجة المخالفات.. صور: تزايد موجة التعدي على الأملاك العامة لغياب قوى الأمن


من المساكن الشعبية في صور أمس (حسين سعد)
وفرت عطلة الأعياد وقتاً إضافيا لتواصل أعمال البناء بوتيرة متصاعدة على المنازل القائمة في الأملاك العامة في غالبية بلدات منطقة صور، التي يوجد فيها مشاعات، إضافة إلى مناطق المساكن الشعبية والزراعة وحي الثكنة شرق صور (حسين سعد). وتجري الأعمال التي أدى تزايدها إلى نقص حاد في مادة الإسمنت وأحجار الأسقف (هوردي)، واليد العاملة من معلمي وعمال البناء، في ظل استمرار غياب دوريات قوى الأمن الداخلي عن الحركة منذ حادثة المساكن الشعبية يوم الخميس الماضي، التي أسفرت عن سقوط ضحيتين برصاص القوى الأمنية، هما علي ناصر من بلدة حداثا الجنوبية، والذي شيع أمس الأول، ووسام الطويل وهو فلسطيني الجنسية.
وأشارت مصادر متابعة للموضوع إلى أن «عملية قمع مخالفات البناء التي تحدث عنها مجلس الأمن المركزي في الجنوب قبل أيام لم تأخذ طريقها إلى التنفيذ بعد»، لافتة إلى «خشية وخوف عند القوى الأمنية (الدرك) من التوجه إلى مناطق الأشغال في الأملاك العامة، وخصوصا في منطقة المساكن الشعبية حتى لا يحصل أي اصطدام مع الأهالي، الذين ما يزالون تحت صدمة مقتل شابين في المنطقة». وأضافت أنه «في ظل هذه الفورة في أعمال البناء، وما رافقها من تطورات وأحداث، لا يمكن قمع مخالفات البناء بالقوة. وأن المطلوب معالجة سياسية وأمنية مشتركة».

إلى ذلك، أقيمت في منطقة المساكن الشعبية في صور ذكرى أسبوع الضحية وسام الطويل، باحتفال تأبيني في النادي الحسيني للمنطقة، حضره عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي خريس، وممثلون عن الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في مخيمات صور وأهالي المنطقة.
وألقى خريس كلمة أشار فيها إلى «أن الشاب وسام الطويل قضى مظلوماً، لا سيما أنه غير معني بمخالفات البناء على الأملاك العامة»، محملاً «القوى الامنية مسؤولية التأخير في معالجة المخالفات»، مطالباً بـ «الإسراع في إصدار نتائج التحقيق حول ما حدث في المساكن الشعبية». وأكد خريس على «أن أهالي الجنوب الذين قدموا التضحيات من أجل تثبيت مشروع الدولة، متمسكين بذلك المشروع، هم تحت القانون وليس فوقه»، معتبراً «أن الفراغ الذي تعيشه البلاد هو السبب في هذه الفوضى»، منتقداً المغرضين «الذين يحاولون تصوير المنطقة على أنها خارجة على القانون».
كما طالب رئيس «لقاء علماء صور» الشيخ علي ياسين «الجيش اللبناني بأن يتولى التحقيق لاكتشاف مطلق النار على الشابين البريئين في الإشكال الأخير قرب صور في المساكن الشعبية، لأن ما يراد من ذلك جرّ الناس إلى الفتنة، لأن كل الشهود العيان يؤكدون على أنه لم يصدر أي إطلاق نار ولم يشاهد مسلح من المواطنين في أثناء الإشكال في المساكن الشعبية»، معتبراً أن «الشهيدين سقطا برصاص المؤامرة التي تحاك ضد أهلنا المقاومين وضد الجيش»، مؤكدا على مطالبته «بالحفاظ على الأملاك العامة».
وسأل: «اين من يدعون الديموقراطية والحرية في السكوت على هذا الظلم والتدخل السافر والذين اعتبروا أن استنكار إيران لما حصل في البحرين تدخلا في الشؤون البحرانية، ولم ينظروا إلى الطلبات السياسية الأميركية الموجهة إلى سوريا التي تطلب أميركيا من سوريا وتملى عليها، من هنا نناشد الشعوب الحرة وبخاصة العرب والمسلمين أن يتنبهوا للمؤامرة التي تحاك ضد شعوبهم لفرض الاستسلام عليهم وتحقيق ما تريده أميركا وإسرائيل».
من جهته، رأى النائب هاني قبيسي في احتفال تأبيني في بلدة زبدين (عدنان طباجة) أن «تعميم الفوضى على أي مستوى من المستويات، إن كان ببناء على الأملاك العامة أو غيرها، هو فوضى تقوض قوة الدولة التي آمنا بها جميعا ونسعى جميعا لبقائها ولوحدتها لأنها القادرة الوحيدة على حماية كل اللبنانيين»، معتبراً أنه «لا يجب على أي مواطن أن يسعى لتعميم الفوضى بمخالفة قانونية، ومن يسع لبناء منزل على الأملاك العامة لا يعتبر كسباً أبدا بمواجهة المؤامرات التي تعمم الفوضى».
وفي صيدا (محمد صالح) أعلن رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد أن «التعاطي البوليسي للدولة مع مسألة البناء في الأملاك العامة هو تعاط قاصر لأن المطلوب هو إيجاد حل فعلي للأزمة الاجتماعية المتمثلة بعجز الشباب وذوي الدخل المحدود عن تأمين سقف يؤويهم في ظل الارتفاع الهائل لأسعار البيوت والشقق نتيجة للمضاربات العقارية»، مستنكراً «وقوع الضحايا أثناء قمع القوى الأمنية للمواطنين الذين يشيدون منازل على الأملاك العامة». وقال: «إننا نستنكر تغاضي الدولة عن التعديات على الأملاك العامة البحرية والنهرية من قبل كبار المتمولين وأصحاب المسابح والفنادق وغيرهم من الذين يحظون بالحماية من كبار السياسيين في الدولة، ويدفعون لهم الرشى. كما نستنكر استئساد الدولة على المواطنين العاديين، وكأن هناك أبناء ست وأبناء جارية». واعتبر سعد أن «القضية في معظم الحالات هي قضية اجتماعية. فترك الحبل على غاربه للمضاربين العقاريين، مع غياب أي تشريع أو تدبير لمنع المضاربات، أدى إلى تضخم أسعار العقارات والمنازل والشقق بشكل هائل».
إلى ذلك، أصدر «تجمع أبناء بلدات وقرى يارين، ومروحين، والظهيرة، والبستان، وحانين، وعين بوسوار وبرعشيت» في خراج البيسارية – الزهراني بيانا ردوا فيه على ما وصفوه بـ «المعلومات الخاطئة التي يتم تناقلها حول أسباب بدء مشكلة البناء في الجنوب وربطها بيارين الجديدة «، موضحين أنه «تم تهجير بلدة يارين في 2 تموز العام 1977، وقد انتشر أهالي البلدة من صور إلى طرابلس، ومن ضمنها خراج بلدة بيسارية، حيث باتت المنطقة تعرف بيارين الجديدة مع أنها تضم عائلات من 17 بلدة جنوبية»، معتبرين «ما حصل في خراج بلدة البيسارية هو أن بعض الأهالي وبمبادرة فردية قاموا بعملية ترميم وبناء فوق أسطح منازلهم القائمة، ومنهم أهال من يارين، مع العلم أن تلك المنازل موجودة منذ عام 1977، وتمت تسوية أوضاعها القانونية في العام 1994 في قانون تسوية مخالفات الأبنية». وأشار البيان إلى أن وفدا من أبناء يارين وبعض القرى القاطنين في خراج بلدة البيسارية زار «النائبة بهية الحريري بعدما أوقفت قوى الأمن الداخلي عددا من الأهالي الذين شيدوا أسطحا جديدة فوق منازلهم وكان جواب الحريري حرفياً: يجب أن توقفوا عملية البناء وتراجعوا السلطات المختصة. وأنصحكم أن تشيدوا في بلداتكم وأنا لم ولن أغطي أي مخالف للقانون».
وفي بنت جبيل (علي الصغير)، شيعت «حركة أمل» وأهالي بلدة حداثا أول من أمس، جثمان الشاب علي عبد الأمير ناصر، الذي سقط في حادثة منطقة المساكن الشعبية في صور، في مأتم شعبي حاشد تقدمه النائب علي بزي ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري. وشارك فيه النائبان أيوب حميد وعبد المجيد صالح وعدد من أعضاء المكتب السياسي والهيئة التنفيذية والأقاليم والمناطق في «أمل»، وحشد من رجال الدين وممثلو أحزاب وقوى وفعاليات بلدية واختيارية وحشد من الأهالي.
وانطلق موكب التشييع من أمام منزل ذوي الراحل، وقد حمل النعش ملفوفاً بعلم «حركة أمل»، وتقدمته كوكبة من الأعلام والصور وأكاليل الورد باسم الحركة ورئيسها. وبعدما جاب الموكب شوارع البلدة أم صلاة الجنازة الشيخ محسن الفقيه ثم ووري الجثمان في الثرى في جبانة البلدة.
وأعرب حميد عن أسفه لـ»الدماء البريئة التي سقطت في غير موقعها، لا سيما أن الفقيد علي ناصر هو من الإخوة المقاومين والمجاهدين ضد العدو الإسرائيلي»، مؤكداً «ثقته بلجنة التحقيق لكشف ملابسات ما حصل ومعاقبة المخطئين». واعتبر «أن ما حصل من فوضى على المستويات كافة هو نتيجة الفراغ والشلل السياسي الذي تعيشه الدولة».
ومن جهتها، أعلنت «دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية» في بيان لها، أن «هناك بعض المواطنين الخارجين على القانون ومؤسسات الدولة، اعتدوا على أملاك وقف العلماء المسلمين السنة الملاصقة لـ «مقام الإمام الأوزاعي» بالبناء عليها». ووصف البيان العمل بـ «العدوان على أملاك الأوقاف الإسلامية وينبغي هدم ما بني عليها». وأجرى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني اتصالات برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وبرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وبقائد الجيش العماد جان قهوجي، وبمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وأطلعهم على مجريات الاعتداء. وطالبهم بـ «التدخل فورا وإجراء اللازم لوقف أعمال البناء»، وفق البيان.
في المقابل، أصدرت «حركة أمل» بيانا جاء فيه أنه «بعد تناقل خبر عن مخالفة بناء في منطقة الأوزاعي، أجرت حركة أمل اتصالات ومساعي مع الأهالي، أدت إلى إزالة المخالفة في المنطقة المذكورة».

الجنوب ـ  السفير 26 نيسان 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق