الأربعاء، 27 أبريل 2011

تقرير معهد ستراتفور الدولي حول الحدث السوري

تشير المعطيات الواردة في التقارير والتحليلات الأمريكية والغربية الواردة صباح اليوم في كبريات الصحف والمجلات، والمواقع الإلكترونية الخاصة بمراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية المعنية بالشأن الشرق أوسطي، عن بداية تشكل إدراك جديد أكثر واقعية إزاء الحدث السوري: فما هي الأسانيد الدالة على ذلك وما مدى مصداقية تشكل هذا الاتجاه الإدراكي الجديد؟

*  الإدراك الأمريكي ـ الغربي الجديد: توصيف المعلومات الجارية

درجت كبريات الصحف الأمريكية (نيويورك تايمز ـ واشنطن بوست ـ وول ستريت جورنال ـ بوستون غلوب ـ نيوريبابلك) والبريطانية (الغارديانز ـ التايمز ـ الإندبندنت)، لجهة القيام بتقديم الدعم المعنوي ـ الرمزي الخارجي لكل عمليات التعبئة السلبية الفاعلة التي تستهدف دمشق، وإضافة لذلك ظلت مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الأمريكية (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ـ معهد المسعى الأمريكي ـ معهد هدسون ـ مركز ستراتفور الاستخباري ـ مجلس العلاقات الخارجية ـ مؤسسة جيمس تاونز ـ معهد بروكينغز ـ مؤسسة هيرتيدج وغيرها) تلعب الدور الأكثر خطورة لجهة إنتاج وإعادة إنتاج مخططات ومصطلحات حملات بناء الذرائع ضد دمشق.

أداء هذه المؤسسات الصحفية والبحثية، ظل خلال الـ45 يوماً الماضية أكثر اهتماماً لجهة تصعيد الحملات ضد دمشق، وبرغم ذلك ما كان لافتاً للنظر اليوم تمثل في الآتي:
•  لم يعد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يولي الاهتمام بمتابعة الحدث السوري، وبالتالي لم تظهر أي تحليلات جديدة، وإضافة لذلك بدأ خبراء معهد واشنطن المعنيين بالشأن الشرق أوسطي وتحديداً الشأن السوري أكثر اهتماماً بالتطورات الجارية في الملف المصري والملف الإيراني.
•  مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: تحول مخصصاً جهده البحثي الجاري في التطورات الجارية المتعلقة بالشأن الليبي والشأن اليمني.
أما مركز دراسات ستراتفور الاستخباري الأمريكي، فقد درج على تقديم ما أطلق عليه تسمية "تقرير الموقف" الجاري في سوريا، وظل هذا التقرير يصدر بشكل يومي، وعلى خلفية انعكاس كل توقعات وطموحات خبراء مركز دراسات ستراتفور الاستخباري الأمريكي، ورئيسه جورج فريدمان اليهودي الأمريكي، فقد نشر المركز اليوم على موقعه الالكتروني تقريراً حمل عنوان (تقرير استخباري خام: وجهة نظر من سوريا)، وبالطبع لم ينس خبراء المركز كتابة تعليق صغير يقول (ملاحظة المحرر: الوارد أدناه يمثل نظرة من مصدر ستراتفور بسوريا، وبالتالي فهي نظرة لا تعكس وجهة نظر ستراتفور، وبرغم ذلك فهي تقدم منظورا حول الموقف في سوريا)، هذا، ونشير هنا إلى النقاط الواردة في تقرير مركز دراسات ستراتفور، الذي حصل عليه مصدره الموجود في سوريا، وذلك على النحو الآتي:
• القول بوجود حالة من الفزع هو قول مجافي للحقيقة، وفقط يوجد قلق حول طبيعة ومستقبل الوقائع الجارية، ويتفق في ذلك كل أصدقائي السوريين وغير السوريين.
• المخاوف ليست بفعل المظاهرات الصغيرة المحدودة، وإنما بفعل "العصابات الخفية المسلحة" التي ظلت تستهدف الجميع: المتظاهرين وقوات الأمن.
• الأغلبية العظمى من السوريين أكثر اهتماماً بالتطلع بأمل كبير في أن تتحقق الإصلاحات التي أعلنها الرئيس السوري، بما يؤدي إلى تحسين الأوضاع.
• الحقيقة التي دققت حولها مراراً وتكراراً، تتمثل في أن عدداً كبيراً جداً من الذين التقيت بهم، وتحديداً الذين شاركوا في المظاهرات الأخيرة، قد أكدوا لي بصراحة، الحقيقة القائلة بأن الدافع الحقيقي لمشاركتهم في المظاهرات الأخيرة هو تأثرهم بجرح أو بمقتل أحد الأقرباء أو الأصدقاء أو المعارف، وليس بسبب معاداتهم للحكومة.
• في جلساتي الخاصة مع أصدقائي السوريين، أكدوا لي بأن المطلوب حالياً هو القيام بالإصلاحات والتي يجب أن تحدث ضمن وتائر سريعة، وأن التأجيل وبطء الإصلاحات سوف لن يساعد في تحقيق الهدوء والاستقرار. ونلاحظ هنا، أن مصدر التقرير قد أشار إلى أن المطلوب هو الإصلاحات وليس تغيير النظام كما درجت تقارير مركز ستراتفور على الترويج والتسويق اليومي له.
• أصبحنا أكثر تعوداً على دورة الاحتجاجات التي أصبحت تأخذ شكلاً روتينياً كل يوم جمعة وفي المساجد، وتحديداً بعد أداء شعائر صلاة الجمعة.
• توقعت هذه الجمعة أن تكون الأوضاع أفضل طالما أن حالة الطوارئ قد تم رفعها، ولكن، وعلى خلفية قيام العصابات المسلحة باستغلال رفع حالة الطوارئ فقد ازداد عدد الضحايا، وهذا معناه بالنسبة لي أن الوضع خلال فترة الطوارئ هو أفضل من الوضع بعد رفع الطوارئ.
• اللافت للنظر في دمشق تمثل في وجود مظاهرة صغيرة في حي الميدان يوم الجمعة 22/4/2011م ومظاهرة صغيرة في حي برزة من يوم السبت 23/4/2011م، وبالتدقيق أكثر فأكثر، فإن مظاهرة حي الميدان هي مجرد امتدادات صغيرة لتداعيات ما حدث في مدينة درعا الجنوبية، ومظاهرة حي برزة هي مجرد امتدادات صغيرة لتداعيات ما حدث في دوما ـ وربما التل.
• يوم السبت تحدث الناس عن ما حدث في منطقة المعضمية، وسرت شائعات قوية تقول بأن يوم السبت والأحد سوف يشهدان توتراً احتجاجياً كبيراً واسع النطاق، وانتهى يوم السبت ويوم الأحد، ولم يحدث شيء كالذي تم الحديث عنه، وقد تأكدت بأن الحديث المتزايد حول السبت والأحد كان بمثابة شائعات قوية تم تداولها مساء الجمعة وطوال يوم السبت.
• النقاش الدائر في أوساط الرأي العام السوري حول الإصلاحات التي وعد بها الرئيس بشار الأسد، ينحصر في قطاع من الرأي العام يقول بأن الرئيس راغب في إجراء الإصلاحات ولكنه يجد الكثير من المصاعب والعراقيل التي تمنع تنفيذها حالياً. وطرف آخر من الرأي العام يقول بضرورة التهدئة لجهة إفساح المجال وإعطاء الفرصة اللازمة لتنفيذ الإصلاحات ـ ونلاحظ هنا أن مصدر التقرير لم يشر إلى وصف الإصلاحات بأنها وهم وخداع كما ظلت تقارير مركز ستراتفور تسعى للترويج والتسويق له.
• معظم المشاركين في المظاهرات الذين تحدثت معهم، أكدوا لي بأنهم لا يهتمون كثيراً بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين، وفقط هم يتظاهرون بسبب ما حدث لأحد أقربائهم أو أصدقائهم أو أفراد عشائرهم خلال مظاهرات الأسابيع الماضية، وبالتالي فإن مشاركتهم في المظاهرات هي من قبيل إبداء مشاعر الاحترام والتقدير لأولئك المقربين لهم.
هذا، واختتم مصدر ستراتفور تقريره قائلاً بأن دمشق قادرة على القيام بخيار الإصلاح وخيار التصعيد، وأضاف المصدر قائلاً بأنه يتوقع خيار لجوء دمشق إلى التصعيد ـ إذا لجأت الأطراف الأخرى للتصعيد.

*  الحدث السوري وانقلاب صورة المشهد

ظلت واشنطن وحلفاءها أكثر اهتماماً خلال الفترة الماضية لجهة القيام بتوجيه الاتهامات ضد دمشق على أساس أنها:
• تلعب دوراً كبيراً في تهريب الأسلحة من أجل زعزعة استقرار لبنان، والآن تبين أن الأسلحة يتم تهريبها من لبنان إلى داخل الأراضي السورية، وذلك من أجل زعزعة استقرار سوريا.
• تلعب دوراً كبيراً في تهريب الأسلحة والأصوليين المسلحين إلى داخل العراق، وذلك من أجل قتل الأمريكيين وزعزعة استقرار العراق، واليوم تبين أن الأسلحة يتم تهريبها من العراق إلى سوريا، وذلك من أجل قتل السوريين وزعزعة استقرار سوريا.
• تلعب دوراً كبيراً في تدريب وتعبئة الأصوليين وإرسالهم إلى العراق ولبنان وقطاع غزة، واليوم تبين أن الأصوليين قد تمت عمليات تدريبهم وتعبئتهم وإرسالهم إلى سوريا من أجل استهداف دمشق.
هذه النقاط الأربعة التي أشرنا إليها، وردت في سياق التقرير الذي نشرته صحيفة التايمز الأمريكية، وإضافة لذلك تحدث التقرير عن قيام الأيادي الخفية بمحاولات تهريب السلاح من لبنان إلى داخل سوريا، عن طريق استغلال مناطق الحدود السورية ـ اللبنانية التي تنخفض فيها شدة الرقابة، وبالذات المناطق الحدودية المتاخمة للمناطق اللبنانية التي يتمتع فيها حزب الله اللبناني بالسند الشيعي!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة 2011-04-26 15:30

0 تعليقات::

إرسال تعليق