الأربعاء، 27 أبريل 2011

الشطرنج السوري والتحركات الأمريكية المقترحة لإسقاط النظام

شهدت الأيام الماضية ظهوراً متواتراً للعديد من رموز جماعة المحافظين الجدد، وجماعات اللوبي الإسرائيلي، وهم أكثر اهتماماً لجهة رصد وتحليل معطيات الحدث السوري. وعلى ما يبدو فإن الأيام القليلة القادمة سوف تشهد المزيد من ظهور فعاليات المحافظين الجدد ـ اللوبي الإسرائيلي الموجهة ضد سوريا: فما هي مظاهر هذه الفعاليات؟ وما هو الجديد الذي حملته هذه المرة؟ وما هي أبرز النماذج الجديدة التي طرحتها سرديات استهداف سوريا؟

* المستوى الأول لحملة بناء الذرائع الجديدة: دمشق هدفاً

تجاوزت فعاليات حملة بناء الذرائع مستوى الدعاية السالبة التي ظلت وما زالت تبثها بعض الوسائط الإعلامية بعد أن تتم عملية تصنيعها داخل الغرف السوداء، بحيث اتجهت هذه الحملة نحو التحليلات السياسية، وفي هذا الخصوص انفتحت شهية العديد من خبراء جماعة المحافظين الجدد ـ اللوبي الإسرائيلي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نرصد هنا التحليلات التي سعى اليهودي الأمريكي وخبير شؤون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إيليوت أبراهام لتقديمها خلال الثلاثة أيام الماضية:
•    التحليل الأول: حمل عنوان (عدم تماسكنا في وجه القسوة) وتطرق إيليوت أبراهام في هذا التحليل إلى النقاط الآتية:
ـ تحميل دمشق المسؤولية عن التوترات والاضطرابات التي حدثت خلال الأيام الماضية.
ـ تصوير سوريا وكأنما هي معسكر هولوكوست كبير، لجهة عمليات الاعتقال الجماعي والحرق والتعذيب وارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
ـ النفي الكامل لصفة الشرعية عن دمشق.

•    التحليل الثاني: حمل عنوان (لا قيود ولا مأزق) وتطرق إيليوت أبراهام في هذا التحليل إلى النقاط الآتية:
ـ الربط بين دمشق والإرهاب بالاستناد على علاقات دمشق مع حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية إضافة إلى بقية حركات وفصائل المقاومة الفلسطينية.
ـ الربط بين دمشق وعمليات قتل الأمريكيين في العراق، بالاستناد إلى فرضية عبور المسلمين الحدود السورية ـ العراقية إلى داخل العراق.
ـ الربط بين دمشق وانتهاك حقوق الإنسان، بالاستناد إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان الأمريكية، إضافة إلى تقارير وزارة الخارجية الأمريكية.
لم يقتصر الأمر على تحليلات اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام، فقد تشابهت مع تحليلاته إلى حد التطابق، التحليلات ومنها على سبيل المثال لا الحصر نشير إلى: تحليل ماتيو شافير بعنوان (الجمعة العظيمة هي يوم سوريا العظيم)، ثم تحليل مركز ستراتفور الاستخباري الأمريكي بعنوان (انتشار المظاهرات في سوريا)، إضافة إلى تقارير الموقف التي نشرها نفس المركز لرصد التطورات والوقائع الجارية خلال أيام: 22-23-24- نيسان (أبريل) 2011م الجاري، وما هو جدير بالملاحظة يتمثل في أن مركز ستراتفور الاستخباري الأمريكي ظل يسعى إلى مقاربة الحدث السوري منذ فترة طويلة ضمن متلازمة الإسناد المتبادل بين تقارير: الموقف الجاري أو التحليلات السياسية للحدث الجاري.

* المستوى الثاني لحملة بناء الذرائع: واشنطن هدفاً

تجاوزت فعاليات حملة بناء الذرائع الوضع التقليدي القائم على أساس اعتبارات توجيه الضغوط نحو دمشق، باتجاه وضع جديد يقوم هذه المرة باتجاه توجيه الضغوط نحو واشنطن، وتحديداً الإدارة الأمريكية، والكونغرس الأمريكي، إضافة إلى مجلس الأمن القومي والخارجية الأمريكية، وفي هذا الخصوص ركزت التحليلات باتجاه الآتي:
•    اتهام الإدارة الأمريكية وتحديداً الرئيس أوباما، ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون بالتعقيد والعجز الشديد إزاء عدم القيام بمواجهة التطورات والوقائع المتعلقة بالحدث السوري.
•    اتهام مجلس الأمن القومي الأمريكي  باعتماد مذهبية خاطئة لجهة تحديد مهددات الأمن القومي الأمريكي، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بتعريف مفهوم المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ومفهوم مهددات المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، إضافة إلى مفهوم حماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
•    اتهام الكونغرس الأمريكي بتخصيص جزء كبير من فعالياته لقضايا السياسة الداخلية الأمريكية، بدلاً عن قضايا السياسة الخارجية الأمريكية، وذلك على أساس اعتبارات عجز الكونغرس عن إدراك مدى أهمية أولوية قضايا السياسة الخارجية الأمريكية ودورها الكبير في دعم وتعزيز قضايا السياسة الداخلية الأمريكية، وذلك وفقاً للمبدأ القائل بأن العمل من أجل تحقيق ازدهار الاقتصاد الأمريكي يجب أن يكون خارج أمريكا وليس في داخلها.
تقول التسريبات الساعية إلى ترسيخ هذه النقاط الآتي:
•    إن القضاء على خطر حزب الله اللبناني وخطر حركة حماس الفلسطينية يبدأ أولاً وقبل كل شيء بالقضاء على خطر دمشق، وبالتالي على الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي السعي لاستهداف دمشق بما سوف يترتب عليه تلقائياً وبالضرورة استهداف المخاطر المتمثلة في وجود حزب الله اللبناني ووجود حركة حماس الفلسطينية.
•    إن القضاء على خطر الحركات المسلحة التي تهدد وجود القوات الأمريكية وأرواح الأمريكيين في العراق يبدأ أولاً وقبل كل شيء باستهداف دمشق، وبالتالي على الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي السعي لاستهداف دمشق طالما أن ذلك سوف يتيح لواشنطن استهداف المخاطر المحدقة بالوجود الأمريكي في العراق.
•    تمثل دمشق نقطة الارتكاز الرئيسية التي تستند عليها قوة الخطر الإيراني، وبالتالي، فإن استهداف دمشق هو بالضرورة استهداف للنقطة المركزية التي يعتمد عليها الخطر الإيراني، وتأسيساً على ذلك على الإرادة الأمريكية والكونغرس الأمريكي التحرك ضد عامل قوة الخطر الإيراني الرئيسي المتمثلة في دمشق.
•    تمثل دمشق أحد العوامل الرئيسية الداعمة لتمرد أنقرا وخروجها على محور واشنطن ـ تل أبيب، وبالتالي، فإن استهداف دمشق سوف يسهل على محور واشنطن ـ تل أبيب استعادة أنقرا.
وتأسيساً على هذه السرديات، تحدث اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام قائلاً بأن واشنطن سوف تكون خاطئة بقدر كبير إذا سعت إلى عدم استهداف دمشق تحت مبررات أن ذلك سوف يهدد المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والأدنى. وذلك لأن الصحيح هو ـ بحسب رأي إيليوت أبراهام ـ أن تسعى واشنطن إلى حماية المصالح الأمريكية الموجودة في الشرق الأوسط والأدنى عن طريق استهداف دمشق.
من الواضح، أن رموز جماعة المحافظين الجدد ـ اللوبي الإسرائيلي، وكما هو واضح، قد بدأوا سعيهم الحثيث لجهة بذل أكبر ما يمكن من الضغوط على الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي، لجهة توظيف الاحتجاجات الصغيرة المحدودة التي ظلت تجري بشكل متقطع ـ وتحديداً ظهر الجمعة من كل أسبوع ـ في بعض مناطق سوريا، وبرغم أن هذه الضغوط من الصعب أن تسفر عن نتيجة، فإن ما هو واضح يتمثل في مدى تطابق هذه الضغوط مع وقائع اجتماع "مطعم كرم" اللندني، والذي عبرت خلاله رموز المعارضة الخارجية السورية عن مدى شعورها بالإحباط إزاء عدم قيام واشنطن باستغلال الفرصة وفرض المزيد من العقوبات والضغوط على وطنهم سوريا!؟

الجمل: قسم الدراسات والترجمة 2011-04-25 15:49

0 تعليقات::

إرسال تعليق