الأربعاء، 28 يوليو 2010

نتساجل حول فيروز!

إن لم نجد ما نتساجل به في السياسة والإستراتيجيات والمؤامرات والتوقعات، وإن لم ننقسم حول "المحكمة الإسرائيلية"، أي المحكمة ذات الطابع الدولي وحول قرار ظني مرفوض سلفاً وعدالة مطعون بها، وإن لم ننجر بعد إلى اشتباكات كلامية حامية... فلا يمكن إلا أن نتساجل وننقسم وننجر إلى الإصطفاف في معسكر فيروز أو نمترس في الضفة المقابلة مع أولاد منصور، (وصغير الأولاد في الرابعة والأربعين) بفعل انخراط فئات شعبية و"نخبوية" وفنانين وصحافيين ومطبّلين ومزمّرين في الخلاف العلني بين بعض ورثة الأخوين عاصي ومنصور الرحباني. وفي الواجهة ريما عاصي الرحباني ممثلة السيدة نهاد حداد رحباني ( فيروز) وأبناء منصور مروان وغدي وأسامة.
وبين العائلتين، أو العائلة الواحدة بفروعها الثلاثة، تجاذبات وخلافات وزكزكات بقيت ارتداداتها ضمن أطر ضيقة، وما يحصل ضمن الأسرة الرحبانية طبيعي خصوصاً أن جميع أفرادها يتعاطون العمل والإنتاج الفني والموسيقي، وكل فرد من الجيل الثاني (والثالث) له خصوصيته وشخصيته وشطحاته وهفواته وأخلاقياته.


نعود إلى الأساس فالعنوان الكبير للحملة التي أطلقها الفيروزيون، في بيروت وبعض العواصم العربية، هي التصدي لمنع فيروز من الغناء.

من يمنعها؟ وكيف؟ وبأي صفة؟ وباسم أي قانون؟ صوّر منظمو الحملة الفيروزية والمنخرطون فيها بكل حماس وكأن القضية بين معتدٍ يمنع ومعتدى عليه يطالب بقضية حق. وبين ظالم ومظلوم، وبين فيروزيين ومعادين للصوت المدهش الذي طبع عمرنا وأحلامنا وخلايانا.

الفيروزيون أكثرية. ومن لم يمسهم صوت أيقونة الغناء المكللة بالشعر الرحباني أقلية ضئيلة.

وأشك بأن المتحمسين للسيدة فيروز قرأوا سطراً من بيان الأخوة الثلاثة المطوّل الذي أثار حملة خلافات سابقة ومحاولات إلغاء ليصل إلى جوهر المشكلة وهي ذات طابع قانوني بحت.

القانون أعطى لمنصور الرحباني ولورثته من بعده حقوقاً مساوية لفيروز وورثة عاصي بما خص الأعمال المسرحية المشتركة غير المشمولة بقوانين الساسيم ويذكر بيان "أولاد منصور" أن والدهم "لم يرفض يوماً طلباً لفيروز بأن تؤدي أياً من الأعمال المشتركة للأخوين الرحباني. إلا أن ما طالب به منصور بالمقابل فكان ابسط حقوقه التي تنبع من المبدأ القانوني المكرّس في المادة /6/ من القانون رقم 75/1999 التي تحظـّر على احد المؤلفين في الاعمال المشتركة أن يمارس بمفرده حقوق المؤلف بدون رضى شركائه ما لم يكن هناك اتفاق خطي مخالف وما يترتب عليها من حقوق، والتي ما كان منصور لينكرها على فيروز في ما لو رغب بإعادة أحد أعمال الأخوين واستحصل على موافقة أصحاب الحقوق بشأنها، وبالنظر إلى صراحة هذه المادة، فإدارة كازينو لبنان لم تقبل التعاقد على تقديم اية مسرحية للاخوين الرحباني دون موافقة خطية صريحة ومسبقة من مؤلفي العمل المشترك".

في مسرحية صح النوم التي أعيد عرضها في دمشق والشارقة، غنت فيروز من دون أخذ موافقة منصور بخلاف ما حصل في لبنان والأردن. وفي مسرحية "يعيش يعيش" المنوي إعادة عرضها قد يتكرر الأمر نفسه مع الورثة. والإعتراض هنا على نيل حقوق الأعمال المشتركة، لا يعني بأي شكل منع فيروز من الغناء بالمطلق.

إننا نعيش مع صوتها ولاحاجة لكل هذه العراضات والمبالغات وتصوير المجتمع اللبناني والعربي وكأنه منقسم عاموياً وأفقياً بين تيارين: واحد جماهيري مع فيروز وآخر محصور في إطار ضيق يناصر أولاد منصور ضد "زوجة عمهم".

وكأني بالفيروزيين يحاولون الضغط باسم فيروز وافتعال قضية تلهب الصفحات السود والصفر.

وكأني بهم يقطعون الطريق على أي وساطة ما يعني في نهاية المطاف الإحتكام إلى القضاء. وهنا لا ضرورة للفت انتباه السيدات والسادة إلى أن القضاء يحتاج إلى الهدوء، هنا وفي لاهاي.


عـماد مـوسى ، الأربعاء 28 تموز 2010

0 تعليقات::

إرسال تعليق