الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

الدعارة في دمشق: تنافس العراقيات مع السوريات وحرب الأسعار

الدعارة في دمشق: تنافس العراقيات مع السوريات وحرب الأسعار
الدعارة في دمشق
لم تتوقف الشكوى من ازدياد عدد اللاجئين العراقيين في سوريا، فقط على قطاع الأعمال والعقارات والتجارة الداخلية المحدودة، بل انتقل الأمر إلى القطاع السرّي الذي عُرف باسم "الدعارة المقنّعة" في سوريا. حيث تُمارس الدعارة في ذلك البلد بأسعار مقبولة نسبياً قياساً بأسعار وكلفة الدعارة في بلد كالمغرب أو لبنان.

على الرغم من أن الدعارة في سوريا يعاقب عليها القانون طبقاً لقانون العقوبات الذي يجرم أي فعل جنسي بقصد التمتع المدفوع ولو برضى الطرفين، إلا أنها تُمارس في دمشق تحديدا برعاية من الأمن الجنائي السوري الذي يتقاضى مبالغ معينة من أصحاب هذه البيوت أو الأوتيلات، فيوفر لها الحماية والتغطية لمنع أي ملاحقة تطال أصحابها أو توقيفات أو محاكمات. وهذه الحماية أدت إلى ازدهار هذه التجارة على نحو لافت، إذ يمكن لأي زائر إلى منطقة "المرجة" في العاصمة أن يتلقى عرضاً علنياً من قواد يقف هنا أو هناك مزوّداً بقائمة أسعار ونوعية خاصة من النساء على مختلف الأذواق.


تعمل في هذه المهنة، في دمشق، فتياتٌ جئن من الأرياف لايمكن التعرف عليهن، وكذلك بعض الفتيات الفقيرات اللاتي ولدن في أحياء العاصمة الفقيرة. البعض منهن من أصول عربية حيث قام أزواجهن بهجرهن أو التخلي عنهن. وبعضهن يعملن بدون أوراق رسمية حتى، بسبب ضياع وثائق السفر الخاصة بهن عبر سرقتها أو بيعها لأحد ما، فتركّز أجهزة الأمن السورية على مثل هذه النوعية تحديدا لإرغامها على التعاون وتقديم إخباريات تتعلق بنوع الزبائن ونوع الأحاديث والتصريحات التي يدلي بها الزبون في الفراش.

والدعارة في سوريا من النوع المحلّي الصرف، في أغلبه، حتى على مستوى الزبائن. إذ أن هذه الدعارة تعتمد على الزبون المحلّي أكثر من العربي الذي عادة مايشتكي من ابتزاز خضع له أو تحايل. وهنا يتحقق نوعٌ من "الاكتفاء الجنسي الذاتي" في دمشق لأن نسبة الزبائن من السوريين تتعدى الـ 90 % . وهذا جعل ممارسة البغاء في سوريا مأمونة إلى حد كبير بسبب قلة الاختلاط الجنسي مما يجعل أغلب الأمراض التناسلية منحصرة بأمراض يمكن معالجتها ولا تمتاز بالخطورة أو استحالة الإشفاء. كما أن هناك نوعا من النسوة اللائي يعملن في هذا القطاع متزوجات في الأساس ويخترن زبائنهن بطريقة شخصية وسرية ومأمونة، ثم يتفقن مع هذا البيت أو ذاك، أو هذا الأوتيل أو ذاك، لاستقبال زبون ودفع مبلغ مالي لأصحاب المكان. ضماناً للسرية وضماناً لممارسة الدعارة بدون اي خطورة بانتقال أمراض قاتلة كالإيدز.

بعد تزايد هجرة العراقيين الى دمشق، ثم سوء الحال الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من أبناء المهاجرين، فإن ثمة بعضاً من الفتيات العراقيات اتجهن للعمل في سوق الدعارة المحلية في دمشق، فالعمل ذاك مأمون النتائج ومحمي من قبل الدولة ويوفر دخلاً سريعا وعالياً. وعمدت العراقيات إلى المضاربة بالأسعار تحقيقاً للرواج وإكثاراً من الزبائن، وهذا ماحصل، فاتجه أغلب السوريين إلى ممارسة الدعارة مع الفتيات العراقيات، وانصرف الكثير منهم عن السوريات، مما أدى إلى ارتفاع اصوات العاهرات السوريات احتجاجاً على منافسة العاهرات الغريبات لهن في مهنتهن التي وفرت لهن كل سبل العيش "الكريم".

الحل الوحيد الذي قامت به دور الدعارة في دمشق هو المساهمة في خلق شائعات كبيرة شارك بها مجموعة كبيرة من القوادين وأصحاب البيوت والفنادق بأن العاهرات العراقيات مصابات بأمراض جنسية مزمنة لأنهن مارسن الجنس مع الجنود الأمريكيين والبريطانيين والدانيماركيين الذين قد يكونوا نقلوا لهن بعض الأمراض التي قد تكون قاتلة كالإيدز. وقد ساهت هذه الدعاية الوطنية الجنسية بإقلاق راحة محبي المتعة المدفوعة إلى درجة كبيرة، خصوصا أن وسائل الإعلام السورية كانت تركز على بعض الأفعال التي يقوم بها بعض العراقيات والعراقيين للتضخيم من حجم المشكلة وترك انطباع بخطورة التعامل مع هذا الجانب.

سعر الساعة الواحدة للجنس المدفوع في سوريا لايقل عن 50 دولاراً، متضمنةً المبيت والمفرش وكأس شاي وإحضار ريكوردر لإسماع الزبون أغنياته المفضلة. واي طلب زيادة يحسب على الزبون في حال أراد تناول زجاجة جعة مثلاً أو تناول وجبة طعام. هذا السعر كان رائجاً حتى عام 1995 على وجه التقريب في العاصمة، ثم بدأت الأسعار بالارتفاع بعيد التحسن النسبي الذي شهده الاقتصاد السوري في فترة التسعينيات من القرن الماضي حتى وصلت ساعة الدعارة إلى 100 دولار. وفي الفترة التي بدأ فيها النظام السياسي في سوريا يعاني من تراجع وانهيارات بنيوية بعيد اغتيال الرئيس الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان والعزلة الدولية والعربية الخانقة على النظام السوري، وأيضا بعدما استبدل السوريون الدولار باليورو وتوحيد سعر صرف الدولار وباقي العملات الصعبة، ومن ثم منافسة العراقيات للسوريات في سوق الدعارة، بدأ سعر الساعة الجنسية المدفوعة بالتراجع لتصل الساعة الواحدة إلى أقل من 30 دولاراً.

تختلف العاهرة العراقية عن العاهرة السورية بمسائل متعددة، على المستوى النفسي فإن العاهرة العراقية أكثر بساطة وتلقائية، على العكس من العاهرة السورية التي عادة ما تكون "مقطعة السمكة وديلها" وقليلة الشفافية وتمتاز بالتحايل وقساوة القلب على عادة أغلب العاهرات في العالم. وتختلف العاهرة العراقية عن السورية على المستوى الفيزيائي باللون المائل الى السمرة في أغلب الأحيان، وكذلك في كبر حجم نسب الجسد عند العراقية التي عادة ما تكون كبيرة النهدين وكبيرة الفم والعينين. العاهرة السورية تمتلك جسداً أبيض أو فاتح اللون أغلب الأحيان، كما أن نسب حجم جسدها أقرب الى التوازن بسبب التحدر من أصول مختلطة النسب كأغلب السوريين. تشتكي السورية عادةً، مع زبونها، من زوجها أو أخيها أو جارها أو أبيها، متهمةً واحداً من هؤلاء بأنه السبب في انحرافها. أمّا العراقية فعادة ماتتحدث عن السبب السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي. ولهذا فإن العراقية تبكي أحياناً مع الزبون، على غير عادة العاهرات اللواتي يأبين الظهور بمظهر الضعيف أمام زبون مصرّ.

الآن الحالة اختلفت في دمشق. فقد عادت العاهرة السورية الى العمل بدون منافسة فعلية من أي امرأة غريبة. إلا أن الطارئ في ممارسة الدعارة في سوريا، وخصوصا بعد الأحداث الكبيرة التي شهدتها سوريا في السنوات الأخيرة، أن الدعارة هناك تتجه الى نوع من التنظيم عبر شبه اعتراف بهذا المهنة من خلال تسهيلات في تعريف المصطلح كفنانات أو ساقيات أو خادمات أو مُدلّكات أو سوى ذلك من الأسماء التي تختلف في الشكل وجوهرها واحد: الدعارة.

alssiyasi د. مديحة . نون . المارتقلي 12/17/2008 3:16:00 AM GMT

0 تعليقات::

إرسال تعليق