الأربعاء، 15 يونيو 2011

قصة استشهاد الشيخ فهد الأحمد الصباح

الشيخ فهد الأحمد الصباح
سيرة حياة الشهيد

ولد الشهيد فهد الأحمد الجابر الصباح في العاشر من أغسطس من العام 1945 كأصغر أبناء المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت لراحل وكأن الشهيد كان موعودا بأغسطس . جاء استشهاده في نفس الشهر وقبل ن يكمل عامه الخامسة والأربعون بثمانية أيام ومابين أغسطس 45 و أغسطس 90 عاش (الفهد) كما يحلو لمن عاصروه تسميته حياة حافلة بكل معنى الكلمة .. وبعد أن تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في الكويت التحق بالجيش الكويتي برتبة مرشح ضابط ابتداء من 22/4/1963 ليرقى إلى رتبة ملازم ثاني في 19/7/1965 ثم إلى ملازم أول في 1/3/1967.
أرسل الشهيد في بعثة عسكرية في المملكة المتحدة في عام 1969 قبل أن يرقى إلى رتبة نقيب في 7/6/1970.
في هذه الفترة الحساسة من عمر الأمة العربية والتي كانت تعيش فيه صراعا داميا مع العدو الصهيوني كان للضابط فهد الأحمد دور ريادي كبير في دعم العمل الفدائي الفلسطيني بل والمشاركة فيه عندما قاتل في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية ضمن العمل الفدائي ضد العدو الصهيوني منذ عام 65 وحتى عام 72 في جنوب لبنان وقد أصيب الشهيد ثلاث مرات أثناء العمليات العسكرية التي نفذها وزملاؤه داخل الأراضي المحتلة كما قاتل في معركة الكرامة في الأردن.
لم يكتف الفهد بالعمل الفدائي بل وحرص على المشاركة مع الجيوش العربية النظامية في حربها مع العدو فشارك مع الجيش الكويتي في جبهات القتال ضمن لواء اليرموك في جمهورية مصر العربية، إذاً.. فشهيدنا كان عسكريا متمرساً وصلباً لم يعش النرجسية ولم يقبل الارستقراطية فعاش مناضلا ورحل شهيدا مقاتلا في معركة دسمان.

معركة دسمان

تاريخ المعركة: 2-8-1990م مع بداية الغزو العراقي للكويت

الطرفان:

* الكويت:- مجموعة يقودها المقدم ركن الشيخ أحمد الخالد + قوة رئيسية من مدرعات الحرس الأميري بقيادة المقدم ركن علي الخميس + حرس القصر.
* العراق:- سرية من الحرس الجمهوري (أفضل قوات صدام) + قوة من مشاة القوات الخاصة.

توقيت المعركة:

بدأت في الساعة 6,30 صباحا واستمرت ثلاث ساعات تقريبا.
وفيها استطاعت القوة الكويتية فك الحصار المفروض على قصر دسمان من قبل جنود الاحتلال وتحرير الأسرى الكويتيين المدنيين.

التفاصيل:

في الساعة 5,45 صباحا جاء الشيخ فهد اتصال من الشيخ راشد الحمود وقال الحمود له إن العراقيين وصلوا إلى بوابة رئاسة الأركان في الجيوان.
فطلب منه أبو أحمد أن يمر عليه بسرعة, وأسرع الشيخ فهد وقام بغسل وجهه وبدل ملابسه واتجه إلى صديقه حامد السعيد وقال له ((قوم يا بو يوسف, ترى صارت)) خرج من المنزل وركب سيارته ومعه أبو يوسف وانتظرا وصول الشيخ راشد الحمود.

نسي سلاحه

كان أبو أحمد يظن أن الكلاشينكوف في سيارته, وهو سلاح أهداه إياه رفيق دربه وزميله في الكفاح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد وذلك أثناء دورة الخليج التاسعة التي أقيمت في السعودية, لقد نسي أبو أحمد أنه أهدى الكلاشينكوف للشيخ دعيج المالك صباح أمس, كما نسي مسدسه الذي اعتاد أن يربطه أسفل قدمه اليمنى.
وبسرعة وصل الشيخ راشد الحمود ومعه حقيبة فيها رشاش وذخيرة, فترجل من سيارته وركب مع الشيخ فهد وقد أصر الشيخ فهد على قيادة السيارة بنفسه.
انطلق الشيخ فهد بالسيارة مسرعا وكان يحاول الاتصال بدسمان وكان عصبيا وعلامات الثورة والغضب تملأ وجهه, وعلم من خلال اتصاله أن العراقيين تجاوزوا الجيوان فزاد من سرعته وهو يقول ((سواها النذل ..)) يقصد صدام.
فتح الشيخ راشد الحمود الراديو على إذاعة الكويت ليستطلع الأخبار , وكانت وقتها المجموعة الكويتية تشدو بأغنية "يا جابر الشعب", وفجأة انقطعت الأغنية وتغيرت اللهجة فعرفوا بأن العراقيين وضعوا أيديهم على استديو البث الإذاعي , فقام الشيخ فهد بإغلاق الراديو ليقول: ((سواها الكلب..)).

إلى قصر دسمان

اعترض طريق الشيخ فهد , ضابطا من الحرس الأميري وصرخ بأعلى صوته ((ابتعدوا..لقد طوقوا القصر..)) لكن الشيخ فهد تجاهله ولم يتوقف واتجه مباشرة إلى قصر دسمان الذي طوقه الجيش العراقي.
كان العراقيون قد وصلوا إلى القصر الساعة السادسة صباحا من ناحية البحر إلى السفارة البريطانية ومنها إلى دوار قصر دسمان وفي حوالي الساعة 6,26 صباحا وصل الشيخ فهد إلى قصر دسمان وهناك رأى أن الحرس المكلفين بالدفاع عن القصر قد وضعوا حواجز إسمنتية أمام البوابة ولم ينتبه الشيخ فهد إلى أن العراقيين قد أحاطوا بمدخل القصر المطل على المدينة وأنهم نصبوا فخ لكل قادم.

كيف استشهد

اختلفت الروايات حول استشهاد الشيخ فهد الأحمد الصباح.
في لقاء صحفي مع ثلاثة من جنود الحرس الجمهوري العراقي الفارين إلى تركيا.. وكان الحديث معهم يتعلق بمحاصرتهم لقصر دسمان ..ويروي الثلاثة الفارون من جحيم صدام حسين أنهم شاهدوا فهد الأحمد وهو يصول ويجول ..يكر ويفر ..ويضرب حتى نفذت ذخيرته وقلت حيلته وعندها سهل قنصه .. بثلاث رصاصات فخر صريعا وقالوا أنهم اخذوا أمرا من قائدهم بان تسير على جسده دبابة لتمزق جسده ومن ثم نقله مع بقية الجثث خارج القصر ليراها المارة.
ورواية أخرى لملازم أول بالقوات العراقية الخاصة وكان يعالج في المستشفى الأميري قال عن إصابته إنها من رصاص فهد الأحمد وقد استقرت الرصاصة في وسط فخذه وقال أن التعليمات لديهم توصي بان يقتادوا الشيخ فهد الأحمد حيا إلى بغداد!! وأضاف أنه طلب من الشيخ فهد من خلال مكبر الصوت أن يستسلم ولكنه رفض واستمر في إطلاق الرصاص عليهم، فكان أن أطلقوا عليه عدة رصاصات..
وتجئ رواية حامد السعيد ..لتكون بمثابة النقطة الحاسمة لهذه الروايات المتعددة حول استشهاد الشيخ فهد الأحمد خاصة وأنه كان آخر الأصدقاء بجوار الشهيد وشاهد بنفسه لحظة استشهاده هو والشيخ راشد الحمود

يقول حامد السعيد:

(عندما وصل الشيخ فهد (لقصر دسمان) قال له الملازم أول سعد البالول (انزل يا أبو احمد بسرعة من السيارة) ولكن لم يكد الضابط ينهي كلماته حتى انطلقت رصاصتان من قناص عراقي أخذ من شجرة في الدوار المقابل للبوابة ساترا له فأخطأت الأولى وأصابت الثانية الشيخ.
بعد ذلك قام الملازم أول نواف فليطح بإطلاق رصاص كثيف من موقعة عند البوابة على الجنود العراقيين في الدوار , تتبعه طلقات متفرقة من الحرس , يريدون عمل ساتر لانسحاب الشيخ فهد المصاب).

أين كانت الإصابة؟

اخترقت أعلى الرقبة بخلفية الرأس واندفعت إلى فوق باتجاه الشمال خارقة الجمجمة بعد كسرها , تاركة خلفها فتحة كبيرة وتهتكا بخلايا المخ مع تفتت جزء من الرأس
بعد ذلك؟
وبعد 45 دقيقة طلب العدو العراقي من الملازم أول سعد البالول ومعه الملازم ناصر المسباح وأربعة جنود من الحرس الأميري الذين كانوا في كابينة الأمن عند ساحة القصر , طلبوا منهم الاستسلام ومع الطلب أطلقوا قذيفة آر بي جي التهمت جزءا من الكابينة.
لم يصب الملازم أول سعد ولكن أصيب مساعده بشظايا حارقة بعد ذلك اندفع العراقيون نحو الملازم أول سعد وحرسه وتم أسرهم وتحولت ساحة القصر المكشوفة بعد ذلك إلى معارك جماعية وفردية وتبادل الكويتيين والعراقيين إطلاق النار وقتل وجرح من العراقيين أكثر من 8 جنود.
قام العراقيون بنقل الأسرى وإبعادهم عند السفارة وقد عزلوهم إلى مجموعتين, الأولى للعسكريين والثانية للمدنيين.
وبعد ذلك جاءت إلى القصر نجدة من مجموعة يقودها المقدم ركن الشيخ أحمد الخالد, أخذ يتتبع العراقيين من مبنى إلى آخر محاولا تأخير استيلائهم على القصر بغية وصول النجدة التي طلبها من قيادة اللواء, واستمرت المعارك حتى الساعة الثامنة صباحا عندها وصلت القوة الرئيسية من مدرعات الحرس الأميري بقيادة المقدم ركن علي الخميس سالكا طريقه من دوار المقهوي حتى دوار دسمان واستطاع الأبطال فك الحصار عن قصر دسمان وفر العراقيون تاركين الأسرى المدنيين فقط أما العسكريون فقد أخروهم للمساومة عليهم عند الضرورة.

من أخذ الفهد؟

المقدم ركن علي الخميس عندما دخل من بوابة القصر اضطر إلى الاصطدام بسيارة الشيخ فهد بمدرعته لأنها كانت تسد الطريق , ولم يخطر على باله أنها سيارة "أبو أحمد" وأنه بداخلها.
ولما علم من قائد قوة القصر المقدم ركن الشيخ أحمد الخالد أنها سيارة الشيخ فهد وأنه استشهد, أمر الملازم أول نواف فليطح والملازم أول فهد الزيد بأن يتبعاه بسيارة جيب, وبسرعة خاطفة وصل الخميس يتبعه مساعده الملازم أول عبد السلام الرومي , والاثنان حملاه بهدوء ووضعاه في السيارة الجيب التي انطلقت إلى عيادة القصر, وهناك دنا المقدم الركن الشيخ احمد الخالد من الجيب لإلقاء نظرة على الشهيد البطل.

وصف للمشهد

كان رحمه الله مستلقيا على ظهره نصف استلقاء وكأنه جالس , إنه فهد الأحمد بكل هيبته وشموخه, وضعيته توحي لناظره أنه في استراحة..استراحة المحارب , وقام الشيخ أحمد الخالد بإغماض عينيه, وطلب إدخاله إلى العيادة لإجراء اللازم, ثم نقله فيما بعد بسيارة الإسعاف إلى المستشفى العسكري في صبحان حيث أن الطريق إليها مفتوح آمن نوعا ما , وللحيطة والحذر أمر بأن تخرج معه قوة خطيرة لتأمين وصوله بالسلامة.

متى فارق الشهيد الحياة؟

لا نعلم بالضبط متى فارق الحياة رحمه الله ولكن جثمانه داخل السيارة استمر حوالي 105 دقيقة , من الساعة 6,30 حتى 8,15.. قام الإسعافيان محمد عبد العال وحسين عباس مسؤولا الكراج بحمل جثمانه وأدخلاه من الباب الفرعي للعيادة والمؤدي إلى الغرفة الخاصة لسمو أمير البلاد.
حيث سجى على السرير ثم بدأ الإسعافيان بفك الأزرار بحثا عن علامات الحياة, وهي النبض والقلب والتنفس, عندها قال الإسعافي إن أبو أحمد فارق الحياة منذ حوالي نصف ساعة تقريبا, أي أن الشيخ فهد ظل بين الحياة والموت 115 دقيقة.
ثم بدأ محمد يلف رأس الشهيد فقد كان رأسه مكشوفا لأن غترته وعقاله ونعاله كانوا في السيارة.
ثم نقل إلى المستشفى العسكري حيث بقي هناك في الثلاجة وبسرية تامة انتقل الجثمان إلى مثواه الأخير في مقبرة الرقة بعد ما يربو على 25 يوم في المستشفى حيث دفن هناك تحت اسم (عبد الله المصري) بعد أن ارتأى حاملو النعش إخفاء أي علامة تدل على أنه قبر الشيخ فهد الأحمد لئلا يعبث به الغزاة الذين كانوا يبحثون عنه منذ استشهاده حتى أذن الله بتحرير الكويت لتعود الأمور إلى نصابها الصحيح ولكن من دون ... فهد.

12-19-2009

0 تعليقات::

إرسال تعليق