الأحد، 19 يونيو 2011

الأكثرية متشددة تجاهه.. وانتقادات لأداء «تيار المستقبل» .. السلفيون و«حزب الله»: انفتاح لتجنب فتنة تودي بالجميع

حسن الشهال
داعي الإسلام الشهال
صفوان الزعبي
لا يختلف اثنان على أن ثمة تغيّرات جوهرية طرأت على مفاهيم وسلوك الساحة السلفية في طرابلس، إن لجهة خروج الأكثرية من الإطار التربوي والعلمي ومن الركون فقط إلى البحث العميق في الأدلة الشرعية إلى التعاطي بالشؤون السياسية والانتخابية بعدما كان ذلك يعتبر لدى أغلبية السلفيين وحتى الأمس القريب من المحرمات، أو لجهة فتح باب الحوار مع المكونات السياسية والدينية في لبنان، وفي مقدمتها الدعوة إلى إدارة الخلاف المذهبي والعقائدي مع الطائفة الشيعية وفي طليعتها «حزب الله».
يمكن القول إن المؤتمر الصحافي الأخير لمؤسس التيار السلفي الشيخ داعي الإسلام الشهال الذي اتهم الحزب بالعمل على اختراق الساحة السنية عموما والسلفية بشكل خاص، ودعوته إياه في الوقت نفسه إلى حوار هادئ، وما سبقه من تطورات حول وقوف الحزب إلى جانب الداعية الإسلامي السلفي الشيخ عمر بكري، والاهتمام الذي أبداه الحزب بالتعاون مع الأمين العام لـ«حركة التوحيد الإسلامي» الشيخ بلال شعبان حيال قضايا الموقوفين الإسلاميين، قد فتح الباب واسعا أمام كثير من التساؤلات والاستنتاجات حول مستقبل العلاقة بين السلفيين و«حزب الله» وماهيتها، وكيفية تذليل ما تبقى من عقبات لإبعاد شبح الفتنة السنية ـ الشيعية.
ففي العلاقة مع الطائفة الشيعية ومع «حزب الله» تحديدا، ثمة من يقسّم الساحة السلفية إلى ثلاث فئات: فئة تكفر الشيعة ولا تحاور، فئة تكفر الشيعة وتحاور، وفئة لا تكفر الشيعة وتحاور، وفي الوقت الذي يضعف فيه حضور الفئة الأولى (تكفر ولا تحاور) التي لا يوجد لها رموز أو مشايخ، وهي عبارة عن مجموعات من الأشخاص يحملون فكرا متشددا، يظهر الصراع واضحا بين الفئتين الثانية والثالثة حول آلية هذا الحوار وطبيعته، وكيفية تنظيم العلاقة السياسية والعقائدية مع «حزب الله»، إلا أن الفئتين تتوافقان على رفض الفتنة المذهبية مهما كانت الظروف والمعطيات، لا سيما في ظل فتاوى علماء الشيعة التي حرمت سبّ صحابة النبي وأمهات المؤمنين..
ولا شك أنه بعد إطلاق سراح الداعية بكري، بات أكثرية السلفيين يجدون أن الحوار والعلاقة مع «حزب الله» بات ضرورة سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء، وذلك ترجمة لانفتاح إسلامي من شأنه أن يبرد الأجواء وأن يساهم في الاستفادة من قوة الحزب وقدرته على انتزاع الكثير من المكتسبات من الدولة اللبنانية، وهذا الأمر أغرى عدداً كبيراً من الموقوفين الإسلاميين الذين بدأوا يطالبون بتدخل «حزب الله» لحل قضاياهم العالقة منذ سنوات..
وينطلق كثيرون في الساحة السلفية من مخاوف مؤداها أن الفتنة المذهبية في حال وقوعها، ستكون بين الأصولية السنية والأصولية الشيعية، وأن ذلك سيؤدي إلى تهميش كل التيارات والشخصيات السياسية والعلمانية وخروجها من المعادلة، وفي مقدمتهم «تيار المستقبل»، لأن لهذه الفتنة أربابها لا سيما على الصعيد السلفي السني والذين قد يأتون من خارج لبنان لإدارتها، منطلقين في هذه المخاوف من تجارب سابقة في مقدمتها تجربة تنظيم «فتح الإسلام» الذي ضم مقاتلين عرباً وأجانب يرتبطون ارتباطاً وثيقا بتنظيم «القاعدة». في حين يحمّل بعض السلفيين «المستقبل» مسؤولية تقصيره وتخليه عن الساحة السلفية، ما دفع «حزب الله» إلى الدخول على الخط واستيعاب بعض الحالات السلفية المحتاجة إلى الدعم، في حين يذهب سلفيون إلى أبعد من ذلك، في التساؤل عن دور «المستقبل» الذي يعتبر نفسه «حامي حمى السنة» في الوقت الذي ينجح فيه «حزب الله» في الدخول إلى الأصولية السنية من الباب الواسع وفي إيجاد أرضية خصبة له ضمنها.
إذاً، يبدو واضحا أن انفتاحا مستجدا تشهده الساحة السلفية على «حزب الله» ومن ورائه الطائفة الشيعية، وإذا كان الشيخ الشهال يتمسك بشيء من «البروتوكول» في كيفية التعاطي مع الحزب، فإن رموزا سلفية قطعت شوطا كبيرا في العلاقة مع الحزب بشكل يتجاوز موضوع الوثيقة، حيث يعتبر هؤلاء أنها نابعة عن فكر وقناعة وأن تجميدها كان نتيجة أمر واقع وضغوطات فرضتها حالة الفوضى التي كانت قائمة آنذاك...
ويؤكد الشهال لـ«السفير» أنه ليس ضد الحوار مع «حزب الله»، شرط أن يؤدي هذا الحوار إلى حل دائم، وإلى إستراتيجية مشتركة تمثل الطريق الأمثل للعقلاء، آخذا على الحزب اعتماده الترهيب والترغيب، والضغط على مؤسسات الدولة للتشديد على السلفيين وعلى السنة في طرابلس بشكل عام، لافتا الانتباه إلى أن ذلك يؤدي إلى حالة امتعاض عامة لدى عموم الطائفة السنية، وهو ما كان أدى سابقا إلى تعطيل الوثيقة.
ويقول: على «حزب الله» أن يراجع نفسه، وأن يكون واقعيا في التعاطي مع من يمثل التيار السلفي، وأن يكف عن حالات الاختراق التي تجعله في نظرنا أقل من مستواه، والتي تجعل خسارته تزداد، وعليه أن ينتقل من عمليات الاختراق إلى الحوار الهادئ في القضايا السياسية والدينية والعقائدية لنعرف ما لنا وما علينا، خصوصا أن كثيرا من مشايخ السلفية مدوا يدهم إلى الحزب ليس بفعل قناعاتهم بل من باب المصالح الشخصية.
ويدعو الشهال أهل السنة إلى توحيد الصف والكلمة، ليكونوا قادرين على مواجهة كل الاستحقاقات، مشيرا إلى أن ذلك يقع على عاتق السياسيين بالدرجة الأولى.
ويشير رئيس «جمعية الإيمان والعدل والإحسان» حسن الشهال، إلى أن التواصل قائم حاليا بين «حزب الله» وبين مجموعات من طرابلس سواء سلفية أو غير ذلك، مؤكدا أن الجميع مع لغة الحوار وليسوا مع لغة التهديد وقطع اليد.
ويقول: نحن مع الحوار ليس مع «حزب الله» فحسب بل مع كل الفئات اللبنانية من اجل إبعاد شبح الفتنة، كما نريد أن نعطي من خلال الحوار مع «حزب الله» أمثولة للعالم الإسلامي كله، وتفويت الفرصة على إسرائيل في إيجاد أرضية لفتنة مذهبية.
من جهته، يقول رئيس «جمعية الأخوة للإنماء والتربية» الشيخ صفوان الزعبي: لا يمكن التعاطي مع «حزب الله» إلا من باب إدارة الخلاف وتنظيمه، لأن الخلاف سيبقى مستمرا على الصعيد الفكري والعقائدي ولن ينتهي، ولا بد من العمل وبذل الجهود كي لا يتحول إلى فتنة مميتة تقضي على الجميع، خصوصا أن هذه الفتنة في حال وقوعها لا سمح الله فإن شررها سيتطاير ليصيب سائر الطوائف.
ويضيف: إن الحوار قائم ومن ثمراته أن صار هناك رأيا لدى «حزب الله» يرفض الفتنة ويتقبل السلفيين.. إن إسقاط وثيقة التفاهم كان نتيجة لممارسات وضغوطات إبان حالة الفوضى التي كان يعيشها لبنان، وجاء بفعل تسلط وجبروت وقوى أمر واقع لم تعد موجودة.

غسان ريفي - طرابلس : السفير 06 ديسمبر 2010

0 تعليقات::

إرسال تعليق