الأحد، 12 يونيو 2011

راكبو الدراجات يسرقون ويَسحَلون النساء... ضحايا النشل يتحدّثن عن رُعب الشوارع

راكبو الدراجات يسرقون ويَسحَلون النساء
كانت المواطنة نور م، المقيمة في بيروت، تهمّ بالنزول من سيارتها كي تصطحب أولادها من المدرسة، وبعدما علّقَت حقيبتها على كتفها، فاجأها راكب دراجة نارية لم تتمكن من رؤية وجهه لأنه كان يضع الـ "ماسك"، ونشلَها منها. ولكن المأساة لم تنته هنا، فالسيدة، وبردّة فعل عفوية، رفضت التخلي عن حقيبتها، والنشّال كان مصرّا على إنجاز المهمة مهما كانت النتائج. ما حصل أن السيدة وقعت أرضا واقتنعت بضرورة التخلي عن حقيبتها، لكن القدر شاء معاكستها أكثر. فقد علقت الحقيبة بيدها، ولم تعد قادرة على التحرر منها، ولا هي قادرة على التحرّر من النشال. بقيت السيدة على الأرض، ثم شعرت أن النشال يجرجرها على الطريق وهو غير آبه بصراخها وألمها، إلى أن شاء القدر تحريرها، فقد تمكنت من إفلات حقيبتها، وفكّت ارتباطها القسري بالسارق الذي لاذ بالفرار. لم تشعر تلك السيدة بالوجع الجسدي، بقدر ما عانت ألما نفسيا، فهي شعرت بالإهانة وكأن السارق اغتصب حقوقها وتعدّى عليها، وشعرت بالوجع الذي تسبب به مشهد أولادها وقد صودف خروجهم من المدرسة وشاهدوا والدتهم على الطريق تبكي وتنزف. تقول تلك السيدة عن تجربتها أنها باتت تشعر بالحقد وتتمنى الانتقام، وهي من حيث لا تريد صارت تكنّ الحقد لراكبي الدراجات النارية، لأنها ترى في كل واحد فيهم مشروع سرقة وتَعَدّ.

في مواجهة الضحية، يبدو السارق من عالم آخر. ويعترف أحد النشّالين الذي أعلن التوبة، أنه كان يشعر بضعف حيال منظر الحقيبة النسائية المنفوخة. وكان يعجز عن كبح تخيّلاته بأنه قادر على الاستيلاء على محتوياتها، بل أكثر من ذلك، يعترف السارق السابق، انه كان يشعر بلذة لأنه كان لا يعرف ماذا ينتظره في الحقيبة من مفاجآت عندما يفتحها، وكأنه يرمي شباكه ولا يعرف ما ستكون الرزقَة!

قوى الأمن

حيال هذه المآىسي، ماذا تفعل الجهات الأمنية المولجة حماية أرزاق الناس وكراماتهم؟
الرائد جوزيف مسلّم، رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، يشير إلى أن جريمة النشل هي إحدى الجرائم الرائجة التي تطاول النساء على الطريق، وخصوصا أثناء التسوّق. ولكنها تسير نحو انخفاض مستمر، نتيجة الملاحقات المستمرة وعوامل أخرى، بعد التأكيد على أن حوادث النشل في لبنان متدنية كثيرا إذا ما قورنت بعدد جرائم النشل المنتشرة في البلدان الأخرى الكبيرة والمتطورة من حيث معدات الرقابة وما إلى ذلك.

ويتم تعريف نشّالي الدراجات النارية على أنهم:

• شباب في مقتبل العمر يتعاطى معظمهم المخدرات.
• لا ينتمون إلى عصابة تديرهم.
• تصرفهم فردي نابع من نقص نفسي أو جسدي أو عَوَز.
• غالبيتهم من أصحاب السوابق.
• قادرون جسديا على العمل، ولكنهم تعودوا الحصول على المال بسهولة فاستساغوا ذلك.
• ينطلقون وينتشرون بكثرة في أوائل الشهر.
• دراجاتهم غالبا ما تكون من نوع "فيسبا" أو "موبيليت"
• يرتدون الـ Casque ليس التزاما بالقانون، بل لأنه يساعدهم على التخَفّي.

أما المناطق اللبنانية الأكثر عرضة لحوادث النشل، فهي: بيروت، المتن، جبل لبنان، خصوصا في الأسواق التجارية وحول المصارف.

وعلى رغم المكافحة الحثيثة لهذا النوع من الجرائم، إلا أن القضاء عليها بالكامل مستحيل. وعليه، ووفق مبدأ درهم وقاية خير من قنطار علاج، يمكن إيراد مجموعة من النصائح التي تصعّب مهمة السارق، وقد تجعله يتراجع عن تنفيذ مخططاته:

- على المرأة أوّلا أن تنتبه من كل غريب يمرّ بالقرب منها، وخصوصا سائق الدراجة.
- السير على الرصيف وليس على الطريق، فالرصيف للمشاة ويصعب على السارق إتمام مهمته، خصوصا إذا كانت الزحمة موجودة.
- يجب على المرأة وضع حقيبة يدها دائما على كتفها باتجاه الحائط وليس باتجاه الطريق.
- تجنّب حمل الحقائب الكبيرة لأنها تستهوي النشّالين وتسهّل عملهم.
- تجنب حمل المال النقدي أثناء التجول في الأسواق، والاكتفاء بالمبلغ الضروري أو الاستعاضة ببطاقة اعتماد.
- على المواطن، وبعد مغادرته لأي مصرف، تجنّب حمل أكياس ممتلئة أو رزم واضحة للعيان أو شنط ملفتة للنظر.
- عدم وضع حقيبة اليد على المقعد الأمامي في السيارة لأن هذه الوضعية محببة جدا لنشّالي الدراجات النارية، وتعتبر من أسهل مهماتهم في زحمة السير.
- وضع حقيبة اليد في الخلف على ارض السيارة، وإذا أمكن تحت المقعد.
- يجب إخفاء كل ما هو ظاهر: حاسوب إلكتروني، محافظ، شنط مدرسية، ومن المستحسن أن توضع جميعها في صندوق السيارة الخلفي، وخصوصا عند النزول للتبضع.
- كل شيء ظاهر للعيان يَشدّ السارق، لأن النظر والتمتع والتخيّل بفريسته السهلة يغريه، فيجب إقفال السيارة فور الصعود إليها.

من البديهي أن نتائج بعض حالات النشل تكون الضحية فيها متضررة جسديا، عدا عن خسارتها ماديا، فمن الممكن مثلا أن تعطب مدى الحياة. لذلك، اعتبرت عقوبة النشل مشددة، وهي جريمة سرقة تخضع للمادة 635 من قانون العقوبات التي تقول: "أن السرقة هي أخذ مال الغير المنقول خفية أو عنوة بغية التمَلّك، وهي جريمة يعاقب عليها من شهرين إلى ثلاث سنوات، ولكن هناك عقوبات خاصة ومشددة حسب النتائج المترتبة عن عملية السرقة".
أخيرا، وحسب المصادر الأمنية، فإنّ النشالين في لبنان غالبا ما يتمّ القبض عليهم، لذلك تتمنى المراجع الأمنية على المواطن التنبّه والتبليغ عند حصول أية عملية نَشل، لأن شكاوى كثيرة اعتقد أصحابها أنها قابعة في الأدراج ولن تؤتي نتيجة، لكن القوى الأمنية تابعتها منذ 2009، وقد استطاعت حتى الآن توقيف العديد من مرتكبيها، وتمّ التعرّف إليهم من قبل ضحاياهم، والبعض منهم استعاد أغراضه الضائعة منذ سنين.
في الختام، إذا كانت مهمة قوى الأمن الداخلي ملاحقة السارق، فمن الأولَى بالسيدة اللبنانية تصعيب مهمة السارق من خلال معرفتها أن النشّال غالبا ما يكون خائفا ومترددا ولا يحبّذ العملية الصعبة، فإذا تمكنت ببصيرتها من التنبّه واليقظة والوعي، ربما يمكنها أن تكون هي البطلة وهو الضحية. بيد أن حوادث النشل متراجعة في لبنان منذ العام 2009، وذلك بعد الإحصاءات السنوية التي تثبت هذا الواقع.

مارلين وهبه - الجمهورية - الثلاثاء 07 حزيران 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق