الأحد، 26 يونيو 2011

هل تحتاج الثورات إلى بنية قيادية؟

من شوارع القاهرة ومدريد، إلى المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، يصعد نجم الاحتجاجات من دون قيادة. لكن المزايا نفسها التي أدت إلى النجاح القصير المدى، قد تحكم على هذه الاحتجاجات بالفشل على المدى الطويل. ويقول الناشطون في مصر، تونس، وأماكن أخرى، أن غياب الإدارة الهرمية كان عنصرا مهما في نجاحهم في جمع الحشود المستاءة من المؤسسة الحاكمة، عبر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيسبوك». كما استعمل المحتجون المناهضون لخطط التقشف في أوروبا، التكتيكات نفسها لتنظيم احتجاجات ضخمة، يأملون في أن تمارس ضغوطا على الحكومات لإعادة النظر في تخفيضات الإنفاق.
ولا يقتصر الأمر على نشاطات إلكترونية، ففي التظاهرات في الشارع، والاعتصامات واللقاءات، في القاهرة، أثينا، مدريد ولندن، يعقد المحتجون المنظمون بشكل فضفاض، لقاءات عامة وعمليات تصويت حول قضايا لوجستية مباشرة وأهداف سياسية عامة، محاولين بناء توافق.
«ثورتنا لم يكن لديها رأس، لكنها امتلكت جسدا، قلبا وروحا»، تقول الطبيبة النفسية البريطانية المصرية سالي مور، التي كانت بين المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة. وتقول المجموعات الاحتجاجية المختلفة حول العالم، إنها تتعلم من تجارب بعضها البعض. وفيما كانت المجموعات من دون قيادة، تكافح خلال العقود الماضية، من أجل بناء اعتراف اسميّ بها، وتغطية إعلامية، سمحت الشبكات الاجتماعية الإلكترونية، بحشد مجموعات كبيرة في الشارع بسرعة هائلة. وقد أثبت هذا النموذج جاذبيته بالنسبة للمتظاهرين الشبان الغاضبين، من الأجيال السابقة التي سرقت مستقبلهم، مثل قادة العالم العربي، ومصرفيي الغرب وسياسييه.
«يبقى لديك مجموعة من العشرات، يعطون توجيهات، لكن الجو العام معارض إلى حد كبير، لبروز بنى تقليدية للسلطة»، يقول الناشط البريطاني تيم هاردي صاحب مدونة «بييوند كليكتفيزيم» (أبعد من نضال النقر). ويضيف هاردي أن «الشبكات الاجتماعية جزء من ذلك بالتأكيد، لكن الأمور تذهب أبعد من ذلك». لكن هذا النموذج يبقى محدودا. ففي مصر وتونس، حيث تمكن المتظاهرون من إسقاط حسني مبارك وزين العابدين بن علي، بدأت تظهر إشارات بأن المتظاهرين يتم تهميشهم من قبل مراكز للقوى أكثر تنظيماً.
وفي الانتخابات، التي يرجح أن تكون بعد أسابيع قليلة، قد يكون تمثيل ناشطي ميدان التحرير محدوداً، فيما تعود السلطة إلى الجيش الذي بقي في موقع القوة، و«الإخوان المسلمين» الأكثر تنظيما.
في ليبيا وسوريا، حيث تحولت الاحتجاجات الشعبية إلى تدخل عسكري مباشر وتمرد، وجد الثوار الفاقدون للقيادة أنفسهم في موقع ضعف. وفي صناديق الاقتراع أو على أرض المعركة، يقول الخبراء إنه من دون أي نوع من القيادة والسيطرة، سيتم تجاوز هذه المجموعات. ما قد يتركهم أمام خيار بسيط: إنشاء بنى قيادية أو الانضمام إلى تنظيمات أخرى تمتلك مسبقا هذه البنى.
«إذا لم تكن الحركات الفاقدة للقيادة مدمرة لذاتها كليّاً، فقد تتلاشى مفسحة المجال للنخب السلطوية السابقة كي تستفيد من الوضع»، تقول المحاضرة في سياسات الشرق الأوسط لدى الجامعة الحربية البحرية الأميركية، مضيفة «يحتاجون إلى توافق عام حول ما يسعون إليه في المستقبل». وقد يكون انجاز ذلك صعبا.
أحد مكامن القوة في النموذج «اللا قيادي» بحسب المحتجين، هو الطريقة التي يستطيع من خلالها حشد مجموعات متفرقة للعمل سويا نحو أهداف مشتركة. لكن، وفيما يزداد الاستياء، تتصاعد معه وتيرة المطالبة بالتغيير.
على الجبهة الليبية الشرقية المجمدة، يقول الثوار المستاؤون إنهم يريدون من قادتهم بناء وحدة أكثر صلابة وتنظيما.
وهناك خطورة بأنه من دون بنية رسمية لاتخاذ القرار، ستكون مساحة الخطأ واسعة. «هناك تهديد بأن يركز الناس ببساطة على قائد واحد، ويسقطوا كل آمالهم عليه أو على مجموعته»، يقول هاردي، ويضيف «بدأنا نشهد عضويات المجموعات القومية تتزايد».
كما يقلق البعض إزاء راديكالية كيانات «القرصنة الناشطة» الالكترونية التي بدأت تظهر، مثل مجموعتي «أنونيموس» و«لولجيك»، اللتين تقفان وراء سلسلة من الهجمات الأخيرة على أهداف حكومية ومؤسساتية. ويعتقد أن هاتين المجموعتين لا تتمتعان بأي قيادة، مع وجود إشارات إلى اندلاع خلافات داخل صفوف «لولجيك» نفسها على أقل تقدير.

(رويترز)  السفير 25 تموز 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق