الأحد، 19 يونيو 2011

شمبانيا وعلقم داخل "التيّار الوطني الحر"

التيّار الوطني الحر
في 14 من الشهر الجاري فتح رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون زجاجة شمبانيا ضخمة، وشرب نخب "انتصاره" مع وزرائه العشرة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية، في وقت كان قياديّون في التيّار "البرتقالي" يتجرّعون "علقم" فشلهم في كسب رضى الجنرال، جواز عبورهم إلى "جنّة مجلس الوزراء".
جنّة لطالما دغدغت مخيّلة كوادر الصف الأوّل في "التيّار الوطني الحر"، إذ لا مبالغة في القول إنّ "في مقابل كلّ حقيبة وزاريّة، كان عشرة قياديّين يطمحون إليها". وفي المعلومات، أنّ "تململا كبيرا" يسود أوساط التيّار، وأنّ "الممتعضين درجات، لكنهم لم يرتقوا إلى درجة الانشقاق عن التيّار"، خصوصا وأنّ المصالح الخاصة لبعض الكوادر تفرض عليهم التريّث "على أمل الظفر في استحقاقات مقبلة".
وهذا هو حال النائب الماروني السابق سليم عون، الذي خاب أمله على خلفيّة إبعاده عن التشكيلة الحكوميّة، وتوزير خصمه اللدود داخل التيّار، وزير الثقافة الأرثوذكسي غابي ليّون، البعيد نسبيّا عن الأضواء المحلّية. ولم يكن أمام عون سوى الرضوخ إلى "الظروف القاهرة" التي أوجبت إبعاده عن المقعد الوزاري لحساب ليّون. فمن سوء حظ نائب زحلة السابق أنّ زوجته لا تجمعها علاقة قربى بزوجة الجنرال الزحلاوية ناديا الشامي، على غرار ليّون المحظوظ. أضف إلى ذلك، تحميل عدد من المحازبين في التيّار عون مسؤوليّة ما انتهت إليه العلاقة بين الجنرال والنائب السابق الياس سكاف من فتور يكاد يرقى إلى القطيعة.
ولا ينكر مصدر مطّلع "آدميّة" وزير الثقافة، إلّا أنّه يُعَد، في نظر قسم كبير من المحازبين، من الصفّ الثاني بين كوادر التيّار، وبتوزيره تساءل حزبيّون "لماذا ليّون دون سواه؟"، ولماذا انحدر مستوى التوزير في التيّار إلى هذا الحد؟ ففي رأيهم أنّ ليّون ليس شخصيّة لامعة داخل التيّار، فهو "عادي ومُمِل، وكان موعودا بأن يُعيّن محافظا أو مديرا عامّا، كحدّ أقصى".
ليس توزير ليّون وحده استشاط غضب "الكوادر البرتقاليّة". إذ لم يسلم من سهامهم كلّ من وزير الاتّصالات نقولا الصحناوي (كاثوليكي)، ووزير العدل شكيب قرطباوي (ماروني)، ووزير العمل شربل نحّاس ( كاثوليكي)، ووزير السياحة فادي عبّود (ماروني). فمن وجهة نظرهم، أنّ الصحناوي حديث العهد في التيّار، وأنّ عون أراد من توزيره ردّ الجميل له على مساعدات ماليّة قدّمها إلى التيّار، مشيرين إلى أنّ "لدى الجنرال جوعا عتيقا، وهو لا يستطيع مقاومة سحر أصحاب الثروات".
وإذا استطاعت الكوادر أن تهضم توزير الصحناوي وليّون، إلّا أنها تستغرب سياسة الجنرال في توزير شخصيات لا تدور في فلك التيّار، على غرار نحّاس وقرطباوي وعبّود الذين لا بصمة لهم في سجلّ التيّار "النضالي" على حدّ تعبيرهم.
وتشير أوساط "التيّار" إلى أنّ نحّاس أصبح من "الثوابت" بالنسبة إلى عون، وصار يتقدّم على صهره وزير الطاقة جبران باسيل، وبات في الوقت عينه "مطلب حزب الله". أمّا قرطباوي فإنه "لم يتجرّأ" في نظرهم على خوض الانتخابات الفرعيّة في دائرة بعبدا ـ عاليه في أيلول 2003، كممثل للتيّار، و"استعضنا عنه بمرشح التيّار النائب حكمت ديب". كما أنّه كان يترشّح في السابق ضدّ "التيّار" في انتخابات نقابة المحامين، إضافة إلى أنّه خلال مآدب العشاء التي يقيمها التيّار "كان يسارع إلى نزع الوشاح البرتقالي الذي يقدّمه إليه أحد المناصرين من على عنقه، خشية أن تلتقطه عدسات وسائل الإعلام"، متسائلين "أهكذا يكافَأ ؟"
وكانت لعبّود أيضا حصّته من الهجوم، إذ كشف عونيّون أنّه "اشترى توزيره مرّتين عبر توقيعه عقدا مع شركة "كليمنتين" للتسويق الإعلامي، والتي تملكها زوجة باسيل وشقيقتيها. أمّا باسيل فله في قلوبهم امتعاض كبير، إذ إنّهم "محكومون مؤبّدا فيه".
هذه حصيلة السّجال الذي يدور داخل كواليس التيّار، أمّا الكوادر التي كانت تضع عينها على الوزارة فعددها كبير، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: أنطوان نصر الله (أرثوذكسي) ناجي حايك (ماروني) بسّام الهاشم (ماروني) كميل الخوري (كان اسمه مطروحا لوزارة الصحّة)، رئيس بلديّة ضهور الشوير الياس بو صعب (أرثوذكسي). كذلك فإنّ القيادي وعضو الهيئة التأسيسيّة في "التيار" المهندس زياد عبس (أرثوذكسي) كان مستوزرا، فهو كان ينتظر أن يتمّ تعويضه عن تنازله في منطقة الأشرفية لمصلحة نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق اللواء عصام أبو جمرا في انتخابات 2009 النيابية.
أمّا يعقوب الصرّاف (أرثوذكسي)، فبدأوا بتهنئته في عكّار"لأنّ توزيره بات أمرا محسوما"، إلّا أنّه طلب من مناصريه التريّث إلى حين تشكيل الحكومة، متوجّها إليهم قائلا: "ما تقول فول قبل ما يصير بالمكيول".
وفي المعلومات، أنّ لا خيار أمام قسم من كوادر "التيّار" سوى الانتظار والعضّ على جروحه، فمن بقي، فقط لأنّ مصلحته لم تنتهِ بعد، وسط تلاشي الرابطة العقائديّة داخل الجسم التنظيمي للتيّار الذي تعرّض لـ"حركة انقلابية "على تاريخه ومواقفه وتوجّهاته منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، ولا سيّما لجهة العلاقة مع النظام السوري، على حدّ تعبير "البرتقاليّين" أنفسهم. والبعض جرّب الإصلاح من داخل التيّار من دون حاجة إلى الانشقاق عنه خلال السنتين الماضيتين، ليكتشف في ما بعد أنّ التيار لا يمكن إصلاحه من الداخل...

مي الصايغ – الجمهورية - السبت 18 حزيران 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق