طلعت ياما أحلى نورها!

سيد درويش.. ثم فيروز، والرحابنة، يرتلون ترنيمة طلوع الشمس وإشراق الصباح على مصر.. والعالم.. 

ترنيمة العمل، ترنيمة طلوع النهار.. 

أول كتاب مكتوب ليرشد الموتى في طريقهم إلى العالم الآخر عنوانه «كتاب النهار» 

فالحلوة قامت تعجن في الفجرية، والديك يؤذن لصلاة الفجر، ليستعد الأسطوات للذهاب إلى عملهم: 

صبح الصباح فتاح يا عليم 

والجيب ما فيهش ولا مليم 

بس المزاج رايق وسليم 

باب الأمل بابك يا رحيم..

ويعلق مراسل الـ «بي بي سي» على «مزاج» المتظاهرين في ميدان التحرير بأنه «احتفالي!».

يعلق مندهشا والكاميرا تتابع شبابا يرقصون رقصة بور سعيدية شهيرة، رقصة «البمبوطية» أي رجال القوارب الصغيرة، الذين يتصلون بالسفن مجتازة قناة السويس يبيعون ويشترون من البحارة.. 

هي رقصة عمل وأكل عيش حسب التعبير المصري. 

وبالأمس تجمع المتظاهرون في ميدان الجندي المجهول في أمستردام، وهم يهزجون بخليط من أصوات مصرية وشامية وحلبية ومغاربية وفلسطينية «الشعب يريد إسقاط النظام» وهو الشعار الأشهر في «ميدان إسقاط النظام».. فمن هذا الميدان وفي هذا الميدان سقط بالفعل نظام مبارك! 

والتقطت صورة لشاب جاء محمولا على مقعد متحرك يرفع شعارا كتبه بخط «رديء» يطالب بإسقاط النظام! 

أسطوات الثورة 

يعلق المعلقون بدهشة وبنوع من الحسرة على ثورة مصر بأنها «ثورة بلا وجه». يعتبرون أنها بلا قيادة حزبية.. 

هم لا يستطيعون هضم أن شعبا بأكمله يمكنه أن يتحد تحت شعار واحد هو «إسقاط النظام» وأن الشعب يقود نفسه بنفسه! شعب أسطوات.. 

الشباب الذي يحمي البيوت والمؤسسات، الشباب الذي يدير المرور والعبور إلى ميدان التحرير، هو الشباب ذاته الذي ينام على أرض الميدان، هم الذين يصلون ويسجدون على إسفلت الميدان، هم الذين اقتحموا مراكز التعذيب، مراكز الشرطة وأحرقوها. هم الذين استشهدوا بالمئات وهم من يرقص في ميدان إسقاط النظام. وهم من يرفض أيضا المتاجرة بدماء الشهداء. 

يتواجدون كل فجرية، مع الحلوة التي قامت تعجن خبز الحرية مغموسا بماء النيل وعرق ودماء أبناء النيل.. 

هكذا طلعت مصر.. طلعت يا ما أحلى نورها 

صبح الصباح فتاح يا عليم 

والجيب ما فيهش ولا مليم 

بس المزاج رايق وسليم 

وباب الأمل.. بابك يا رحيم! 

رؤوف مسعد - السفير 3/2/2011