الجمعة، 27 مايو 2011

صاعق الاتصالات ينفجر ويودي بوزير الداخلية.. تحريك القضاء وسط تباين بين سليمان والحريري

Free Image Hosting at www.ImageShack.us
لقطة عن شريط بثته محطة "أو تي في" ظهر فيها الوزير شربل نحاس لدى صعوده السلم إلى الطبقة الثانية من مبنى وزارة الاتصالات وسط حشد أمني.

* مواجهة في الوزارة بين نحاس وشعبة المعلومات

* مخاوف من حلقة أولى في تآكل المؤسسات وصراعاتها


فجأة تلاشت كل الانشغالات والاهتمامات والاستحقاقات المتصلة بالأزمة الحكومية العالقة وحتى بانعكاسات الحدث السوري على الوضع في لبنان، لتعود الأزمة الداخلية برمتها إلى حقب ما قبل إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، مستعيدة الفصل المتفجر تكرارا والمرتبط بصاعق الاتصالات ووزارتها والصراعات المتداخلة فيها بين الأبعاد الخليوية والاقتصادية من جهة والأمنية من جهة أخرى.



وإذا كان الصراع القديم المتواصل بين وزير الاتصالات شربل نحاس والإدارة العامة لهيئة أوجيرو برئاسة عبد المنعم يوسف شكل الإطار المباشر للانفجار الجديد، فإن البعد الأخطر الذي اكتسبه هذا الانفجار تمثّل في أنه أدى إلى سابقة نادرة تمثلت في تنحي وزير الداخلية زياد بارود واعتكافه، مع انه وزير في حكومة تصريف أعمال. وكشفت هذه السابقة بدورها بلوغ الصراع داخل وزارة الاتصالات أولا بين الوزير وأوجيرو حدودا غير مسبوقة، ثم تطور الصراع إلى متاهة وضع جهة أمنية في مواجهة جهة أمنية أخرى من الجهاز نفسه، أي قوى الأمن الداخلي، الأمر الذي ينطوي على التباسات بالغة الخطورة ومسؤوليات لا تزال غامضة في مآل هذا الملف المتفجر، مع أن نتائجها المباشرة أفضت إلى تنحي بارود بدعوى عدم التزام المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي طلب الوزير سحب عناصر شعبة المعلومات من الطبقة الثانية من مبنى الوزارة استجابة لطلب قدمه نحاس إلى بارود.

ولم تكتم أوساط وزارية في حكومة تصريف الأعمال تخوفها من أن يكون هذا الصدام المتعدد الوجه والطرف والذي تمدد بسرعة إلى استعادة الفرز السياسي الحاد، نذير مرحلة طويلة من اشتباكات وصدامات مشابهة داخل الدولة ووزاراتها وإداراتها تحت وطأة التآكل والانقسامات التي يتسبب بها الفراغان السياسي والحكومي مع حكومة تصريف الأعمال والعجز المعلن عن تأليف حكومة جديدة. ورأت أن ما جرى أمس في وزارة الاتصالات يثير الخوف من أن يكون نموذجا سلبيا متقدما من لوحة قد تتسع فصولها تباعا ولا توفر معظم المؤسسات، مما يهدد بمزيد من الفوضى وتآكل صورة الدولة وفاعليتها في الحدود الدنيا الممكنة التي تجعلها متماسكة في انتظار تأليف الحكومة.

وفيما تبين أن المشكلة لم تكن بنت ساعتها بل كانت تعتمل منذ نحو خمسة أيام، حصل الصدام أمس بعدما حضر الوزير نحاس إلى الوزارة مصطحبا كاميرا لمحطة "أو تي في"، وتبين أنه كان أرسل طلبا إلى بارود لإخلاء الطبقة الثانية من عناصر من شعبة المعلومات كانت أرسلتهم المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بناء على طلب من أوجيرو منعا لتفكيك معدات تعود إلى هبة صينية. وقد وجه بارود كتابا إلى اللواء أشرف ريفي طلب فيه سحب العناصر وتأمين حضور الوزير والموظفين، لكن ريفي لم يسحب العناصر مستندا إلى مذكرة أوجيرو ومثيرا بعدا آخر في القضية هو منع نحاس "الداتا" عن شعبة المعلومات في تحقيقاتها المتعلقة بخطف الأستونيين السبعة. وواكبت نحاس لدى حضوره إلى الوزارة قوة تابعة لأمن السفارات، لكن عناصر المعلومات التزموا إدخال الوزير وحده فرفض، وذكر أن عناصر المعلومات عملوا على الحصول على "الداتا" المطلوبة، فيما كان نحاس يثير الموضوع من زاوية التصرف بالهبة الصينية، واصفاً ما جرى بأنه "انقلاب وتمرد على سلطة الدولة"، ومطالباً الجيش بإنهائه.

وعلمت "النهار" أن الوزير بارود كان أمهل اللواء ريفي حتى الرابعة عصر أمس لسحب عناصر المعلومات من وزارة الاتصالات، ولما مرت المهلة من دون التزام مضمون كتابه، عقد مؤتمراً صحافياً أكد فيه "رفضه لانتهاك الدستور عبر تكريس سوابق تسمح لأي كان أن يسقط صلاحية وزير"، معلناً أنه "يحرر نفسه من أن يكون أسيراً لهذا الموقع بما تحول إليه". وحذر من أن "المشكلة أكبر من ظاهرها بكثير وأنا لا أرغب في أن أكون شاهد زور أمام انعدام لغة المنطق". وخلص إلى "أن أخذ اللبنانيين وأخذنا جميعاً رهائن لم يعد مقبولاً".

ومع إعلانه هذا الموقف باتت وزارة الداخلية في عهدة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الياس المر بصفة كونه وزيراً للداخلية بالوكالة بموجب مرسوم توزيع الوزارات بالوكالة.

سليمان والحريري

أما التطور الآخر، فتمثل في تباين برز في موقفي رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعيد الحريري من المشكلة، وإن يكونا اتفقا على تحريك القضاء في هذه القضية.

وأبلغت مصادر مطلعة على موقف الرئيس سليمان "النهار" أنه بعد درس الواقع من الناحية القانونية والدستورية طلب من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي تنفيذ المذكرة الصادرة عن وزير الداخلية لأنه هو صاحب القرار في وزارته وعلى المدير العام أن يمتثل لقراراته.

وقالت هذه المصادر إن رئيس الجمهورية متمسك بالقانون وبما ينص عليه من حيث صلاحية الوزير في وزارته في كل ما يعود إليها من هيئات ومؤسسات وإدارات.

وأفاد المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية مساء أن الرئيس سليمان اتصل بوزير العدل إبراهيم نجار وتشاور معه في إمكان وضع النيابة العامة التمييزية يدها على القضية التي حصلت أمس والمتعلقة بعدم تنفيذ قوى الأمن الداخلي قرار وزير الداخلية القاضي بسحب عناصر قوى الأمن الموجودة في مبنى وزارة الاتصالات. وأضاف أن رئيس الجمهورية يتابع اتصالاته مع النيابة العامة التمييزية والأجهزة القضائية المختصة للغاية نفسها.

وليلاً أفاد المكتب الإعلامي للرئيس الحريري أن رئيس حكومة تصريف الأعمال أجرى طوال يوم أمس اتصالات مع رئيس الجمهورية ووزير الداخلية والجهات الأمنية والقضائية والعسكرية المختصة لمتابعة قضية محاولة وزير الاتصالات شربل نحاس وضع يده على الشبكة الثالثة للاتصالات وإخراجها من عهدة الشرعية من دون أي مسوغ قانوني. وأكد الرئيس الحريري أن لا مانع لديه من وضع القضاء المختص يده على هذه القضية على قاعدة تحديد أسباب تجاوز وزير الاتصالات لقرارات مجلس الوزراء وتحديد الجهة التي يريد الوزير نحاس تسليمها شبكة الاتصالات الثالثة خارج إطار سيطرة الدولة اللبنانية ومعرفتها.

النهار 27 أيار 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق