الأحد، 22 مايو 2011

المرأة في مجتمع الموحدين الدروز بين الأمس واليوم

هذا هو عنوان كتاب قيّم جداً، صدر عن دار الفرات للنشر والتوزيع في بيروت عام 2004، وهو من تأليف السيدة أديل حمدان تقي الدين، أرملة المرحوم القاضي الشهيد حليم تقي الدين، الذي قُتل غدراً في منزله أثناء الحرب الأهلية عام 1984. والسيدة أديل، امرأة لبنانية درزية مثقفة، تخرّجت من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1953 بامتياز، حاصلة على شهادة بكالوريوس علوم في علم النفس، وحصلت على شهادة الماجستير في علم النفس التربوي عام 1959. تزوجت من الشيخ حليم تقي الدين عام 1956 ورُزقت بولدين وبنت. عُيّنت في سلك الجامعة اللبنانية، كلية التربية عام 1964 واستمرّت في دراستها لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة القديس يوسف، معهد الآداب الشرقية. قامت بالانتماء والنشاط في جمعيات ثقافية ونسائية وخيرية وتربوية كثيرة. ألقت محاضرات في المؤسسات التربوية وفي الجامعات التي تُعنى بشؤون المرأة والطفل والأسرة. أصدرت عام 1985 كتاباً يروي سيرة المرحوم زوجها بعنوان "الشيخ حليم تقي الدين، الرئيس الأعلى للقضاء المذهب الدرزي"، صدر عن دار الكتب في بيروت. ترجمت إلى اللغة الإنجليزية كتاب الدكتور محمد خليل الباشا عن التقمص، وعنوانه هو "الإنسان وتقلّبه في الآفاق". كتابها الحالي "المرأة في مجتمع الموحدين الدروز يُعتبر دراسة مستفيضة عن أوضاع المرأة الدرزية خاصة في لبنان في القرن العشرين وعن مراحل تقدّمها وإنجازاتها. تقول المؤلفة في المقدمة: "لقد حصرت الكلام على المرأة الدرزية في لبنان لكي أكون أكثر إحاطة بالتطورات التي مرّت بها المرأة منذ بدء الدعوة التوحيدية حتى الآن، والعوامل التي أثرت في تربيتها وفي شخصيتها بما في ذلك البيئة الطبيعية والجغرافية، إلى البيئة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية. وقد توقفت عند المحطّات المهمة في التاريخ التي برز فيها عدد من النساء اللواتي أخذن زمام الحكم في البلاد وأبلين بلاء حسنا وذلك حتى نهاية العقد الرابع من القرن العشرين، وجميعهن الآن في ذمة الله رحمهن الله. وخصصت حيّزا من الكتاب للكلام عن المرأة في النصف الثاني من القرن العشرين وبدايات الألفية الثالثة والمجالات التي برزت فيها، والنواحي الثقافية والفنية والاجتماعية التي تتجه إليها الأجيال الطالعة من البنات مع ذكر أسماء من برزن منهن في كل هذه الميادين ومعظمهن ما زلن على قيد الحياة وما زلن في طريق العطاء وذلك من أجل الاعتراف بفضلهن ونماذج يحتذى بها لدى الأجيال الطالعة".
يتحدّث الكتاب في الفصل الأول عن المرأة الأمّ وعن دورهن في خلق وتربية أجيال جديدة حيث اقترنت أسماء بعض النساء عبر التاريخ بأسماء العظام من الرجال، فقد ساندن آباءهن وأزواجهن وأبناءهن وغيرهم من ذوي القربى بعد أن تفهّمن رسالة هؤلاء العظام. وتضيف بأنه يجدر القول بأن معظم الرجال من رجال دين ومفكرين وسياسيين وأدباء وشعراء يؤدّون حتى يومنا هذا واجب الاحترام والتبرك مهابة وإيمانا ومعتقدا أمام قدسية تلك النساء دون تردد.
يتحدث الفصل الثاني من الكتاب عن البيئة التي نشأت وترعرعت فيها المرأة في مجتمع الموحدين الدروز وعن العوامل المؤثرة التي ساعدت في بعض الأحيان، أو أخّرت في أحيان أخرى في الحصول على تغييرات في نمط حياتها. تتحدث المؤلفة عن البيئة الطبيعية والجغرافية وانتشار الموحدين الدروز في جبل لبنان قبل الدعوة وفي أثنائها وبعدها وكذلك عن البيئة الاقتصادية ومساهمة المرأة فيها. وتستشهد بأقوال الخبراء ذكروا أن المرأة الدرزية أثبتت وجودها في مجال الزراعة في لبنان وكانت مسؤولة عن المؤن والحاجات الغذائية للعائلة القروية.
يتحدث الفصل الثالث عن بيئة المجتمع والعائلة وعن مركز المرأة في مجتمع الموحدين الدروز منذ تأسيس الدعوة وتقول : "المرأة في مجتمع الموحدين سيدة بيتها تتمتع بالاحترام والكرامة والطمأنينة على مصيرها فلا ينازعها منازع بل تحظى بمحبة زوجها وأولادها وعائلتها لذلك نعمت العائلة الدرزية بالاستقرار والثقة والأمان. وتذكر المؤلفة أن المجتمع الدرزي ينقسم إلى فئة العُقال والجهّال وكذلك مجتمع النساء وتقول إنه توجد عشرات النساء الدرزيات الفاضلات والمتميّزات من ناحية دينية وهي تذكر أسماء عددا منهن مثل الست سعدى تقي الدين والست نبيهة تقي الدين وكذلك الست ألماز حمادة والست أم علي فاخرة البعيني والست فاخرة القاضي، والسيدة نازك أبي خزام، والسيدة سميرة وهّاب، وغيرهن.
تتحدث المؤلفة في هذا الفصل عن قانون الأحوال الشخصية عند الدروز وأثره في الحياة الاجتماعية ذاكرة تفاصيل اختيار الزوج ومواضيع الطلاق والحضانة والنفقة والميراث والوصية.
عنوان الفصل الخامس هو "الفنون الجميلة في مجتمع الموحدين الدروز" وفيه تتحدث عن ازدهار الفنون أثناء حكم الأمير فخر الدين المعني الثاني حيث تمّ في ذلك الوقت تحقيق استقرار أمني عسكري مما أدى إلى ازدهار اقتصادي فقام الأمير فخر الدين بتأمين التجارة وعملية السفر من مكان لآخر والسفر إلى أوروبا وإلغاء القيود التي فرضتها السلطات العثمانية فأصبحت إمارة الأمير فخر الدين محجّاً ومنصة للفنانين والموهوبين من جميع أنحاء العالم. وهي تتحدّث عن الفن الريفي القديم في مجتمع الموحدين الدروز الذي يضمّ الغناء والعزف والرقص الشعبي والدبكة في مجتمع الرجال والنساء كل على حدا. وقد خصّصت الفصل السادس لاستعراض النهضة الفنية الحديثة في مجتمع الموحدين الدروز في لبنان. تذكر المؤلفة في الفصل السابع أسماء نساء برزن في مجتمع الموحدين الدروز منذ بدء الدعوة وحتى النصف الأول من القرن العشرين وهي تبدأ الكلام بسرد ما يعرف التاريخ عن الست سارة رضي الله عنها التي أرسِلت في عهد الدعوة في مهمة عسيرة إلى جنوب لبنان ونجحت بها وعادت سالمة. وتذكر الأميرة نسب التنوخية والأميرة حبوس أرسلان والست نايفة جنبلاط والست نظيرة جنبلاط وذلك بسرد تاريخي مسهب لحياتهن. تتحدث في الفصل الثامن عن المرأة والسياسة في الألف الثالث ةفي الفصل التاسع تكتب عن أخلاقيات المرأة في مجتمع الموحدين الدروز مستشهدة بما قاله كتّاب أجانب ومؤرخون غربيون ومؤلفون عرب عما شاهدوه ولمسوه من فضائل للمرأة الدرزية. وتختم الباب الأول من الكتاب حيث تشير في الفصل العاشر إلى عامل المرأة المأجور خارج البيت والتغييرات الناتجة عن خروج المرأة الدرزية للعمل خارج بيتها.
يبدأ الباب الثاني بالفصل الأول المخصص لنساء برزن في الصحافة والأدب والتربية وقضايا المرأة في النصف الأول من القرن العشرين وهن : نور محمد قاسم حسين حمادة، عفيفة صعب، ألماس مسعود سلمان الدويك ونظيرة زين الدين الحلبي. وتتحدث في الفصل الثاني عن نساء برزن في البحث العلمي والتأليف في التاريخ والنقد الأدبي وفي التعليم الجامعي وهن :د. نجلاء مصطفي أبو عز الدين، د. حياة أبو علوان، د. منى تقي الدين أميوني، د. نائلة تقي الدين قائد بيه وكذلك د. عفاف عبد الباقي حاطوم.وتستعرض في الفصل الثالث حيوات ونشاطات نساء برزن في الحقل الاجتماعي والإنساني والخيري وقضايا المرأة الحركات النسائية وهن : السيدات جمال تقي الدين، سمية جنبلاط، زاهية سلمان، نجلاء صعب، يسر صعب، أنيسة عسّاف، أنيسة نجّار، ناديا الجردي نويهض وجمال سليم نويهض.
تتحدث في الفصل الرابع عن رائدات في ميدان القضاء في النصف الثاني من القرن العشرين وهن السيدات : نجيبة حمدان، غادة أبو كرّوم، سيلفر أبو شقرا، وفاء التيماني، ناهدة خدّاج وسمر السوّاح. وفي الفصل الخامس سرد تفاصيل عن رائدات في حقل الطبّ في النصف الثاني للقرن العشرين وهن : د. بهية غصن، د. جمال مشرفية، د. نجلاء نعمان، د. هتاف عبد الصمد وكذلك د. هند حمدان. وتتحدث في الفصل السادس عن رائدات في حقل الصيدلة وهن : إنصاف أمين حسن وندى عادل صعب. وتذكر في الفصل السابع رائدات في حقل المحاماة وهن : إخلاص سلمان جابر، وندى نجيب تلحوق. وفي الفصل الثامن تذكر رائدات في حقل التمريض وهن : ضمية عبد الله تلحوق، وداد حمدان شيّا ، عفّة عارف أبو علوان، عائدة ابي حسن تلحوق والدكتورة سلوى مكارم. وتتحدث في الفصل التاسع عن رائدات في الفنون الجميلة وهن : نورة جنبلاط، سعاد نجار، سامية صعب، وفي الموسيقى ديانا تقي الدين، في النحت سلوى روضة شقير، في الغناء أسمهان، في تعليم الموسيقى في المدارس نبيلة صعب ريدان، في تصميم وصناعة الحلي مي نجار ريشاني، وفي الرسم رندا عطا الله نقي الدين.
وتستعرض في الفصل العاشر نساء برزن في حقول مختلفة في الأدب والشعر والسياسة والإدارة والتربية والإعلام والصحافة والتعليم الجامعي والتأليف وهن : مي سامي بركات، مي سعيد حمادة، د. بيان نويهض، عائدة العلي ساري الدين، د. هدى سليم، ليلى نجيب صعب، ريما نجيب علم الدين، أمية حمدان القيسي، إنصاف الأعور معضاد، ناديا حمادة تويني ، نورة نويهض حلواني، أديل الخشن، د. نور سلمان، سلوى صافي، جمانة صلاح الدين، نجوى سليمان فليحان، د. مي حمدان مكاري والدكتورة ليلى القاضي هرموش. وفي الفصل الحادي عشر تتحدث عن رائدات في علم المكتبات والتوثيق وهن : سامية صعب، وعائدة سلمان نعمان. وفي الفصل الثاني عشر تتحدث عن نساء فزن في انتخابات مجالس البلديات.

ويتحدث الفصل الثالث عشر عن نساء درزيات برزن خارج لبنان وهن : راغدة درغام ولأهمية المعلومات عنها ننقل الفصل المذكور في الكتاب كاملا في العمامة في هذا العدد، وليلى عبد الحميد شرف التي تشغل مناصب كثيرة وهي عضو في عشرات الجمعيات والمؤسسات الحكومية والملكية والجامعية والشعبية. وتتحدث عن السيدة سلوى شقير روزفيلت التي عملت بالصحافة وتزوجت حفيد رئيس جمهورية الولايات المتحدة. وعن السيدة منى سامي شيّا التي تتخصص بالأعمال الزراعية، والدكتورة هند فؤاد حمدان يانس وهي متخصصة بعلم الدم وطب السرطان. وتتحدث في الفصل الرابع عشر عن نساء برزن بالقوة الجسدية وهن السيدات : سعدى ملاعب، شمّا أبو عاصي، عبلة حاطوم، ترفه المحيثاوي ، عمشة القنطار وفاطمة عابد.
وتجمل المؤلفة في الفصل الأخير سيرة حياتها وتقول إنها : كلما اطّلعت عن كثب على سيرة حياة واحدة من الرائدات يمتلكني الإعجاب والتقدير لما وصلنا إليه من المستوى العلمي، وإنها: "أتمنى لو أن الزمان يعود بي إلى الوراء فيعطيني فرصة ثانية لأستطيع أن أشارك من جديد في العمل المنتج بأكثر مما قمت به في حياتي...".
يُعتبر الكتاب وثيقة تاريخية هامّة تجمل سير وحياوات مجموعة كبيرة من السيدات الرائدات في كافة فروع الحياة في الطائفة الدرزية. وهذا الكتاب هو أكبر إثبات ودليل على أن المرأة الدرزية في التاريخ لا تقلّ ذكاءً وأهمية وقدرة من أي امرأة أخرى في العالم لكن الواجب علينا هو تشجيع النساء للتألق والتطور والتقدم في فروع الحياة المختلفة.

بقلم السيدة سهام ناطور - amama - 14 يونيو 2009

0 تعليقات::

إرسال تعليق