الأربعاء، 4 مايو 2011

مختارات شعرية - محمد الماغوط


مقبرة الأشباح

بعد أن جاعت الشعوب العربية
وقدمت ما لا يحصى من قوافل الشهداء
لتحرير فلسطين ولبنان والعراق والسودان والصومال ووادي الأردن
واليرموك ووادي الملوك و وادي أبو جميل والهلال الخصيب
وباركت الصحافة الحرة والمسرح الحر والإيمائي
وشجعت المدارس الأدبية والمهنية بما فيها الخياطة والإعلام
المسموع والمرئي والمقروء والمخضرم
لاستيعاب هزيمة حزيران
وانتصارات تشرين
وتغطية نفقات الوفود المحلقة في أرجاء الجبهة الشرقية والصمود والتصدي
والدفاع المشترك ودول الخليج والحياد الايجابي وعدم
الانحياز في شراء الذهب والماس والفرو للزوجات والعشيقات
من نفقات الجيوش والمناورات والمخدرات والنفقات السرية والعلنية وتسويقها
بالغناء الشعبي والنهيق الوطني.



****

ولما لم يبق عند هذه الشعوب ما تأكله و تشربه أو ترهنه
صاروا بعد دفن موتاهم وما يرافقه من بكاء وعويل ولطم خدود
وتمزيق ثياب وتقبل تعازي وجمع صفقات وتبرعات
يخرجون من المقبرة ذاتها وبين أسنانهم وأنيابهم بقايا أكفان وتبن
وزهور ووحل ورمل وآيات قرآنية:
وغيرهم من شهداء الفن والطرب العربي الأصيل
****
وفي بعض المناسبات الدينية والوطنية أعلنوا عن تنزيلات حقيقية
وحسومات لا يستهان بها تصل إلى :
خمسين بالمئة للطلاب والعمال والأرامل والجنود وأبناء الشهداء
مع عينات دسمة مما تبقى من
أجساد أم كلثوم وسيد درويش وأسمهان
لقد أخذوا يأكلون شهداءهم
__________________

المفاجأة

عرفت المدينة التي أعشقها بالياسمين الأبيض
حيث يغطي السطوح والجدران والشرفات والتمديدات الصحية ومناشر الغسيل
والطرقات
والمارة
وشرطة المرور
والركاب
والسائقين
واللصوص
ودور العبادة
والمصلين
والمتسولين
والطفال
والشيوخ
والدوائر الرسمية
والموظفين
والمراجعين
والمرتشين
وبنات الليل
والمقامرين
والقضاة
والمحامين
والمتهمين
والتجار
والمستهلكين
والمستشفيات
والأطباء
والمجانين
لكن رائحة المؤامرات التي تكشف كل يوم
على حياة زعيط ومعيط من المسؤولين
وأبنائهم وأزلامهم ومحظياتهم
لم تبق برعما أو زهرة على قبر شهيد
__________________

الموشور الفلسطيني

السيوف في دمشق....
والأعناق في لبنان
الهزيمة في فلسطين...
والمناحة في إيران
المجاعة في السودان....
والمساعدات للسعودية
الكحل في اليمن...
والعيون في الأردن
الربيع في الغوطة...
والخريف في قاسيون
الطبل في حرستا ...*
والعرس في دوما
لقد انتهى زمن البطولات والشعارات..
وجاء زمن الخيارات والتبريرات.
ومع ذلك فإن ضحكات الأطفال وتغريد الطيور
تنقل بالصناديق على الأكتاف من مكان إلى مكان
كما تنقل أدوات الصيد والزينة
لمضارب الملوك والأمراء

* توضيح : حرستا ودوما منطقتين بريف دمشق متجاورتين وهذا مثل شعبي
__________________

مع قهوة الصباح

إذا لم يدفع الفقراء والشعراء الثمن
فمن الذي يدفعه؟

****

كلما كثر أعدائي تأكدت أني على حق

****

من جعل من كل شجرة مخفرا؟
ومن كل برعم متهما؟

****

الكرة بيدي وستظل بيدي حتى لا أكون كرة بيد أحد!

****

لقد عايشت وعاصرت أعظم الثورات طموحا ودموية وبربرية وهدرا للدموع والكرامات دون أن أطلق رصاصة واحدة
وقد لبست أفخر الألبسة وأكلت أشهى الأطعمة دون أن أدفع درهما واحدا
ووصلت إلى أقصى ما يحلم به إنسان دون أن أخطي خطوة واحدة:
شكرا للشعر..

0 تعليقات::

إرسال تعليق