القواتيون واثقون من أنفسهم ومن النقاشات التي يجرونها (أرشيف ــ مروان طحطح) |
في القاعة المركزية للاجتماعات في معراب، يجلس سمير جعجع محاطاً بكوادر القوات اللبنانية. في هذه الجلسات التي يعقدها القواتيون لمناقشة النظام الداخلي للحزب، لا تختلف صورة جعجع كثيراً عما هي في الخارج. فهو دائم الالتفات يساراً ويميناً، يطلق النكات من حين لآخر، يعيد النقاش إلى جدّيته عندما يرى ذلك مناسباً. وفيما يناديه الجميع «الدكتور»، يلاحَظ غياب كلمة «رفيق» ولا يستعملها سوى «الحكيم» عند استنجاده بأحد المعاونين لتفسير هذا البند أو تعليل آخر. ويبدو أنّ أحب الكلمات إلى قلب جعجع، «يا ذوات»، يستخدمها حين يدعو المشاركين إلى التصويت على البنود بعد مناقشتها.
الارتياح ظاهر على جعجع رغم التعب الذي يصيب الجميع نتيجة الساعات المتواصلة التي يجلسون خلالها لإقرار بنود نظامهم الداخلي. لكن ما يظهر حتى اليوم هو أن هذه الجلسات بطولها وعرضها، لن تكون سهلة على القواتيين الذين لم يستطيعوا في الجولة الثالثة من اجتماعاتهم التنظيمية (التي انطلقت في 29 نيسان الماضي)، سوى بتّ 84 بنداً من أصل 303 مواد يتألف منها النظام الداخلي. وهو ما يعني أنه بقي أكثر من ثلثي البنود. وبمعنى آخر، فإن مناقشة النظام الداخلي وإقراره قد يشغلان القواتيين لأكثر من شهر من اليوم. وهو ما دفع كثيرين من القواتيين إلى الإشارة إلى أنّ أعمال المؤتمر العام قد «تمتدّ إلى الصيف». لكن في الوقت نفسه، يرى هؤلاء أنّ البطء الذي تسير فيه النقاشات التنظيمية يدلّ على الجديّة. وقد ناقش المجتمعون في جلستي أمس فقط عشرين بنداً، من 64 إلى 84، مع العلم أنّ البنود الأربعة الأخيرة، المتعلقة بالمؤتمر العام، نوقشت في أربع ساعات من دون أن يتمكن المشاركون من حسمها، على أن تُستكمل مناقشتها هي وغيرها من النقاط الأخرى في جلسة اليوم والجلسات المقرر عقدها نهاية الأسبوع المقبل.
في القاعة التي يتوسّطها شعار «حزب ديموقراطي رائد في لبنان والمنطقة»، يبدو القواتيون واثقين من أنفسهم ومن نتائج النقاشات التي يجرونها. ويبرز من الوجوه القواتية التي تظهر في الجلسات، الوزير السابق طوني كرم، والمحامي فادي ظريفة، ورئيس قطاع المهندسين عماد واكيم، والوجه العتيق في التنظيم الكتائبي والقواتي إبراهيم حداد، إضافة إلى مدير الجلسات سمير جعجع ونائبه جورج عدوان.
في الجلسة الصباحية أمس، انهمك القواتيون بمناقشة كيفية تنظيم علاقة حزبهم، قيادة وأفراداً، بالأصدقاء والمؤيدين. وانتهت هذه النقطة السجالية بالاتفاق على تخصيص بند خاص لتحديد هذه العلاقة. وأبرز الأمور التي توصّل إليها القواتيون: منح مصلحة الطلاب حيّزاً مهماً وهامشاً تنظيمياً واسعاً، إذ أجمع المشاركون على إعطاء هذه المصلحة وضعاً خاصاً لكونها «شبه حزب قائم بحد ذاته»، وبصفتها مصدّرة منتسبين إلى القطاعات ولها هيكليتها التنظيمية الخاصة والواسعة.
أما البنود التي طال نقاشها، فتتعلّق بالمؤتمر العام وآلية عمله ومشاركة القاعدة فيه، فتوقف القواتيون أمام إشكالية مشاركة 2000 منتسب في هذا المؤتمر وإمكانية تسجيل أغلبيتهم للمداخلات، ما قد يعني «ضياع الطاسة» والفوضى المطلقة، إذ يشارك في اجتماعات اليوم 100 شخص، فكيف إذا تعدّى هذا الرقم المئات؟ لذلك كان اقتراح باعتماد صيغة المندوبين للمشاركة في المؤتمر، من دون بتّ الأمر في جلسة أمس، لأنّ على لجنة صياغة النظام الداخلي تقديم الاقتراح اللازم بهذا الخصوص.
ومن البنود التي استفاض المؤتمرون في نقاشها، ازدواجية الانتساب، مثلاً في القطاعات والمناطق، وانتهت بأن يعطى «الرفيق المنتسب» حرية الاختيار في المشاركة التنظيمية (التصويت) بين المكانين، دون الممانعة في أن ينشط فيهما في الوقت نفسه. والأهم أنّّ المشاركين في معراب حسموا مجموعة من الأمور الأساسية في الهيكلية التنظيمية، وأهمها اعتماد صيغة «مركز القوات» في المناطق، بدلاً من عبارة «قسم»، على أن تكون الهرمية الحزبية على النحو الآتي: المؤتمر العام، الرئيس، الهيئة التنفيذية، الأمين العام ومعه مساعدو الأمين العام. وهؤلاء ينقسمون بحسب الهيكلية نفسها على النحو الآتي: المصالح، القطاعات، الانتشار، المناطق، وغيرها.
لكن ما لم يستطع التنظيم القواتي تجاوزه هو إمكانية اختيار أعضاء المناطق لرؤسائهم، إذ جرى التصويت على أنّ تعيّن الهيئة التنفيذية مسؤولي المناطق بعد إجرائها المشاورات اللازمة، على أساس أنّ الناس قد يجمعون على اسم من لا يحظى بالأهلية اللازمة لقيادة القوات، وأنّ القيادة تملك المعلومات حول الأشخاص الواجب تعيينهم بوصفها صلة وصل بين معراب والهيئة من جهة والناس والمناطق من جهة أخرى. ويطرح هذا الأمر مدى الثقة التي تمنحه قيادة القوات للناس، رغم كل البنود «الديموقراطية» التي أقرّت حتى اليوم في المؤتمر، وأهمها انتخاب القاعدة مباشرةً للهيئة التنفيذية ورئيسها ونائبه!
وقد توصّل المجتمعون في معراب إلى أمر مهم أيضاً، وهو أن تنتخب هيئة الادعاء، التي تتولّى المحاسبة الحزبية، لا أن تعيّنها الهيئة التنفيذية. وجاء ذلك بعد اعتراض عدد من المشاركين على تعيين القيادة لجنةً من مهماتها المحاسبة.
باختصار، يمكن القول إنّ المؤتمر التنظيمي يسير بثبات ويأخذ الوقت الكافي لإنضاج أفكاره وهيكلياته، دون أن يعني ذلك تحديداً أن ما يحصل هو لمصلحة معراب، إذ في الأيام والأسابيع المقبلة قد تكون ثمة استحقاقات سياسية على القواتيين الانشغال بها أيضاً، وأهمها الدعوات الجديدة إلى تأليف حكومة وحدة وطنية!
نادر فوز - الأخبار - العدد ١٤١١ السبت ١٤ أيار ٢٠١١
0 تعليقات::
إرسال تعليق