الأربعاء، 25 مايو 2011

نعى لبنان الخاضع لـ«حزب الله» ... وتوقع للثورات العربية مصير ثورة الأرز... نتنياهو في الكونغرس: السقوط الأميركي أمام إسرائيل

Free Image Hosting at www.ImageShack.us
أعضاء الكونغرس يصفقون لنتنياهو خلال إلقائه كلمته أمس (رويترز)
بدا الكونغرس الأميركي، أمس كأنه برلمان احد بلدان العالم الثالث، يستقبل القائد المبجّل، ينحني أمامه ويصحبه بنظرات الانبهار إلى منصة الخطابة، يصفق له وقوفاً 29 مرة في اقل من أربعين دقيقة، يقاطعه بين الحين والآخر بالشهقات والإشارات، ثم يتسابق الأعضاء لإلقاء التحية عليه ومصافحته والتقاط الصور التذكارية معه.



كالساحر دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قاعة مجلس النواب الأميركي حيث كان الحضور ممسوساً بالرجل الذي لا يمكن أن يتوقع مثل هذه الحفاوة والتقدير في مجلس النواب الإسرائيلي، ولا طبعاً في الإعلام الإسرائيلي الذي عبر عن اشمئزازه من نفاق المشرعين الأميركيين الذين يستعدون لخوض سباقاتهم الانتخابية على المال والنفوذ اليهودي، والذين يحرجون بذلك الرأي العام الإسرائيلي الحريص على محاسبة نتنياهو ومنعه من المزيد من التطرف.

كالفاتح دخل نتنياهو قاعة الكونغرس الأميركي ليلقي خطاب

رجل سياسي يبحث عن كلمات فضفاضة لتعزيز موقعه في الداخل الإسرائيلي، بعدما تمكن من وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما في موقع دفاعي تمهيداً لإنهاء محاولته الخجولة الثانية لإطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. المرة الأولى كانت بسبب الاستيطان، والمرة الثانية كانت حدود العام 1967.

التصفيق لم يتوقف في القاعة، حوالي 29 مرة لخطاب دام 40 دقيقة، ولم يخرقه سوى امرأة حاولت الاعتراض على نتنياهو وخطابه، فتم إخراجها فوراً من القاعة، ليرى فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي مثالاً على الديموقراطية الأميركية. وفي تصريح مقتضب من «الكابيتول هيل»، بعد خطابه، أعرب نتنياهو، الذي طلب من رئيس مجلس النواب جون بونر دعوته إلى إلقاء الخطاب وليس العكس، عن سروره بإلقاء كلمته أمام «أركان التحالف الإسرائيلي الأميركي».

وبعد 15 عاما على خطابه الأخير أمام الكونغرس في العام 1996، كان تركيز خطاب نتنياهو هذه المرة على ثلاثة محاور: الأول، تسليط الضوء على العلاقات الأميركية الإسرائيلية بشكل يصعب على أوباما الرد عليه. والثاني، التأكيد على الأولوية الإسرائيلية في منع إيران الحصول على سلاح نووي. أما الثالث، والذي أنهى به نتنياهو خطابه، فكان وضع معايير إسرائيلية تنهي عملياً مبادرة أوباما الخجولة التي طرحها في خطابه الأسبوع الماضي.

بدأ نتنياهو خطابه بالقول «ليس لدى إسرائيل صديق أفضل من أميركا، وليس لدى أميركا صديق أفضل من إسرائيل... وفي منطقة تحالفات متحوّلة، إسرائيل هي حليفة أميركا التي لا تزعزع». وبعد مديح مزيف للثورات العربية، قال نتنياهو إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى تصدير الديموقراطية أو إلى إرسال قواتها إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن مصير هذه الثورات قد يكون مثل الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. وتابع «هذا الاستبداد ذاته خنق ثورة الأرز الديموقراطية في لبنان، وأصاب هذا البلد الذي يعاني منذ فترة طويلة بحكم القرون الوسطى لحزب الله». وادعى أيضاً أن من بين 300 مليون عربي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «فقط المواطنون العرب في إسرائيل يتمتعون بحقوق ديموقراطية حقيقية».

وانتقل نتنياهو بعد ذلك إلى المحور الثاني من خطابه قائلاً «الطغيان في طهران يمارس الوحشية على شعبه. يدعم الهجمات ضد القوات الأميركية في أفغانستان والعراق. يخضع لبنان وغزة. ويرعى الإرهاب في جميع أنحاء العالم». وأضاف «إيران مسلحة نووياً تشعل سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، وتعطي الإرهابيين مظلة نووية، وستجعل كابوس الإرهاب النووي خطراً واضحا وماثلا في جميع أنحاء العالم». وبعد التنويه بموقف الإدارة الأميركية من الملف النووي الإيراني، قال نتنياهو «كلما أدركت إيران أكثر أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، كانت فرص المواجهة اقل. ولهذا ادعوكم إلى مواصلة توجيه رسالة واضحة بأن أميركا لن تسمح أبدا لإيران بتطوير أسلحة نووية».

وبعد سرد بطولاته العسكرية في قناة السويس، أكد نتنياهو التزامه بحل الدولتين في النزاع مع الفلسطينيين قائلاً «أنا مستعد لتقديم تنازلات مؤلمة لتحقيق هذا السلام التاريخي». وأضاف «في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، الشعب اليهودي ليس هو المحتل الأجنبي. نحن لسنا بريطانياً في الهند. نحن لسنا بلجيكيين في الكونغو». واعتبر أن أساس المشكلة مع الطرف الفلسطيني انه «غير مستعد لقبول دولة فلسطينية إذا كانت تعني القبول بدولة يهودية على جانبها». ودعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى أن «يقف أمام شعبه ويقول: أنا اقبل بدولة يهودية»، مشيراً إلى أن هذه الكلمات «ستغيّر التاريخ».

واعتبر نتنياهو أن أي تسوية مع الفلسطينيين يجب أن تأخذ في الاعتبار «التغيرات الديموغرافية الدراماتيكية التي حصلت منذ العام 1967. الغالبية العظمى من الـ650 ألف إسرائيلي الذين يعيشون خارج حدود 1967، تقيم في أحياء في ضواحي القدس وتل أبيب الكبرى». وتابع «إسرائيل ستكون كريمة في حجم الدولة الفلسطينية لكنها ستكون حازمة للغاية في وضع الحدود معها». ولفت إلى أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين «ستحل خارج حدود إسرائيل» وان القدس المحتلة «يجب ألا تقسم أبداً مرة أخرى. يجب أن تبقى القدس عاصمة إسرائيل الموحدة». ورأى انه لا يمكن التفاوض مع حركة «حماس»، قائلاً إن «إسرائيل مستعدة للجلوس والتفاوض حول السلام مع السلطة الفلسطينية، لكنها لن تفاوض مع حكومة فلسطينية تدعمها النسخة الفلسطينية من تنظيم القاعدة». وفي محاولة لتقليد خطاب الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان في برلين في الثمانينيات، قال نتنياهو «أنا أقول للرئيس عباس، مزق اتفاقك مع حماس. اجلس وفاوض. اصنع السلام مع الدولة اليهودية».

ما بعد الزيارة

وبعد مقاطعة قيادات بارزة في الكونغرس لأي اجتماع أو اتصال مع السلطة الفلسطينية بعد المصالحة بين فتح وحماس، يبدو أن «إيباك» زادت على جدول أعمالها هذا العام بند تجميد المساعدات الأميركية إلى السلطة الفلسطينية بعدما كانت تكتفي وأعضاءها العشرة آلاف بضمان استمرار المساعدات الأميركية إلى إسرائيل وفرض المزيد من العقوبات على إيران وبرنامجها النووي.

وعلمت «السفير» انه جرى الحديث على هامش مؤتمر «إيباك» عن مشروع قانون سيطرح قريباً لتأكيد الاعتراض على إعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، والتهديد بتعليق المساعدات إذا تشكلت حكومة الوحدة الفلسطينية. وشارك في مؤتمر «إيباك» هذا العام حوالي 67 سيناتوراً و286 نائباً من الحزبين الديموقراطي والجمهوري.

حتى رئيس الأكثرية في مجلس الشيوخ، السيناتور الديموقراطي هاري ريد، تخلى عن أوباما في موقفه حول حدود العام 1967 كنقطة انطلاق للمفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين قائلا في خطاب أمام «إيباك» إن «المكان حيث يجري التفاوض يجب أن يكون على طاولة المفاوضات، وليس في أي مكان آخر. هذه المفاوضات لن تحصل ومعاييرها لن توضع من خلال الخطب أو في الشوارع أو في الإعلام».

النائب اليهودي الجمهوري إريك كانتور ألقى أيضا خطابه أمام «إيباك» حيث أكد أن جذور النزاع هي «حقد العربي تجاه إسرائيل واليهود، وليس حدود 1967»، لينال تصفيقا حارا على مدى 40 ثانية. وعلى خلفية العلاقة الصعبة بين أوباما ونتنياهو، تحدثت صحيفة «بوليتيكو» عن تشنج بين المجموعات اليهودية الأميركية خلال اجتماعها، أمس، مع نتنياهو في مقر إقامته في «بلير هاوس»، بحيث أصرت بعض المجموعات على انتقاد موقف أوباما والديموقراطيين في مقابل قول نتنياهو أن إسرائيل يجب أن تبقى «قضية غير حزبية».

خطاب نتنياهو أمس الأول أمام مؤتمر «إيباك» السنوي كان مختصراً، إذ ترك رئيس الوزراء الإسرائيلي كل أوراقه لخطاب الكونغرس. واكتفى بالقول أن إسرائيل «لا تستطيع العودة إلى حدود 1967 التي لا يمكن الدفاع عنها»، مشيراً إلى أن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يصب في مصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين لكنه «ليس حلاً سحرياً لمشاكل الشرق الأوسط. ولن يعطي المرأة في بعض الدول العربية حق قيادة السيارة. ولن يمنع الكنائس من تعرضها للتفجير». وواجه نتنياهو نشطاء السلام من مجموعة يهودية أميركية مناهضة لـ«إيباك» داخل مركز واشنطن للمؤتمرات، وكان النشطاء ردوا على خطاب نتنياهو بالقول إن «احتلال فلسطين لا يمكن الدفاع عنه، تجويع غزة لا يمكن الدفاع عنه، وهدم المنازل لا يمكن الدفاع عنه، وتهجير اللاجئين لا يمكن الدفاع عنه».

واشنطن ـ السفير 25 أيار 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق