السبت، 14 مايو 2011

هل يجوز للمسلم أكل اللحوم من عند الدروز؟

ردًا على ما قاله الشيخ خالد غنايم، رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء، أثناء البرنامج الذي قدّمته إذاعة راديو الشمس في موضوع المسموح والممنوع في الصوم والإفطار في شهر رمضان الكريم، وكان الضيف المحترم يرد على أسئلة المستمعين، في شتى المواضيع التي تتعلق بالصوم، وقد سأله أحد المستمعين مستفسرًا ما يلي: لي صديق من أبناء الطائفة الدرزية، وقد اعتاد هذا الصديق دعوتي إلى الإفطار في شهر رمضان كل سنة، فهل يحل ويجوز أكل اللحوم من عند الدروز؟

وكانت إجابة الشيخ خالد غنايم على السائل الكريم، كالآتي: لا يجوز أكل اللحوم إلا ما دُبح على يد أحد من أهل الكتاب وأهل الكتاب كما هو معلوم في الإسلام هم اليهود والنصارى والمسلمين.

وهنا أرد على حضرة الشيخ خالد غنايم، بما قاله الحاج أمين الحسيني رحمه الله، وجعل الجنة مأواه، مفتي الديار المقدسة في حينه، وقد جاء ذلك على لسان الحاج طاهر قرمان أحد وجهاء وزعماء المسلمين في فلسطين حيث قال: كنت في إحدى السنين في لبنان، وكان يقيم في ذلك الوقت في بيروت، سماحة المفتي الحاج أمين الحسيني، وإليه ترجع الأمور السياسية في فلسطين وكان لي مع المفتي سابقة وعلاقات قديمة شخصية، فوددت زيارته للتعرف على ظروفه الزمنية والمعيشية وكان ينزل في إحدى فنادق رأس بيروت الفخمة وكان له في الفندق جناح خاص تحت تصرفه، مؤلف من مطبخ وغرف نوم وقاعة واسعة كبيرة مفروشة للمقابلات، فلما قدمت عليه مع موعد سابق، وبعد السلام والمجاملة، وفي أثناء الحديث لفت انتباهي أن أحد العمال يدخل المطبخ ومعه كمية من اللحوم، وحسب ما أعرفه بأن وفودًا عديدة تزور المفتي في الفندق، ومنهم من يتناول وجبة الطعام ضيافة من المفتي، فوددت في ضميري أن أتعرف على الجزار في دكانه، لأدفع له نفقات اللحم ذلك الشهر، وسألت أحد الطباخين عن اسم الجزار واسم الشارع ورقم الدكان، ولما وصلت إلى الدكان المقصود التقيت بشخص هناك، بادرته بالسلام وقلت له: أريد صاحب الدكان فقال: أنا هو. قدّمت نفسي إليه، من أنا ومن أين أتيت، وطلبت منه أن أجري معه مقابلة قصيرة على حساب عمله، فاستقبلني ببشاشة وترحاب، ثم سألته: هل أنت الجزار الذي يزوّد الحاج أمين الحسيني باللحم؟ قال: نعم، قلت له: أتسمح لي بسؤال آخر أنا خجول منه لأنه ثقيل المنطق فأرجو المعذرة؟ قال: تفضل، إسأل ومني الجواب. قلت: إلى أي طائفة تنتمي أنت في لبنان المعروف بكثرة طوائفه؟. فأجاب بسرعة: أنا مواطن لبناني أبا عن جد، وأحد أبناء الطائفة الدرزية، وانتهيت من الحديث معه، بعد تقديم ضيافته، وشكرته على حديثه الشيّق الذي إن دل على شيء فإنه يدل على آدابه.

رجعت إلى الفندق وجلست مع المفتي وبادرته بالسؤال التالي: هل تعرف الذي يزودكم باللحم من أي طائفة يا سماحة المفتي؟، قال: نعم إنه من إخواننا بني معروف. فقلت له: يا صاحب السماحة كيف يجوز لك أن تأكل لحم الذبيحة التي يذبحها الدرزي، ونحن، مسلمي فلسطين، لا نأكل ذبحهم لأنهم لا يذكرون الله في ذبحهم ولا يكبّرون ولا نتعامل معهم؟ فقال المفتي: من أين لك هذه الفتوى ومن أفتاها؟ وقد ظهر الاستياء والغضب على وجهه وقال بنبرة رصينة: إن هذا القول باطل ومردود ومرفوض كليًا، فالدروز قرأت عنهم وتعرفت على عشرات الزعماء منهم وتأكدت أنه وقت القيام بالذبح يقف الجزار مستقبلا القبلة الشريفة ذاكرًا (بسم الله الرحمن الرحيم، سبحان من حللك الذبح، الله أكبر) ويشترط أن يكون السكين ماضيًا، كي لا تتألم الذبيحة، فلا يوجد لديّ أي شك في إسلامهم، فهم مسلمون موحدون بالله، ومرجعهم القرآن الكريم في الزواج والطلاق والإرث والصلاة على الميت وأشياء أخرى، وهم المقيدون بالعدالة حيث يمنع عندهم الجمع بين زوجتين، ولا يرجعون المطلقة، لا بشرع ولا بفتوى، ولو كان لها عشرة أولاد، وهم بعيدون كل البعد عن زواج المتعة، وهي عندهم في قمة الكبائر، فإذا كانت هذه صفاتهم وهذا إيمانهم في الصلاة على الجنازة، من التكبير والتوجه إلى القبلة الشريفة، وتلاوة الآيات البينات من القرآن الكريم، فكيف يجوز لأي مسلم أن يتنكر لهذه الطائفة، عريقة الأنساب، أصيلة الأعراف، والتي سميت بالخطأ دروز؟ فهم بالحقيقة، الموحدون بالله، ولا يشركون فيه أحداً، وأما سواعدهم المفتولة فقد حملت السيوف وأشهرتها نصرة للإسلام والعرب، وفي زمن النبي (ص) كان الصحابي سلمان الفارسي والذي قال عنه الرسول سلمان من أهل البيت، ويوم الخندق كان له الفضل الكبير في انتصار المسلمين على الكفار، ثم المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر وأمه سميّة أول شهيدة في الإسلام، وهؤلاء الأربعة هم من صحابة الرسول أما عند الدروز فهم مقدسون، وإن هذا القول عن الدروز لا يؤكل ذبحهم لأنهم لا يسمون ولا يكبّرون أعتبره فتنة بين أبناء الشعب الواحد.

إلى هنا كلام مفتي الديار المقدسة أمين الحسيني، رحمه الله وجعل الجنة مأواه، وهذا الكلام سمعه من الحاج طاهر قرمان، المرحوم الشيخ توفيق فارس من قرية حرفيش، ودوّنه بخطه وأنا نقلته عنه في حياته، وأنا أكتفي بما قاله الحسيني رحمه الله ردًا على ما قاله الشيخ خالد غنايم، ولا أريد أن أزيد عليه كلمة واحدة، فهل الشيخ خالد غنايم وغيرهم ممن يعتقدون مثله يكتفون بهذا الرد الذي جاء على لسان مفتي الديار المقدسة الحاج أمين الحسيني رحمه الله؟

والسلام على من اتبع الهدى وإلى طريق الصواب اهتدى.

بقلم: علي نسيب فلاح – كفرسميع - الحقيقة 26/09/2009 

2 تعليقات::

Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Unknown يقول...


نقدم لك سيدتى افضل طريقة من خلال موقع باتية وانترية فى طريقة تحضير البيتزا بالوصفة الاصلية الايطالية

إرسال تعليق