مع خروج المظاهرات السورية مجددا بشكل كبير يوم أمس في عدة مدن كبرى، على الرغم من القمع الشديد وسقوط قتلى من المحتجين، تكون الأحداث في سوريا قد أخذت منحى تصاعديا مفتوحا على عدة سيناريوهات، وجميع المصادر تجمع على رؤية واحدة للسيناريو القادم في سوريا، وسأنقل ما سمعته عن ثلاثة مصادر بمستويات مختلفة، لكنها متطابقة.
فالاعتقاد السائد، ووفق مصادر معطياتها مبنية على معلومات من الداخل السوري، فإن صراعا حقيقيا على السلطة يدور في سوريا. فهناك من يرى أن الحل الأمني غير مجد، ولا بد من تقديم حزمة إصلاحات، بينما هناك من يرى أن الإصلاحات تعني نهاية حكم طائفة. وبالتالي، فإن القمع هو الحل، وهذا ما تفعله اليوم شخصيات سورية مدعومة من إيران، بالعدة والعتاد والخبراء الإيرانيين الموجودين في سوريا، وهذا ما أكدته لي المصادر.
وتضيف المصادر أننا أمام مشهد قد يعيد التاريخ فيه نفسه، فإما أن تنقلب مراكز القوى تلك على الأسد، بجلب وجه علماني أو سني للقيادة، ولو مؤقتا، أو يستفرد أحد الأسماء المعروفة بالسلطة والارتماء في أحضان إيران بحثا عن الدعم والحماية، لأن سقوط نظام دمشق يعني قصم ظهر للسياسة الخارجية الإيرانية، أو أن يقوم الرئيس بشار الأسد بحركة تشبه «الحركة التصحيحية» التي قام بها والده ضد أخيه رفعت الأسد، وآخرين، قبل ثلاثة عقود تقريبا. وأبرز المؤشرات على ذلك كان ما نقله الصحافي الأميركي ديفيد إغناتيوس قبل شهر تقريبا في مقال له في «واشنطن بوست» عن مصادر لم يسمها في دمشق، أن الأسد قد يكسر قوة رامي مخلوف الاقتصادية. واللافت أيضا ما كتبه، قبل أيام، إبراهيم الأمين في صحيفة «الأخبار» اللبنانية التي تعتبر مسرحا سوريا، حيث طالب الأسد بالانقلاب، وأن من «يرسل الدبابات إلى حمص ودرعا فعليه أن يرسل دورية من الشرطة لاعتقال رامي مخلوف ومن على شاكلته ومصادرة أمواله». وبالطبع، فهذه لغة لا يجرؤ أحد في لبنان على التلفظ بها، ناهيك عن كتابتها!
والملاحظ أن الغربيين، ومعهم واشنطن وأنقرة، ما زالوا يكررون أنهم يرون في الأسد وجها إصلاحيا، ويحثونه على اتخاذ قرارات. وأحد مصادري يرى أن الإصلاح يعني أن يقوم الأسد بانقلاب قصر، قبل أن يفعلوه به، والسؤال: هل تجاوزت الأحداث النظام ككل، أم أن انقلاب القصر قد يحدث لينقذ ما يمكن إنقاذه؟ دعونا نر!
طارق الحميد - الشرق الأوسط 30 أبريل 2011
0 تعليقات::
إرسال تعليق