الثلاثاء، 26 أبريل 2011

على مائدة السفير الفرنسي دوني بييتون...



المكان: قصر الصنوبر (مقر إقامة السفير الفرنسي). المناسبة: لقاء مع سعادة السفير دوني بييتون. الهدف: لا كلام في السياسة اللبنانية ولا عن تشكيل الحكومة ولا عن دور فرنسا في ليبيا، إنما التطرّق إلى فن الطهي الفرنسي وحضوره الكبير في العالم ودوره في تعزيز الثقافة الفرنسية ونشرها، والأهم نظرة السفير الثاقبة إلى فن تذوق الأكل والنبيذ وخصوصاً المطبخ اللبناني
لدى دخول ذلك القصر التاريخي الذي كان شاهداً على حقبة أساسية من تاريخ لبنان الحديث، تشعر كأنك تسافر في الزمن. هدوء مطبق في أرجائه، ينسيك على الفور الضجيج وأبواق السيارات التي تملك بيروت سرّها. تنتظر في إحدى القاعات وصول سعادة السفير. دقائق تمر، تكتشف خلالها المكان قبل الانتقال إلى مكتب بييتون الذي يسوده السكون والهدوء والرهبة. يصل، فليبدأ حديثنا فوراً. نهنئه بداية على إدراج المطبخ الفرنسي ضمن لائحة تراث الأونيسكو العالمي. يعتبر بييتون أن عراقة المطبخ الفرنسي هي التي جعلته يتصدر مراتب عالمية. وهي عراقة تعود بشكل أساسي إلى تعلق الفرنسيين الشديد بأرضهم الغنية بمنتجاتها الزراعية، حتى إن هذا الارتباط بالأرض بات تقليداً تتوارثه الأجيال. ويضيف أن هذه الخطوة قد تفتح المجال أمام بلدان أخرى تتميّز بغنى مطبخها مثل اللبناني والصيني والهندي.

نعود للحديث عن المطبخ الفرنسي، فيعود ليؤكد أن أهمّيته تنبع تاريخه الاستثنائي المرتبط بغنى المحاصيل الزراعية والقدرة على الجمع بين المطابخ المختلفة على غرار "الكسكس" المغربي الذي أصبح طبقاً راسخاً في الأطباق الفرنسية.
وعندما نستحضر باريس، يتذكر السفير بييتون سريعاً بعض الأطباق البارزة كالـCassoulet (طبق مؤلف من الفاصولياء البيضاء واللحمة) والـ Boeuf  Bourguignon (طبق تقليدي فاخر من لحم البقر المطهو مع النبيذ الأحمر).
أما شخصياً، فإنه يختار تناول طبق من المأكولات البحرية مع مزيج من الكركند والسلطعون والمحار والقريدس. وخلال زياراته إلى فرنسا، يفضّل أن يأكل في مطعم مصنف بنجوم رغم أن الأسعار تكون مرتفعة غالباً. فهو يحب اكتشاف المطاعم الحائزة نجوم ميشلان. وللجبنة الفرنسية حصتها على طاولة بييتون، وهو يحن لمذاق الجبنة الفرنسية التي يفتقدها في لبنان. وعندما يدخل المطبخ، فإنه يفضل أن يطهو طبقاً من السمك.
يولي سعادته اهتماماً ملحوظاً بفن الطهي. لكنه لم يفكّر يوماً في متابعة دروس متخصصة بهذا المجال، مع أنه كان يراقب أهله يطهون في الصغر، وكان الأمر يثير اهتمامه كثيراً. يقول إنه يجب أن نغرس لدى الأولاد حب المطبخ وتذوّق الطعام. يعتبر أن الطهي مهنة حقيقية لا يمكن ارتجالها، فهو قد تعلّم الكثير عنه خلال المهمات التي اضطلع بها في بلدان مختلفة. تعرّف إلى طهاة محترفين، ولفته فنّهم وإبداعهم. يقول إن العين تعشق قبل الفم، وإنه يجب النظر إلى الأطباق والتكلّم عنها، وهذا ما اعتاد الفرنسيون فعله. لذلك، فإنَّ طريقة تقديم الأطباق مهمة جداً بالنسبة إلى السفير الفرنسي، مثل المطبخ الياباني الذي يولي اهتماماً كبيراً بهذا الجانب.
يستمتع سعادة السفير خلال أسفاره المتعدّدة بمختلف أنواع المطابخ. ولا يزال يكتشف أكثر فأكثر المطبخ اللبناني الذي يقدّره كثيراً. يقول إن أجود المأكولات المحلية التقليدية نجدها في المنازل وليس في المطاعم التي تقدّم وجبات ذات نوعية جيدة، إنما تفتقر إلى نكهة الأصالة التي تحافظ إليها سيدة المنزل.
ويلفت إلى أن المطاعم اللبنانية تقع ضحية ظاهرة اجتماعية، إذ يُفتتَن الناس بالمطعم الجديد عند افتتاحه ويتهافتون عليه ثم يزول بريقه بعد حين. لذا، ليس هناك ثبات في لبنان لناحية اختيار المطاعم الجيّدة.
ولكن ماذا عن النبيذ؟ يعتبر بييتون أن الشباب في فرنسا بدأوا يتذوّقون النبيذ الجيّد، وبدلاً من شرب نبيذ متوسّط النوعية، يحتسون النبيذ بوتيرة أقل لكنهم يختارون صنفاً فاخراً. أما بالنسبة إلى النبيذ اللبناني، فهو يرى أن النوعية الفاخرة في تزايد، وأن العرض ارتفع كثيراً في الأعوام الأخيرة، وأن لبنان حقّق تقدماً كبيراً في هذا المجال. ويقول إن هناك جهوداً تُبذَل على صعيد تحسين النوعية، حتى صار النبيذ اللبناني موضع تقدير ويحقّق نجاحاً في التصدير. ويضيف السفير الفرنسي أنه من الواضح أن قطاع النبيذ تنافسي، وأن هناك مزيداً من البلدان التي تنتج نبيذاً فاخراً على غرار إسبانيا وإيطاليا وأوستراليا. ويلفت إلى أن الناس غالباً ما يجدون صعوبة في فهم لائحة النبيذ الفرنسية. أما في ما يختص بالنبيذ اللبناني، فهناك عامل الفضول، يتذوّقه الشخص وإذا أحبّه يعيد الكرة. ويتميّز لبنان اليوم بأصالة نبيذه.
أما في ما يختص بالشمبانيا، فيعتبر بييتون أنه لا منافس له بين المشروبات الفاخرة، وأنه يحقّق نجاحاً خاصاً، فالشمبانيا نبيذ احتفالي مرتبط بالاحتفالات والأعياد ويعكس ترفاً معيّناً. كما أن الإنتاج العالمي لا يكفي.
ومثلنا جميعاً، ينتبه بييتون إلى الكمية التي يتناولها. وهذه معركة يخوضها يومياً لأنه يحب الأكل كثيراً، وهناك إغراءات كثيرة، فالتحلية استثنائية، واللبنانيون متألّقون فيها، فهم يجيدون تحضير الحلويات اللبنانية كما الأوروبية.
والمزيد مع سعادة السفير على موقعنا الإلكتروني.

وصفة خاصة بتوقيع السفير
من الحلويات الفرنسية التي يفضلها السفير الفرنسي في لبنان، اختار لقراء "نهارك" وصفة "التارت بالفواكه". وهنا المقادير التي يعتمدها دوني بييتون في عجينة التارت:
- 200 غ. طحين
- 100 غ. زبدة مذوّبة جيداً
- ملعقة صغيرة من الملح
- ملعقة صغيرة السكر
- قليل من الحليب
- بيضة واحدة
أمزج أولاً الزبدة مع البيضة والملح والسكر، ثم يضاف الطحين. بعدها، مزج الخليط للحصول على عجينة متماسكة، ودعها ترتاح في البراد مدة ساعتين على الأقل.
مدّ العجينة في قالب وأضيف الفواكه، وقم بطهوها عند 180 درجة مئوية، حتى تنضج. 

مورييل جلخ  - النهار  26 نيسان 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق