الثلاثاء، 26 أبريل 2011

صقر والجراّح وبيضون تحدثوا عن اتهامهم وتخوّفوا من عودة الاغتيالات.. في لبنان لا صوت يعلو فوق «الضجيج» السوري

.. في لبنان لا صوت يعلو فوق «الضجيج» السوري. فبيروت بدت وكأنها «أطفأت محركاتها» مع حركة الدبابات في عدد من المدن السورية، وها هي تضع كل ملفاتها «الكبيرة والصغيرة» على الرفّ في انتظار انقشاع الخيط الأبيض من الأسود في دمشق، التي غالباً ما كانت تمسك و«عن بُعد» بخيوط اللعبة في بيروت.
كل العناوين «البيروتية» تراجعت إلى «المقاعد الخلفية» ... تشكيل الحكومة، قمع التعدي على أملاك الدولة، المناكفات السياسية التقليدية، الاضطراب المعيشي، تراجع المؤشرات السياحية وسواها من قضايا تتصل بإدارة الصراع الداخلي ويومياته، حيث اقتصر الاهتمام الـ «ما فوق عادي» على ما يجري في سورية وتداعياته.
فالبحث عن «جنس» الحكومة دخل مرحلة غامضة يختلط فيها المحلي بـ «السوري»، وسط توقعات باستمرار المراوحة فوق «فوهة» الانتظار المرشح لبلوغ «غيبوبة» طويلة الأمد، خصوصاً في ضوء انتقال النظام في سورية من الدفاع الى الهجوم، الذي ربما لا تكون بيروت بمنأى عن شظاياه.

هذه «الشظايا» التي وصلت في وقت مبكر مع الاتهامات المتعددة الأوجه لاطراف لبنانية بالتورط في مدّ الاحتجاجات السورية بالمال والسلاح، استمرت بالتفاعل على وقع الخشية من فصول إضافية يمكن أن يزيد الأمور تعقيداً مع احتدام المواجهة بين النظام والشارع في سورية.
فبعد اتهام النائب من «تيار المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) جمال الجراح عبر التلفزيون الرسمي السوري وبلسان موقوفين بتمويل وتسليح «خلايا إرهابية» في سورية، جاءت «الخطوة التالية» باتهام الأمير تركي بن عبد العزيز بتمويل الأحداث في «بلاد الشام» عبر إظهار الوزير السابق وئام وهاب (القريب من سورية) صوراً قال إنها لشيكات محررة من الأمير تركي إلى النائب الجراح والوزير اللبناني السابق محمد عبد الحميد بيضون (شيعي مناهض لحزب الله وحركة «أمل»)، قبل أن تتناقل وسائل إعلام سورية خبراً عن توقيف النائب عقاب صقر (من كتلة الحريري) في بانياس بالتزامن مع تقارير عن صدور مذكرة توقيف بحقه بتهمة «المشاركة في التأليب على النظام».
وقد سخِر صقر من خبر توقيفه، موضحاً لـ «الرأي» أنه عاد إلى بيروت فجر السبت من رحلة خارجية (في السعودية) واستيقظ ليجد نفسه «مسجونا في بانياس». وإذ وصف ما تم تداوله في هذا الإطار بأنه «ألاعيب»، قال: «إن التصرّف بغباء إلى هذه الدرجة يوضح مدى تخبّطهم وعمق أزمتهم».
وشدد على انه لن يردّ في القانون «لأن هذه قضية سياسية بامتياز وقضية تخبّط، وماكينة كذب وشائعات، وإذا كان لديهم شيء قانوني فليقدموه على هامش حفلة الجنون هذه».
ونسأله عن اتهامه بالضلوع في الأحداث في سورية، فيجيب: «هذه عملية تلفيق بالكامل ولا ينفع معها القانون، وبعض جماعات سورية في لبنان يسيئون إليها أكثر مما يفيدونها في هذه الحملة غير المسبوقة في تفنّنها بالشائعات. وهم يزرعون الفتنة التي نهدف إلى التصدي لها ولمنطقها»، رافضا السعي إلى «نقل المشكلة السياسية في سورية إلى لبنان وتحويلها مشكلة طائفية».
وتوقف عند «محـــــاولة السوريين زجّنا بالقوة في الشأن الـــسوري فيما نحن لا نريد التــــدخل»، وقال: «يظنّون انهم بذلك يخفّـــفون الضغط على النظام في سورية، وهذه لعبة خطيرة وسلاح ذو حدّين»، معتبرا أنّها «ستؤسّس في مرحلة لاحقة لفجوة كبيرة في لبنان وفي سورية، وبين البلدين، وستسبّب أضراراً للقيادة السورية التي يجب أن توقف بعض أيتامها في لبنان والمندسّين في إعلامها وأمنها الذين يسيئون إليها وإلى البلـــــدين وأن توقف شلال الدم بدل الفبركات الإعلامية».
وعن مخاوف البعض من أن تكون هذه المناخات مقدمة لعودة الاغتيالات، قال: «لا أعرف بالنسبة لهذا الموضوع. لقد بدأت ترمى أسماء في الإعلام، لكن أي محاولة اغتيال لا يلومنّ قيادات 8 آذار إلا أنفسهم. ومن الآن أعرف أنّهم سيقولون حينها إنهم لم يقصدوا ما جرى، لكن نقول لهم، وإن دخل طرف ثالث أو عاشر على الخطّ وأوقع فتنة، فهم يتحملون من الآن مسؤولية أمنية عن الأشخاص المخوَّنين وعن غيرهم ممن يمكن أن يُستهدفوا، لأنهم هم يوجِدون أرضية ويهيّئون مناخات تمهّد الساحة لأيّ خلل أمني، وهم يتحملون المسؤولية كاملة».
من جهته، قال النائب الجراح لـ «الرأي» أن «هذا المسلسل المخابراتي السخيف سيتواصل، وقد بدأوا باتهامنا بإرسال زوارق محمّلة بالأسلحة، ثم هاجمونا، قبل ان يقولوا إنّ عقاب صقر محاصَر في بانياس، ثم وصلوا الآن إلى الحديث المزّور عن شيكات وهمية. ولذلك أعتقد أننا أمام مسلسل طويل سيكمل بالأسلوب نفسه والسخافة نفسها والمنهجية الوضيعة ذاتها».
ورأى أنّ «هذا المسلسل يعبّر عن عمق أزمة حلفاء سورية في لبنان، وتخبّطهم وافتقارهم إلى أبسط مقومات الموضوعية»، معتبرا أنّ «الفاصل بيننا وبينهم هو القضاء الذي سيحكم بحسب القوانين التي ترعى العلاقات بين الدولتين، فإما أن يثبتوا كلامهم أو تتبيّن الحقيقة». ورجّح أن «أتقدم بدعوى أمام القضاء اللبناني ضد وهّاب في موضوع الشيكات».
وعما إذا كان يتخوّف من تحويل الهجوم السياسي والإعلامي إلى تحرّكات أمنية، قال الجرّاح: «هذا الفريق عوّدنا أنه يبدأ هجمة في الإعلام والسياسة وينتقل إلى أعمال أمنية، وهناك تجربة سابقة مورست ضد قيادات ونواب ووزراء في 14 آذار، ولذلك فإننا هذه الأيام ننتبه أكثر لأن هذا الفريق يمارس نوعا من الغدر السياسي والأمني».
أما الوزير السابق بيضون فأوضح لـ «الرأي» أنّ «الأمير تركي بن عبد العزيز المتهَم بتمويلنا خرج إلى الإعلام وكذّب وئام وهاب، وقال إنّه لا يعرف أيا من الذين ذكرهم وهاب، وهذا الكلام حسم كل شيء تقنيا، لأنّ الأمير السعودي الذي يعيش في مصر منذ 20 عاما أفقد وهّاب كل صدقية».
واعتبر بيضون أنّ «وهّاب بات أداة منتهية الصلاحية في السياسة والمخابرات، وقلنا ونكرّر إننا سنلاحقه قضائياً، وإذا كان وراءه أي جهاز أمني داخلي أو خارجي فسنلاحقه أيضا».
وعن «المعادِل الأمني لهذا الهجوم السياسي» قال بيضون: «واضح أن وئام وهاب وغيره يحضّرون الجوّ في لبنان لتنفيذ لائحة اغتيالات جديدة»، لافتا إلى أنّ «أحد مواقع الانترنت سرّب أخباراً عن لائحة اغتيالات ستستهدف أشخاصاً من طوائف وأحزاب وأطراف مختلفة لإيجاد حالة من الفوضى في البلاد، تمهيدا لاستعادة المفاوضات حول لبنان وحول من يمسك بأمنه واستقراره».
إلا أن بيضون نفى اتخاذه أيّ إجراءات أمنية، هو الذي لا حرّاس لديه ولا موكب ولا حتى سيارة مصفّحة: «لا إجراءات أمنية ولا عقدة لديّ في هذا الموضوع»، يختم حديثه.
في هذه الأثناء لفت الدوائر المراقبة الإعلان عن اتصال تلقاه الرئيس اللبناني ميشال سليمان من نظيره السوري بشار الأسد يوم الأحد مهنئا بالفصح المجيد، حيث تم في الاتصال «البحث في التطورات الراهنة والعلاقات بين البلدين».

الرأي الكويتية 25 أبريل 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق