الثلاثاء، 26 أبريل 2011

الاتحاد الأوروبي يطالب سورية بجدول زمني لإصلاحات حقيقية.. «هيومن رايتس» تدعو الأمم المتحدة للتحقيق في إطلاق النار.. ولجنة الحقوق الدولية تدعو لمحاسبة الجناة


جانب من المظاهرات التي شهدتها مدينة حمص السورية أول من أمس (رويترز)
 
أدان الاتحاد الأوروبي ما وصفه بالقوة الوحشية ضد المتظاهرين في سورية، مما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا: «يجب على السلطات السورية التوقف الفوري عن العنف والاستجابة الكاملة لتطلعات المواطنين المشروعة، واحترام حق المواطنين في التظاهر السلمي»، وجاء ذلك في بيان صدر عن مكتب منسقة السياسة الخارجية، كاثرين أشتون في بروكسل، التي أضافت من خلال البيان: «أشعر بأسف عميق لوفاة أعداد من المتظاهرين يوم الجمعة الماضي، وأتقدم بالتعازي إلى عائلاتهم»، وأضافت أن أعمال القتل المروعة غير مقبولة ويجب تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة لمحاسبتهم على أعمالهم. وأشارت المسؤولة الأوروبية إلى إعلان الرئيس السوري يوم الخميس الماضي عن ثلاثة مراسيم، بشأن رفع حالة الطوارئ، وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا، والحق في الاحتجاجات السلمية، وقالت: «لكن المصداقية تقاس بإجراء إصلاحات وتحسينات حقيقية على أرض الواقع، ولذا أدعو السلطات السورية إلى إجراء إصلاحات سياسية عميقة، بدءا من احترام الحقوق الأساسية والحريات وسيادة القانون، وضروري أن تبدأ تلك الإصلاحات الآن، ومن خلال جدول زمني محدد»، وكررت أشتون من خلال البيان استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم الدعم بمجرد البدء في عملية إصلاح حقيقة في سورية، «ولكن لا يمكن أن تتم هذه العملية إلا من خلال وضع حد فوري لجميع أعمال العنف القمعية» حسب البيان الأوروبي.


وجاء ذلك بعد أن أدان البرلمان الأوروبي ما وصفه بالحملة العنيفة على المظاهرات السلمية في جميع أنحاء سورية، وطالب بضرورة وقف سفك الدماء وبشكل فوري، «وهذه هي مسؤولية الحكومة أولا وقبل كل شيء»، حسب ما جاء في بيان حول التطورات الجارية في سورية، وصدر ببروكسل، باسم رئيس البرلمان الأوروبي، جيرسي بوزيك، الذي أكد في البيان على رفض ثلاثة أمور، وهي: «لا.. لمزيد من القتل، ولا.. لمزيد من التعذيب، ولا.. للاعتقال التعسفي، فالناس أعربوا عن مطالبهم بكل وضوح، ولا بد من تحقيق مستقل حول وقوع قتلى بين المتظاهرين، ولا بد أيضا من إطلاق سراح جميع سجناء الرأي، وإنهاء الرقابة على وسائل الإعلام، وتقديم كل المسؤولين عن التعذيب والانتهاكات الأخرى إلى العدالة».
ويأتي ذلك بعد أيام من توجيه الكتلة السياسية للأحزاب الشعبية في البرلمان الأوروبي، انتقادات حادة للسلطات السورية، وحملت الرئيس بشار الأسد مسؤولية وقوع المئات من القتلى خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد. ومن خلال بيان صدر عن كتلة الأحزاب الشعبية، وهي أكبر الكتل السياسية في المؤسسة التشريعية الأوروبية، قال رئيس المجموعة، جوزيف داول: «بدلا من اللجوء إلى الحوار مع المتظاهرين حول طلباتهم المشروعة بشأن تحسين الأوضاع وتحقيق الإصلاحات في هذا البلد، يبدو أن الرئيس الأسد فضل استخدام العنف والتهديد لإجبار المتظاهرين على التعهد بالولاء له أمام عدسات التلفزيون، وهذا أمر مشين للغاية ومرفوض». وأضاف داول في البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «لقد تجاهل الأسد المبادئ الأساسية للديمقراطية، ونحن في مجموعة الأحزاب الشعبية ندعوه لإطلاق سراح جميع المتظاهرين المعتقلين، والامتناع وبشكل فوري عن استخدام العنف»، ونقل البيان رسالة تعاطف وتعازي لأسر الضحايا الذين قتلوا في الاحتجاجات، الذين قال البيان عنهم إنهم ربما يقدر عددهم بالمئات، الذين قتلوا منذ بدء حركات الاحتجاج في سورية، وهذه الوفيات المأساوية يتحمل مسؤوليتها الرئيس الأسد، فلا بد أن يتحمل مسؤولية أفعاله.
وأشار البيان إلى أنه على غرار بلدان أخرى في العالم العربي، يجب أن تتبع سورية مسار الإصلاح، والاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب السوري نحو الديمقراطية والتعددية والشفافية واحترام حقوق الإنسان، واختتم البيان بالقول إنه على الاتحاد الأوروبي أن يساعد في تحقيق كل هذه الأمور «بكل الطرق الممكنة».
وفي نيويورك، أصدرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» بيانا دعت فيه الأمم المتحدة للتحقيق في إطلاق النار على المتظاهرين في سورية. ودعت الرئيس باراك أوباما والمسؤولين الأوروبيين لوضع مزيد من الضغوط على حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، وأيضا على المسؤولين السوريين المتورطين في إطلاق النار على المتظاهرين.
وكانت المنظمة طلبت من الرئيس الأسد الالتزام بقرار برفع حالة الطوارئ التي فرضت على سورية سنة 1963، وإلغاء محكمة أمن الدولة، والاعتراف بحق المواطنين في مظاهرات سلمية.
وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة: «الإصلاحات سوف يكون لها معنى فقط إذا أوقفت الأجهزة الأمنية السورية إطلاق النار، واعتقال، وتعذيب المتظاهرين». وأضاف: «الرئيس الأسد لديه الفرصة لإثبات حسن نواياه من خلال السماح للاحتجاجات من دون القمع العنيف».
وأشار إلى أن قوات الأمن السورية استخدمت مرارا الذخيرة الحية ضد المتظاهرين في جميع أنحاء سورية، منذ أن بدأت المظاهرات الواسعة يوم 16 مارس (آذار)، وأن عدد القتلى زاد عن 200، اعتمادا على معلومات نشطاء حقوق الإنسان السوريين.
وكانت المنظمة أدانت أيضا الاحتجاز التعسفي للمتظاهرين والنشطاء والصحافيين. وقالت إن كثيرا منهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة. وإن المعتقلين السوريين الذين التقى بهم مندوبوها ونشطاؤها تحدثوا عن إجبارهم على التوقيع على اعترافات من دون السماح لهم بقراءتها. وكذلك التوقيع على تعهدات بعدم المشاركة في الاحتجاجات في المستقبل. وإن بعض المتظاهرين والصحافيين المحتجزين لا يعرفون ما يجري في العالم الخارجي.
وانتقدت المنظمة قرار الأسد بإلغاء حالة الطوارئ من دون رفع الحصانة الواسعة التي يمنحها القانون السوري لأعضاء الأجهزة الأمنية. وذلك حسب قانون سنة 1969 الذي أسس إدارة المخابرات العامة. وأشارت المنظمة إلى أن هذا القانون يدعو إلى أنه «لا يجوز اتخاذ أي إجراء قانوني ضد موظفي المخابرات العامة عن الأعمال التي ارتكبت أثناء تأديتهم واجباتهم المحددة، إلا بأمر صادر عن المدير»، وأنه، في سنة 2008، أصدر الرئيس الأسد مرسوما تشريعيا مدد هذه الحصانة لأفراد قوات الأمن الأخرى، والقيادة العامة للقوات المسلحة، وقوى الأمن الداخلي، والأمن السياسي، وشرطة الجمارك.
وقال جو ستورك: «الشعب السوري يريد إصلاحات حقيقية. وهذه الإصلاحات لا يمكن أن تتم طالما أن الأجهزة الأمنية السورية فوق القانون». ودعت المنظمة الرئيس الأسد إلى:
أولا: الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، بما في ذلك جميع الذين اعتقلوا بسبب احتجاجاتهم السلمية.
ثانيا: التحقيقات السريعة والنزيهة في «الانتهاكات الجسيمة» المرتكبة من قبل الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة ضد المتظاهرين والمعتقلين.
ثالثا: التأكد من أن جميع المسؤولين المتورطين سيتم تقديمهم إلى العدالة.
رابعا: إلغاء المراسيم التي تحمي موظفي الاستخبارات والأجهزة الأمنية الأخرى من التحقيق.
خامسا: التأكد من أن المحتجزين يجب عدم منعهم من الوصول الفوري إلى محامين.
سادسا: تعديل أو إلغاء «الأحكام الفضفاضة» الواردة في قانون العقوبات السوري، التي تسمح للسلطات بقمع ومعاقبة الأشخاص بشكل تعسفي عقابا لهم على تعبيرهم السلمي على آرائهم.
في الوقت ذاته، قالت لجنة الحقوقيين الدولية في جنيف أمس، إن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التحقيق فيما قامت به قوات الأمن السورية من قتل جماعي ربما يستلزم محاكمة من المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت لجنة الحقوقيين الدولية إن أكثر من 330 شخصا لقوا حتفهم خلال خمسة أسابيع من الاحتجاجات، بعد أن أطلقت قوات الأمن النار على الحشود، وواصلت إلقاء القبض على النشطاء.
وأضافت أن القتل وقع في إطار قمع للاحتجاجات منذ 15 مارس (آذار) في درعا واللاذقية وحمص ومدن أخرى. وقدمت مجموعة من المحامين ونشطاء حقوق الإنسان أسماء أغلب الضحايا.
وقالت اللجنة، التي تضم 52 من الحقوقيين البارزين في بيان: «يُعتقد أن قوات الأمن السورية - بمن في ذلك أفراد من الحرس الرئاسي وميليشيا موالية للنظام - تنفذ هذه الهجمات».
وقال ويلدر تيلر، الأمين العام للجنة، إن مجلس الأمن لا بد أن يحمي المتظاهرين المسالمين من القتل غير المشروع، ولا بد أن يتحرى الوضع بهدف محاسبة الجناة وإقامة العدل للضحايا. وتابع: «لا بد من المحاسبة الجنائية لمن يأمرون بمثل هذه الهجمات وينفذونها، بمن في ذلك من يطلقون الرصاص الحي على الحشود».
وحثت اللجنة السلطات السورية على وقف ما سمته «استخدام القوة غير المتكافئة ضد المحتجين». وقال سعيد بن عربية، المستشار القانوني للجنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «هناك ما يكفي من الأدلة التي تظهر وجود قتل جماعي الآن.. الاعتقالات مستمرة هذا الصباح».
وذكر مدافعون عن حقوق الإنسان أن الشرطة السرية داهمت منازل قرب دمشق، الليلة الماضية، في الوقت الذي تصاعدت فيه المعارضة الشعبية للرئيس بشار الأسد.
ومضى بن عربية يقول: «لا بد أن يقيم مجلس الأمن حجم انتهاكات حقوق الإنسان». وتابع: «لا بد أن يحدد ما إذا كان يجدر تشكيل بعثة دولية لتقصي الحقائق، وإذا توفرت أدلة كافية يتعين إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة التي تحقق في جرائم الحرب، ومقرها لاهاي».
وأضاف أن من بين القتلى 25 لقوا حتفهم خلال جنازات يومي الجمعة والسبت في مدينة درعا بجنوب البلاد. وقالت اللجنة إن على السلطات أن تفرج على الفور عن آلاف المحتجين الذين ذكرت أن قوات الشرطة وأمن الدولة احتجزتهم تعسفيا خلال الأسابيع الخمسة الماضية. والكثير من الأسر لا تعلم شيئا عن أماكن احتجاز أبنائها. وقالت اللجنة: «تعرض عشرات، منهم أطفال، للتعذيب، وتعرض آخرون لسوء المعاملة».

بروكسل: عبد الله مصطفى واشنطن: محمد علي صالح - الشرق الأوسط 25 أبريل 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق