الخميس، 28 أبريل 2011

مساعي تأليف الحكومة تتقدم ... إلى الوراء .. « حرب الجنرالين» تطيل عمر «الفراغ»


برغم استفحال أزمة تأليف الحكومة، إلا أن الأنظار بقيت شاخصة نحو الأوضاع السورية لرصد تطوراتها وتفاعلاتها، نظراً إلى الترابط العميق بينها وبين نظيرتها اللبنانية، في الأمن والسياسة والاقتصاد، كما تبدّى بوضوح من خلال انعكاس التوتر في سوريا هزات ارتدادية على الداخل اللبناني، تأثرت بها حسابات 8 و14آذار، وشعرت بها الحدود المشتركة بين البلدين.
والى أن ينجلي غبار العواصف الإقليمية، بما قد يساعد في تحسين الرؤية، يستمر لبنان عالقاً في عنق الزجاجة، من دون أن تظهر في الأفق أي مؤشرات توحي بأن هذا الأسبوع سيحمل معه بشرى ولادة الحكومة، كما كان يتمنى اللبنانيون، مع استمرار الاستعصاء في العقد، بدءاً من عقدة «الداخلية» وليس انتهاء بـ«عقدة» العلاقة بين الرئيس ميشال سليمان والعماد ميشال عون والتي باتت ترخي بظلالها الثقيلة على عملية تأليف الحكومة، بعدما تحصّن كل من الجنرالين في خندقه السياسي، في ظل أزمة عميقة تسود بينهما، عبّر عنها كلام سليمان من بكركي في عيد الفصح، ورد عون عليه أمس.
 
مشروع ولادة.. لم يكتمل

وحسب المعلومات، فإن الرئيس نجيب ميقاتي كان مستعداً لوضع تشكيلة نهائية وعرضها على رئيس الجمهورية لو وافق حزب الله على إعطائه أسماء وزرائه، ولكن الحزب شدّد على وجوب أن تُعالج أولا المشكلة القائمة بين سليمان وعون حول «الداخلية»، ما أوحى بأن الحزب يدعم ضمناً موقف عون.
ومن الاقتراحات التي تم تداولها كمخرج إعطاء حقيبة «الداخلية» لميقاتي أو الوزير محمد الصفدي، على أن يمنح عون في المقابل «الخارجية» أو «المالية»، إلا أن هذه الفكرة سقطت سريعاً لأن الرئيس المكلف يخشى أن يؤدي تنازله عن «المالية» إلى جعله عرضة لحملة شرسة من تيار المستقبل، بتهمة انه فرط بواحدة من أهم مكاسب الطائفة السنية.

«
التيار الحر»

إلى ذلك، أبلغت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر «السفير» أن التأخير في تشكيل الحكومة هو تأخير متعمد من قبل الرئيسين سليمان وميقاتي، ما يدفع إلى التساؤل حول أسبابه وخلفياته الحقيقية، متسائلة عما يفعله طه ميقاتي، شقيق الرئيس المكلف، في باريس.
وشددت المصادر على أن عقدة «الداخلية» ليست الوحيدة، بل إن الغموض يكتنف الحقائب التسع الأخرى التي يفترض أن تكون من حصة تكتل التغيير والإصلاح، مشيرة إلى أن النقاش «انطلق مع الرئيس المكلف منذ بداية الطريق على أساس تسليمه بما لنا من حقائب في حكومة تصريف الأعمال، كقاعدة للبناء عليها، ولكننا فوجئنا مؤخراً بطرح معادلة جديدة تقوم على رفض منحنا وزارتي الاتصالات والطاقة معاً، الأمر الذي شكل عودة إلى الوراء». ولفتت الانتباه إلى أن هناك عقداً أخرى لم تحل أيضا، من بينها رفض ميقاتي توزير فيصل كرامي.
ورأت المصادر أن موقف سليمان الرافض لتسلم «التيار الحر» حقيبة «الداخلية» يرتبط بحسابات قديمة تكشّف بعضها من خلال محاضر «ويكيليكس» الأخيرة، داعية رئيس الجمهورية إلى عدم التذرع بالدستور لعرقلة تشكيل الحكومة والرئيس ميقاتي إلى عدم التذرع بسليمان للتهرب من تحمل مسؤولياته. وشدّدت على أن عون لن يقبل بأن يدخل إلى الحكومة ويتحمل مسؤولية المشاركة فيها وتغطيتها، بينما تبقى مفاتيح الحكم في يد غيره.


أوساط ميقاتي

وفيما التقى ميقاتي أمس كلاً من الرئيس ميشال سليمان والرئيس نبيه بري، قالت أوساطه لـ«السفير» إن معالجة مشكلة حقيبة «الداخلية» تشكل ما نسبته ثلاثة أرباع المسافة من التوصل إلى اتفاق على تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب الأساسية الأخرى، موضحة أن مقترحات الحلول لتوزيع باقي الحقائب ما زالت قائمة إلا أنها مجمّدة بانتظار الاتفاق على «الداخلية».
ولكن مصادر متابعة للاتصالات أفادت أن مساعي البحث عن مخرج وسطي لمشكلة «الداخلية» قد استعادت نشاطها على أساس السعي إلى التوافق على شخصية مقبولة من جميع الأطراف، مشدّدة على أن المناخ التصعيدي الذي عكسه عون أمس لن يعطل الجهود الهادفة إلى الحلحلة.
عون
وكان عون قد تساءل بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح عما «إذا كان توقيع رئيس الجمهورية يفرض ضريبة معينة على الكتل النيابية»، مطالباً بشرح دستوري لمفهوم هذه الضريبة وكيفية دفعها. وأعتبر أن «من يتمنّع عن التوقيع، يريد أن يعطّل الحكم، ومن ينتظر لتُحَلّ كل أمور الشّرق الأوسط، لا يمكنه تأليف الحكومة، ولا يريد تأليفَها».
وقال عون: لا أرى أنّ هناك نية بتشكيل الحكومة، لأنّ الأسباب الّتي أسمعها، ليست أسباباً غير موجبة. وأضاف رداً على رئيس الجمهورية من دون أن يسميه «كل من يريد أن يتطرّق للدّستور من الآن وصاعداً من دونَ أن يذكرَ النّص الّذي يستند إليه بكلامه، سأتعرّضُ له كائناً من كان، لأنّ الدّستور ليس «ممسحة». وتابع: أنا لستُ على خلافٍ مع أحد على وزارة الدّاخلية. أنا لديّ تكتل نيابي، وأريد وزارة الدّاخلية لأننا نشكل أكبر تكتل ضمن الأكثرية الجديدة.

بري

إلى ذلك، توجه بري خلال كلمة ألقاها أمس إلى «من يعتقد أن التأخير في تأليف الحكومة هو لأسباب سورية»، بالقول: فليعلم أن أكثر المتضررين من عدم وجود حكومة الآن في لبنان هو سورية الشقيقة، والتأخير بحد ذاته هو جزء من المؤامرة ليس على لبنان فحسب بل جزء من المؤامرة على سوريا، ولو كان غير مقصود.

السفير 27 نيسان 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق