السبت، 4 يونيو 2011

إعمار مخيم نهر البارد في لبنان يستمر ببطء بعد 4 سنوات على تدميره

تبدو الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية في مخيم نهر البارد اللبناني متدهورة رغم مضي أكثر من 4 سنوات على انتهاء المعارك فيه.

بيروت: منذ انتهاء المعارك بين الجيش اللبناني ومجموعة "فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين قبل أربع سنوات، ينتظر أبو علاء لحظة تسلم بيته الجديد، ويعد الساعات والأيام في مسكنه الحديدي المؤقت الذي "يشتعل في الصيف ويتجمد في الشتاء"، على حد تعبيره.

ويقول سمير العلي (أبو علاء 65 عاما) قرب بسطته الخشبية لبيع السكاكر الزهيدة الثمن "الحياة صعبة.. مساكن متلاصقة متزاحمة، هذه البيوت الحديدية لا تليق بالحيوانات، وتنتشر فيها +ملايين+ الجرذان الضخمة والذباب بسبب النفايات" المحيطة.

ووضعت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مساكن مؤقتة هي عبارة عن مستوعبات من الحديد، بتصرف اللاجئين الذين دمرت منازلهم في معارك نهر البارد، في انتظار انتهاء عملية إعمار المخيم التي تجري ببطء شديد منذ انطلاقها العام 2009.

وتوضح هناء حاتم، وهي مدربة اجتماعية من سكان المخيم أن "المساكن متداخلة، لا مكان للعب ولا مكان للدرس ولا للخصوصية الأسرية (...) فإذا أضيف كل هذا إلى البطالة وانعدام الأمل، تكون النتيجة تفاقما في الآفات الاجتماعية وتزايدا في العنف بين أفراد الأسرة الواحدة".

وتشير هناء أيضا إلى انتشار حالات التوتر النفسي بين سكان المخيم، ويقلقها تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى تردي الحالة التعليمية.

وتقول إن "المدرسة المؤقتة مبنية أيضا من الحديد، وفي بعض الصفوف يوجد أكثر من خمسين تلميذا يعانون من انخفاض الحرارة في الأيام الباردة وارتفاعها في الأيام الدافئة، ما يولد حالات إغماء ونزيف في الأنف بين التلاميذ".

وتؤكد مايا مجذوب رئيسة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني المكلفة رسميا ملف العلاقات اللبنانية الفلسطينية، لوكالة فرانس برس أن شهر أيلول/سبتمبر المقبل سيشهد تسليم ثلاث مدارس، إضافة إلى الجزء المتبقي من "الرزمة الأولى من المنازل التي تستوعب 400 عائلة" من أصل ستة آلاف عائلة.

وتتم عملية إعادة الإعمار بموجب شراكة بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية ووكالة الأونروا، على أساس مخطط "نموذجي" يشمل وجود مخفر لقوى الأمن الداخلي داخل المخيم وقاعدة عسكرية للجيش عند واجهته البحرية والبنى التحتية ونوعية في البناء والطرق.

وهو ما ليس قائما في أي من المخيمات الفلسطينية الاثني عشر التي يقيم فيها حوالي 300 ألف الفلسطيني ولا تدخلها القوى الأمنية اللبنانية، وتعاني من ظروف اجتماعية وخدماتية مأسوية.

وقسمت عملية إعادة الإعمار إلى ثماني رزم. وسلمت الأونروا في شهر نيسان/ابريل الماضي جزءا من الرزمة الأولى إلى أصحابها، وهو كناية عن شقق سكنية ومحال تجارية أعيد بناؤها بشكل مرتب بعيدا عما كانت عليه قبل التدمير من بناء عشوائي وبدائي.

وتقول مجذوب "أظن أن الدول المانحة عندما ترى أن أموالها ذهبت في الاتجاه الصحيح، سيكون ذلك حافزا لها على مواصلة التمويل".

غير أن الأونروا المكلفة بعملية الإعمار تشكو من نقص التمويل، ما يجعل انتهاء الإعمار في 2012 كما كان مقررا، امرأ مستبعدا.

وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فيليبو غراندي في مؤتمر صحافي عقده في بيروت الجمعة أن الأونروا لا تزال "تحتاج إلى 207 ملايين دولار لإنهاء إعمار نهر البارد، بينها 80 مليونا بشكل ملح".

واندلعت في أيار/مايو 2007 معارك عنيفة بين الجيش ومجموعة فتح الإسلام المتطرفة استمرت ثلاثة أشهر وتسببت بمقتل 400 شخص بينهم 168 عسكريا، ونزوح 31 ألف شخص، وانتهت بتدمير المخيم وخروج مسلحي الحركة منه واعتقال عدد كبير منهم.

على بعد مئات الأمتار من المساكن الحديدية، توجد مساكن أخرى مؤقتة حجرية، يصفها علي رحال بتهكم بأنها "المنطقة الراقية"، إذ أنها على الأقل تقي قاطنيها من "الحريق والغريق".

ويشكو الرجل الستيني المتقاعد من عمله في البناء، من الإجراءات الأمنية المشددة التي تحيط بالمخيم.

ويقول "عندما ظهرت الحالة "الشاذة" (تنظيم فتح الإسلام) في المخيم، كنا مع الجيش في حربه لبسط سلطة الدولة (...). اليوم لا بد من أن يساعدنا اللبنانيون لاستعادة حياتنا".

وما يقوله علي رحال تلميحا، يجاهر به جاره شادي أبو غوش صراحة، وهو ينظر إلى الرتيب في الجيش اللبناني الذي يرافق صحافيي وكالة فرانس برس في جولتهم. "الجيش على راسنا والمخابرات أهل لنا لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إلى الأبد".

ويحكم الجيش اللبناني إقفال مداخل المخيم، ولا يسمح للفلسطينيين بالدخول أو الخروج إلا بتصريح، كما أن دخول الصحافيين يحتاج إلى موافقة مسبقة.

ويأمل مسؤول ملف نهر البارد في منظمة التحرير الفلسطينية مروان عبد العال أن "تنتهي الحالة العسكرية في المخيم بعدما انتفت أسبابها ولم يعد هناك +سكين+".

وترى الناشطة في "هيئة المناصرة" هناء العينين أن "تسريع إعادة الإعمار وحل مشكلة التصاريح" من شأنه "تحريك العجلة الاقتصادية والمساهمة في معالجة مشكلة البطالة".

ويحذر مسؤول الجبهة الديموقراطية في المخيم فادي بدر من خطورة تردي الأوضاع الإنسانية قائلا "الوضع الإنساني السيئ يولد مشاكل اجتماعية وتطرفا، فالقهر يولد الانفجار".

أ. ف. ب. - إيلاف GMT 10:56:00 2011 السبت 4 يونيو

0 تعليقات::

إرسال تعليق