الخميس، 5 مايو 2011

أوباما: رجل التناقضات


الأربعاء الماضي وجد الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه مضطرا إلى مخاطبة الأميركيين ليؤكد لهم جنسيته الأميركية لدحض الأكاذيب والأساطير التي حاكها البعض للتشكيك في مواطنيته والإيحاء بأنه رئيس دجال.
الأحد الماضي عندما خاطب أوباما الأميركيين ليعلن لهم عن مقتل عدوهم الرقم واحد، أسامة بن لادن، وجد نفسه يتلقى التهاني والتصفيق بطلاً قومياً، حتى من الذين كانوا يحاولون التشكيك في صدقيته وكذلك شيطنته. الأحد أظهر فعلاً أنه قادر ذهنيا وعاطفيا وسياسياً - وبأعصاب باردة قل نظيرها في البيت الأبيض - على المجازفة واتخاذ القرارات الصعبة. صباح الجمعة أصدر أوباما أمره بتنفيذ العملية السبت. وعندما تعذر ذلك بسبب الطقس السيئ، أرجئت إلى يوم الأحد. مساء السبت ارتدى أوباما التاكسيدو ليحضر الاحتفال السنوي لمراسلي البيت الأبيض، وألقى، وفقا للتقاليد، خطابا فكاهيا وكأنه فكاهي محترف، مدركاً تماماً انه بعد ساعات من خطابه سيعرّض نفسه وبلاده لأصعب امتحان منذ وصوله إلى البيت الأبيض. وأظهر استطلاع لصحيفة "النيويورك تايمس" أن شعبية أوباما بعد قتل بن لادن ارتفعت حتى في صفوف المستقلين والجمهوريين، ووصلت إلى 57 في المئة بعد أن كانت 46 في المئة الشهر الماضي.


قرار قتل بن لادن عكس مرة أخرى صورة أوباما اللغز، أو أوباما رجل التناقضات، الذي يمزج الحذر البالغ بالجرأة والمجازفة (عنوان كتابه الثاني "الجرأة على الأمل") الخطيب الفصيح الذي يتحدث عن الغفران والتسامح والسلام، وقائد القوات المسلحة الذي يأمر بتصعيد القتال في أفغانستان، بما في ذلك قتل قادة "القاعدة" وحركة "طالبان". أوباما الذي يدعو إلى التحرك الدولي ومن خلال الأمم المتحدة، يتصرف أحيانا بشكل أحادي. أوباما الذي يبشر بالوحدة الوطنية والإجماع والترفع عن الخلافات الحزبية، هو أوباما ذاته الذي يدافع عن سياسات وإجراءات تعمق أحيانا الاستقطابات وتنطلق من اعتبارات حزبية وإيديولوجية.
شعبية أوباما الجديدة كما قال لنا الاستراتيجي الديموقراطي بيتر فين، ستحصنه ضد اتهامات الجمهوريين بأنه ليس صلبا ما فيه الكفاية في التصدي لأعداء أميركا، وبأنه يمضي وقته وهو "يعتذر للعالم عن سياسات الولايات المتحدة". قتل بن لادن لن يضمن لأوباما ولاية ثانية، لكنه سيعزز قدرته على التفاوض مع الجمهوريين ويوفر له مناعة إضافية لمواجهتهم أيضا. ويضيف بيتر فين أن العامل الأساسي في أي انتخابات هو الاقتصاد. والدرس الذي يجب أن يتذكره أوباما هو أن نجاح الرئيس جورج بوش الأب في حربه على العراق عام 1991، على خلفية وضع اقتصادي سيئ، لم يحصنه ضد منافس شاب غير معروف اسمه بيل كلينتون.

واشنطن - هشام ملحم – النهار 5 أيار 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق