فتحت الانتفاضات العربية التي توالت متتابعة في مختلف أرجاء المشرق والمغرب فخلخلت أركان النظام العربي وأسقطت حالة الموت السريري التي كانت تحبس الجماهير العربية في يأسها القاتل من احتمالات التغيير، الباب لعودة الروح إلى فلسطين الشعب وأرضه القضية المقدسة.
تقدم شعب فلسطين الذي مكّنته الانتفاضات العربية من استعادة ثقته بنفسه عبر التفاف جماهير أمته من حول حقوقه في وطنه، ليباشر محاصرة حصار عدوه الإسرائيلي، مطلاً على أرضه التي تعرفه من قبل أن يجيء إلى «حدودها» ليراها.
هو الآن على طريق الوحدة الوطنية مرة أخرى، بعد دهر من الفرقة وزعته أشتاتاً بين الداخل وداخل الداخل، وبين السلطة والسلطة الموازية، وبين الأنظمة التي طالما استخدمت قضيته كورقة في المساومات الدولية، مزايدة ومناقصة.
هو الآن أعظم ثقة بنفسه وبحقه، وهو يجد فلسطين تحتل الميادين جميعاً، من القاهرة إلى اليمن وبالعكس، ومن الجزائر والمغرب إلى لبنان وسوريا وبالعكس.
وهكذا، تقدم الشعب المطرود من أرضه إلى الحدود التي كان محرماً عليه الوصول إليها، فوقف رجاله ونساؤه وأطفاله وقد ذهب عنهم الخوف من إسرائيل التي لا تقهر، يكحلون عيونهم بهضابها وسهولها والسفوح. لن يبقوا إلى الأبد لاجئين داخل بعض أرضهم ومنفيين داخل مخيمات الشقاء في الأردن وسوريا ولبنان، أو أغراباً بهويات ليست لهم في الشتات البعيد.
أما وقد عادت الروح إلى الأمة فمن الطبيعي أن تستعيد فلسطين مكانتها كأحد عناوين حقها في مستقبل يليق بكرامة إنسانها.
لقد كان الانقسام الفلسطيني نتيجة طبيعية لانقسام أهل النظام العربي، وابتعادهم بالمزايدة والمناقصة عن ميدانها الأصلي والمساومة عليها طلباً للمكانة أو للسلامة، ولا يهم من يدفع الثمن.
[ [ [
يعرف شعب فلسطين بتجربته العريضة، بل الاستثنائية، أن أمام الانتفاضات العربية طريقاً طويلاً من الصعوبة والآلام تعترضه ألغام الفتنة ومؤامرات أهل النظام القديم ممن لم يفقدوا بعد قدرتهم على التخريب وإن هم فقدوا موقع القرار.
ويعرف شعب فلسطين أن ثمة أحلافاً ملكية غير مقدسة تركب الآن على عجل وقبل أن تتحول الانتفاضات إلى ثورة حقيقية، أو منعاً لهذا التحوّل، مستهدفة تشديد الحصار على «القضية الجامعة»، غير هيابة من اتهامها بالتواطؤ مع العدو الإسرائيلي، لأن مثل هذه التهمة أُفرغت من معناها لكثرة ما ابتذل استخدامها للتهرب من المسؤولية الوطنية، قبل فلسطين وبعدها.
ويعرف شعب فلسطين أن الأنظمة التي تحصنت بالطائفية المذهبة لن تتقدم إلى نجدته، بل هي تطارده وتطرده بوصفه دليل إثبات على كذب ادعائها.
كذلك يعرف شعب فلسطين أن الطريق إلى التحرير لا يمكن أن تمر بالطوائف، عموماً، وتجربته الغنية في لبنان أكدت له أن الطائفية تخدم الاحتلال وتبرر منطقه وعدوانه ولا تخدم التحرير بأي حال.
الطريق إلى فلسطين هي هي الطريق إلى تحرير الأمة، وأولها الاعتراف بالمواطن وحقوقه، فالعبد في ظل النظام القمعي لا يمكن أن يتحول إلى بطل تحرير.
[ [ [
أمس، وعبر مشاهد مؤثرة على بساطتها، برزت ملامح عودة الروح إلى العمل الوطني الفلسطيني. ولعل مناخ التجربة الفذة في تحرير الجنوب بالمقاومة، ثم النجاح في الصمود في وجه الحرب الإسرائيلية في تموز 2006، قد أكدا لهذا اللاجئ الممنوع من أن يكون مواطناً أن الوحدة الوطنية شرط نجاح المقاومة من أجل التحرير، والتي ليس لها شكل واحد أو نمط واحد، والتي تبتدع عبقرية كل شعب أسلوبها الأمثل.
لقد دفع بعض الفتية حياتهم ثمناً لرؤية أرضهم، مجرد رؤيتها من بعيد، تفصلهم عنها أسباب القتل الإسرائيلية، ألغاماً وقذائف ورصاصاً غزيراً.
وبالتأكيد فهم رأوها جميلة، بهية، مشرقة، وأن قداستها تستحق دماءهم.
ولعل الانتفاضات العربية التي أعادت فلسطين إلى موقعها البديهي في السياسة العربية تساعد الفلسطينيين على توطيد أواصر وحدتهم، والكف عن الصراع بالمزايدة والمناقصة، والمناورة بتوسل هذا النظام أو ذاك في ما لا يفيد فلسطين بل يؤذيها في حاضرها ومستقبلها.
لقد أعاد الدم المراق على حدود المقدسة فلسطين الاعتبار إلى البديهيات، وأولاها وأخطرها: لا عودة ولا حقوق بشعب منقسم على نفسه، وسلطة أو سلطات تتوزعها الأنظمة فتستخدمها ولا تخدم قضيتها، بل هي تنتهي إلى خدمة العدو.
الوحدة الفلسطينية هي الشرط البديهي للوصول إلى الحدود.. وهذا ما أثبتته التجربة المهمة التي شهدها التخم اللبناني مع فلسطين.
«النكبة» تحولت على تخوم فلسطين، يوم أمس، إلى موعد مع تثبيت الوحدة الوطنية الفلسطينية... مع أنها تمت في بلاد تفتقد أكثر ما تفتقد وحدتها الوطنية.
طلال سلمان - السفير 16 أيار 2011
تقدم شعب فلسطين الذي مكّنته الانتفاضات العربية من استعادة ثقته بنفسه عبر التفاف جماهير أمته من حول حقوقه في وطنه، ليباشر محاصرة حصار عدوه الإسرائيلي، مطلاً على أرضه التي تعرفه من قبل أن يجيء إلى «حدودها» ليراها.
هو الآن على طريق الوحدة الوطنية مرة أخرى، بعد دهر من الفرقة وزعته أشتاتاً بين الداخل وداخل الداخل، وبين السلطة والسلطة الموازية، وبين الأنظمة التي طالما استخدمت قضيته كورقة في المساومات الدولية، مزايدة ومناقصة.
هو الآن أعظم ثقة بنفسه وبحقه، وهو يجد فلسطين تحتل الميادين جميعاً، من القاهرة إلى اليمن وبالعكس، ومن الجزائر والمغرب إلى لبنان وسوريا وبالعكس.
وهكذا، تقدم الشعب المطرود من أرضه إلى الحدود التي كان محرماً عليه الوصول إليها، فوقف رجاله ونساؤه وأطفاله وقد ذهب عنهم الخوف من إسرائيل التي لا تقهر، يكحلون عيونهم بهضابها وسهولها والسفوح. لن يبقوا إلى الأبد لاجئين داخل بعض أرضهم ومنفيين داخل مخيمات الشقاء في الأردن وسوريا ولبنان، أو أغراباً بهويات ليست لهم في الشتات البعيد.
أما وقد عادت الروح إلى الأمة فمن الطبيعي أن تستعيد فلسطين مكانتها كأحد عناوين حقها في مستقبل يليق بكرامة إنسانها.
لقد كان الانقسام الفلسطيني نتيجة طبيعية لانقسام أهل النظام العربي، وابتعادهم بالمزايدة والمناقصة عن ميدانها الأصلي والمساومة عليها طلباً للمكانة أو للسلامة، ولا يهم من يدفع الثمن.
[ [ [
يعرف شعب فلسطين بتجربته العريضة، بل الاستثنائية، أن أمام الانتفاضات العربية طريقاً طويلاً من الصعوبة والآلام تعترضه ألغام الفتنة ومؤامرات أهل النظام القديم ممن لم يفقدوا بعد قدرتهم على التخريب وإن هم فقدوا موقع القرار.
ويعرف شعب فلسطين أن ثمة أحلافاً ملكية غير مقدسة تركب الآن على عجل وقبل أن تتحول الانتفاضات إلى ثورة حقيقية، أو منعاً لهذا التحوّل، مستهدفة تشديد الحصار على «القضية الجامعة»، غير هيابة من اتهامها بالتواطؤ مع العدو الإسرائيلي، لأن مثل هذه التهمة أُفرغت من معناها لكثرة ما ابتذل استخدامها للتهرب من المسؤولية الوطنية، قبل فلسطين وبعدها.
ويعرف شعب فلسطين أن الأنظمة التي تحصنت بالطائفية المذهبة لن تتقدم إلى نجدته، بل هي تطارده وتطرده بوصفه دليل إثبات على كذب ادعائها.
كذلك يعرف شعب فلسطين أن الطريق إلى التحرير لا يمكن أن تمر بالطوائف، عموماً، وتجربته الغنية في لبنان أكدت له أن الطائفية تخدم الاحتلال وتبرر منطقه وعدوانه ولا تخدم التحرير بأي حال.
الطريق إلى فلسطين هي هي الطريق إلى تحرير الأمة، وأولها الاعتراف بالمواطن وحقوقه، فالعبد في ظل النظام القمعي لا يمكن أن يتحول إلى بطل تحرير.
[ [ [
أمس، وعبر مشاهد مؤثرة على بساطتها، برزت ملامح عودة الروح إلى العمل الوطني الفلسطيني. ولعل مناخ التجربة الفذة في تحرير الجنوب بالمقاومة، ثم النجاح في الصمود في وجه الحرب الإسرائيلية في تموز 2006، قد أكدا لهذا اللاجئ الممنوع من أن يكون مواطناً أن الوحدة الوطنية شرط نجاح المقاومة من أجل التحرير، والتي ليس لها شكل واحد أو نمط واحد، والتي تبتدع عبقرية كل شعب أسلوبها الأمثل.
لقد دفع بعض الفتية حياتهم ثمناً لرؤية أرضهم، مجرد رؤيتها من بعيد، تفصلهم عنها أسباب القتل الإسرائيلية، ألغاماً وقذائف ورصاصاً غزيراً.
وبالتأكيد فهم رأوها جميلة، بهية، مشرقة، وأن قداستها تستحق دماءهم.
ولعل الانتفاضات العربية التي أعادت فلسطين إلى موقعها البديهي في السياسة العربية تساعد الفلسطينيين على توطيد أواصر وحدتهم، والكف عن الصراع بالمزايدة والمناقصة، والمناورة بتوسل هذا النظام أو ذاك في ما لا يفيد فلسطين بل يؤذيها في حاضرها ومستقبلها.
لقد أعاد الدم المراق على حدود المقدسة فلسطين الاعتبار إلى البديهيات، وأولاها وأخطرها: لا عودة ولا حقوق بشعب منقسم على نفسه، وسلطة أو سلطات تتوزعها الأنظمة فتستخدمها ولا تخدم قضيتها، بل هي تنتهي إلى خدمة العدو.
الوحدة الفلسطينية هي الشرط البديهي للوصول إلى الحدود.. وهذا ما أثبتته التجربة المهمة التي شهدها التخم اللبناني مع فلسطين.
«النكبة» تحولت على تخوم فلسطين، يوم أمس، إلى موعد مع تثبيت الوحدة الوطنية الفلسطينية... مع أنها تمت في بلاد تفتقد أكثر ما تفتقد وحدتها الوطنية.
طلال سلمان - السفير 16 أيار 2011
0 تعليقات::
إرسال تعليق