الأربعاء، 11 مايو 2011

القراءة بالعلم بعيداً من التسييس

إن أحد أخطر مؤشرات الانحدار في مجتمع هو أن يطل على الرأي العام مثقفون أو باحثون أو عالمون أو خبراء اقتصاديون فيخاطبوه بالسياسة وذلك باسم الثقافة والبحث والعلم والخبرة وتكون النتيجة واحدة: “التشويش".
قد اغتنم مقالة الأستاذ مروان اسكندر، لأرد، عبر الرد عليها، على كل ما يحكى عن وزارة الطاقة من باب المعرفة، أو ادعائها؛ وقد ظننت أنني بكتابة الخطط والاستراتيجيات والقوانين وإصدارها معلنة وموثقة وبالكتب المطبوعة، أدخل قطاعات وطنية حيوية وإستراتيجية في منهاج المنطق والعلم وأبعدها عن المنزلقات السياسية السخيفة التي تفقدها حيويتها وإستراتيجيتها، حسبي في ذلك أن أتعلم من أهل العلم لأعلم الناس بحقيقة أمرهم وأصلحه وليس لأعلم على أهل الساسة، لأن "التعليم" عليهم ليس بحاجة إلي، بل أن أوضاع الكهرباء والماء والنفط في لبنان دون وضع الحلول لها كافية "للتعليم" على من تسلم الحكم والبلد، تنفيذا ورقابة، كفاية ونزاهة، منذ العام 1990.

واغتنامي لهذه الفرصة هو لكي أزيد مساحة المعرفة، ولو بحد قليل، في قطاعات تعود إلى وزارتي، ولكي أحاول إبعاد الجهل عن المواطنين وأصحاب الادعاء العلمي، علنا نعمل جميعا ومعا بالمنطق وبالعلم لإنهاض وإنعاش قطاعات تكسب المواطنين منافع من الطاقة هي في الأصل حقوق لهم.
واغتنامي لهذه الفرصة هو لكي نؤكد مجددا أن الطاقة هي حلقات مترابطة من الطاقات التقليدية والبديلة، البحرية والبرية، النهرية والأرضية، الهوائية والشمسية، المائية والنفطية، الجوفية والسطحية، المعدنية والنباتية، النابضة والمتجددة، السائلة والغازية... وأن خطة الكهرباء عندما قدمناها، قلنا إنها جزء من إستراتيجية الطاقة وكذلك خطة النفط وخطة الماء، التي فات كاتب المقال ذكرها كعادة أهل مذهبه الاقتصادي، وأن خفض أسعار المحروقات ما هو إلا خطوة إلزامية من مجموعة خطوات عرضنا لها.
واغتنامي لهذه الفرصة هو لكي أقول إننا لم نقدم الأفكار فقط بل حولناها خططاً واستراتيجيات ولم نكتف بذلك بل حولنا الكثير منها دراسات تفصيلية ولم نكتف بل حولنا بعضها مشاريع للتنفيذ.
والأهم أننا وضعنا كل هذا في كتب وكتاب واحد ملخص أوجزنا فيه أربع عشرة (14) خطة ودراسة وقانون هي: 1 – ورقة سياسة قطاع الكهرباء، 2 – الخطة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة، 3 – قانون حفظ الطاقة، 4 – تعرفة الـ Net Metering،  5 – مشروع قانون إنتاج الطاقة الكهربائية، 6 – مشروع توزيع الخدمات الكهربائية، 7 – الإستراتيجية الوطنية لقطاع المياه، 8 – خطة التخزين السطحي: السدود والبحيرات الجبلية، 9 – خطة الصرف الصحي، 10 – آلية التنقيب عن المياه، 11 – قانون الموارد البترولية في المياه البحرية، 12 – قانون المحطات واستعمال الغاز الطبيعي، 13 – إستراتيجية إعادة تأهيل وتوسيع المنشآت النفطية، 14 – مشروع خط الغاز الساحلي.
ولو أنه تم الاستماع إلينا وقراءة بعض ما أنتجنا، لكانوا وفروا الكثير علينا وعلى الناس، مما كتب ولكانوا أدركوا أننا طرحنا، من بين ما طرحنا، غير خفض الرسوم وإلغائها وإلغاء الـTVA على المحروقات، إعطاء خيارات وبدائل للمواطنين، بحلول متدرجة طبعاً، عبر سيارات المازوت والغاز والكهرباء وعبر نقل مشترك، وأننا طرحنا تحرير أسواق المحروقات مع ضوابط، وزيادة الفروقات بين أسعار المحروقات لمساعدة الفقير وعدم دعم الغني، وأننا طرحنا تأمين مداخيل للخزينة من النفط عبر الاستثمارات الخارجية التي أعددنا لإحداها، على سبيل المثال، دراسة ودفتر شروط ومناقصة للتخزين النفطي والترانزيت من بعده والتكرير لاحقاً.
كما أننا أنجزنا بالكامل دراسة خطة الغاز الساحلي الذي يوفر فقط في معامل الكهرباء نحو 740 مليون دولار سنوياً دون احتساب الصناعة والنقل، وأننا نحضر مع البنك الدولي مشروع محطة الغاز السائل لربطها به. كذلك أننا قد أنجزنا ولزمنا وننجز دراسات عدة لخفض كلفة الإنتاج في معامل الكهرباء، المفروضة علينا فساداً، في الزوق والجية وبعلبك وصور ودير عمار والزهراني. إضافة إلى ذلك، أننا أقررنا قانون النفط وسننجز في الصيف المقبل مراسيمه التطبيقية، وأصبح الكلام عن التنقيب عن الغاز في لبنان عند الشركات العالمية واقعاً معيشاً يومياً في المسح والمعلومات وشرائها والندوات وطلبات الترخيص، كما أننا زدنا الاستثمارات في الطاقة المتجددة أضعافا في العام المنصرم، سخانات مياه ولمبات موفرة ونظم تمويل للتدقيق الطاقوي. وليس آخراً، فإننا اعددنا أطلس الريح ومسوحات الشمس والمياه هي قيد التحضير، كما أننا اعددنا قانون الإنتاج الكهربائي وأرسلناه، وإننا وإننا...
إننا نتكلم بالوقائع و"الأرقام" وليس "بالسياسة".
كان الأجدر بالأستاذ مروان اسكندر أن يقرأنا ويسمعنا، ولذلك نرسل له مع هذا الرد كتابنا ونهديه إليه موقعاً مع عبارة: القراءة بالعلم... بعيداً من " التسييس".
آن الأوان أن تسمعونا وتقرأونا.

بقلم:  (الوزير) جبران باسيل - بيروت في 9/ 5/ 2011 - النهار 10 أيار 2011

........


رد على الوزير باسيل

الوزير جبران باسيل اعتمد مقالي المنشور بتاريخ 2001/5/6 ليعرض مجمل سياساته وإنجازاته فيقول "اعتمد المقالة للرد عليها وكل ما يحكى عن وزارة الطاقة من باب المعرفة".
ليس لي سوى ثلاث ملاحظات:
أولا: لم يناقش الوزير جوهر مقالي الذي تعلق باستبدال السيارات العاملة بسيارات على الغاز أو إحلال هذه محلها مستقبلا.
ثانيا: حينما يعرض انجازاته يشير إلى قانون البحث والتنقيب عن النفط ما بين عشرات الإنجازات وهذا إنجاز للنروجيين الذين زودونا إياه وللرئيس بري الذي نبشه من الأدراج، وبقية إنجازات الوزارة تنتظر التنفيذ باستثناء اللمبات التي توفر في استهلاك الطاقة.
ثالثا: يقول الوزير باسيل إنه فاتني الإشارة إلى خطة الطاقة والمياه الخ كعادة أهل مذهبي الاقتصادي، الحقيقة لا أعرف ماذا يعني. فمقالي كان محصورا بالاهتمام بقضية السيارات، وهي بالفعل جزء بسيط من سياسة الطاقة.
أما مذهبي الاقتصادي، حضرة الوزير، فقد كونته في الجامعة الأميركية التي هي جامعتك أيضا وفي جامعة أوكسفورد، وفي كلتا الجامعتين تعلمنا احترام الرأي الآخر.

مروان اسكندر  - النهار 11 أيار 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق