بعد تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية في أميركا، قالت المستشارة الإعلامية للحكومة البريطانية، وقتها، جو مور، عبارة ذهبت مثلا، حيث أرسلت بريدا إلكترونيا للعاملين معها تقول فيه: «إنه يوم جيد لدفن الأخبار السيئة». فهل دفن خبر مقتل بن لادن أخبار القمع في سوريا؟
الإجابة لا، لم يؤثر خبر بن لادن، ولم يغير شيئا. على العكس تصاعدت المواقف الداخلية والخارجية ضد النظام السوري، خصوصا أن عدد القتلى من المحتجين قد بلغ قرابة ستمائة، ناهيك عن اعتقال قرابة ألف شخص، لقمع الاحتجاجات غير المسبوقة في معظم المدن السورية، لكن كل ذلك لم يثن السوريين عن التظاهر والاحتجاج، بل يبدو أن النظام السوري بات يبحث عن مبررات جديدة لحملته العسكرية والأمنية، مما يوحي بقلق ما لدى الأمن السوري، ويظهر ذلك من إعلان الداخلية عن مهلة 15 يوما ليقوم من وصفتهم بالمتهمين بتسليم أنفسهم ليستفيدوا من عفو وعدوا به، إلا أن المظاهرات لا تزال مستمرة في عدة مدن، كما أن هناك دعوة جديدة للتظاهر والاعتصام، في الأماكن العامة بكافة المدن السورية.
هذا داخليا، أما خارجيا، فانشغال العالم بخبر مقتل بن لادن لم يحُل دون تصاعد المواقف الدولية، وتحديدا الأوروبية، تجاه النظام السوري، حيث صرح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، أمس، بأن أي حكومة تفتح النار على شعبها «تفقد شرعيتها»، ومضيفا أن فرنسا ترغب بإدراج اسم الرئيس السوري في قائمة العقوبات، التي يعكف الاتحاد الأوروبي على صياغتها ضد النظام. وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن صرح قائلا «إذا استمر النظام السوري في هذه الطريق (القمع) فإنه سيسقط هذا اليوم أو ذاك، لكنه سيسقط». ولم يتردد نائب وزير الخارجية الألماني عن القول بأن الوقت قد حان للتحرك، حيث قال «التصرفات الوحشية المستمرة للحكومة السورية لا تترك للاتحاد الأوروبي خيارا سوى الضغط بقوة لتطبيق عقوبات موجهة ضد النظام». وهو الموقف الذي يبدو أن البريطانيين يؤيدونه، ناهيك عن دعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر النظام السوري إلى ضرورة السماح للعاملين في مجال الصحة بالوصول بشكل آمن وفوري إلى الجرحى الذين أصيبوا في درعا والسماح لهم بزيارة المعتقلين أيضا.
كل تلك التطورات تثبت أن دمشق لم تستفِد من اليوم الجيد، يوم مقتل بن لادن، لدفن الأخبار السيئة، وهي القمع بحق السوريين العزل، كما يردد البعض. والسبب بسيط، وهو أن المظاهرات ما زالت مستمرة، والنظام لا يزال يكابر باستخدام القمع، وهذا ما لمحنا إليه الخميس الماضي، بأن استمرار المظاهرات وارتفاع عدد القتلى في سوريا سيكسران حتما الصمت الدولي. فحتى إسرائيل خرجت عن صمتها، فها هو إيهود باراك يتحدث عن سقوط النظام، بل ويقول إنه يجب على إسرائيل ألا تخشى التغيير في سوريا!
ملخص الحديث أنه لا يدفن الأخبار السيئة إلا الأخبار الجيدة، ولا يفيد أي دولة إلا تماسك جبهتها الداخلية، وهذا لا يتحقق بالقمع، بل باحترام كرامة المواطن وحقوقه.
طارق الحميد – الشرق الأوسط 4 مايو 2011
0 تعليقات::
إرسال تعليق