الاثنين، 9 مايو 2011

سفير مصر الأسبق في دمشق لـالشرق الأوسط»: النظام السوري فوت فرصة التغيير

مصطفى عبد العزيز قال إن من الإنصاف القول إن سوريا مستهدفة خارجيا.. ولكن رغبة الشعوب في التغيير أصبحت شاملة

http://www.aawsat.com/2011/05/09/images/news1.620865.jpg
د. مصطفى عبد العزيز

قال السفير المصري الأسبق في دمشق، الدكتور مصطفى عبد العزيز، إن الموقف الراهن في سوريا يعبر عن حالة من الترهل في نظام الرئيس بشار الأسد وتأخر قادته في التقاط اللحظة التاريخية المناسبة لهم عقب ثورتي مصر وتونس، وبداية حركة الاحتجاجات. وأوضح عبد العزيز، الذي كان أول سفير لمصر لدى سوريا بعد القطيعة بين البلدين عقب توقيع مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل، إنه «في هذه اللحظة بالتحديد كان على النظام السوري أن يحدث التغيير الحقيقي وأن يلبي طموحات شعبه، لكنه فوت الفرصة».
وأكد عبد العزيز، الذي عمل أيضا كمساعد لوزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «أنه على الرغم من تطورات الأوضاع في سوريا، فإن الرئيس الأسد ما زالت أمامه فرصة محدودة - بحكم أنه من جيل الشباب - لاتخاذ القرار الشجاع والجريء والاستجابة للمطالب الشعبية السلمية». وقال عبد العزيز إنه «من الإنصاف أيضا القول إن سوريا مستهدفة من عدة أطراف خارجية، ولكن رغبة الشعوب في التغيير أصبحت شاملة في كل المدن والقرى السورية، وضمت كافة الفئات والطوائف»، مشددا على أن هذه الأزمة لن تحل باستخدام التصعيد الأمني، ولكن باستعمال المداخل السياسية، لأنها وحدها الكفيلة بإعادة اللحمة للجبهة الداخلية.


وحول دور الجيش السوري في الأحداث وإمكانية توجيه دفة الأمور لصالح فئة معينة، أوضح عبد العزيز أن «الجيش السوري لا يزال بتركيبته الحالية وبأغلبيته مواليا للنظام السوري الحالي، لكن السياسة سمتها التغيير، ولعلنا نتذكر أن سوريا عرفت أول انقلاب عسكري في العالم العربي على يد حسني الزعيم عام 1948، ثم توالت الانقلابات العسكرية في سوريا وانتقلت للعالم العربي بعد ذلك».
واستبعد السفير المصري الأسبق تكرار السيناريو الليبي في سوريا، لأن التركيبة السورية متعددة الأعراق والأديان والمذاهب، وكانت السمة العلمانية التي تبناها النظام السوري هي التي حمته لفترة طويلة وحتى الآن، لا سيما بالنسبة للأقليات الدينية التي ما زلت ترى في النظام الحالي خير حام لها من تيارات التطرف الديني. وأكد عبد العزيز أن الشعب السوري بطبيعته شعب مسيس يعشق الحرية، وهو الأمر الذي سيجعله يصل في النهاية لمبتغاه.
وعن الموقف الإيراني بشأن الأحداث في سوريا، قال السفير الأسبق «يجب ألا ننسي أن هناك تحالفا استراتيجيا بين إيران وسوريا، وهو تحالف الضرورة والمصلحة، ويحرص طرفاها عليه، وإيران شعرت بالقلق من تطور الأحداث في سوريا، لأن هذا الأمر يهدد ساحة مهمة لنفوذها في المنطقة، ففضلت الصمت، وهو في هذه الحالة أبلغ لغة».
وأشار الدكتور عبد العزيز إلى أن الاختلاف بين الموقف التركي والإيراني بالنسبة لهذه الأحداث يرجع إلى الموقع الجغرافي لسوريا فهي رابطة العقد في المنطقة، بمعنى أن لها حدودا مشتركة مع خمس دول مهمة، تأتي على رأسها تركيا التي تخشى من انتقال عدوى الأحداث إليها، خاصة أنها تعاني مشكلات في التعامل مع أكرادها، لذا كان الموقف التركي مغايرا للموقف الإيراني، أيضا هناك الأردن ولبنان والعراق بالإضافة إلى إسرائيل، وهو ما يعقد المسألة في سوريا. ومن ثم جاء حرص تركيا على ضرورة استعادة الأوضاع لطبيعتها ومطالبتها للأسد بإحداث إصلاحات سريعة، بسبب خوفها من انتقال عدوى الاحتجاجات لمناطق الجوار.
وبخصوص حزب الله اللبناني، أوضح السفير أن موقف حزب الله يتماثل مع موقف إيران، التي تحفظت وفضلت الصمت، لأن هناك قيودا كبيرة على حزب الله في لبنان كما أن الحزب يدرك جيدا موقعه في المعادلة السياسية اللبنانية، وبسقوط سوريا ستنزلق الأمور إلى منحنى خطير، وهناك كذلك الكثير من الجهات الخارجية التي من مصلحتها إبقاء المعادلة اللبنانية كما هي.
وأشار السفير إلى أن استقرار الوضع في سوريا ينظر إليه خليجيا على أنه جزء من مقومات الاستقرار في منطقة الخليج، وإن كان البعض له رؤية مختلفة بحكم العلاقات السورية - الإيرانية، لكن بصفة عامة الاستقرار في سوريا تتابعه دول الخليج باهتمام بسبب ما له من تداعيات على منطقة الجوار الجغرافي لمنطقة الخليج. فاستقرار المنطقة كان أحد أهم العوامل المساعدة في تحقيق طفرة اقتصادية في دول الخليج العربي والسير نحو المزيد من التقدم الاقتصادي، وساعد على تحقيق إنجازات كبيرة كالاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة ودخول مجلس التعاون الخليجي على أعتاب الاتحاد النقدي، والسعي لاستكمال تحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية، ولذا فدول الخليج تحرص على استقرار المنطقة بما فيها سوريا من أجل المحافظة على ما حققته من مكتسبات.
واعتبر عبد العزيز أن المنطقة العربية عاشت لفترة طويلة في ما سماه «حالة الاستقرار الزائف»، مؤكدا أنه «رغم مقومات النهضة فإننا لم نستطع التقدم بل تخلفنا، وانتشر الفساد والاستبداد في الكثير من الدول العربية، وخفت صوتها وقل وزنها واستهانت بها بعض الأطراف الإقليمية وتزايد تدخلها في القضايا العربية إضافة إلى أطماعها»، متوقعا أن تقبل المنطقة العربية على مزيد من حالة عدم الاستقرار، لأن حلقة التغيير لم تكتمل بعد، ولأن عملية إعادة البناء هي أصعب مراحل التحول.

القاهرة: محمود محسن - الشرق الأوسط 9 أيار 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق