الاثنين، 25 أبريل 2011

12 قتيلا في جنازات تشييع قتلى «الجمعة العظيمة».. واستقالة نائبين ومفتي درعا احتجاجا

عشرات الآلاف خرجوا للتشييع وهتفوا بسقوط النظام.. والوكالة الرسمية: ضبط زجاجات دم حقيقي لاستخدامها في تصوير أعمال العنف «المفبركة»

قال مركز «سواسية» السوري لحقوق الإنسان إن قوات الأمن السورية قتلت 12 مدنيا على الأقل، أمس، أثناء مشاركتهم في جنازات لتشييع محتجين مطالبين بالديمقراطية، قتلوا أول من أمس في ما سمي بـ«الجمعة العظيمة». وقالت المنظمة المستقلة إن قتلى أمس سقطوا في دمشق ومناطق محيطة بها وقرب قرية ازرع في جنوب سورية. وخرج عشرات الآلاف من السوريين، أمس، في تشييع جنازة متظاهرين قتلوا أفاد نشطاء وحقوقيون أن عددهم زاد على 82 شخصا، بالإضافة إلى مئات الجرحى في احتجاجات «الجمعة العظيمة» التي نظمت أول من أمس في معظم المدن السورية.


وبدت أولى علامات تصدع داخل النظام باستقالة نائبين ومفتي درعا التي تحملت مع حمص العدد الأكبر من ضحايا المظاهرات المستمرة منذ 6 أسابيع، التي صعدت مطالبها إلى الدعوة إلى إسقاط النظام.
وأعلن مفتي درعا في جنوب سورية، رزق عبد الرحيم أبا زيد، أمس، استقالته مباشرة عبر قناة «الجزيرة» الفضائية. وقال المفتي: «لا بد من تلبية جميع الطلبات» التي يريدها الشعب السوري الذي خرج إلى الشوارع منذ منتصف مارس (آذار) مطالبا بإصلاحات.
كما أعلن النائبان السوريان، خليل الرفاعي، وناصر الحريري، أمس، السبت، استقالتهما من البرلمان مباشرة عبر قناة «الجزيرة» الفضائية. واستقال ناصر الحريري، النائب عن درعا، وخليل الرفاعي، النائب عن حوران، من مجلس الشعب السوري احتجاجا على المذابح وعلى التشويه الرسمي لأهالي حوران في وسائل الإعلام الرسمي، وقال خليل الرفاعي: «أعلن استقالتي من مجلس الشعب لأنني لم أستطع حماية شعبي»، وأورد الحريري الدافع ذاته، ودعا الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى التدخل. وحسب ناشط حقوقي، فإن عشرات آلاف الأشخاص غادروا درعا (مائة كلم جنوب دمشق)، أمس، السبت، متجهين إلى ازرع للمشاركة في تشييع متظاهرين قتلوا في تجمعات معارضة للسلطات، أول من أمس. وقال هذا الناشط في حقوق الإنسان إن «أكثر من 150 حافلة غادرت درعا والقرى المجاورة للمشاركة في دفن 18 شهيدا قتلوا يوم الجمعة في ازرع» قرب درعا.
ونقلت «رويترز» عن شهود ونشطاء حقوقيين أن المحتجين الذين شيعوا قتلى «الجمعة العظيمة» في عدة مدن رددوا هتافات تدعو إلى نهاية حكم الرئيس السوري، بشار الأسد، وطالبوا بالديمقراطية، وأطلقت قوات الأمن النار عليهم.
وكانت المظاهرات الاحتجاجية استمرت في عدة مناطق من تلك التي شهدت يوم أول من أمس، الجمعة، أحداثا دموية أسفرت عن استشهاد ما يقرب من 90 مواطنا سوريا، في ازرع في ريف درعا، وفي حمص، وفي ريف دمشق، ودوما، وبرزة، حيث خرجت يوم أمس جنازات تشييع للشهداء، وتجددت أعمال العنف حيث سقط يوم أمس نحو 12 شهيدا في ازرع، ودوما، وبرزة، ليتجاوز عدد الضحايا خلال يومين المائة شهيد.
ففي برزة قال شاهد عيان إنه تم إطلاق نار كثيف لتفريق المتظاهرين الخارجين للتشييع، مما أدى إلى مقتل فتاتين كانتا تتابعان الجنازة من شرفة بيتهما. وقال الشاهد إن الأمن يفرض حظر تجول في برزة وينادي على السكان بعدم النزول من المنازل.
وفي دوما (ريف دمشق) أفاد شهود عيان بأن عناصر الأمن أطلقوا الرصاص الحي من فوق مبنى فرع أحد الأجهزة الأمنية والقصر العدلي والأبنية المجاورة، على المتظاهرين، مما أسفر عن سقوط 5 شهداء وعشرات الجرحى.
كما قدرت مصادر محلية في ازرع التابعة لمحافظة درعا الحصيلة النهائية لشهداء ازرع خلال اليومين الماضيين بـ20 شهيدا، وبينما قام أناس بتشييع الذين قضوا يوم الجمعة، جرى إطلاق رصاص لتفريق المشيعين، مما أسفر عن وقوع عدد جديد من الشهداء. وفي الميدان تم تشييع أحد شهداء «الجمعة العظيمة».
وحسب شهود، قتل، أمس، 5 أشخاص في درعا، و5 في دوما (15 كلم شمال دمشق)، و3 في دمشق خلال جنازات التشييع التي ضمت عشرات الآلاف. وقال شاهد عيان وناشط حقوقي في دوما، اتصلت بهما وكالة الصحافة الفرنسية هاتفيا، إن 5 أشخاص، على الأقل، قتلوا برصاص «قناصة» متمركزين على سطوح المباني لدى مرور موكب مشيعين كان متجها إلى مسجد المدفن. وقال شاهدان إن 3 أشخاص، على الأقل قتلوا، عندما أطلقت قوات الأمن السورية النيران على مئات المشيعين أثناء محاولتهم المشاركة في جنازات محتجين مطالبين بالديمقراطية قرب منطقة ازرع. وأضافا أن مئات المشيعين الذين تفرقوا بعد إطلاق الذخيرة الحية خارج ازرع تعرضوا لإطلاق النار عندما اقتربوا من نقطة تفتيش عند تقاطع الشيخ مسكين أثناء عودتهم إلى مدينة درعا الحدودية الجنوبية. وقال أحد سكان درعا لـ«رويترز»، عبر الهاتف من مكان إطلاق النار: «أطلقت قوات الأمن في نقطة التفتيش النار على المئات الذين كانوا في طريق العودة»، وأضاف: «رأيت 3 جثث يحملها أقارب للقتلى وأشخاص يكبرون.. إنهم شهداء». وقال شاهد آخر، نقل 6 محتجين مصابين في حافلة صغيرة إلى مستشفى درعا لتلقي العلاج، إنه رأى 8 مصابين آخرين، على الأقل، يحملهم متطوعون. وصرح شهود بأن آلاف المحتجين في درعا رددوا شعارات مناهضة للحكومة السورية. وقال شاهد عيان لـ«رويترز»، عبر الهاتف من موقع الجنازة: «تحيا سورية»، مناديا بسقوط الرئيس الأسد.
وفي حماة تحدث نشطاء عبر موقع «فيس بوك» عن أن المخابرات الجوية انتشرت على أسطح بنايات مدخل حماة من جهة كفربهم ظهر يوم أمس، وأن عدد شهداء «الجمعة العظيمة» في حماة بلغ 8 على الأقل، مشيرا إلى تقطيع أوصال المدينة، وقطع بعض الطرق الموصلة إليها تحسبا لخروج مظاهرات جديدة. إلا أن ذلك لم يمنع خروج مظاهرة حاشدة في منطقة الأربعين القريبة من مقبرة الصفا بعد تشييع شهداء يوم أول من أمس، الجمعة، ومن ثم التوجه إلى ساحة العاصي والهتاف بإسقاط النظام.
من جانبها نشرت «لجنة شهداء ثورة 15 آذار» التي تحصي ضحايا قمع الحركة الاحتجاجية في سورية، ومقرها في لندن، لائحة بأسماء 112 قتيلا سقطوا يوم أول من أمس، الجمعة، لم يتم التثبت من عدد قليل منهم. وكان 23 مارس في درعا اليوم الذي شهد سقوط أكبر عدد من القتلى (100 قتيل) حتى الآن. وأدانت اللجنة بأقوى العبارات «استخدام الرصاص الحي والغاز الخانق والعنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم المشروعة في الحرية والكرامة والديمقراطية وحقوق الإنسان»، محملة «النظام السوري، ممثلا بأعلى مرجعياته الأمنية والسياسية، مسؤولية القتل والعنف المفرط ضد المواطنين السوريين».
وعلى صعيد الرواية الرسمية نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن «أبناء» منطقة الميدان في دمشق، التي شهدت مظاهرة كبيرة في حي الجزماتية بعد صلاة الجمعة، أول من أمس، «نفيهم» ما تناقلته بعض وسائل الإعلام، التي وصفتها «سانا» بـ«المغرضة»، عن إطلاق الشرطة الرصاص والغاز المسيل للدموع لتفريق متجمعين في الحي ظهر أول من أمس، الجمعة، وقالت «سانا»: «أكد عدد من الأهالي أن هذه الادعاءات كاذبة ولا أساس لها من الصحة، وهي تهدف إلى إثارة البلبلة والفوضى والخوف في قلوب المواطنين فقط كجزء من الخطة التي تعمل عليها قنوات الكذب والتزوير»، كما نقلت الوكالة عن «أحد المواطنين» قوله: «إن الحي لم يشهد أي تجمعات، ولا يوجد ما يدل عليها، ونحن نستغرب ما نراه على بعض القنوات، رغم أنه غير موجود على الإطلاق في الحي الذي نعيش فيه». وعن «مواطن ثان» نقلت «سانا» تأكيده أن «الأمن يعم الحي من ساحة الأشمر إلى باب مصلى»، وقوله إن «كل ما تبثه القنوات مجرد كذب»، بينما قال ثالث إنه كان «يتابع ما يبث وخرج متجولا في شوارع الحي بأكمله على دراجته الهوائية ولم ير شيئا». وقالت «سانا» إن عددا من المواطنين دعوا «إلى عدم متابعة هذه القنوات لأنها مغرضة وتبث الكذب والتلفيق».
كما دعت وزارة الداخلية، مساء يوم أول من أمس، الجمعة، المواطنين إلى «التقيد بالحصول على إذن مسبق من الجهات المختصة قبل التظاهر»، وقالت إن ذلك يتم «حرصا على سلامة المتظاهرين»، وذكر بيان رسمي أن «وزارة الداخلية أهابت بالإخوة المواطنين التقيد بمضامين المرسوم 54، الذي ينظم حق التظاهر السلمي للمواطنين، والذي أصبح معمولا به في البلاد، وعدم التظاهر إلا بعد الحصول على إذن مسبق من الجهات المختصة، حرصا على ضمان سلامة المتظاهرين، وممارسة هذا الحق بشكل حضاري يعبر عن تاريخ وعراقة شعبنا».
وكان الرئيس بشار الأسد أصدر يوم الخميس الماضي مرسوما تشريعيا يتضمن تشكيل لجنة مختصة في وزارة الداخلية للنظر في طلبات ترخيص تنظيم المظاهرات، والإجراءات التي يتعين على الجهة الداعية القيام بها للحصول على الموافقة، والأحوال التي يحق للوزارة فض المظاهرة فيها أيضا. وجاء في المادة 5 من المرسوم، أنه يتعين على من يرغب في تنظيم مظاهرة «تشكيل لجنة تقدم طلبا إلى الوزارة يتضمن تاريخ وتوقيت بدء المظاهرة ومكان تجمعها وانطلاقها وخط سيرها وانتهائها وأهدافها وأسبابها والشعارات التي سترفع خلالها، وذلك قبل الموعد المحدد للمظاهرة بخمسة أيام على الأقل».
وقالت «سانا» إن الآلاف من أبناء الحسكة شيعوا، أمس، في موكب رسمي وشعبي «جثمان الشهيد الرقيب المجند عبد الله أحمد اليوسف إلى مثواه الأخير في قرية الجابرية بمنطقة عامودا الذي استشهد في منطقة الصنمين في درعا أثناء تأديته واجبه الوطني».
وفي سياق ما جرى يوم أول من أمس، الجمعة، أفادت «سانا» بأن قوات الجيش ضبطت، أول من أمس، مع «مجموعة إجرامية مسلحة هاجمت أحد المواقع العسكرية» في منطقة رخم الحراك في ريف درعا «جوالات تعمل بشرائح غير سورية لشركات هاتف جوال أجنبية ومزودة ببرامج تحدد الموقع الموجود فيه الجهاز وكاميرات ديجيتال ذات تقنية عالية عليها مقاطع قصيرة (مفبركة) تظهر أعمال عنف وقمع تمثيلي للمظاهرات، بالإضافة إلى هراوات وسيوف وقطع حديدية لاستخدامها أثناء التظاهر ضد قوات الأمن». وقالت «سانا» إن قوات الجيش ضبطت «زجاجات مملوءة بالدم الحقيقي لاستخدامها أثناء تصوير أعمال العنف (المفبركة) للمظاهرات، بالإضافة إلى زجاجات أخرى مملوءة بالبنزين لأحداث الحرائق».
من جانب آخر أصدر الرئيس بشار الأسد، يوم أمس، السبت، مرسوما بتعيين عبد القادر عبد الشيخ، محافظا لمحافظة اللاذقية، خلفا لرياض حجاب الذي تم تعيينه وزيرا للزراعة في الحكومة الجديدة، وهو المنصب الذي شغله سابقا عادل سفر، الذي تولى منصب رئيس الوزراء.
وكان حجاب شغل منصب محافظ اللاذقية لفترة قصيرة، حيث تسلم المنصب في 22 فبراير (شباط) الماضي، إلى أن تم تعيينه في منصب وزير الزراعة الأسبوع قبل الماضي، لكنه أصدر خلال هذه الفترة عدة قرارات بإعفاء وعزل بعض المسؤولين على خلفية تقصيرهم في مهامهم.
وشهدت مدينة اللاذقية مؤخرا أحداثا أسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات من المدنيين ورجال الأمن، عقب مظاهرات خرجت هناك. ويعد عبد القادر عبد الشيخ المحافظ الثالث الذي يعين خلال أقل من شهر بعد خالد الهنوس الذي عين محافظا لدرعا بعد أحداث دموية شهدتها درعا التي ثارت على المحافظ والمسؤولين الأمنيين هناك، كما تم تعيين غسان عبد العال محافظا لمدينة حمص التي شهدت احتجاجات كبيرة على المحافظ السابق.
وفي أول يوم لممارسته مهامه أكد محافظ حمص الجديد، غسان عبد العال، أن «جميع طلبات المواطنين المحقة والمشروعة ستلبى بأقصى سرعة ممكنة وستخصص مبالغ مالية من الميزانية المقررة لمحافظة حمص لتلبية الاحتياجات الخدمية للمناطق والأحياء».
وأشار المحافظ خلال لقائه رؤساء وأعضاء غرفتي الصناعة والتجارة ورؤساء لجان الأحياء في المحافظة ووجهاء حي دير بعلبة، إلى «ضرورة نقل هموم ومطالب المواطنين بالسرعة المطلوبة لتتم الاستجابة لها والعمل على عودة الحياة إلى طبيعتها، كي ينعم المواطنون بالأمان والاستقرار»، داعيا إلى «نشر الوعي بين جميع أبناء المجتمع لتعزيز اللحمة الوطنية ودرء الفتنة».
وقال ناشط لـ«رويترز» من دمشق إن التوتر لا يزال يخيم على العاصمة السورية، وإن الكثير من الناس لزموا بيوتهم.
وأضاف قائلا «يشبه الأمر كرة الثلج التي تكبر وتكبر كل أسبوع. الغضب يزيد والشارع يغلي».

دمشق ـ لندن ـ عمان: «الشرق الأوسط» 24 أبريل 2011

0 تعليقات::

إرسال تعليق