الأحد، 26 يونيو 2011

السعوديّات يلجأن إلى الجن والرقص للتعويض عن غياب الرجل

تصل كلفة حفلة "الزار" إلى حوالي العشرين ألف ريال سعودي، على كل حفلة واحدة. من خلال تنظيمها في أعراس أو مايعرف بالاستراحات التي يتم تخصيصها لاستخدام كهذا أو حتى في بيوت المعارف والأصدقاء في شكل عام. ويتم لجوء الفتيات في السعودية، إلى حفل "الزار" كنوع من التخلص من آثار العنوسة في المقام الأول، أو لمعالجة الحالة النفسية التي تمر بها المرأة بسبب الطلاق المسبب لإحباط شديد عند المرأة، أو حتى بسبب فقدان الزوج الطبيعي كما في الوفاة. ويسعى أصحاب حفلات "الزار" إقناع المتألّمات الوحيدات بأن الحفلات تلك بوسعها إحضار الجن والحصول على نوع من الترفيه. لهذا تصل الواحدة منهن في الحفلة إلى حالة من حالات الصرع والغياب عن الوعي في أحيان كثيرة. وتنتشر ظاهرة "الزار" بين الفتيات السعوديات اللاتي تجاوزت أعمارهن الثلاثين عاماً من شرائح النسوة المطلقات أو الأرامل أو العانسات.
يعمل التطريب والإيقاع الحار على دفع الفتاة للانسجام بشكل قوي للغاية، فتندمج في المناخ الذي صنع بعناية، وتبدأ القيام بحركات رقص شبه جنونية ولكن على قدر كبير من التناسب والانسجام، وكلما وصلت الحالة إلى الذروة كان بإمكان الفتاة الراقصة المنسجمة أن تصل إلى مرحلة ""الزار"". وعند هذه اللحظة تفقد الفتاة – أو هكذا يخيل إليها – كل تحكم بجسمها ورقصها، لتقع الفتاة الخاضعة لهذا التأثير تحت سلطة الجن الذي يعتبر نصفاً مفترضا لجسد الفتاة الراقصة. فتزداد حدة التصفيق والتواصل عبر قناعة بأن هذا الجن لن يقوم بإيذاء كل من يصفق له. وبسبب شدة تأثر الفتاة التي دخلت في "الزار" فإنها تسقط غائبة عن الوعي وتتمدد على الأرض على درجة كبيرة من التعب والتأثر. هنا تقوم الفتيات الأخريات بمحاولة إعادتها إلى وعيها عبر توجيه أنواع من المحرضات الذهنية والأسئلة الاعتياية التي يفترض بالشخص معرفتها بسهولة كالاسم الشخصي أو عنوان السكن. فتقوم الفتاة التي أغمي عليها بإخبار المهتمات من حولها بأغنية هي تفضلها فيقمن بتأديتها لها كي تعود إلى وعيها.

تعكس هذه المظاهر قلقاً وجوديا جذريا عن النساء الوحيدات اللاتي يعشن بلا رجل بسبب العنوسة أو بسبب الطلاق أو بسبب الفقدان. ولجوء النساء المحتاجات إلى مظاهر وهمية كهذه لا يكون إلا بقصد إحداث نوع من التعويض والتوازن مابين واقع شخصي ناقص، للأسباب السابقة، وحالة تخيل تتطلبها الروح المعذبة بسبب ذلك النقص. وعندما تصل الواحدة من النساء لحالة انسجام فعلي فإنه يخيل إليها بأنها خضعت بالفعل لتأثير خارجي لا مرئي، بينما الحقيقة أن الواحدة منهن خضعت بالكامل لنوع من المتعة النفسية التي تتولد من الانسجام مع الإيقاع أو الإيحاءات الخارجية اللافتة.

أقرب حالة لظاهرة "الزار" هي ممارسات التصوف التي تعمل على امتلاء الجسد بترددات الروح عبر الموسيقى أو عبر الإيقاع أو عبر الإيحاءات. وفي النهاية فإن طقوس التخيل مشتركة وموجودة في كثير من الديانات القديمة والعادات الشعبية التي تلجأ إلى بعض المظاهر الموحية إلى تخليص الشخصيات القلقة من ضغط توترها الذي يجد في الإيحاء والموسيقى والرقص خلاصاً موقتاً أو دائماً من قلقه الوجودي.

وعند النساء فإن حالة كالتي يصلن إليها في "الزار" تعكس رغبة الامتلاء بالموضوع المفقود، الذي هو الرجل، عبر استجابة الجسد لإيقاع الرقص والتمتمات غير المباشرة والاستجابة التلقائية للذة النغم والإحساس باللحظة. لكن، في كل الأحوال، فإن المرأة التي أحست بالتعويض، مرحليا، فإنها لن تلبث ويعاودها الإحساس بالافتقاد والحرمان. مايعني أنها حلولٌ كحولية عابرة الأفضل أن تتجه إلى الحل الواقعي الوجودي عبر المقدرة على إقناع الشريك بالارتباط الزواجي ولو في أي وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة.

د. مديحة . نون . المارتقلي - 1/9/2009 2:31:00 AM GMT

0 تعليقات::

إرسال تعليق