روى جنود تابعون لقوات العقيد معمر القذافي، أسروا على أيدي الثوار، أن أعداد وحدات الجيش والميليشيات التابعة للعقيد معمر القذافي، التي تواصل القتال منذ أكثر من شهرين ضد جيش الثوار الساعين إلى الإطاحة بالعقيد الليبي، في تراجع بسبب فرار الضباط وقلة الإمدادات اللوجيستية والجنود غير المدربين.
وخلال المقابلات التي أجريت معهم هذا الأسبوع في معسكر الاعتقال الذي يديره الثوار الليبيون، والذي يضم أكثر من 100 سجين، من الجيش الليبي الموالي للقذافي، وصف الأسرى المصاعب الميدانية التي يواجهها الضباط الذين خدعوهم أو الذين خذلوهم، متحدثين بمرارة عن معاناتهم.
وعلى الرغم من عرض بعضهم صورا لسوء المعاملة أو الإدلاء بتصريحات مشجعة للتودد إلى آسريهم، فإن الروايات عن المشكلات التكتيكية واللوجيستية تؤكد أن القوات الليبية تعاني من مشكلات متزايدة في الحرب بدأت بعدم التكافؤ ثم تحولت إلى أزمة وبدأت تظهر آثار تمرد.
في البداية دخلت الوحدات العسكرية الليبية والميليشيات الحرب بقدرات تنظيمية مزودة بالدبابات وحاملات الجنود المدرعة والمدفعية والصواريخ وكميات كبيرة من الذخيرة المخزونة. وقد وصلوا إلى المعركة مع قناصة محترفين ومزودين بقذائف «المورتر» والصواريخ وأطقم المدفعية.
في الوقت نفسه عزز وزير الدفاع الليبي الصفوف بجنود ليست لديهم خبرة، استدعاهم لأداء الخدمة في ظروف نفسية سيئة، وفرق من الجنود الذين لا يملكون خبرة قتالية أو تدريبية.
ثم بعد مواجهة أسابيع من الضربات الجوية وتزايد قوات الثوار، فرت بعض الوحدات، وخان الضباط قواتهم، بحسب روايات الأسرى.
وقال أحد الأسرى، الذي زعم أنه أجبر على أداء الخدمة كجندي مشاة غير مدرب الشهر الماضي، وأوكلت إليه مهمة القتال في مركز هذه المدينة: «أخبرنا القادة أن نظل هنا، وأنهم سيعودون بمزيد من الذخيرة. لكنهم يعودون والثوار يحيطون بنا، وكان علينا أن نلقي أسلحتنا وأن نهرب».
وقد تم إخفاء هويات السجناء التي كشف عنها لـ«نيويورك تايمز» خلال المقابلات لحمايتهم وعائلاتهم من التعرض لبطش القذافي.
ووصف الأسير، الذي كان حليق الرأس وذا يدين نحيفتين تطلان من رداء أسود طويل، الكثير من أشكال الإحباط في صفوف قوات القذافي، فقال، في بداية الحرب كان في السنة الثانية له من التدريب، وأخبره معلموه بأن عليه الخدمة.
وكانت المهمة الأولى بالنسبة له تفتيش السيارات وهويات الأفراد في واحدة من نقاط التفتيش في البلاد. وكان هناك 11 متدربا من زملائه على بوابة المدينة. وقال: «وبعد فترة جاءوا وقالوا إن 11 فردا على البوابة عدد ضخم، وأخذوا 6 منا وزودونا بأسلحة (الكلاشنيكوف) وأخذونا إلى مصراتة».
كان ذلك في أبريل (نيسان) عندما كانت مصراتة مركزا لأعنف العمليات القتالية من مبنى إلى مبنى، والذي راح ضحيتها المئات من القتلى من الجانبين.
وقال إنه عندما دخل المدينة وجد أنه كان في حي غير معروف واختبأ مع آخرين في إحدى الشقق السكنية نظرا لتقدم الثوار وبطء الإمدادات اللوجيستية للقوات الليبية.
وتحدث الأسرى الآخرون عن الخداع الذي وجدوه من قادتهم. يقول أحد السجناء من اللواء 32 مدرع في الشعب المسلح، الوحدة التي عادة ما توصف بأنها وحدة النخبة، والتي يقودها خميس، ابن العقيد معمر القذافي، وأشار إلى أنه من بين المجموعة من زملائه الذين يدفع بهم من طرابلس إلى مصراتة.
وأكد أن المجموعة الثالثة أرسلت إلى مصراتة بعدما عانت المجموعتان الأولى والثانية من خسائر ثقيلة.
وقال إنه عهد إليه تأمين مبنى إداري عال اكتسب سمعة سيئة بين الثوار بأنه كان محلا للقناصة الذين كانوا يراقبون الشوارع من نوافذه المتعددة.
وقال الجندي الأسير الذي أصيب في يده ويرتدي سروالا من الجينز وقميصا داكنا، إن الضباط كذبوا عليه وأخبروه أنه أرسل للقضاء على الجهاديين القادمين من الخارج.
وقال: «عندما قدمنا إلى هنا سمعنا الثوار يصيحون طوال الوقت: (الله أكبر)، وقال لنا الضباط إن العدو كان (القاعدة) والمجموعات الإرهابية الأخرى القادمة من سوريا وتونس، لكنه رأى أنهم ليبيون كلهم».
وقال الجندي إنه لم يرتد الزي العسكري ليقتل الليبيين، فبعدما سمع وحدات قذائف الهاون التابعة للقذافي وهي تقصف المدينة بالذخائر العنقودية تسلل من المبنى واختفى في متجر. وانتظر هناك حتى اقترب الثوار ثم استسلم لهم مسلما لهم بندقيته وقنبلتين يدويتين.
وتحدت أسرى آخرون استدعوا إلى الخدمة بعد أن تركوها منذ عامين أنهم ما إن دخلوا إلى المعركة وجدوا تأخيرا في إخلاء الجرحى من الميدان.
وقال أحد السجناء إنه خلال القتال في شوارع بنغازي، إحدى جبهات المدينة في السابق، إن 3 من أصدقائه قتلوا وأصيب 3 آخرون، وضمدت جراح المصابين ومكثوا لـ3 أو 4 أيام قبل أن ينقلوا خارج أرض المعركة.
كان مركز الاعتقال هذا، الذي يعتبر بمثابة منزل حالي للسجناء، أحد مدارس مصراتة العامة. ويعيش الأسرى في الفصول ما بين 15 إلى 20 فردا في كل فصل. وقد خصص أحد أقسام المدرسة كمطبخ، حيث يقوم السجناء بالطهي لأنفسهم.
ينام السجناء على مراتب ولديهم بطاطين وملابس قليلة وعدد من الأغراض القليلة الأخرى.
كما يحتفظ الكثير منهم بالكتب الدينية والقرآن التي زودهم بها الآمر الحالي للمعتقل، الشيخ الذي قال إنه على الرغم من سخط المدينة على القذافي، فإن الكثير من هؤلاء الرجال تم الزج بهم رغما عنهم في المعركة، ولا بد وأن يعاملوا باحترام.
لم يتلقوا كلهم معاملة طيبة، فعلى الرغم من تأكيد الكثيرين منهم، خلال المقابلات الخاصة التي أجريت معهم، أنهم يتلقون معاملة طيبة منذ وقوعهم تحت إمرة الشيخ، وأن الثوار يعاملونهم الآن معاملة طيبة، فإن الكثير منهم تعرض للضرب حينما أسر، وكان ذلك بشكل كبير على يد الثوار غير المدربين الذين عانوا خلال حصار المدينة والذين لا يعرفون الكثير عن قوانين الحرب. وكان الكثير منهم قد تعرضوا لإطلاق النار على أقدامهم - الجريمة التي مارسها الكثير من الثوار في الوقت الذي تعرض فيه هؤلاء الجنود للأسر - بهدف منعهم من الهروب أو المقاومة.
كانت هناك إشارات إلى أن حياة السجن التي يعيشها هؤلاء الأسرى قد أثرت على ما يرغبون في الحديث عنه، فعندما سئل 6 من الجنود، كل على حدة، عن الطريقة التي عولجت بها أقدامهم قال كل واحد منهم إجابة مختلفة، لكنها جميعا كانت مراوغة، فقال اثنان منهم: «لقد نسيت».
وإجمالا فقد بلغ عدد الأسرى في هذا المكان حتى يوم الجمعة 138 أسيرا، وكان هناك مركز آخر يضم 89 على الأقل. كان هؤلاء هم أسرى مصراتة الذين اعترف بهم الثوار حتى سقوط مطار المدينة في قبضتهم، وهو ما يشير إلى أن العدد قد تضخم الآن.
كانت هناك غرفتان تضمان المرضى إحداهما لرجال مصابين بإصابات في الأطراف، وشاب تعرض لحروق متفرقة في الجسم، ورجل كبير في السن بترت ساقه اليسرى.
وعلى الرغم من أن ثيابهم تبدو جديدة، فإن بعض الظروف التي عاشها هؤلاء الرجال تبدو صعبة للغاية.
ويقول مسؤولو المعسكر، إن كل المسجونين اعترفوا حتى الآن بأنهم مواطنون ليبيون، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان ذلك نتيجة لأن كل جنود القذافي الذين أسروا من الليبيين، أم أن المقاتلين الأجانب في صفوف قوات القذافي كان لهم مكان آخر.
مصراتة: سي جيه شيفرز ** خدمة «نيويورك تايمز» - الشرق الأوسط 15 مايو 2011
وخلال المقابلات التي أجريت معهم هذا الأسبوع في معسكر الاعتقال الذي يديره الثوار الليبيون، والذي يضم أكثر من 100 سجين، من الجيش الليبي الموالي للقذافي، وصف الأسرى المصاعب الميدانية التي يواجهها الضباط الذين خدعوهم أو الذين خذلوهم، متحدثين بمرارة عن معاناتهم.
وعلى الرغم من عرض بعضهم صورا لسوء المعاملة أو الإدلاء بتصريحات مشجعة للتودد إلى آسريهم، فإن الروايات عن المشكلات التكتيكية واللوجيستية تؤكد أن القوات الليبية تعاني من مشكلات متزايدة في الحرب بدأت بعدم التكافؤ ثم تحولت إلى أزمة وبدأت تظهر آثار تمرد.
في البداية دخلت الوحدات العسكرية الليبية والميليشيات الحرب بقدرات تنظيمية مزودة بالدبابات وحاملات الجنود المدرعة والمدفعية والصواريخ وكميات كبيرة من الذخيرة المخزونة. وقد وصلوا إلى المعركة مع قناصة محترفين ومزودين بقذائف «المورتر» والصواريخ وأطقم المدفعية.
في الوقت نفسه عزز وزير الدفاع الليبي الصفوف بجنود ليست لديهم خبرة، استدعاهم لأداء الخدمة في ظروف نفسية سيئة، وفرق من الجنود الذين لا يملكون خبرة قتالية أو تدريبية.
ثم بعد مواجهة أسابيع من الضربات الجوية وتزايد قوات الثوار، فرت بعض الوحدات، وخان الضباط قواتهم، بحسب روايات الأسرى.
وقال أحد الأسرى، الذي زعم أنه أجبر على أداء الخدمة كجندي مشاة غير مدرب الشهر الماضي، وأوكلت إليه مهمة القتال في مركز هذه المدينة: «أخبرنا القادة أن نظل هنا، وأنهم سيعودون بمزيد من الذخيرة. لكنهم يعودون والثوار يحيطون بنا، وكان علينا أن نلقي أسلحتنا وأن نهرب».
وقد تم إخفاء هويات السجناء التي كشف عنها لـ«نيويورك تايمز» خلال المقابلات لحمايتهم وعائلاتهم من التعرض لبطش القذافي.
ووصف الأسير، الذي كان حليق الرأس وذا يدين نحيفتين تطلان من رداء أسود طويل، الكثير من أشكال الإحباط في صفوف قوات القذافي، فقال، في بداية الحرب كان في السنة الثانية له من التدريب، وأخبره معلموه بأن عليه الخدمة.
وكانت المهمة الأولى بالنسبة له تفتيش السيارات وهويات الأفراد في واحدة من نقاط التفتيش في البلاد. وكان هناك 11 متدربا من زملائه على بوابة المدينة. وقال: «وبعد فترة جاءوا وقالوا إن 11 فردا على البوابة عدد ضخم، وأخذوا 6 منا وزودونا بأسلحة (الكلاشنيكوف) وأخذونا إلى مصراتة».
كان ذلك في أبريل (نيسان) عندما كانت مصراتة مركزا لأعنف العمليات القتالية من مبنى إلى مبنى، والذي راح ضحيتها المئات من القتلى من الجانبين.
وقال إنه عندما دخل المدينة وجد أنه كان في حي غير معروف واختبأ مع آخرين في إحدى الشقق السكنية نظرا لتقدم الثوار وبطء الإمدادات اللوجيستية للقوات الليبية.
وتحدث الأسرى الآخرون عن الخداع الذي وجدوه من قادتهم. يقول أحد السجناء من اللواء 32 مدرع في الشعب المسلح، الوحدة التي عادة ما توصف بأنها وحدة النخبة، والتي يقودها خميس، ابن العقيد معمر القذافي، وأشار إلى أنه من بين المجموعة من زملائه الذين يدفع بهم من طرابلس إلى مصراتة.
وأكد أن المجموعة الثالثة أرسلت إلى مصراتة بعدما عانت المجموعتان الأولى والثانية من خسائر ثقيلة.
وقال إنه عهد إليه تأمين مبنى إداري عال اكتسب سمعة سيئة بين الثوار بأنه كان محلا للقناصة الذين كانوا يراقبون الشوارع من نوافذه المتعددة.
وقال الجندي الأسير الذي أصيب في يده ويرتدي سروالا من الجينز وقميصا داكنا، إن الضباط كذبوا عليه وأخبروه أنه أرسل للقضاء على الجهاديين القادمين من الخارج.
وقال: «عندما قدمنا إلى هنا سمعنا الثوار يصيحون طوال الوقت: (الله أكبر)، وقال لنا الضباط إن العدو كان (القاعدة) والمجموعات الإرهابية الأخرى القادمة من سوريا وتونس، لكنه رأى أنهم ليبيون كلهم».
وقال الجندي إنه لم يرتد الزي العسكري ليقتل الليبيين، فبعدما سمع وحدات قذائف الهاون التابعة للقذافي وهي تقصف المدينة بالذخائر العنقودية تسلل من المبنى واختفى في متجر. وانتظر هناك حتى اقترب الثوار ثم استسلم لهم مسلما لهم بندقيته وقنبلتين يدويتين.
وتحدت أسرى آخرون استدعوا إلى الخدمة بعد أن تركوها منذ عامين أنهم ما إن دخلوا إلى المعركة وجدوا تأخيرا في إخلاء الجرحى من الميدان.
وقال أحد السجناء إنه خلال القتال في شوارع بنغازي، إحدى جبهات المدينة في السابق، إن 3 من أصدقائه قتلوا وأصيب 3 آخرون، وضمدت جراح المصابين ومكثوا لـ3 أو 4 أيام قبل أن ينقلوا خارج أرض المعركة.
كان مركز الاعتقال هذا، الذي يعتبر بمثابة منزل حالي للسجناء، أحد مدارس مصراتة العامة. ويعيش الأسرى في الفصول ما بين 15 إلى 20 فردا في كل فصل. وقد خصص أحد أقسام المدرسة كمطبخ، حيث يقوم السجناء بالطهي لأنفسهم.
ينام السجناء على مراتب ولديهم بطاطين وملابس قليلة وعدد من الأغراض القليلة الأخرى.
كما يحتفظ الكثير منهم بالكتب الدينية والقرآن التي زودهم بها الآمر الحالي للمعتقل، الشيخ الذي قال إنه على الرغم من سخط المدينة على القذافي، فإن الكثير من هؤلاء الرجال تم الزج بهم رغما عنهم في المعركة، ولا بد وأن يعاملوا باحترام.
لم يتلقوا كلهم معاملة طيبة، فعلى الرغم من تأكيد الكثيرين منهم، خلال المقابلات الخاصة التي أجريت معهم، أنهم يتلقون معاملة طيبة منذ وقوعهم تحت إمرة الشيخ، وأن الثوار يعاملونهم الآن معاملة طيبة، فإن الكثير منهم تعرض للضرب حينما أسر، وكان ذلك بشكل كبير على يد الثوار غير المدربين الذين عانوا خلال حصار المدينة والذين لا يعرفون الكثير عن قوانين الحرب. وكان الكثير منهم قد تعرضوا لإطلاق النار على أقدامهم - الجريمة التي مارسها الكثير من الثوار في الوقت الذي تعرض فيه هؤلاء الجنود للأسر - بهدف منعهم من الهروب أو المقاومة.
كانت هناك إشارات إلى أن حياة السجن التي يعيشها هؤلاء الأسرى قد أثرت على ما يرغبون في الحديث عنه، فعندما سئل 6 من الجنود، كل على حدة، عن الطريقة التي عولجت بها أقدامهم قال كل واحد منهم إجابة مختلفة، لكنها جميعا كانت مراوغة، فقال اثنان منهم: «لقد نسيت».
وإجمالا فقد بلغ عدد الأسرى في هذا المكان حتى يوم الجمعة 138 أسيرا، وكان هناك مركز آخر يضم 89 على الأقل. كان هؤلاء هم أسرى مصراتة الذين اعترف بهم الثوار حتى سقوط مطار المدينة في قبضتهم، وهو ما يشير إلى أن العدد قد تضخم الآن.
كانت هناك غرفتان تضمان المرضى إحداهما لرجال مصابين بإصابات في الأطراف، وشاب تعرض لحروق متفرقة في الجسم، ورجل كبير في السن بترت ساقه اليسرى.
وعلى الرغم من أن ثيابهم تبدو جديدة، فإن بعض الظروف التي عاشها هؤلاء الرجال تبدو صعبة للغاية.
ويقول مسؤولو المعسكر، إن كل المسجونين اعترفوا حتى الآن بأنهم مواطنون ليبيون، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان ذلك نتيجة لأن كل جنود القذافي الذين أسروا من الليبيين، أم أن المقاتلين الأجانب في صفوف قوات القذافي كان لهم مكان آخر.
مصراتة: سي جيه شيفرز ** خدمة «نيويورك تايمز» - الشرق الأوسط 15 مايو 2011
0 تعليقات::
إرسال تعليق