الأربعاء، 11 مايو 2011

مخاوف من استخدامها أداة للتعبئة من قبل التنظيمات الإرهابية.. تساؤلات عن جثة أسامة بن لادن.. طريقة الدفن والصور الممنوعة

مخاوف من استخدامها أداة للتعبئة من قبل التنظيمات الإرهابية


تساؤلات عن جثة أسامة بن لادن.. طريقة الدفن والصور الممنوعة (1-2)

http://images.alarabiya.net/a4/40/436x328_47767_148218.jpg

لا يزال النقاش محتدماً في العالم حول أسامة بن لادن حتى بعد مقتله، الأسئلة تدور في عواصم مختلفة من العالم حول جدوى الكشف عن صور أسامة بن لادن بعد قتله.

وبالرغم من أن الرئيس الأمريكي أصدر قراراً نافذاً بمنع الصور، بحجة أنها يمكن أن تساهم في تحريض المشاعر ضد الولايات المتحدة، أو أن تستخدم أداة للتعبئة من قبل التنظيمات الإرهابية، ولكن بما أن هذا الجدل الحاد يجري في واشنطن، فلن يستغرب أحد إذا تم تسريب صور لجثة أسامة بن لادن خلال الأسابيع المقبلة.


تقاليد الولايات المتحدة تمنع نشرها

معارضو نشر الصور يؤكدون أن المؤمنين بنظرية المؤامرة داخل وخارج الولايات المتحدة سوف يشككون بصحة الصور، ويضيفون أنه لا توجد في الولايات المتحدة تقاليد بنشر أو بث صور مروّعة لجثث في الصحف أو شاشات التلفزيون، وأن الاستثناءات أدت إلى ردود فعل عكسية.

وجاء قرار أوباما بعد نقاش قصير ولكن "مكثف" بين المسؤولين الكبار والمستشارين البارزين للرئيس أوباما، حيث التقى رأي وزير الدفاع روبرت غيتس مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حول ضرورة عدم الكشف عن الصور، بينما قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ليون بانيتا في مقابلة مع شبكة تلفزيون NBC إنه ليس لديه أي شك بأن الحكومة "في نهاية المطاف سوف تكشف عن صورة" لبن لادن بعد مقتله ليراها الشعب الأمريكي.

ولم يكن قرار أوباما مفاجئاً، لأنه في 2009 منع أوباما نشر صور لمعتقلين تعرضوا لمعاملة سيئة على أيدي جنود أمريكيين، على الرغم من موافقة وزارة الدفاع على نشرها، وأوصل القضية إلى المحكمة العليا.

العالم صدق القصة ولا جدوى من الصور

ويقول الصحافي البارز توم جيلتون لـ"العربية.نت" إنه نظراً "لعدم وجود تفكير سائد في العالم الإسلامي يشكك بمقتل أسامة بن لادن، أو ميل واسع لعدم تصديق الرواية الأمريكية، فإنني لا أرى أي جدوى في الكشف عن الصور".

وقلل جيلتون، وهو من أبرز المراسلين الإذاعيين في "الراديو الوطني العام"، من أهمية التصريحات المسيسة لشخصيات سياسية، مثل المرشحة السابقة لمنصب رئاسة الجمهورية وحاكمة ولاية ألاسكا السابقة سارة بيلين، التي تريد الكشف عن صور بشعة لجثة ابن لادن، "وكأنها تريد تخويف الناس".

ووافق جيلتون القائلين بأن نشر وتوزيع صور جثة ابن لادن سوف يساهم في تأجيج المشاعر المعادية للولايات المتحدة في بعض المجتمعات المسلمة.

الصورة ستقوض "أسطورة" بطولة ابن لادن

ولكن المعلق يوجين روبنسون يقف في المعسكر الآخر. ويضيف في مقاله الدوري في صحيفة "واشنطن بوست" أنه صحيح أن مثل هذه الصور قد تؤجج مشاعر بعض الجهاديين، إلا أنها ستخيب آمال الآخرين، لأنها ستقوض "أسطورة" بطولة ابن لادن.

وتابع "السبب في نشر الصور هو إظهار ابن لادن على حقيقته: رجل غير مجاهد، وقاتل جماعي، لقي العقاب الذي يستحقه".

وسارع أعضاء الكونغرس إلى المساهمة في النقاش، حيث رأى السناتور الجمهوري ليندزي غراهام أن السبب الرئيسي لشن هجوم من قبل القوات الخاصة بدلاً من قصف المجمع هو "الحصول على دليل قاطع بوفاة ابن لان"، ورأى أن موقف أوباما "خاطئ" .
اللافت هو أن صديق غراهام، السناتور الجمهوري جون ماكين، قال إن الرئيس وحده هو الذي يجب أن يتخذ القرار، مضيفاً أنه هو شخصياً لا يرى "ضرورة لنشر الصور".

ومن المتوقع أن يتعرض قرار أوباما إلى تحديات قضائية، حيث سارعت وكالة الأنباء أسوشييتيد بريس يوم الاثنين إلى اللجوء إلى ما يعرف باسم "قانون حرية المعلومات" والذي يسمح للمواطنين وللمؤسسات الإعلامية بمطالبة الحكومة بالكشف عن المعلومات أو الوثائق الرسمية، إلا إذا كانت سرية للغاية ويؤدي الكشف عنها إلى إلحاق الضرر بالأمن القومي.

لا يريدون تحويله إلى بطل لدى المسلمين

قال المفكر والمحلل السياسي فهمي هويدي إن قرار البيت الأبيض بعدم نشر صورة ابن لادن يدل على رغبتهم في عدم تحويله إلى بطل في أذهان المسلمين في كل مكان في العالم، لأن صورة مقتله بشعة بالقدر الكافي.

وأكد هويدي على المكانة الكبيرة التي يتمتع بها ابن لادن، خاصة بين شعوب الدول الآسيوية، وبالتالي رغبة الإدارة الأمريكية في امتصاص مشاعر الغضب لدى المسلمين في تلك الدول، وهو ما أكده أوباما نفسه في كلمته أمس عندما قال إنه يحترم مشاعر المسلمين.

وأشار هويدي إلى أنه يرى أن الأمريكيين يحاولون إنهاء قصته حتى لا يتحول قبره إلى مزار مهم يقصده المسلمون.

استراتيجية إعلامية لتطويل المتابعة

فيما ذهب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية حسام تمام إلى أن الأمريكيين لا يريدون إغلاق هذا الموضوع إطلاقاً، لأنهم من البداية أرادوا التعامل مع هذا الملف باستراتيجية إعلامية، ومن ثم فإن من مصلحتهم استمرار الجدل والنقاش على أعلى درجة وأفضل مستوى داخل الأوساط الأمريكية.

وقال تمام إن عملية مثل هذه لن تفوتها الإدارة الأمريكية وتغلق ملفها بهذه السهولة لمجرد عدم استثارة مشاعر المسلمين، لأن الدافع عندها أقوى من ذلك، وهو استغلال تلك العملية في المنافسة السياسية التي بدأت بالفعل في أمريكا، فقد ارتفع رصيد أوباما بشكل لم يسبق له مثيل داخل المجتمع الأمريكي، ومن ثم سوف يسعى لتطويل أمد النقاش حول موضوع اغتيال ابن لادن للاستفادة منه في المنافسة السياسية الداخلية على حكم أمريكا.

مشاعر المسلمين مستفزة أصلاً

وأوضح تمام أنه فيما يخص الصورة تحديداً فقد وقعت الإدارة الأمريكية في خطأ فادح يعكس أزمتها الدائمة في التعامل مع التقاليد والقيم والثقافة الإسلامية، ولو كان لديهم مستشارون أكثر وعياً وحكمة لما استفزوا مشاعر المسلمين بفعلين: أولهما التخلص من جثه ابن لادن بإلقائها في البحر، وثانيهما عدم وجود شخصية دينية إسلامية للقيام بمراسم الغسل والدفن على الشريعة الإسلامية.

ورأى تمام أنهم "لو أخذوا هاتين النقطتين في الحسبان لاستطاعوا امتصاص جزء كبير من الغضب الإسلامي بشكل أفضل وأقوى من قرارهم بعدم نشر صورته، مبيناً أن "قرارهم بعدم نشر الصورة مجرد جزء من وعيهم المتأخر بخطورة إطلاق أو تسريب صورة مباشرة وبشعة لعملية الاغتيال، وهو ما أدى إلى خسارتهم جزءاً من المعركة الإعلامية التي أداروها بغباء مع العالم الإسلامي".

وأشار تمام إلى أن الإدارة الأمريكية لو لجأت إلى تعديل الصور من خلال برامج إلكترونية، فسوف يقعون في فضيحة أكبر، ولم يصبح أمام الأمريكيين إلا خيارين كلاهما خاسر، إما أن يتمادوا في أخطائهم بنشر الصورة بنفس بشاعتها دون تعديل، وإما أن يرتكبوا فضيحة عالمية بتعديلها وترميمها بحيث تصبح أقل بشاعة.

واشنطن - هشام ملحم، القاهرة - أميرة فودة - السبت 04 جمادى الثانية 1432هـ - 07 مايو 2011م

انتقادات حادة للسلوك الأمريكي


تساؤلات عن جثة أسامة بن لادن.. طريقة الدفن والصور الممنوعة (2-2)



لم تنتظر كثيراً القوات الأمريكية حتى تتخلص من جثة بن لادن، فبعد 24 ساعة على مقتله لم تجد السلطات الأمريكية أرضاً عربية تستقبل جثمانه، فما كان أمامها إلا أن تتخلص منه في بحر العرب، بعد أن لفّت الجثة بكفن من قماش أبيض ووضعتها في كيس مثقل ثم وضعتها على لوح خشبي وأنزلته في البحر من على متن حاملة الطائرات "يو أس أس كارل فنسون".

ومن جهة أخرى، لم تنشر صور ابن لادن بعد وفاته، كما حدث من قبل مع ابني الرئيس العراقي السابق صدام حسين، حين رميت جثتيهما وقدمت صورهما لوسائل الإعلام.

الطريقة الإسلامية "الغامضة"

وقال مسؤول أمريكي إنه تم اتباع الخطوات التقليدية للدفن على الطريقة الإسلامية، وقرأ ضابط مسلم الشعائر الدينية المعدة سلفاً وترجمها للعربية، ومثلما استمرت عملية قتله 40 دقيقة استمرت عملية رميه في البحر 40 دقيقة.

وقد أثارت طريقة الدفن التي استخدمتها القوات الأمريكية تساؤلات عديدة في العالم الإسلامي، لا سيما في فرنسا، حيث اعتبر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا تهامي أبريز الطريقة الأمريكية بأنها "غريبة وتشبه أفلامهم الهوليودية. هذا أمر غير مقبول. بن لادن قتل وذهب لملاقاة ربه ولا بد من احترام الإنسان كجسد، ونحن نقول في الإسلام (إكرام الميت دفنه)".

وقال أبريز "نشجب هذا العمل الشنيع، وكان بإمكان الولايات المتحدة دفنه في أي مكان، حتى وإن ظل مجهولاً". وأضاف "إنني أقول دائماً إن بن لادن بريء من أحداث 11 سبتمبر، وليس للقاعدة أي دور بهذا العمل المنافي للإسلام، ولكن للأسف القاعدة تبنته لإظهار قوتها، وستكشف الأيام بأن جريمة 11 سبتمبر هي فعل أممي منظم، لا يمكن لجماعة بحجم القاعدة القيام به".

إهانة للكرامة البشرية

أما المفكر الإسلامي طارق رمضان فقال "كنا نتمنى أن يقبض على بن لادن ويحاكم محاكمة عادلة لنعرف الحقيقة. وما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية إهانة للكرامة البشرية، ويعطي صورة للعالم أن الغرب إذا انشق أحد عنه فإن كرامته تداس بهذه الطريقة. كان يجب على أوباما أن يتشاور مع مستشاريه من الجالية المسلمة قبل طريقة الدفن المشينة هذه".

وقال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد الموسوي إن الجدل الدائر حول دفن جثة أسامة بن لادن في البحر "ليس في محله كلياً". وأوضح أن "هذا الجدل يبدو لي في غير محله كلياً نسبة إلى آلام بعض العائلات" من ضحايا الاعتداءات التي تبناها تنظيم القاعدة، وذلك في وقت اعتبرت سلطات إسلامية عليا أن إلقاء الجثة في البحر مخالف للإسلام.

وأضاف "حتى التطرق إلى تفاصيل الشعائر المرتبطة بمصير جثة بن لادن يمكن أن يعتبره هؤلاء الضحايا بأنه إهانة لذكرى أقاربهم" الذين لم "يعثروا أبداً على جثثهم".

مخالف تماماً للقواعد المقدسة

من ناحيته، قال عميد مسجد باريس الكبير الشيخ دليل أبو بكر إن رمي جثة ما في البحر أمر "مخالف تماماً للقواعد المقدسة في الإسلام" الذي لا يقبل إلا الدفن، وكان بالإمكان دفنه دون هذه المشاكل، نحن ضد الطريقة التي قامت بها القوات الأمريكية.

وقال بدي أبنو، مدير مرصد الفكر الإسلامي، "من الواضح أن التسيير الإعلامي لمقتل بن لادن كان تسييراً سيئاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وأوقع الخطاب الإعلامي الرسمي لأمريكا في مواقف محرجة. دفن بن لادن بهذه الطريقة جعل الذين كانوا ضده يتعاطفون معه، ولعل الأزهر كان واضحاً في رفضه طريقة الدفن هذه".

وتابع: "رفضت المنظمات والجمعيات الإسلامية جميعها رمي جثة مسلم في البحر مهما كان فعله الإجرامي، وفي تقديري السرعة بالتخلص من جثة بن لادن خطأ كبير، وكان يمكن لأصدقاء أوباما من المسلمين أن يعطوه المشورة، ولكن يبدو أن الرئيس الأمريكي لم يستشر أحداً وتصرف لوحده".

دفن الموتى في البحر له سوابق

ويقول البروفيسور ليور هيلفي، أستاذ التاريخ في جامعة فاندربيلت الأمريكية، إن دفن الموتى في البحر قد لا يكون معهوداً، لكنه ليس بلا سابقة.

وما هو أشد غرابة أن بن لادن نال مراسم دفن تقام عادة عند وفاة المسلم الاعتيادي في ظروف اعتيادية، وهو قطعاً لم يكن شخصاً اعتيادياً، وتتفق الغالبية على أنه مات في ظروف استثنائية.

بل يذهب البعض إلى أنه سقط في معركة رغم أن هذا الرأي قابل للنقاش إزاء التقارير التي أشارت إلى أنه لم يكن مسلحاً.

الشيخ ضو مسكين، رئيس أئمة مسلمي فرنسا، قال إنه "لا بد من النظر للمسألة من جانبها الإنساني والإسلامي، وليس هناك تناقضاً وإنما بينهما عموم وخصوص. فعلى المستوى الإنساني لم يسمع بمثل هذا التصرف في معاملة جسم بشري بهذه الطريقة، فهو تعدٍ على جميع قوانين حقوق الإنسان، وهي سابقة خطيرة عندما يكون حماة حقوق الإنسان هم الذين يخرقون هذه الحقوق في التعدي على الذات البشرية التي خلقها الله، سواء كان ذلك في الحياة أو الممات".

وأضاف "بغض النظر عن الشخص وصفاته، في الإطار الإسلامي فإن النفس البشرية معجزة خلقها الله على الأرض، لا تهدم بغير حق ولها حقوق بعد الوفاة في الغسل والتكفين والدفن وصلاة الجنازة ومعرفة الأقرباء بمكان دفن قريبهم أياً كان هذا الإنسان. نحن ضد طريقة الدفن الأمريكية التي ترمي جثة إنسان قبل أن يكون مسلما في غياهب البحر".

دبي-العربية.نت، باريس - سعد المسعودي - الأحد 05 جمادى الثانية 1432هـ - 08 مايو 2011م

0 تعليقات::

إرسال تعليق