من مظاهرات المغرب اليوم |
من المرتقب أن يعرف عدد من المدن المغربية اليوم مظاهرات احتجاج دعت إليها مجموعات شبابية عبر الإنترنت، ولا يعرف الحجم الذي ستتخذه هذه المظاهرات التي أكد أصحابها طابعها السلمي، كما لم تبد السلطات المغربية أي قلق تجاه هذه المبادرات واعتبرتها «أمرا عاديا سيتم التعامل معه بانفتاح».
وسارعت قبل أيام معظم الأحزاب السياسية وكذا عدد من الجمعيات المدنية إلى نفي مشاركتها في هذه التظاهرات، في حين بادرت منظمات حقوقية وأحزاب ذات توجه يساري إلى الإعلان عن تأييدها لهذه الحركة، ودعت إلى النزول للشارع اليوم للمطالبة بالتغيير والإصلاح. كما أعلنت جماعة العدل والإحسان الأصولية المحظورة، مشاركتها في التظاهر، وأصدرت أمس توجيهات إلى أعضائها تحثهم على «الانضباط، وتجنب الاحتكاك بأجهزة الأمن، واحترام الحق في الاختلاف والتنوع في الشعارات والمطالب، والحفاظ على سلامة الممتلكات العامة».من جهته، قال صلاح الدين مزوار، وزير المالية المغربي، ورئيس حزب «التجمع الوطني للأحرار» المشارك في الحكومة: «إن نداء مسيرة 20 فبراير (شباط) يعتبر (إيجابيا)، لكن هناك مجموعات تسعى لاستغلاله لضرب استقرار البلاد وقرصنة البناء الديمقراطي». وأضاف، خلال لقاء مع عدد من شباب الحزب، عُقد أمس: «إن تعبيرات الشباب المغربي على موقع (فيس بوك) تعبيرات إيجابية، إلا أن هناك بعض المجموعات التي ركبت الموجة وتسعى إلى استغلال هذا التعبير الطبيعي والسليم لتصفية الحسابات»، على حد قوله.
وحذر مزوار من أن «حدوث أي انزلاقات سيعود بنا سنوات للوراء، وسيؤثر على الاستثمار، وأن ما تم بناؤه خلال السنوات العشر الأخيرة يمكن فقدانه في أسابيع». ودعا المواطنين إلى عدم المشاركة في هذه التظاهرة.
بدوره، دعا حزب الاستقلال، الذي يقود الائتلاف الحكومي، المواطنين المغاربة إلى «التحلي بالوعي واليقظة وعدم الانسياق وراء دعوات غير واضحة الأهداف». ووصف الدعوة إلى الاحتجاج بأنها «أسلوب لا ينسجم مع الممارسة الديمقراطية»، محملا الجهات المنظمة مسؤولية «تبعات كل ما قد يترتب من انفلات».
كانت الدعوة إلى هذا التظاهر قد تسببت في انقسام الشارع المغربي بين معارضين يرون أن التظاهر غير مبرر بالنظر إلى حجم المكاسب والإصلاحات التي تحققت في السنوات الأخيرة، وبين مؤيدين يعتقدون أن «المغرب لا يشكل استثناء»، وانتقل الخلاف حول «مشروعية» التظاهر من عدمه إلى داخل الأحزاب نفسها؛ حيث أعلن قياديون في حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض رفضهم قرار الأمانة العامة للحزب بعدم المشاركة في الحركة الاحتجاجية، وقالوا إنهم سينزلون إلى الشارع للمطالبة بـ«الإصلاح وإقرار ديمقراطية حقيقية».
وذكر بيان موقَّع من طرف 12 قياديا في الحزب من بينهم 4 أعضاء في الأمانة العامة، هم: مصطفى الرميد، والحبيب الشوباني، وعبد العزيز أفتاتي، وعبد العلي حامي الدين، أنهم ارتأوا الانخراط فيما وصفوه «تظاهرة الإصلاح ليوم 20 فبراير»، «ليضعوا أيديهم في أيدي كل المواطنين الذين يريدون ممارسة الحق في التعبير بكل مسؤولية في احترام تام للثوابت الوطنية، والمطالبة بالإصلاحات الضرورية لإقرار ديمقراطية حقيقية». ودعوا إلى التحلي بالنضج الذي تستلزمه «هذه اللحظة التاريخية، والتشبث بالطابع السلمي والحضاري للتظاهرة».
وقال القياديون الإسلاميون إنهم قرروا المشاركة في التظاهرة «استجابة للنداءات المتعددة الداعية إلى تظاهرات سلمية للمطالبة بإصلاحات عميقة تروم إقرار ديمقراطية حقيقية ومحاربة جميع أشكال الفساد الذي ينخر الحياة العامة والمطالبة بالعدالة الاجتماعية الحقة، وللمطالبة بإحداث التغييرات الدستورية والسياسية العميقة من أجل إقرار دولة ديمقراطية بمؤسسات منتخبة لها كامل الصلاحيات، وقضاء مستقل، في أفق العبور نحو نظام ملكية برلمانية»، وهي المطالب التي اعتبروها تنسجم في عمومها مع ما يدعو إليه حزبهم.
وقال قياديو الحزب: «إن الحياة العامة تعرف فسادا واسعا يكرس اقتصاد الريع ومنطق الزبونية واستغلال النفوذ لمراكمة مزيد من الثروات مقابل تزايد مؤشرات الفقر والبطالة والإقصاء الاجتماعي» من وجهة نظرهم.
في السياق ذاته، تراجع الشباب المنتمون لهذا الحزب عن قرار المشاركة في الاحتجاج، وذلك بطلب من عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، الذي أعلن أن حزبه «غير معني بالمشاركة في التظاهرة».
في غضون ذلك، أعلن أول من أمس عن منح السراح المؤقت لجامع المعتصم، عضو الأمانة العامة للحزب، ونائب عمدة مدينة سلا المجاورة للرباط، الذي كان معتقلا على خلفية ملف يتعلق بسوء التسيير، قال الحزب إنه «ملف ملفق». وربط المتتبعون قرار الإفراج عن المعتصم بموقف الحزب الرافض للمشاركة في «تظاهرة الأحد».
كان بيان الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي أعلن من خلاله عدم مشاركته في التظاهرة الاحتجاجية، قد حمل عددا من المطالب الخاصة بالحزب، فيما يشبه مساومة بينه وبين السلطات، منها: الإفراج الفوري عن المعتصم، كما طالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم العبادلة ماء العينين القيادي في الحزب المحكوم عليه بالسجن 20 عاما لعلاقته بملف خلية بلعيرج الإرهابية، كما طالب البيان بـ«معالجة تداعيات أحداث 16 مايو (أيار) الإرهابية باعتماد رؤية تصالحية تؤدي إلى الإفراج عن الأبرياء من المعتقلين».
واتخذت الحكومة المغربية عدة إجراءات للحد من الاحتقان الاجتماعي؛ حيث ضاعفت من حجم الموازنة الخاصة بدعم المواد الأساسية لتجنب الزيادة في الأسعار، والمس بالقدرة الشرائية للمواطنين. كما وعدت بتوفير مناصب عمل لعدد كبير من العاطلين من حاملي الشواهد الجامعية العليا.
الرباط: لطيفة العروسني - الشرق الأوسط 8 مايو 2011
0 تعليقات::
إرسال تعليق