أسفرت ليلة من القتال في الشوارع بين المئات من المسلمين والمسيحيين عن سقوط 12 قتيلا على الأقل وحرق كنيستين، أول من أمس، في أحدث انفجار للتوترات الطائفية، بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق، حسني مبارك.
وعبر رفع القبضة المتشددة لدولة مبارك البوليسية، أطلقت الثورة العنان للعداوات الطائفية التي كانت مكبوتة لفترة طويلة، والتي انفجرت بضراوة متزايدة، وهو ما يهدد استعادة الدخل الاقتصادي الذي تحصّله مصر من السياحة، كما يهدد استقرارها المأمول خلال المرحلة الانتقالية في اتجاه تحقيق الديمقراطية.
وذكر مسؤولون في وزارة الداخلية المصرية أن ستة مسيحيين وستة مسلمين على الأقل لقوا حتفهم، كما جرح نحو 220 شخصا، من بينهم 65 شخصا على الأقل أصيبوا بطلقات الرصاص. وتعهدت السلطات المصرية باتخاذ ردة فعل سريعة. وأعلن المجلس العسكري، الذي يحكم البلاد، عن اعتزامه إجراء محاكمات عسكرية لـ190 شخصا اعتقلوا خلال أحداث العنف.
ووعدت السلطات المدنية بتعزيز الإجراءات الأمنية بالقرب من دور العبادة، وفرض حظر جديد على المظاهرات خارج هذه المؤسسات. وألغى رئيس الوزراء في حكومة تسيير الأعمال، عصام شرف، رحلة للخارج من أجل ترؤس اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، وأدان شيخ الأزهر، أعلى سلطة دينية في مصر، أحداث العنف. وصرح وزير العدل المصري، عبد العزيز الجندي، بعد اجتماع مجلس الوزراء بأن «مصر أصبحت دولة في خطر». وتعهد بالضرب «بيد من حديد» للحفاظ على الأمن الوطني.
ولكن مع حلول الظلام، تجمع الآلاف من المسيحيين المستاءين، وأعضاء من الأقلية القبطية الأرثوذكسية الأصلية الذين يشكلون نحو 10 في المائة من إجمالي سكان مصر، في مظاهرة خارج مبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي، وأغلقوا أحد الشوارع الرئيسية. واتهم الأقباط، الذين تبنوا أسلوب الهتافات ومخططات الاعتصام في ميدان التحرير وعبروا عن حرية التجمع الجديدة المكفولة لهم، المجلس العسكري الحاكم باللامبالاة؛ وطالبوا باستقالة القائد العسكري، المشير محمد حسين طنطاوي، وتعهدوا بعدم الرحيل من أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون. وللحيلولة دون تجدد العنف، شغلت قوة هائلة مكونة من مئات الجنود المسلحين تسليحا ثقيلا وضباط مكافحة الشغب حي إمبابة في القاهرة، الذي شهد اندلاع الاشتباكات؛ حيث طوقت هذه القوة منطقة الاشتباكات وحالت دون الوصول إلى محيط كنيسة القديس مينا، مركز المعركة.
وألقى تقرير لجهاز الشرطة وعدد كبير من المسيحيين الذين يعيشون في حي إمبابة باللائمة فيما يتعلق باندلاع العنف على السلفيين. ولكن عددا كبيرا من الشهود المسيحيين والمسلمين قالوا إنه لا يبدو أن هناك أي جماعة منظمة أو آيديولوجية موجهة تقف وراء اندلاع أحداث العنف أو حرق الكنائس. وبدلا من ذلك، ذكر أفراد من كلا الجانبين أن المعركة أغرت مجموعة من الشبان المحبطين والعاطلين في الحي بالدخول في قتال ضد بعضهم بعضا، على طول خطوط القتال التي كانت تتعلق بالولاءات القبلية أكثر من أي أفكار دينية أو سياسية.
ومثل الكثير من أحداث العنف الطائفية الأخيرة التي اندلعت بين المسلمين والمسيحيين هنا، بدأ الصراع بشائعات عن علاقة عاطفية بين شاب مسلم وفتاة مسيحية مع تعرض المرأة للاختطاف. وبحسب تقرير صدر عن جهاز الشرطة، قدم مسلم يدعى ياسين ثابت أنور من مدينة أسيوط إلى حي إمبابة للبحث عن زوجته. وقال أنور إن زوجته كانت مسيحية تعيش في حي إمبابة واعتنقت الإسلام عام 2010، ولكنها اختفت مؤخرا، وأكد أنها تعرضت للاختطاف والاحتجاز في كنيسة القديس مينا رغما عنها، وهو نمط الادعاءات التي تكررت في عدة حوادث رفيعة المستوى من الصراع الطائفي.
وقال مسيحيون يعيشون في حي إمبابة إن هذه المرأة لم تكن موجودة داخل الكنيسة، وبحلول ليلة الأحد الماضي، أقرت قوات الشرطة ومسؤولون حكوميون محليون بصحة هذا القول. ولكن في بداية مساء يوم السبت الماضي، بدأ رجال مسيحيون من الحي في تلقي مكالمات هاتفية من أصدقاء يحذرونهم من أن هناك مجموعة سلفية تقترب من الكنيسة. وسارع أكثر من 500 شخص مسيحي للدفاع عن الكنيسة مسلحين بالعصي والسكاكين وبعض الأسلحة الخفيفة الأخرى، حسبما ذكر تقرير جهاز الشرطة، وبحسب شهود مسيحيين. وبحلول الساعة السادسة مساء، تجاوزت أعداد المسيحيين المتجمعين حول الكنيسة أعداد المسلمين إلى حد كبير، وكان نحو 20 شخصا قد وصلوا للسؤال عن المرأة التي قالوا إنها كانت مفقودة. ولكن خلال فترة وجيزة، صدرت مطالب بالاحتشاد للمسلمين الموجودين في الحي، وخلال ساعة واحدة، احتشد نحو 500 مسلم على الأقل أيضا.
وذكر تقرير جهاز الشرطة أن المنطقة شهدت حشدا مكونا من إجمالي 1500 مسيحي ومسلم، زاد عددهم فيما بعد إلى 2000 شخص. وبحلول الساعة الثامنة، مساء يوم السبت، خرجت طلقات من فوق سطح أحد المنازل أو من إحدى الشرفات. وذكر تقرير الشرطة أن المسيحيين كانوا قد أطلقوا النار في الهواء. واعترف علاء عياد، 25 عاما، وهو مسيحي كان موجودا ضمن الحشود، بأن الجانب المسيحي ربما يكون هو من بدأ بإطلاق النار.
القاهرة: ديفيد كيرك باتريك ** أسهمت في إعداد التقرير منى النجار خدمة «نيويورك تايمز» - الشرق الأوسط 10 مايو 2011
وعبر رفع القبضة المتشددة لدولة مبارك البوليسية، أطلقت الثورة العنان للعداوات الطائفية التي كانت مكبوتة لفترة طويلة، والتي انفجرت بضراوة متزايدة، وهو ما يهدد استعادة الدخل الاقتصادي الذي تحصّله مصر من السياحة، كما يهدد استقرارها المأمول خلال المرحلة الانتقالية في اتجاه تحقيق الديمقراطية.
وذكر مسؤولون في وزارة الداخلية المصرية أن ستة مسيحيين وستة مسلمين على الأقل لقوا حتفهم، كما جرح نحو 220 شخصا، من بينهم 65 شخصا على الأقل أصيبوا بطلقات الرصاص. وتعهدت السلطات المصرية باتخاذ ردة فعل سريعة. وأعلن المجلس العسكري، الذي يحكم البلاد، عن اعتزامه إجراء محاكمات عسكرية لـ190 شخصا اعتقلوا خلال أحداث العنف.
ووعدت السلطات المدنية بتعزيز الإجراءات الأمنية بالقرب من دور العبادة، وفرض حظر جديد على المظاهرات خارج هذه المؤسسات. وألغى رئيس الوزراء في حكومة تسيير الأعمال، عصام شرف، رحلة للخارج من أجل ترؤس اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، وأدان شيخ الأزهر، أعلى سلطة دينية في مصر، أحداث العنف. وصرح وزير العدل المصري، عبد العزيز الجندي، بعد اجتماع مجلس الوزراء بأن «مصر أصبحت دولة في خطر». وتعهد بالضرب «بيد من حديد» للحفاظ على الأمن الوطني.
ولكن مع حلول الظلام، تجمع الآلاف من المسيحيين المستاءين، وأعضاء من الأقلية القبطية الأرثوذكسية الأصلية الذين يشكلون نحو 10 في المائة من إجمالي سكان مصر، في مظاهرة خارج مبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي، وأغلقوا أحد الشوارع الرئيسية. واتهم الأقباط، الذين تبنوا أسلوب الهتافات ومخططات الاعتصام في ميدان التحرير وعبروا عن حرية التجمع الجديدة المكفولة لهم، المجلس العسكري الحاكم باللامبالاة؛ وطالبوا باستقالة القائد العسكري، المشير محمد حسين طنطاوي، وتعهدوا بعدم الرحيل من أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون. وللحيلولة دون تجدد العنف، شغلت قوة هائلة مكونة من مئات الجنود المسلحين تسليحا ثقيلا وضباط مكافحة الشغب حي إمبابة في القاهرة، الذي شهد اندلاع الاشتباكات؛ حيث طوقت هذه القوة منطقة الاشتباكات وحالت دون الوصول إلى محيط كنيسة القديس مينا، مركز المعركة.
وألقى تقرير لجهاز الشرطة وعدد كبير من المسيحيين الذين يعيشون في حي إمبابة باللائمة فيما يتعلق باندلاع العنف على السلفيين. ولكن عددا كبيرا من الشهود المسيحيين والمسلمين قالوا إنه لا يبدو أن هناك أي جماعة منظمة أو آيديولوجية موجهة تقف وراء اندلاع أحداث العنف أو حرق الكنائس. وبدلا من ذلك، ذكر أفراد من كلا الجانبين أن المعركة أغرت مجموعة من الشبان المحبطين والعاطلين في الحي بالدخول في قتال ضد بعضهم بعضا، على طول خطوط القتال التي كانت تتعلق بالولاءات القبلية أكثر من أي أفكار دينية أو سياسية.
ومثل الكثير من أحداث العنف الطائفية الأخيرة التي اندلعت بين المسلمين والمسيحيين هنا، بدأ الصراع بشائعات عن علاقة عاطفية بين شاب مسلم وفتاة مسيحية مع تعرض المرأة للاختطاف. وبحسب تقرير صدر عن جهاز الشرطة، قدم مسلم يدعى ياسين ثابت أنور من مدينة أسيوط إلى حي إمبابة للبحث عن زوجته. وقال أنور إن زوجته كانت مسيحية تعيش في حي إمبابة واعتنقت الإسلام عام 2010، ولكنها اختفت مؤخرا، وأكد أنها تعرضت للاختطاف والاحتجاز في كنيسة القديس مينا رغما عنها، وهو نمط الادعاءات التي تكررت في عدة حوادث رفيعة المستوى من الصراع الطائفي.
وقال مسيحيون يعيشون في حي إمبابة إن هذه المرأة لم تكن موجودة داخل الكنيسة، وبحلول ليلة الأحد الماضي، أقرت قوات الشرطة ومسؤولون حكوميون محليون بصحة هذا القول. ولكن في بداية مساء يوم السبت الماضي، بدأ رجال مسيحيون من الحي في تلقي مكالمات هاتفية من أصدقاء يحذرونهم من أن هناك مجموعة سلفية تقترب من الكنيسة. وسارع أكثر من 500 شخص مسيحي للدفاع عن الكنيسة مسلحين بالعصي والسكاكين وبعض الأسلحة الخفيفة الأخرى، حسبما ذكر تقرير جهاز الشرطة، وبحسب شهود مسيحيين. وبحلول الساعة السادسة مساء، تجاوزت أعداد المسيحيين المتجمعين حول الكنيسة أعداد المسلمين إلى حد كبير، وكان نحو 20 شخصا قد وصلوا للسؤال عن المرأة التي قالوا إنها كانت مفقودة. ولكن خلال فترة وجيزة، صدرت مطالب بالاحتشاد للمسلمين الموجودين في الحي، وخلال ساعة واحدة، احتشد نحو 500 مسلم على الأقل أيضا.
وذكر تقرير جهاز الشرطة أن المنطقة شهدت حشدا مكونا من إجمالي 1500 مسيحي ومسلم، زاد عددهم فيما بعد إلى 2000 شخص. وبحلول الساعة الثامنة، مساء يوم السبت، خرجت طلقات من فوق سطح أحد المنازل أو من إحدى الشرفات. وذكر تقرير الشرطة أن المسيحيين كانوا قد أطلقوا النار في الهواء. واعترف علاء عياد، 25 عاما، وهو مسيحي كان موجودا ضمن الحشود، بأن الجانب المسيحي ربما يكون هو من بدأ بإطلاق النار.
القاهرة: ديفيد كيرك باتريك ** أسهمت في إعداد التقرير منى النجار خدمة «نيويورك تايمز» - الشرق الأوسط 10 مايو 2011
0 تعليقات::
إرسال تعليق