عاد الرئيس أمين الجميل من زيارته لمصر بانطباعات قلقة، وخصوصاً على وضع المجتمع المدني المصري وفئاته الليبرالية والعلمانية والمسيحيين المصريين، رغم كل الكلام الذي يقال عن التغيير والديموقراطية.
رغم أن زيارة الجميل للقاهرة كانت خاصة لحضور زفاف أحد أبناء أصدقائه، ناقش الجميل على هامش زيارته التطورات في مصر والعالم العربي، والتي تبدو امتداداً لتلك الأيام التي أعقبت سقوط "جدار برلين" الشهير وانهيار دول المنظومة الاشتراكية في أوروبا على دفعات.
التقى الجميل في زيارته قيادات وكوادر ونخباً من مختلف الاتجاهات، واستمع بانتباه إلى ما تشهده مصر من تغيير، وخصوصاً على مستوى محاربة الفساد والتخلص من تركة عهد الرئيس السابق حسني مبارك وخصوصاً لجهة استعادة الممتلكات والأموال العامة المنهوبة والتي تتم بمساندة من أوساط المجتمع الدولي الذي جمد أرصدة آل مبارك وأعوانهم وساعد على نجاح الثورة وإسقاط النظام القديم. لكن قلق الجميل ليس بسبب تثبيت دعائم النظام الجديد، بل ينبع من خشيته استبدال نظام مبارك المتهم بالقمع والتسلط والتفرد في إدارة شؤون مصر، بنظام آخر أكثر تطرفاً قد يؤدي إلى إطاحة قوى المجتمع المدني الليبرالية والعلمانية والتقدمية، إضافة إلى المس بمفهوم العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين والذي يعود تاريخياً إلى مئات السنين.
واستناداً إلى ما تتداوله وسائل الإعلام من تحليلات ومعلومات وما سمعه رئيس الكتائب، فإن قوى التغيير المدنية جميعاً في كفة والقوى الإسلامية المصرية في كفة أخرى. ومن الواضح أن جماعة "الإخوان المسلمين" تمكنت حتى الآن من إدارة دفة ميزان القوى التنظيمية والشعبية لمصلحتها لأسباب كثيرة، ليست على عجلة للفوز بالسلطة بل تعمل بهدوء وتؤدة في سبيل هذا الهدف. وهذا ما يرتب على القوى السياسية الأخرى ذات الاتجاهات الوطنية العلمانية تنظيم صفوفها وأطرها السياسية استعداداً للانتخابات المقبلة، سواء البرلمانية منها أو الرئاسية. وفي خلاصة ما سمعه الجميل أن "الإخوان المصريين" يختلفون عن الحركات السلفية المتطرفة الأخرى في الوسيلة والأسلوب وعدم اعتماد العنف نهجاً، وان هذا التمايز يرتب على "الإخوان" في مصر مسؤولية مضاعفة في العمل على حماية العيش المشترك ومنع إثارة النعرات الطائفية بين المصريين، وضمان عدم تكرار ما جرى بالأمس في القاهرة من حرق كنائس واعتداءات على الأقباط. كما أن هذا الأمر من مسؤولية الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة التي يجب أن تتحمل عبء حماية السلم الأهلي وتطبيق القانون بحزم على جميع المصريين دون استثناء.
يقيم الرئيس الجميل على حذر مما يجري في سوريا، ويختار كلماته بعناية شديدة انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والتاريخية سواء تجاه تأثيرات الوضع في سوريا على لبنان أو لجهة انعكاس التطورات على أوضاع الأقليات في سوريا. وفي رأيه أن نخبة المجتمع المصري ومثقفيه وكوادره صفقوا للتغيير وثورة ميدان التحرير في القاهرة، لكنهم اليوم خائفون ويخشون قيام نظام أحادي تعسفي. واستطراداً، يعتقد الجميل أن النظام السوري يحمل الكثير من عناصر القوة، وتالياً فإن إزاحته ليست بالأمر السهل، لكن ما يجري من تحركات شعبية وتظاهرات متواصلة قد يترك آثاراً على هيبة السلطة والنظام. ويعتبر رئيس حزب الكتائب أن قلة من السنة في لبنان تعتقد أن التغيير في سوريا سيكون في مصلحة الطائفة لجهة قلب الموازين الداخلية في لبنان، كما أن البعض يذهب إلى اتهام "تيار المستقبل" وسعد الحريري بتأييد التغيير. لكن ذلك، وفق تحليل الجميل، اعتقاد غير صحيح لأن القوى الإسلامية المتطرفة في سوريا تقيم على تناقض مع غالبية السنة اللبنانيين، والحريري الذي يصفه الجميل بممثل الإسلام اللبناني الليبرالي هو ومن يمثل من غالبية سنية لبنانية لا يمكن أن يكونوا في صف المتطرفين دينياً.
ويرى الجميل أن مستقبل المنطقة على كف عفريت، وأن ما يجري فاق كل التوقعات والنظريات السياسية، واستطراداً، فإن استقرار الوضع في مصر قد يؤدي إلى قيام تحالف تركي – مصري يمثل قوة هائلة ومؤثرة على الوضع في منطقة الشرق الأوسط برمته بدليل ما كان من أمر الاتفاق بين حركتي "فتح" و"حماس"، وأن هذا الوضع قد يؤدي إلى مزيد من الهجوم الإيراني على كل الصعد. وفي انتظار جلاء صورة المشهد الإقليمي المعقد والملتهب بتأثيراته السياسية والاجتماعية ومنها مصير الأقليات والمسيحيين في الشرق الأوسط، يشير رئيس الكتائب إلى الاجتماع الجديد بين القيادات المارونية في لبنان والذي يجري الإعداد له بعناية لأن ما يحصل من تطورات أمر مذهل ويحتاج إلى دراسة وتفكير ومقاربة إستراتيجية ووطنية شاملة.
بيار عطاالله – النهار 11 أيار 2011
رغم أن زيارة الجميل للقاهرة كانت خاصة لحضور زفاف أحد أبناء أصدقائه، ناقش الجميل على هامش زيارته التطورات في مصر والعالم العربي، والتي تبدو امتداداً لتلك الأيام التي أعقبت سقوط "جدار برلين" الشهير وانهيار دول المنظومة الاشتراكية في أوروبا على دفعات.
التقى الجميل في زيارته قيادات وكوادر ونخباً من مختلف الاتجاهات، واستمع بانتباه إلى ما تشهده مصر من تغيير، وخصوصاً على مستوى محاربة الفساد والتخلص من تركة عهد الرئيس السابق حسني مبارك وخصوصاً لجهة استعادة الممتلكات والأموال العامة المنهوبة والتي تتم بمساندة من أوساط المجتمع الدولي الذي جمد أرصدة آل مبارك وأعوانهم وساعد على نجاح الثورة وإسقاط النظام القديم. لكن قلق الجميل ليس بسبب تثبيت دعائم النظام الجديد، بل ينبع من خشيته استبدال نظام مبارك المتهم بالقمع والتسلط والتفرد في إدارة شؤون مصر، بنظام آخر أكثر تطرفاً قد يؤدي إلى إطاحة قوى المجتمع المدني الليبرالية والعلمانية والتقدمية، إضافة إلى المس بمفهوم العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين والذي يعود تاريخياً إلى مئات السنين.
واستناداً إلى ما تتداوله وسائل الإعلام من تحليلات ومعلومات وما سمعه رئيس الكتائب، فإن قوى التغيير المدنية جميعاً في كفة والقوى الإسلامية المصرية في كفة أخرى. ومن الواضح أن جماعة "الإخوان المسلمين" تمكنت حتى الآن من إدارة دفة ميزان القوى التنظيمية والشعبية لمصلحتها لأسباب كثيرة، ليست على عجلة للفوز بالسلطة بل تعمل بهدوء وتؤدة في سبيل هذا الهدف. وهذا ما يرتب على القوى السياسية الأخرى ذات الاتجاهات الوطنية العلمانية تنظيم صفوفها وأطرها السياسية استعداداً للانتخابات المقبلة، سواء البرلمانية منها أو الرئاسية. وفي خلاصة ما سمعه الجميل أن "الإخوان المصريين" يختلفون عن الحركات السلفية المتطرفة الأخرى في الوسيلة والأسلوب وعدم اعتماد العنف نهجاً، وان هذا التمايز يرتب على "الإخوان" في مصر مسؤولية مضاعفة في العمل على حماية العيش المشترك ومنع إثارة النعرات الطائفية بين المصريين، وضمان عدم تكرار ما جرى بالأمس في القاهرة من حرق كنائس واعتداءات على الأقباط. كما أن هذا الأمر من مسؤولية الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة التي يجب أن تتحمل عبء حماية السلم الأهلي وتطبيق القانون بحزم على جميع المصريين دون استثناء.
يقيم الرئيس الجميل على حذر مما يجري في سوريا، ويختار كلماته بعناية شديدة انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والتاريخية سواء تجاه تأثيرات الوضع في سوريا على لبنان أو لجهة انعكاس التطورات على أوضاع الأقليات في سوريا. وفي رأيه أن نخبة المجتمع المصري ومثقفيه وكوادره صفقوا للتغيير وثورة ميدان التحرير في القاهرة، لكنهم اليوم خائفون ويخشون قيام نظام أحادي تعسفي. واستطراداً، يعتقد الجميل أن النظام السوري يحمل الكثير من عناصر القوة، وتالياً فإن إزاحته ليست بالأمر السهل، لكن ما يجري من تحركات شعبية وتظاهرات متواصلة قد يترك آثاراً على هيبة السلطة والنظام. ويعتبر رئيس حزب الكتائب أن قلة من السنة في لبنان تعتقد أن التغيير في سوريا سيكون في مصلحة الطائفة لجهة قلب الموازين الداخلية في لبنان، كما أن البعض يذهب إلى اتهام "تيار المستقبل" وسعد الحريري بتأييد التغيير. لكن ذلك، وفق تحليل الجميل، اعتقاد غير صحيح لأن القوى الإسلامية المتطرفة في سوريا تقيم على تناقض مع غالبية السنة اللبنانيين، والحريري الذي يصفه الجميل بممثل الإسلام اللبناني الليبرالي هو ومن يمثل من غالبية سنية لبنانية لا يمكن أن يكونوا في صف المتطرفين دينياً.
ويرى الجميل أن مستقبل المنطقة على كف عفريت، وأن ما يجري فاق كل التوقعات والنظريات السياسية، واستطراداً، فإن استقرار الوضع في مصر قد يؤدي إلى قيام تحالف تركي – مصري يمثل قوة هائلة ومؤثرة على الوضع في منطقة الشرق الأوسط برمته بدليل ما كان من أمر الاتفاق بين حركتي "فتح" و"حماس"، وأن هذا الوضع قد يؤدي إلى مزيد من الهجوم الإيراني على كل الصعد. وفي انتظار جلاء صورة المشهد الإقليمي المعقد والملتهب بتأثيراته السياسية والاجتماعية ومنها مصير الأقليات والمسيحيين في الشرق الأوسط، يشير رئيس الكتائب إلى الاجتماع الجديد بين القيادات المارونية في لبنان والذي يجري الإعداد له بعناية لأن ما يحصل من تطورات أمر مذهل ويحتاج إلى دراسة وتفكير ومقاربة إستراتيجية ووطنية شاملة.
بيار عطاالله – النهار 11 أيار 2011
0 تعليقات::
إرسال تعليق